الأربعين بداية المسيرة

 

 

 

 

 

العّلامة الشيخ محمد حسن الحبيب

 halhabib@msn.com

دأب أهل البيت (ع) ومن تبعهم من المسلمين، وخصوصاً من شايعهم، على تخليد نهضة عاشوراء على مر العصور، واعتبروها المرجع في مقاومة الظلم والطغيان، والملهم في استنهاض الإنسان نحو التغيير والإصلاح.. فكانت كذلك، وعلى الدوام.. كربلاء الأرض الصلبة التي يتكأ عليها المصلحون، والباعث الحق نحو قيم الله التي أرخص الحسين (ع) نفسه وعياله وأصحابه دونها.

وكان من تخليدهم لهذه النهضة المباركة الدعوة إلى الحضور عنده في كربلاء وزيارته (ع) بالزيارات المأثورة عن المعصومين (ع).

قال الإمام الباقر(ع) ﴿مُرُوا شِيعَتَنَا بِزِيَارَةِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (ع) فَإِنَّ إِتْيَانَهُ مُفْتَرَضٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ يُقِرُّ لِلْحُسَيْنِ بِالْإِمَامَةِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ﴾.(1)

وقال الإمام الصادق(ع) ﴿حَقٌّ عَلَى الْغَنِيِّ أَنْ يَأْتِيَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ (ع) فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ وَحَقٌّ عَلَى الْفَقِيرِ أَنْ يَأْتِيَهُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً ﴾.(2)

ومع عدم التمكن من السفر إلى قبره الشريف تكون الزيارة حينئذ حيث يكون الإنسان.

روى سدير أن الإمام الصادق (ع) سأله ﴿يَا سَدِيرُ تُكْثِرُ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (ع)؟ قُلْتُ إِنَّهُ مِنِّي بَعِيدٌ. فَقَالَ: أَلاَ أُعَلِّمُكَ شَيْئاً إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَهُ كُتِبَتْ لَكَ بِذَلِكَ الزِّيَارَةُ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: اغْتَسِلْ فِي مَنْزِلِكَ وَانْزِلْ إِلَى سَطْحِ دَارِكَ وَأَشِرْ إِلَيْهِ بِالسَّلاَمِ تُكْتَبْ لَكَ بِذَلِكَ الزِّيَارَةُ﴾.(3)

وكان من تخليدها أيضاً ذكرى عاشوراء التي تتكرر كل عام في يوم  العاشر من شهر محرم الحرام، وذكرى الأربعين وهي أيضاً تتكرر كل عام في العشرين من شهر صفر، أي بعد مرور أربعين يوماً على استشهاده (ع).

وقد حث أئمة أهل البيت (ع) على إحياء هاتين المناسبتين (عاشوراء والأربعين) بالزيارة والعزاء والبكاء والرثاء.. وغيرها مما يدخل في تخليد القيم التي جاهد من أجلها الإمام الحسين (ع) بين الناس وعلى مر العصور.

روى علقمة عن الإمام الباقر (ع) في حديث زيارة الإمام الحسين يوم عاشوراء من قرب وبعد. قال(ع) ﴿ثُمَّ لْيَنْدُبِ الْحُسَيْنَ (ع) وَيَبْكِيهِ، وَيَأْمُرُ مَنْ فِي دَارِهِ مِمَّنْ لاَ يَتَّقِيهِ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ، وَيُقِيمُ فِي دَارِهِ الْمُصِيبَةَ بِإِظْهَارِ الْجَزَعِ عَلَيْهِ، وَلْيُعَزِّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمُصَابِهِمْ بِالْحُسَيْنِ (ع) وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعَ ذَلِكَ يَعْنِي ثَوَابَ أَلْفَيْ حَجَّةٍ وَأَلْفَيْ عُمْرَةٍ وَأَلْفَيْ غَزْوَةٍ. قُلْتُ: أَنْتَ الضَّامِنُ لَهُمْ ذَلِكَ وَالزَّعِيمُ؟ قَالَ: أَنَا الضَّامِنُ وَالزَّعِيمُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. قُلْتُ: وَكَيْفَ يُعَزِّي بَعْضُنَا بَعْضاً؟ قَالَ تَقُولُ عَظَّمَ اللَّهُ أُجُورَنَا بِمُصَابِنَا بِالْحُسَيْنِ (ع) وَجَعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ الطَّالِبِينَ بِثَأْرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ وَالإِمَامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَنْشُرَ يَوْمَكَ فِي حَاجَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّهُ يَوْمُ نَحْسٍ لاَ تُقْضَى فِيهِ حَاجَةُ مُؤْمِنٍ وَإِنْ قُضِيَتْ لَمْ يُبَارَكُ لَهُ فِيهَا وَلاَ يَرَى فِيهَا رُشْداً، وَلاَ يَدَّخِرَنَّ أَحَدُكُمْ لِمَنْزِلِهِ فِيهِ شَيْئاً فَمَنِ ادَّخَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئاً لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيمَا ادَّخَرَ وَلَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِي أَهْلِهِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ ثَوَابَ أَلْفِ حَجَّةٍ وَأَلْفِ عُمْرَةٍ وَأَلْفِ غَزْوَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَكَانَ لَهُ كَثَوَابِ كُلِّ نَبِيِّ وَرَسُولٍ وَصِدِّيقٍ وَشَهِيدٍ مَاتَ أَوْ قُتِلَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ﴾.(4)

وفي خصوص زيارة الأربعين ورد عن الإمام الحسن العسكري (ع) أنه قال ﴿عَلاَمَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ، صَلاَةُ الْخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وَتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.(5)

  • يوم الأربعين

قالوا إن في هذا اليوم من سنة إحدى وستين للهجرة كان يوم اللقاء، حيث عاد آل الحسين إلى كربلاء بعد رحلة العذاب بين الكوفة والشام.

فكان اللقاء مع النور المنبعث من القبور، وكان اللقاء أيضاً مع الذكريات ... العزة، الكرامة، البطولة، الطهر، الإيمان ... تزدحم الذاكرة بهذه الصور، وتضطرب في ترتيبها.

وتزداد ازدحاماً واضطراباً حين يمازجها الحزن والألم ... أعزتهم قتلى! وأية قتلة؟ ربما يعجز القلم عن ذكر تفاصيلها، ولكنها سيدة الموقف فكل تلك التفاصيل كانت حاضرة في الذاكرة.

شيء واحد من تلك المعركة لم يُستدع من الذاكرة، بل كان الرفيق طوال هذه الرحلة؛ فمع كل إطلالة نحو السماء كان يطل عليهم وكأنه يُسمعهم مقولة "رضا بقضائك".

ذلك الشيء هو: الرؤوس المرفوعة بالأرماح.

وقالوا إنه بالإضافة إلى ذلك هو يوم الالتصاق، أو "رد الرؤوس" فبعد أن طيف بها من مكان إلى آخر، تمكن الإمام علي بن الحسين (ع) من ضمها إلى الأجساد.

وفي ذلك يقول السيد هاشم الستري البحراني:

قم جدد الحزن في العشرين من صفر

ففيه ردت رؤوس الآل للحفر

آل النبي التي حلت دماؤهم

في دين قوم جميع الكفر منه بري

يا مؤمنون احزنوا فالنار شاعلة

ترمى على عـروة الإيمان بالشرر

ضجوا لسفرتهم وابكوا لرجعتهم

لا طبتِ من رجعةٍ كانت ومن سفر

وقالوا إنه يوم العودة إلى أرض الوطن، والعودة لا تعني انتهاء المعركة، بل استمرارها ولكن بشكل آخر، فقيم الحسين وأهدافه هي قيم السماء، وقيم السماء خالدة رغم كل الظروف، وباقية على مر الدهور، وكما أن حامليها لا يتأثرون بالإرهاب والقتل والسبي والتشريد، كذلك لا يتأثرون بالعودة والترغيب.

وفي طريق العودة إلى مدينة النبي (ص)، وعند اقترابهم منها، حط الإمام السجاد (ع) رحله وضرب فسطاطه وأنزل نسائه، ثم توجه إلى بشير بن حذلم وقال له: يا بشير رحم الله أباك لقد كان شاعرا، فهل تقدر على شي‏ء منه؟

قال: بلى يا ابن رسول الله إني لشاعر.

قال: فادخل المدينة و انع أبا عبد الله (ع).

