|
نحو فضائية كوردية ناطقة بالعربية
كفاح محمود كريم تعتبر قناة فضائية كوردستان الأولى بين الفضائيات العراقية والكوردية من حيث التأسيس، والتي انطلقت الى فضاءات العالم في السابع عشر من كانون ثاني 1999م لكي تحمل بين طيات برامجها الخطاب الوطني والقومي الموجه للداخل والخارج والمتحرر من سيطرة الدكتاتورية وأجهزتها الإعلامية الشمولية وفي إطار التجربة الديمقراطية التي تمارسها القوى السياسية في كوردستان، إذ أنها تصنف كونها الصوت العراقي ( المتلفز ) الأول الخارج من على ارض الوطن أيام الدكتاتورية المقيتة لتنقل بالصورة والصوت ما يحصل في هذا الجزء المتحرر من البلاد، حيث نجح الفنيون والإعلاميون الكورد وأصدقائهم في اختراق ذلك الحصار المزدوج للإقليم الناشئ واستطاعوا استكمال إنشائهم لتلك القناة التي جاءت تحديا لذلك الحصار الاممي والإقليمي لتجربة الإقليم في الاستقلال الذاتي عن هيمنة المركز وطغيانه وعقليته الشمولية والشوفينية. كانت البداية محطات محلية تبث برامجها في معظم مدن الإقليم المتحرر بإمكانيات متواضعة جدا ومحاصرة بشدة من قبل الأمم المتحدة ودول الجوار ( 1991م- 2003م )، حيث عمل الفنيون الكوردستانيون على توظيف واستثمار ما في أيديهم من أجهزة وتحويرات لأخرى من اجل إنتاج وسائل للبث الصوري والصوتي خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ الإعلام الكوردي، وفعلا نجحت تلك الكوادر الخلاقة في تغطية فضاءات كثير من المدن في الإقليم بالبث التلفزيوني والإذاعي، وفي مقدمة تلك المحطات الشهيرة كانت قناة تلفزيون Ktvالمحلية ومؤسسة كولان الإعلامية والثقافية التي كانت تمتلك محطة تلفزيونية محلية والعديد من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة الأخرى. لقد عمل الكادر الفني المتخصص والإعلاميون في محطة Ktv بالتعاون مع كوادر بقية المحطات بمثابرة عالية وإصرار كبير رغم الصعوبات وأحيانا استحالة الاستيراد وبالتعاون مع الكوادر العاملة خارج الإقليم والعراق وبالذات العاملين في أوربا، بالانتقال الى الفضاء الخارجي ومن خلاله الى العالم اجمع في واحدة من أروع صفحات الإعلام الكوردستاني وكوادره التي كانت تعمل لأشهر طوال دونما رواتب أو مخصصات مالية بل كانت تغطي كثير من النفقات من أموالها الخاصة، وفي ظروف معاشية غاية في الصعوبة بسبب الحصار المزدوج من قبل الأمم المتحدة والنظام العراقي الذي كان يمنع حتى رغيف الخبز من العبور الى الإقليم. وخلال عدة سنوات نجحت هذه الفضائية في الانتشار الأفقي الكبير على كافة أجزاء كوردستان ولتتحول الى مرجع إعلامي وثقافي وخبري لشعب كوردستان في كل مكان، بل أنها أصبحت خلال السنوات من 99 ولغاية 2003م الوسيلة الإعلامية الأولى وربما الوحيدة للشعب العراقي خارج مؤسسة الإعلام الشمولي للنظام السابق ومن على الأرض العراقية، إذ أنها لم تقتصر على الخطاب الكوردي فقط بل كانت منفذا لكل القوى الوطنية العراقية المناهضة للنظام لينطلق منها الصوت العراقي بكل أطيافه ومكوناته وفعالياته السياسية، وشهدت تلك السنوات وما تلاها بعد سقوط النظام فسحات كبيرة في تأثيرها وإيقاعها المؤثر رغم مساحاتها الضيقة زمنيا، والتي كانت تتوجه الى الرأي العام العربي والتركماني والكلدو آشوري من خلال نشرات للأخبار وبالذات ما يتعلق بالشأن العراقي ونشاطات المعارضة والمقاومة الوطنية العراقية قبل سقوط النظام، ومجموعة التقارير والبرامج التي كانت تعد وتوجه للعراقيين والعرب خارج الإقليم. لم تكن برامج وتوجهات فضائية كوردستان خلال تلك السنوات محصورة بزاوية محددة بل كانت تعبر عن نبض الشارع العراقي والكوردستاني عموما، وتمثل في برامجها المخصصة لكل مكونات العراق وأطيافه من عرب وتركمان وكلدان وآشوريين وسريان، جبهة إعلامية وطنية غايتها دمقرطة العراق وتكريس التعايش السلمي والخصوصية لكل مكون على خلفية الاتحاد العراقي والأسس الوطنية والمصالح العليا التي تجتمع عندها كل هذه المكونات على حد سواء من خلال برامج موجهة للشارع الكوردي والعراقي والعربي. وقد نجحت الفضائية في تكريس قيم إعلامية عليا في المهنية والابتعاد عن التشنجات والانفعالات التي تترك آثارها السيئة على المتلقي، فقد كانت وما زالت