نشاط الأجهزة الإعلامية المعاصرة لحزب البعث ودور الإعلام الداعم له

مناقشة موضوعية في محاور ستة

( عرض وتحليل للحقائق بالمنطق والدليل )


محمود الربيعي

مناقشة موضوعية لنشاط الأجهزة الإعلامية العاملة لحزب البعث في محاور ستة.

 مقدمة 

في هذه المحاورنحاول أن نبين ماعليه الإعلام البعثي والعربي من الإلتزام بالمهنية أو عدمها، ونُذَكِّر الشعوب بطريقة تفكير البعثيين وشدة إرتباطهم بالدول والحركات التي تعادي شعبنا العراقي وتعمل على إنهاكه وإضعافه، ونحلل النفس البعثي من خلال الحالة النفسية التي يتميز بها قادته، ومايتميز به فكرهم من الإستناد الى عوامل عنصرية وطائفية وأفكار غريبة وأجنبية لاتتلائم والواقع العربي أوالإسلامي، كما نريد أن ننبه شعبنا الى مخاطر المؤمرات الخارجية والإقليمية التي تحاول دس البعثيين في العملية السياسية، والمحاولات الحثيثة للعمل على توفير الغطاء الشرعي لتواجدهم داخل الملفات الأمنية التي كانت ولاتزال تعمل من أجل إفشال العملية السياسية الديمقراطية، وللأسف الشديد أن بعض الفئات المشاركة في تلك العملية تعمل بوجهين متناسية الويلات التي تحملها الشعب أيام المحنة وقت حكم هذا الحزب الدكتاتوري والتي تبذل اليوم جهدها لأجل أن تحافظ على مكاسبها الشخصية وعلى أساس المقومات الحزبية والعنصرية والطائفية، لكنها نسيت أن التأريخ لن يرحم المتواطئين مع السياسات الغادرة مهما طال الزمن، ونذكّرهم من أن الشعوب لن ترحم من يؤذيها ولن تستشير أحداً فيما إذا أختارت الحياة.

 إننا لاندعو الى إقصاء المواطنين الذين أكرهوا على الإنتماء الى حزب البعث، أو الذين  أجبروا على الإنتماء له لأسباب تتعلق بأمنهم وحياتهم ووظائفهم، أولئك الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء وكانوا يعانون كما كنّا نعاني، والذين تبرئوا من جرائم هذا الحزب الذي كانوا فيه، واليوم هم يساهمون في واجباتهم الوطنية بجد وإخلاص، لكننا ندعوا وبجدية أيضاً الى الملاحقة القانونية وتفعيل القضاء لكل مجرم بعثي عابث، خصوصاً أولئك الذين يروّجون لأفكار حزبهم الفاشي، وللنفس الطائفي والعنصري الذي كاوان عليه وهو أقل الممكن.

 وفي المحاور الستة التي نناقشها تفصيل لأمور مهمة نرى أن من الضروري الإطلاع عليها لأجل أن نضع النقاط على الحروف وهي كما يلي:    

 

المحور الأول: يوم القيامة لاقاط ولارباط، ياإعلاميوا البعث.. لماذا؟

  المحور الثاني: قانون المسائلة والعدالة الى أين.. الإجتثاث في نظر البعثيين هو الإعدام والإجتثاث في نظر قانون المسائلة والعدالة هو الإبعاد. 

المحور الثالث:  عشق البعثي للبعث عشق العابد للمعبود.

 المحور الرابع: نشاط الجهاز الإعلامي السري لحزب البعث.

 المحور الخامس: الإعلام العربي، هل هو إعلام خائن ومضلل بين الحقيقة والشك؟.

 المحور السادس: المؤامرة السياسية العربية لإسقاط شخصية السيد السيستاني. من يسعى الى ذلك؟ لماذا وإلى أين؟ ولأي مدى؟ إستفهامات ثلاثة.

 المحور الأول: يوم القيامة لاقاط ولارباط، ياإعلاميوا البعث، لماذا؟

 وفي هذا المحور نريد أن ننبه العاملين في صفوف الإعلام البعثي الى ضرورة العودة الى الله ومراجعة أنفسهم وإختيار الطريق الشعبي والإبتعاد عن المنهج الذي يخطط له أعداء العراق وكفى الإستمرار في طريق اللعب والإلتفاف على إرادة الجماهير.

 إن ظهور فضائيات بعثية بشكل سريع بعد هروب بعض قادة الحزب الى الخارج ليس بالأمر الغريب فقد بدأت هذه الفضائيات في بث برامجها السياسية من داخل بعض العواصم العربية والأجنبية.

 لقد سرق هذا الحزب الأموال العامة للعراقيين وهربها الى الخارج بشكل كبير، وأستغلها في حملاته الإعلامية وأعماله الإجرامية داخل العراق بعد أن كان يُسَخِّر إعلامه أيام حكمه ضد المواطنين والمعارضة الذين كان يَسْخَرُ منهم ويومها كان يسوق إعلامه للقائد الضرورة ومهاجمة الآخرين ممن ليسوا على مزاجه المتقلب.

 وأستمر هذا النفر الضال من الإعلاميين العاملين في هذه الفضائيات بتبني ممارسة الكذب وأستغلال الكوميديا الرخيص، والتفنن في صياغة الأخبار بنفس النَفَس والمنهج الذي عُرِفَ به.

هؤلاء البعثيون لم يحسوا يوماً بمعاناة الشعب وركبوا كل خطيئة بعد أن ملئوا أرض العراق بدماء الأبرياء، فالشعب يعيش المحنة والإرهاب وسفك الدماء، والقبور ملئت أديم أرض العراق منذ أستلم البعثيون مقاليد السلطة والحكم، حيث مارسوا القتل وشتى فنون التعذيب ضد كل من لايحمل فكرهم وعقيدتهم الأجنبية، ولم يكن أحد معهم إلاّ كل مجرم وطامع، وكل من كان قابلاً لإن يزهق أرواح الناس، ولقد غذّا هذا الحزب أفراده على الحقد والكره والبغضاء بعد أن غرس في نفوس أفراده الطبائع العنصرية والطائفية.

إن نعيم البعث الذي عليه إعلاميوا البعث اليوم لن يدوم، وإذا كان غرورهم اليوم عنواناً لحياتهم ونهجهم إلا أن اليوم الذي سيصحون فيه عند مواجهة الموت مهما طالت أعمارهم سيكون لهم من أكبر المنبّهات من الغفلة التي كانوا عليها بعد أن نسوا ذكر الله في نفوسهم الضالة.

 إن مانراه من غرق البعثيين في فسادهم الإعلامي من خلال ممارسة المسْخَرة التي يضللون بها الناس وفيهم السمّاعون للكذب الذي يمارسه فريق من الفنانين والفنانات المحسوبين على الفن، والفن الأصيل منهم براء، إذ أن عروضهم لاتليق بإنتمائهم الى دولة إسلامية وعربية كالعراق، فهم ينفثون سمومهم القاتلة، وينشرون الفرقة والنزاع، ويُنَظِّرون لإعمال العنف حتى في أوقات المناسبات الدينية والتي لايراعون لها حرمة.

 ويتصور البعثيون أنهم بمثل هذه السخافات يمكنهم أن يزعزعوا ثقة الناس وهم يوجهون بنادقهم الإعلامية الى صدور قوم مؤمنين، فهم يجتهدون في إثارة المشاكل والنزاعات بين الأحزاب وبين الدول ونقول لهم الى أين؟ فهل يفهم هؤلاء أن القاط الذي يلبسونه والرباط الذي يشدّونه سوف لن ينفعهم ولن ينقذهم من السقوط في وحل الظلم والظلام، وعليهم أن يفهموا أن اليوم عمل بلا حساب، وغداً حساب بلا عمل.

ليعلم البعثيون الذين لايزالون يركبون موجة العشق للبعث ويحلمون بالعودة الى السلطة أن الشعب لن يسمح مرة ثانية للعبودية من العودة، وعليهم أن لاينسوا أن هذا الشعب فقد العديد من أبناءه، ولن يُغَيِّرَ من مبادئه بعد أن عرفهم وخَبَرَهُم، وخَبَرَ سوء نواياهم.

 المحور الثاني: قانون المسائلة والعدالة الى أين.. الإجتثاث في نظر البعثيين هو الإعدام والإجتثاث في نظر قانون المسائلة والعدالة هو الإبعاد.

 وفي هذا المحور نسلط الضوء على حقيقة الخلاف والجدل المثار حول إجتثاث البعثيين وهل في ذلك ظلم أو تجاوز على حقوقهم ومواطنتهم؟ وهل المقصود بالإقصاء كل البعثيين الذين كانوا منتمين بحزب البعث؟ أم أنه يختص ببعضهم ممن إرتكب جرائم، فالضجة المفتعلة هذه الأيام في هذا الشأن يقودها بعض مروجوا أفكار الحزب وقادته الذين يعيشون في الظل داخل أروقة البرلمان العراقي، أويروج له الهاربون من القانون.

 ومن الغريب جداً أن البعثيين وهم أصحاب سياسة الحزب الواحد يريدون اليوم ديمقراطية! فهل يصلح هؤلاء للديمقراطية بعد أن أثبتوا أنهم غير نادمين على فعل صدام وحزبه، والأعجب من هذا أنهم يريدون أن يفرغوا العراق والحكومة والبرلمان من ممثلي الشعب الذين أختارهم قادة له ليخلو لهم المكان والزمان.

لم يستحي هؤلاء من العودة لتمجيد المجرمين، وكأن المقابر الجماعية كانت مزحة وكأنمالم تكن هناك دكتاتورية ولاطائفية ولاعنصرية؟ كيف يفكر هؤلاء العابثين؟ ومن الذي شجعهم على ذلك؟! فهل نسينا أن البعثيين أصحاب شعارات، وأصحاب مكر وخديعة، ولقد طالما كذبوا ولم يجني الشعب من أقوالهم وبياناتهم وقراراتهم إلا الموت والسجون والهجرة.

إن على البعثيين أن يتحملوا نتائج أفعالهم، فلن تنفعهم أساليب الغدر مرة ثانية، ونقول لهم لن تنفعكم صراخات الدمى الإقليمية التي تحكم اليوم، ولعل المستقبل كفيل بإزاحة بقية الدكتاتوريات التي تحيط بشعوب المنطقة وتحرمها من الأمان.

 هيهات هيهات للبعث أن يعود، وهيهات هيهات منا الذلة فلن ينفع الغادرين غدرهم ولن تزول الجبال الرواسي عن مكانها " مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ".

 إن المهمة التي ينبغي على العراقيين الآن هي حفظ أمنهم وإستقراهم والوقوف بقوة وصلابة أمام الرياح المتلونة التي تريد أن تعصف بمنجزات الشعب العظيمة بعد أن قدم هذا الشعب الكثير من الضحايا ولازالت العوائل المتضررة لِلآن تحمل الآلآم في نفسها، وتتحمل عبئ ماتركته أيدي الظالمين من أزلام النظام السابق الذين تَنَكَّروا لدينهم وعروبتهم ولم يكونوا أحراراً في دنياهم كما عليه الأحرار " إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، ولابد للّيل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ".

 

المحور الثالث:  عشق البعثي للبعث عشق العابد للمعبود.

 وفي هذا المحور نبحث في طريقة تفكير البعثي ومنهجه الذي يسير عليه والمسار الذي يرسمه له قادته وطريقة إتباعه لهذا المنهج.

 ونبتدأ ذلك بالقول: الإنسان عندما يعشق الجمال فإن ذلك لايعد أمراً غريباً، وعندما يعشق الإنسان الرحمة فإن ذلك مؤشر على الخير في نفسه، لكن أن يعشق الإنسان رؤية دماء الأبرياء وجثث الموتى وأشلاء الناس فإن ذلك منتهى الشر والوحشية. 

هكذا جُبِلَ البعثيون بحبهم للبعث وإنتمائهم لصنمهم المعبود، ولصنمية الحزب، هكذا ينظرون الى الحياة، هكذا كان البعثيون يتمتعون برؤية الدماء، وماالحياة في نظرهم إلاّ المال والأملاك، وليس لله في قلوبهم مكان. 

فالبعثي يعشق حزبه، ويعشق فكر حزبه لإن فكره يلائم نظرته الفاسدة للكون والحياة، فالدين في نظرهم تراث، والحياة في نظرهم العنصر والطائفة، والسياسة في عقولهم الحيلة والغدر وماأكثر ماأحتالوا على الناس وماأكثر من غُدِرَ بهم. 

لم تكن العقيدة والفكر في نظر البعث والبعثيين يوماً ما سلوك وأخلاق، فهؤلاء والدين والعدل على طرفي نقيض، وهم أصحاب مصالح قبل أن يكونوا شيئاً آخر، ولطالما كانوا سُرّاقاً وقتلة ونواباً لغيرهم لإيقاع الأذى بشعبنا. 

إن الصنمية التي مارسها الحزب في إقصاء الآخرين لم تكن لتخفى على أحد، واليوم يراهن الذين أسقطوه أو ساعدوا على إسقاطه أن يعيدوا كيانه السياسي رغم أنهم نعتوه بالدكتاتورية والشوفينية وأنه لايصلح للحياة أوإدارة شعب؟ 

إن خروج الشعب الى الشوارع منادين أن لاعودة للبعث هو خير دليل على وعي هذا الشعب فهو لن يسمح بعودة البعثيين الى السلطة، ولقد ترك هذا الشعب النبيل فرصة لهم لإعلان التوبة لكنهم لم يتراجعوا عن باطلهم وأساؤا التقدير بعد أن شهدوا روح المسامحة وهم الآن يحلمون بالعودة رافعين شعارات التقديس لحزبهم الذي يحمل مثقلاً آثام الضحايا الذين سقطوا شهداء بأيدي جلاوزتهم المجرمين؟ 

ونحن عندما نحلل نفسية البعثيين لانتجنى عليهم أبداً، ونتسائل أين عبادة الله في نفس البعثي، فالكل يعرف أن التربية الحزبية التي تلقاها البعثي قامت على أساس كره الإسلام والمسلمين وشجعت على الترويج لمبادئ الجاهلية، وقد تجسد ذلك من خلال كراهيتهم للدين والأحزاب الدينية ومحاربة كل مواطن يحمل في نفسه مبادئ الإسلام بِدْأً من الشهيد محمد باقر الصدر وإنتهاءاً بعشاقه، وتجاوز ذلك الى إزهاق حتى أرواح عموم أبناء الشعب بالتفجيرات والإغتيالات وأعمال العنف التي لم تتوقف يوماً واحداً. 

ولم تأتي نزعة العنف في نفس البعثيين صدفة فلقد نَظَّرَ هذا الفكر له تنظير خاص، ولو كان هذا الفكر يحمل بين طياته حب الخير والصلاح لما كان تلامذته وجيوبه من المجرمين، إذ لم يكن لهذا الحزب في نشاطه سواء في مواقع القيادة أو من مواقع قواعده المنتمية إليه إلاّ الشر الذي وزعوه على الناس، ولم يكن ليعمل غير الذي عمل من القتل ونشر الخوف والدمار والفساد في كل زوايا الحياة في العراق.  

 إن شعبنا يدرك تماماً أن الفرصة التي أتاحتها الحياة الديمقراطية الجديدة لحزب البعث لم يستفد منها هذا الحزب، ولم يستطع أن يستوعبها، ولم يفلح في أستثمارها فهو يريد العودة الى السلطة على أن يكون على رأس هرمها، وهو يريد أن يقصي الجميع ليعود إلى سيرته الأولى، ويكون الباقون من الناس خدماً له، وأن تكون درجة بقية المواطنين في الدرجات الدنيا من المواطنة كما كان يفعل، فلازال هذا الحزب يقوم بتنفيذ جرائمه تحت غطاء القاعدة وهيهات أن يصدق الناس كذبهم، وسيحمي شعبنا بإذن الله، نَفْسَهُ والوطن من عبث العابثين وغدر الغادرين. 

المحور الرابع: نشاط الجهاز الإعلامي السري لحزب البعث. 

في هذا المحور نلقي الضوء على طبيعة الجهاز الإعلامي السري لحزب البعث الذي يتحرك داخل العراق ومن خارجه عن طريق شبكة إخبارية إعلامية تنسق مع الأجهزة الحزبية التي تعمل بشكل سري داخل العراق مستغلة تغلغل البعثيين في صفوف الإعلام والحكومة وبدعم لامحدود من قبل دول إقليمية يهمها أن يبقى العراق ضعيفاً لأسباب عديدة لم تعد خافية على أحد من أهمها الحيلولة دون أن يكون هناك حكم في العراق يتقاطع مع مزاجها العنصري والطائفي، أويتقاطع مع مناهجها الأخلاقية في الإقتصاد والمال والسلوك ونمط السلطة. 

فبعد أن شهد حزب البعث هزيمته داخل العراق وبعد سقوط النظام لجأ الى خيارات إعلامية عديدة إذ لم يكن قادراً على مواجهة الجماهير بوجهه الحقيقي فراح يخطط لإعلام سري، ولم يكن ذلك صعباً على جهازه الإعلامي الذي يتشكل من مجموعة من الكوادر الإعلامية البعثية التي كانت تعمل في صفوفه أبّانَ سنين حكمه، ومن الطبيعي أن يوظّف هذا الحزب المال العام الذي سرقه بعد السقوط لخدمة مخططه الإعلامي. 

إن الخطوط الإعلامية البعثية باتت واضحة تمام الوضوح من خلال ماتبثه القنوات البعثية التي تعمل بإتجاهين الأول منهما تشويه صورة رموز النظام الجديد، وثانيهما إشعال الفتن كما تعمل بالضبط بقية الحركات السرية في العالم التي تكيد للشعوب في العادة. 

ومن ناحية أخرى فقد لجأت هذه الأجهزة الى تلميع صورة البعثيين والنظام البعثي الذي أظهرته على شكل بطل أسطوري يقف في صفوف مقاومة الإحتلال ويدافع عن عروبة العراق، وسعت الى أن تظهر حرصه على إرتداء الثوب الوطني في مواجهة الدولة الصفوية والصفويين كما تسميهم هذه الأبواق وهي بذلك تكون قد أتهمت أكثر من نصف سكان العراق من العرب والجزء الآخر من الأكراد والتركمان الشيعة بإعتبارهم ملحق للصفويين العرب في العراق وهو إتهام سخيف وخطير. 

والكل يتذكر كيف كانت تقرع طبول الغناء والأناشيد البعثية في إذاعة وتلفزيون البعث في العراق، حيث يظهر القائد الضرورية والبطل المغوار في مواجهة الصفويين والأكراد والتركمان، والأدهى من ذلك ظهوره في مواجهة العرب أنفسهم كما جرى في الكويت. 

هكذا كان يتسلط البعث على رقاب الناس ويزج بالملايين في السجون والمعتقلات، ويسوق الناس في جيوش من العسكر وفي الجيش الشعبي حيث ملئ بفعله هذا مقابر جماعية ضمت أعداداً كبيرة من أجساد خيرة شباب الأمة بحروبه العبثية في الوقت الذي كان فيه البعثيون في مأمن من كل هذا، وبينما كان الملايين من اللاجئين يلجئون الى مختلف بلاد العالم هروباً من بطش النظام تطاردهم كافة السفارات العراقية العاملة في الخارج. 

لقد حصل البعثيون على دعم عربي كبير من بعض الدول وتمكنوا من تأسيس قنوات فضائية تحمل أسماء وعناوين تم أختيارها في مجال التأثير على الواقع الوطني والشعبي من جهة، وعلى الواقع العربي من جهة أخرى، وتم بناء أستوديوهات ضخمة في عواصم أجنبية وعربية مهمة، وحشد لذلك فرقاً من الفنانين في مختلف الأختصاصات، وأستعان برسامين سياسات أقرب شبهاً بالعمل الذي تلعبه بعض الفضائيات الإعلامية العربية المشهورة التي أنشئت أصلاً للتدخل في شؤون الأنظمة العربية التي هي لاتوافق مزاجها، وتمكنت بذلك من ترويج السياسات المعادية للعروبة والإسلام والتي شجعت الثقافات الأجنبية التي لاتتلائم مع واقع شعوبنا العربية والإسلامية. 

وأخذت القنوات الفضائية البعثية تحذو حذو القنوات الفضائية العربية التي تعمل على أساس أن تكون بوقاً لحكام المنطقة وتنظيماتها الإرهابية والتي تعمل على تسويق أخبار ونشاطات هذه المجموعات، كما أخذت هذه الفضائيات تمارس عملية التشويه المستمرة للحياة الجديدة في العراق على حساب دماء الأبرياء وتسعى لتدمير البنى التحتية للأوطان، وهي تخطط لإهدار الثروات الوطنية، وقد يكون هؤلاء المجرمين في مأمن لفترة لكن المستقبل كفيل بالقضاء عليهم وإخراجهم من هذه اللعبة القذرة. 

وقد مارست منظومة الفضائيات المعادية مناهجها بدقة حيث تقوم بربط الأخبار السيئة بالسياسات العامة للدول المتضامنة مع سياسة حزب البعث حيث أن هذه الأنظمة إنما أرادت إسقاط صدام بشرط أن لايصعد غير اللون الذي تريد. 

وتحاول هذه الفضائيات البعثية والفضائيات المتضامنة معها النيل من التغير السياسي الذي جرى في العراق بإلإتجاه الذي يخدم أغراضها السيئة وتحاول بكل جهدها خلق أجواء من الفوضى والمشاكل داخل الدولة العراقية، كما تسعى الى بث الدعايات المغرضة وممارسة عمليات التسقيط، وإظهار الوضع العراقي بشكل يسئ الى القيم الوطنية والدينية التي يحملها هذا الشعب وممثليه، والكل يعلم كيف يتصرف الإعلام البعثي بالشكل الذي يعطي صورة واضحة عن السلوك الغريب لهم مما يبعث على السخرية والإستهجان. قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " الآية 11 من سورة 49 الحجرات.  

 إن شعبنا إستطاع كشف ماخطط له الأعداء، ولم يكن لينسى الجرائم التي أرتكبها البعثيون بحقه، وقد أراد شعبنا أن يعطي فرصة للبعثيين ليظهروا حسن نواياهم لعلهم يفيقوا ويندموا على ماأرتكبته أيادي حزبهم، لكن وللأسف تجدهم ولحد الآن مصرّون على عدوانهم وأستكبروا دون أن يكون لله سبحانه وتعالى أي حضور في قلوبهم المريضة.

 

المحور الخامس: الإعلام العربي هل هو إعلام مضلل؟. 

في هذا المحور نحاول أن نسلط الضوء على طبيعة عمل بعض الفضائيات العربية التي خرجت عن المهنية والإستقلالية وأصبحت تروّج لسياسات بعض الأنظمة الفاسدة وتتدخل في شؤون الدول التي تحاول أن تتحرر من عبودية الدكتاتوريات، وأخذت بعض هذه الفضائيات مهمة النيابة عن هؤلاء الحكام في محاربة الشعوب، وشجعت الدعوات التي تدفع الى القتل وإرتكاب الجرائم، وقد تميزت أغلب هذه الفضائيات بعدم الخوض في الشؤون الداخلية للدول التي تنطلق منها هذه الفضائيات، وأخذت تمارس السياسة كبديل عن هذه الحكومات رغم أن تلك الحكومات لاتؤمن بالحريات الفردية أوبالديمقراطية أصلاً، ولاتؤمن حتى بمبدأ الإنتخاب.

 

الصلة بين الدول والفضائيات 

من مميزات عصر الفضائيات لجوء الدول الى الاعلام كوسيلة من وسائل الحروب وبتعبير آخر تعتبر مقدمات لإثارة التدخل في شؤون الدول الأخرى من بعد، كما تفعل بعض الفضايات العربية التي تميزت بإختصاصها في الشأن العراقي وتتحدث في الشأن العراقي أكثر من العراقيين وتتصرف وكأنها الوصي الشرعي بيد أنها وفي حقيقتها وسائل ضغط وإثارة وتَدَخُّل سافر في شؤون العراق الداخلية، وهكذا فهي تسير وفق منهج أجنبي مفروض تفرضه ظروف العلاقات الدولية بين دول الخليج والدول الكبرى وتتحرك هذه الفضائيات بصورة فائقة وتَتَنَقّل بين أفغانستان والعراق واليمن لتنقل أخبار جهود التنظيمات الإرهابية وتروج لبطولاتها المزعومة كتنظيم حزب البعث والقاعدة وبأسلوب درامي خطير تتحرك من خلاله دمى تصنع منها السياسيات الدولية الكبرى أبطال وهمين لاترى لهم إلا صور وتسجيلات بعيدة عن أرض الواقع.

 

الصلة بين الحكام والفضائيات 

إن الدور الذي تلعبه الفضائيات هذا العصر هو دور مزدوج الأول منه وهو الأقل أهمية دعم الأنظمة في المنطقة العربية وحكامها بإعتبار أن هذه الأنظمة تحتاج الى دعم إعلامي كبير تحمي به نفسها من خلال مهاجمة الآخرين ليصفو لها الجو وطريقها الى ذلك إثارة الفتن والقلاقل خصوصاً مع الدول التي تطمح في الخلاص من الدكتاتورية وتشتاق الى الإستقلال والحرية، والثاني منهما وهو الأكبر أهمية دعم سياسات الدول الكبرى والدول التي تحت حمايتها ومصالح بعض الحركات العالمية السرية التي لها نفوذ وقدم في المنطقة.

 

إفتقاد الأمانة الإعلامية

إن الحركة الإعلامية في المنطقة العربية تفتقد عموماً الى الأمانة الشرعية لأنها مُسَيَّسة من قبل الحكام ومن قبل الإدارات المرتبطة بها، وهؤلاء وبسبب الدعم المقدم لهم يقومون بمهمة تزييف الأخبار وتشوية الحقائق، ونستطيع أن نعبر عن هذه العلاقة بأنها علاقة تبادل منفعة ومصلحة وعلاقة أجور مقابل عمل إعلامي كاذب تقدمه وتخطط له كوادر متخصصة ليس لهم أية علاقة بالقيم أو المبادئ السليمة.

 

الإعلام العربي لايتسم بمخافة الله 

وفي الإعلام المتزن كما هو عليه في السلوك المتزن وفي مختلف الأزمنة والعصور له قواعده العامة وخصوصيتة الخاصة من الثوابت الضرورية لحفظ كرامة الإنسان وكرامة الناس، كما يهدف الى الحفاظ على الثوابت التفصيلية فيما يتعلق بمنع الإعتداء على حقوق الآخرين الذين نختلف معهم والتي قد تصل الى سرقة ألأموال وإزهاق الأرواح والإعتداء على أعراضهم.

 

الإعلام العربي يفتقد الهوية الأخلاقية الدينية 

وكما نعتقد أن الأعلام بشكل عام يحتاج الى أن يستند على القيم الدينية التي تُحَرِّم على الإنسان تزييف الحقيقة وتدفعه الى ممارسة وظيفته وفق الثوابت التي تحفظ للإنسان والناس سعادتهم وإستقرارهم وكرامتهم وأموالهم وأعراضهم، كما لابد لنا أن نذكر من أن الدين كفيل بتنظيم الحياة الإجتماعية ويمكنه أن يحفظ السلوك الإنساني من الإنحراف، إلاّ ان ذلك لايمنع من أن المجتمعات التي لايغلب عليها طابع الدين تحتاج الى مثل مايدعو إليه الدين وإن أختلفت التفاصيل حيث أن الأهداف المشتركة واحدة، وفي نظرنا أن كل السلوكيات التي أتفق عليها البشر ماهي إلاّ تَرَشُّحات من جهود الأنبياء والرسل منذ آدم وحتى عصر النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم بما فيها جهود الأنبياء موسى وعيسى ويحيا وزكريا وغيرهم من الأنبياء والرسل عليهم السلام.

 

الإعلاميون العرب جندوا طاقاتهم وكفاءاتهم لأجل المال لا لأجل الخير 

ومن هذا المنطلق فإننا نرى أن الإعلاميين اليوم مهمتهم الوظيفة والمُرَتَّبْ،إذ لايهمهم مايخوضون فيه من إزهاق للأرواح وإتلاف للأموال، وهتك للأعراض، فالإعلاميون اليوم يخضعون لجملة من الإلتزامات والواجبات والإملاءات ومنها تلبية سياسات الدول والحكام في نزاعاتهم وتوجهاتهم العنصرية والطائفية رغم أنهم كانوا غارقين في علاقاتهم السياسية المشبوهة مع الدول والحركات العالمية السرية.

 

الإعلام العربي أصبح سلاحاً من أسلحة الدمار الشامل 

ونحن لانمزح عندما نقول إن الإعلام أصبح جزءاً من أسلحة الدمار الشامل فماذا نقول عندما تخرج كلمة منه لتتسبب في كوارث ودماء وحروب. 