قال بشير: فركبت فرسي وركزت حتى دخلت المدينة فلما بلغت مسجد النبي (ص) رفعت صوتي بالبكاء و أنشأت أقول:

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

  قتل الحسين فادمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرج

والرأس منه على القناة يدار

قال: ثم قلت هذا علي بن الحسين (ع) مع عماته و أخواته قد حلوا بساحتكم و نزلوا بفنائكم و أنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه.

فما بقيت في المدينة مخدرة و لا محجبة إلا برزن من خدورهن مكشوفة شعورهن مخمشة وجوههن ضاربات خدودهن يدعون بالويل و الثبور فلم أر باكياً أكثر من ذلك اليوم و لا يوماً أمر على المسلمين منه وسمعت جارية تنوح على الحسين فتقول:

نعى سيدي ناع نعاه فأوجعا

وأمرضني ناع نعاه فأفجعا

فعيني جودا بالدموع وأسكبا

و جودا بدمع بعد دمعكما معا

على من دهى عرش الجليل فزعزعا

فأصبح هذا المجد و الدين الجدعا

علي بن نبي الله و ابن وصيه

وإن كان عنا شاحط الدار أشسعا

ثم قالت: أيها الناعي جددت حزننا بأبي عبد الله، وخدشت منا قروحا لما تندمل، فمن أنت رحمك الله؟

قلت أنا بشير بن حذلم وجهني مولاي علي بن الحسين عليهما الصلاة والسلام، وهو نازل في موضع كذا و كذا مع عيال أبي عبد الله (ع) ونسائه.

قال: فتركوني مكاني وبادروا، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط، وكان علي بن الحسين (ع) داخلاً ومعه خرقة يمسح بها دموعه، وخلفه خادم معه كرسي فوضعه له، وجلس عليه، وهو لا يتمالك من العبرة، وارتفعت أصوات الناس بالبكاء وحنين الجواري والنساء.

والناس من كل ناحية يعزونه فضجت تلك البقعة ضجة شديدة فأومأ بيده أن اسكتوا، فسكنت فورتهم، فقال(ع) ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ بَارِئِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ الَّذِي بَعُدَ فَارْتَفَعَ فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوَى نَحْمَدُهُ عَلَى عَظَائِمِ الْأُمُورِ وَفَجَائِعِ الدُّهُورِ وَأَلَمِ الْفَجَائِعِ وَمَضَاضَةِ اللَّوَاذِعِ وَجَلِيلِ الرُّزْءِ وَعَظِيمِ الْمَصَائِبِ الْفَاضِعَةِ الْكَاظَّةِ الْفَادِحَةِ الْجَائِحَةِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ وَلَهُ الْحَمْدُ ابْتَلَانَا بِمَصَائِبَ جَلِيلَةٍ وَثُلْمَةٍ فِي الْإِسْلَامِ عَظِيمَةٍ قُتِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَعِتْرَتُهُ وَسُبِيَ نِسَاؤُهُ وَصِبْيَتُهُ وَدَارُوا بِرَأْسِهِ فِي الْبُلْدَانِ مِنْ فَوْقِ عَامِلِ السِّنَانِ وَهَذِهِ الرَّزِيَّةُ الَّتِي لَا مِثْلَهَا رَزِيَّةٌ أَيُّهَا النَّاسُ فَأَيُّ رِجَالاتٍ مِنْكُمْ يُسَرُّونَ بَعْدَ قَتْلِهِ أَمْ أَيَّةُ عَيْنٍ مِنْكُمْ تَحْبِسُ دَمْعَهَا وَتَضَنُّ عَنِ انْهِمَالِهَا فَلَقَدْ بَكَتِ السَّبْعُ الشِّدَادُ لِقَتْلِهِ وَبَكَتِ الْبِحَارُ بِأَمْوَاجِهَا وَالسَّمَاوَاتُ بِأَرْكَانِهَا وَالْأَرْضُ بِأَرْجَائِهَا وَالْأَشْجَارُ بِأَغْصَانِهَا وَالْحِيتَانُ وَلُجَجُ الْبِحَارِ وَالْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَأَهْلُ السَّمَاوَاتِ أَجْمَعُونَ أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ قَلْبٍ لَا يَنْصَدِعُ لِقَتْلِهِ أَمْ أَيُّ فُؤَادٍ لَا يَحِنُّ إِلَيْهِ أَمْ أَيُّ سَمْعٍ يَسْمَعُ هَذِهِ الثُّلْمَةَ الَّتِي ثُلِمَتْ فِي الْإِسْلَامِ أَيُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْنَا مَطْرُودِينَ مُشَرَّدِينَ مَذُودِينَ شَاسِعِينَ عَنِ الْأَمْصَارِ كَأَنَّا أَوْلَادُ تُرْكٍ وَكَابُلَ مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ اجْتَرَمْنَاهُ وَلَا مَكْرُوهٍ ارْتَكَبْنَاهُ وَلَا ثُلْمَةٍ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَمْنَاهَا ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي قِتَالِنَا كَمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فِي الْوَصَاءَةِ بِنَا لَمَا ازْدَادُوا عَلَى مَا فَعَلُوا بِنَا فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أَعْظَمَهَا وَأَوْجَعَهَا وَأَفْجَعَهَا وَأَكَظَّهَا وَأَفَظَّهَا وَأَمَرَّهَا وَأَفْدَحَهَا فَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ فِيمَا أَصَابَنَا وَمَا بَلَغَ بِنَا إِنَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ﴾.(6)