شاشتها تتميز وتنفرد في نظافتها من أي مشاهد للعنف والقتل، بل انه من ممنوعات الشاشة قدر الإمكان ظهور حتى بقع الدماء أو جثث القتلى إلا عن بعدٍ يمنع ظهور التفاصيل، في ممارسة خلاقة للحفاظ على توازن رفيع من المشاعر الإنسانية النبيلة دون تخديشها أو جرحها، بما يجعل الشاشة والخطاب الإعلامي مانعا للتحريض على العنف بأي شكل من الأشكال. وبعد سنوات من البث العام الذي كان يشمل مختلف البرامج الترفيهية والغنائية وأعمال الدراما والأفلام، تحولت الفضائية تدريجيا الى القناة الإخبارية الأولى في الإقليم مع إطلالة عام 2008م، لكي تتخصص إخباريا وثقافيا ووثائقيا مع وجود وانتشار العديد من القنوات التي تبث البرامج الترفيهية والفنية، بما يلبي رغبة المتلقي ويشبع حاجاته وتطلعاته في وجود قنوات متخصصة وعامة في الإقليم، خصوصا وان القناة أخذت مساحة مهمة من مشاهدات الأهالي والمغتربين ومعظم النخب السياسية والاجتماعية في الداخل والخارج، وعودتهم اليها دوما في التعرف والاطلاع على مواقف وأخبار الإقليم والخطاب الكوردي الموجه للرأي العام العربي والعالمي، من خلال فترات موجهة بالعربية والتركمانية والسريانية والانكليزية، سواء بنشرات الأخبار أو من خلال مجموعة البرامج السياسية الحوارية التي تعكس حواراتها جزءً مهما من تساؤلات الشارع الكوردي ونظرته الى المشاكل والموضوعات العالقة بين بغداد والإقليم، حيث انطلق برنامج ( لنتحاور ) في ايلول 2004م ليكون نافذة على الرأي العام العربي، بلغة حوارية رصينة تعمل من اجل تقريب وجهات النظر في معظم العقد الخلافية بين بغداد واربيل بما يكرس الثوابت الاساسية في الخيار الديمقراطي التعددي الفيدرالي، وخلال خمس سنوات وأكثر من 250 حلقة اسبوعيا، استطاع البرنامج أن يترك بصمات واضحة في الساحة الإعلامية المحلية والعربية، ويعنون له إطارا متميزا ضمن برامج الحوار التلفزيوني، ويجمع حوله الكثير من النخب السياسية والاجتماعية العربية في العراق وخارجه، ويكون قناة التواصل والاتصال بين المغتربين الكوردستانيين والعراقيين وبين الإقليم خاصة والعراق بشكل عام. ورغم هذا النجاح الذي يدركه المراقبون وكثير من المختصين الإعلاميين والسياسيين، إلا انه لا يفي بالغرض ولا يمكن أن يكون بديلا لقناة كوردية ناطقة بالعربية، بل منفذا وبداية لتأسيس قناة ثانية في فضائية كوردستان ناطقة بالعربية، وهو مجال مقترحنا اليوم وبعد سنوات طويلة من العمل الإعلامي الموجه للرأي العام غير الكوردي وبالذات الى الرأي العام العربي في العراق وخارجه. لقد كانت هناك محاولات لانجاز مثل هذه القناة إلا إنها لم تنجح في أن تكون قناة كوردستان ناطقة بالعربية، ولا يمكن تسميتها قناة كوردية ناطقة بالعربية، لأننا أحوج ما نكون الى وسيلة إعلامية كوردية ناطقة بالعربية ومدركة لرسالتها وهي تحمل الخطاب الكوردي ونبض الشارع الكوردستاني، لتنقله الى العالم العربي على مستوى النخب أو العامة من الأهالي بما يوضح مواقف الإدارة والشعب هنا في الإقليم، ومن خلال ذلك القضية الكوردية عموما وتاريخ هذا الشعب وكفاحه المرير من اجل الحرية والديمقراطية والتحرر. وعليه فان انجاز برنامج ثانٍ في فضائية كوردستان ( KTv2 ) أي قناة ثانية للبث العربي من القناة الرئيسية مع توفر كثير من الإمكانيات البشرية والفنية والبرامجية الآن في القناة الرئيسية، سيكون بداية لتأسيس قناة أو فضائية كوردستانية ناطقة بالعربية تتبعها قنوات متخصصة اخرى باللغات الانكليزية والتركية والفارسية، سواء بقت مرتبطة كشبكة واسعة ومتكاملة ضمن فضائية كوردستان، على غرار مجموعات الـ MBC او الـ BBC و CNN وغيرها، او تحولت الى قناة فضائية مستقلة بذاتها. إن إيقاف البرامج الناطقة بالعربية في فضائيتي كوردستان وزاكروس على خلفية عدم الجدوى لكونها تأتي ضمن قنوات تبث برامجها بالكوردية على مدار الساعة، يحتاج الى بديل كبير ومدروس يكون بمستوى طموح جمهورنا واعلاميينا واصدقائنا في العالم العربي والرأي العام في العراق والشرق الأوسط، ويكون نافذة نطل منها الى هذا العالم وقناة اتصال لجالياتنا الكوردستانية والعراقية والعربية في اوربا وامريكا وبقية دول المهجر.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |