|
الانتخابات منطلق الديمقراطية في العراق
ناجي الغزي الانتخابات هي عملية صنع القرار السياسي في أي بلد، حيث يقوم الشعب باختيار مرشحيه على أسس وقواعد عديدة "مهنية ووطنية وعلمية وعاطفية". وهذه هي الطريقة المثلى التي تتبعها المدرسة الديمقراطية الحديثة, لتشغل عن طريقها مقاعد البرلمان بالمرشحين الفائزين. وتشكل من البرلمان المنتخب أحياناً سلطة الرئاسة والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وسلطات أدارية أخرى, وهذا يعتمد على سياق النظام السياسي للبلد. وعملية الانتخابات هذه تستخدمها أيضا قطاعات ومنظمات مدنية ومهنية والشركات في القطاع الخاص في كثير من الأماكن. والاستخدام العالمي للانتخابات يعتبر وسيلة حديثة لاختيار ممثلي الشعب في البرلمان . وهذه العملية تحدث في الانظمة الديمقراطية, والتي هي على نقيض الانظمة الدكتاتورية التي تتربع على عرش سلطة القرار السياسي والاقتصادي مدى الحياة ولاتعرف للانتخابات الرئاسية أوالتشريعية أي مذهب أو منهج. بل هي تحرص على تطبيق مبدأ التوريث لأبناءها وأحفادها وتلك الأنظمة هي نموذج للأستبداد والتسلط على رقاب شعوبها. والعراق بعد أن مضى في تخلصه من نظام البعث الدكتاتوري الذي أقام حكمه على الغاء الشخصية العراقية وتصفية خصومه السياسيين بالنار والحديد وأستخدامه السلبي للسلطة واتخاذه القرارات الفردية والتي تتعلق بمصير الشعب ومستقبله السياسي..والمشاركة في الانتخابات من قبل الناخب العراقي تعتبر عملية جديدة ولابد من تفعليها والحفاظ على منجزاتها التي تعبد الطرقات والممرات للوصول الى نظام ديمقراطي في العراق, وقد أدرك المواطن العراقي قيمة صوته ومدى تأثيره في تغيير وصناعة المشهد السياسي وتحريك الاجواء الملبدة وخلق نتائج تفاجئ التيارات السياسية المتصارعة والمتهالكة على صوت الناخب وربما تفاجئ المراقب السياسي للشأن العراقي. كما أدرك المواطن منذ سقوط النظام حرياته الشخصية في العمل والرأئ والتعبير وممارستها بعيد عن كل الضغوطات التي كانت تمارس ضده في زمن الدكتاتورية الظالمة. وقد أصبح تدوال السلطة في العراق أمر حتمي لامفر منه فلا يمكن لأي شخص أو حزب أو عشيرة أو عائلة أن تختزل السلطة بأسمها أطلاقاً. وعلى الرغم من التجربة الفتية في ممارسة الانتخابات والغياب الملحوظ لممارسة السلوك الديمقراطي في الشارع العراقي وهذا تتحمل وزره الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني, لانها تعتبر مصدر الوعي الفكري والتثقيفي في المجتمع. وتدوال السلطة عن طريق صناديق الانتخابات يعتبر منجز كبير وخطوة جادة بحد ذاتها على الطريق الصحيح للبَنية الديمقراطية في العراق. والسلطة هي أحدى أهم مقومات بناء الدولة العراقية لأن ممارستها بهذه الطريقة الديمقراطية سوف يبرر لها شرعيتها القانونية والأخلاقية في مجال التشريع والتنفيذ والقضاء لمجمل القوانين التي تخدم مصلحة المواطن والبلد. وذلك عكس السلطة المطلقة التي كانت تمارس من قبل النظام الاستبدادي في العراق فكان الرأس يجمع بيده السلطات الثلاثة طيلة العقود الاربعة, فلا يعرف العراق معنى لفصل السلطات فكان الدكتاتور هل المشرع والمنفذ والقاضي والحكم. وفي ظل التحول التاريخي الكبير تميزت الحياة السياسية العراقية الجديدة في تبنيها منهج ونظام سياسي يرتكز على أسس أيجابية تتبلور تدريجياً كي تصبح منطلق للديمقراطية, والديمقراطية هي ممارسة تراكمية تثري العقل والروح بمفاهيم أخلاقية وأجتماعية وثقافية عالية, وسلوك حضاري مدني في التعامل مع الرأي الاخر وقبوله دون أي مصادرة أو أقصاء, على أن يكون الرأي سليم في العرض والطرح على أن لايتجاوز الحدود الاخلاقية والقانونية وأن لايمس تاريخ الشعب العراقي وتضحياته. والعراق الجديد يشهد كم هائل من الاحزاب والتيارات السياسية التي لاتعد ولاتحصى بحيث لا يوجد إحصاء حقيقي ودقيق لعدد الأحزاب والتيارات في العراق, وهذا الزخم الكبير من القوى السياسية قد سبب نوع من الفوضى السياسية, مما تربك المواطن العراقي وتشوش فكر الناخب حيث يصعب أختيار الامثل من تلك الاحزاب, لان المواطن بحاجة الى وقت كبير جدا للتعرف على تلك الاحزاب وبرامجها. وعلى الرغم من التحالفات التي شكلت قبيل الانتخابات من قبل الاحزاب والتيارات, ألا أنها لاتعدو سوى فقاعة هواء في زمن الانتخابات تزول وتنفجر وتتشظى بعد الانتخابات. وحتى البرامج الانتخابية التي أعدت ماهي الا سوى مفردات وشعارات أنشائية لاتعتمد على ستراتيجية في التطبيق. والحياة السياسية في العراق تمر بمخاض سياسي عسير يتمثل في تباين وتباعد في الرؤى وتشتت في خطابها السياسي وأختلاف البعض في تفسيرشكل الدولة وإدارتها, واعتراض البعض على الدستور والمطالبة بتعديل بنوده. أضافة الى الخلافات القائمة بين الاقليم والمركز حول علاقة الاقليم بالمركز من الناحية الادارية والسياسية والاقتصادية والجغرافية. وقد خلقت تلك الكثرة الحزبية تصادمات وصراعات وأنقسامات في أغلب جلسات البرلمان المنتهي صلاحيته مما أنعكس سلبا على تعطيل المئات من القوانين المهمة وترحيلها للبرلمان المقبل مما تركت تداعيات كبيرة على المواطن بالدرجة الاولى. واليوم تشهد الانتخابات التشريعية لعام 2010 منعطفاً مهماً يخطو بنا خطوات واسعة نحو تطوير الديمقراطية نستشرف منها المستقبل ومتطلباته على أن تكون خيارات الفوز متاحة أمام الشعب العراقي لتغيير بسيط في وجه الخارطة السياسية في البرلمان المقبل, على أن تفرز لنا النتائج حكومة أستحقاق وليست حكومة توافقات لأن الاخيرة شلت حركة ونمو الدولة العراقية وأطمرت المشاريع الخدمية والاستثمارية وعطلت التنمية البشرية والاقتصادية في المجتمع العراقي التي أثرت سلبا على المواطن العراقي, والتي خلقت المزيد من البطالة والترهل والفساد الاداري والمالي, وخلقت الجريمة والتحايل والسطو والسرقة على المال العام ودعمت الارهاب والارهابيين وخلقت حالة انقسام كبير في الشارع العراقي. والديمقراطية الناشئة في العراق بحاجة وعي إنتخابي كبير والى مشاركة واسعة في الانتخابات من قبل الناخب بأعتبارها مطلب رئيسي لنجاح الممارسة الانتخابية لانها منطلق الديمقراطية في العراق.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |