الجواهري وكارثة الثامن من شباط
 


   رواء الجصاني
jawahiricent@yahoo.com

لم يكن اغتراب الجواهري إلى براغ قد امتد لأكثر من عام ونصف، حتى حلت كارثة شباط عام 1963 بكل مآسيها التي طالت "أهلاً وصحاباً وديارا" وفي شتى أرجاء البلاد... وكان لابدّ لشاعر الوطن أن يتخذ موقفاً، فاتخذ، واختير بالاجماع رئيساً للجنة الدفاع عن الشعب العراقي التي كانت العاصمة التشيكية - براغ مقراً لها...
... وضمت قيادة "اللجنة" شخصيات عراقية جليلة لعلَّ من أبرزها فيصل السامر وذنون أيوب ومحمود صبري وصلاح خالص ونزيهة الدليمي، وكذلك جلال طالباني لفترة محدودة... هذا إلى جانب ممثلي وتشكيلات اللجنة في عدد من العواصم والمدن الأوربية بشكل خاص.
وبرئاسة الجواهري الكبير نظمت اللجنة التي امتد نشاطها – عملياً – حتى أواسط 1964، العديد من النشاطات المهمة كالمؤتمرات والندوات واصدار البيانات وتنظيم حملات ومهرجانات التضامن في بعض البلدان الأوربية، الرأسمالية منها والاشتراكية حين ذاك، كما أصدرت مجلة خاصة باسم "الغد" لتتولى مهمات توثيق الاحداث وكشف الحقائق ومحاولة صياغة البدائل، لانقاذ البلاد، ووقف نزيف الدماء...
وخلال الفترة ذاتها، كتب الجواهري قصيدته الذائعة الصيت عن بغداد "دارة المجد، ودار السلام" ورائعته الميمية عن نضال الشعب الكردي "قلبي لكردستان" وغيرهما، من القصائد الوطنية و"المقاومة" والانسانية... ومن أبرزها فريدته المعنونة "سلاماً ... إلى أطياف الشهداء الخالدين" ومما جاء فيها:

سلاماً وفي يقظتي والمنام ، وفي كل ساع ٍ وفي كل عام ِ

تهادي طيوف الهداة الضخام ، تطايح هاماً على اثر هام ِ

سلاماً وما انفك وقد الضرام، من الدم يشخص حياً أمامي

ثم يستمر الرمز العراقي الأبرز مستذكراً، وموثقاً لكثير من الأحداث، بالصور تارةً، والايحاء مرات أخرى، مفسراً ومؤرخاً بشكل مباشر للوقائع، وممجداً الواهبين حياتهم للشعب والوطن والقيم والمبادئ العظيمة... خاصة وان له - كما يؤكد العارفون - علاقات حميمية ووطيدة مع العديد من أولئك الشهداء البواسل:

سلاماً مصابيح تلك الفلاة ، وجمرة رملتها المصطلاة ْ

سلاماً على الفكرة المجتلاة ، على صفوة الزمر المبتلاة ْ

ولاة النضال ، حتوف الولاة ، سلاماً على المؤمنين الغلاة

سلاماً على صامد ٍ لا يطالُ، تعلّم كيف تموت الرجال ...

سلاماً وما أنا راع ٍ ذماماً إذا لم اسلم عليكم لماما

سلاماً ضريحٌ يشيع السلاما ، يعانق فيه "جمال" "سلاما" (1)

سلاماً ، أحبة شعب نيامى ، إلى يوم يؤذن شعب قياما...

حماة الحمى والليالي تعودُ ، وخلف الشتاء ربيع جديدُ

سيورق غصنٌ ، ويخضر عودُ ، ويستنهض الجيل منكم عميدُ

سيقدمه "رائدٌ" إذ يرود، ويخلف فيها اباه "سعيدُ" (2)

و"سافرة" ستربِّ النسورا ، توفي أبا "العيس" فيهم نذورا (3)
  احالات: ــــــ

1- "جمال" – "سلاما" : الشهيدان الباسلان: جمال الحيدري وسلام عادل

2- "رائد" – "سعيد" : نجلا الشهيدين الباسلين: عبد الرحيم شريف وعبد الجبار وهبي

3- "سافرة" – "ابو العيس" : سافرة جميل حافظ، زوجة الشهيد الباسل محمد حسين ابو العيس

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com