والسؤال هو هل يمكن أن نعتبر أحد هذين القولين، أو هذه الأقوال الثلاثة جواباً لتسميتها بهذا الاسم؛ أعني الأربعين؟

والجواب

    • أولاً

من المستبعد جداً تطابق هذه الأقوال مع العشرين من صفر (الأربعين) لضيق الزمان على هذه الرحلة الطويلة، خصوصاً مع رداءة الوسائل المستخدمة التي استخدمها الأعداء كالنياق الهزل وما أشبه، والتفاصيل التي رافقت الرحلة وعرض من كانوا فيها على البلدان الواقعة بين الكوفة والشام مما يستوعب زماناً أكثر من السفر الاعتيادي، ويتأكد هذا إذا علمنا أن عملية السبي يراد منها تحقيق بعدين:

1. إعلامي يقصد منه حشد التأييد وإرهاب المخالفين.

2. نفسي يراد منه إلحاق الأذى والمهانة بآل الحسين (ع) وعيالاته.

قال العلامة المجلسي مستدلاً على الاستبعاد:
إن عبيد الله بن زياد لعنه الله كتب إلى يزيد يعرفه ما جرى ويستأذنه في حملهم ولم يحملهم حتى عاد الجواب إليه، وهذا يحتاج إلى نحو عشرين يوماً أو أكثر منها، ولأنه لما حملهم إلى الشام روي أنهم أقاموا فيها شهراً ... وصورة الحال تقتضي أنهم تأخروا أكثر من أربعين يوماً من يوم قتل (ع) إلى أن وصلوا العراق أو المدينة . وأما جوازهم في عودهم على كربلاء فيمكن ذلك ولكنه ما يكون وصولهم إليها يوم العشرين من صفر. (6)

    • ثانياً

قال الشيخ الكفعمي إنما سميت بزيارة الأربعين لأن وقتها يوم العشرين من صفر وذلك لأربعين يوماً من مقتل الحسين (ع)، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب النبي (ص) من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين (ع) فكان أول من زاره من الناس. (7)

وقال العلامة المجلسي:
ولعل العلة في استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى قبره الشريف وزاره. (8)

وبغض النظر عن الحدث المصاحب لهذا اليوم إلا أنه من المؤكد أن أحداثا جمة وخطيرة حدثت منذ يوم العاشر إلى يوم الأربعين ويظهر من تلك الأحداث أن هناك تحولاً في أسلوب المواجهة، وهذا التحول لا يمس الأسس والقيم التي ارتكز عليها الإمام الحسين في نهضته، وإنما يقتصر على شكل وأسلوب المواجهة.

ومما لاشك فيه أن استشهاد الإمام (ع) أحدث هزة عميقة في نفوس أبناء الأمة الإسلامية مما أدى إلى بروز فرص جيدة للعمل والتحرك.

فكان لا بــد من استثمار ذلك بوسـائل أخـرى تجتمع مع باقــي وسائل النهوض للوصول إلى الهدف الذي قام من أجله الحسين، وضحى بكل غال ونفيس.

وهكذا أصبح يوم عاشوراء درساً مهما في مواجهة الباطل، وأصبح يوم الأربعين درساً في فضح الباطل وتركيز القيم والمفاهيم النهضوية في الأمة.

لعودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com