لقد أصبح الإعلام بديلاً عن الحروب الإقليمية المباشرة بل حل محلها أحياناً، وهو اليوم يتدخل في الشؤون الداخليه للدول ويرسل اليها مجاميع الإرهاب ويروّج لفتاوى القتل والتخريب ويرسل رسائل حروب وإقتتال داخلي وإقليمي فماذا بعد؟

 

تزييف الحقائق بشكل عدواني وشيطاني 

أصبحت مهمة الإعلام في هذا العصر تخضع لضوابط مختلفة تتدخل فيها الحكومات والمؤسسات ويتدخل فيها أصحاب رؤوس الأموال، وبطبيعة الحال ووفق هذه الضوابط فهي مُسَيَّسة وعليه فإن مايصدر عن مثل هذا الإعلام هو خطابات عدوانية يغلب عليها طابع الدعوة الى الشقاق والنفاق وممارسة الكذب، والدعوة الى هتك الأعراض، وهدر الأموال، وإزهاق الأرواح، وفي هذا العمل إساءة للقيم والمبادئ الإنسانية الحقة. 

المحور السادس: المؤامرة السياسية لإسقاط هيبة شخصية السيد السيستاني. من يقف ورائها؟ ولماذا؟ الى أين ولأي مدى؟  

وأخيراً ففي هذا المحور نحاول نشير الى مدى خطورة مايعد خلف الكواليس من تخطيط إقليمي ودولي لإسقاط شخصية المرجع الديني للعالم الإسلامي السيد علي الحسيني السيستاني الذي يشكل بنظرهم قمة جبل شامخ منيع يريدون تحطيمه وتقليل شأنه في نظر الشعب العراقي، لكن هذا الجبل الشامخ لم، ولن يهتز، لالشئ إلا لأنه شخص يعبد الله حق العبادة، وينطق بالحكمة، ويأمر بالمعروف وبالعدل والإحسان، وينهى عن الظلم والعدوان، ويدعو الى الإخاء والوحدة، وليس له أي حظ من حطام هذه الدنيا الفانية غير العلم والعمل الصالح.   

ومجال الحديث في هذا الشأن يتحدد بإلاستفهامات الثلاثة التي طرحناها وهي موضع تقدير لما يجري خلف الكواليس من إعداد لسياسات معينة أختارتها بعض الدول ورسم حدودها البعض من رجال الدين، وبتنسيق مع الأجهزة والمؤسسات الإعلامية ودعم مالي وثقافي هدام، وخبرات فردية ومؤسساتية قادرة على إستيعاب الخطوط العامة التي رسمتها السياسات الدولية والحركات العالمية السرية التي لها مصالح إقتصادية وأمنية وسياسية مشتركة. 

وتتحرك هذه القوى المتعددة في مناطق الظل غير المنظورة تقف وراءها دول وحركات ومنظومات ومؤسسات سياسية ودينية ذات طابع عنصري وطائفي وذات مصالح إقتصادية وتجارية. 

وتهدف هذه القوى الى توفير الحماية الذاتية لنفسها وتقوم على أساس تقوية جوانب الدفاع عن نفسها وبحسب مخاوفها التي قد تكون بمبرر وغير مبرر تحكمها الأهواء والنزعات الدينية والعنصرية المتطرفة. 

وإن من أهم أهداف هذه القوى تغيير الخارطة السياسية والإقتصادية والأمنية للمنطقة، بحيث تحد وتقيد من حركة الشعوب التي تحاول تحقيق إستقلالها وأمنها وإستقرارها. 

ولايقف مدى هذه النزعات عند حد فهو يمكن أن يلحق الضرر بالشعوب والأوطان مهما كلفها الثمن، فهي تصرف المليارات من أجل ضمان بقاءها على عرش السلطة ورأس النظام الذي تحكمه وهي عادة ماتكون تابعة لسياسات دول أكثر حظاً في السياسة والحكم. 

ولما كان حديثنا عن الدول الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة والعراق بشكل خاص كان إهتمامنا بشخصية حاضرة على الساحة العراقية كشخصية المرجع الكبير السيد علي الحسيني السيستاني الذي أعتبرته الأوساط المعتدلة صمام أمان يحفظ الوحدة بين العراقيين ويدعو الى إحترام حقوق الإنسان ويحفظ هيبة القانون، وهذه الدعوة تشكل مانعاً كبيراً لمحاولات الطامعين الذين يريدون إشعال نار الفتنة بين أبناء شعب العراق. 

لقد مارس إعلام الظل الذي تسيسه حكومات خائفة ممكن أن يطالها التغيير في أي وقت بسبب سياساتها الرعناء التي تمارسها ضد شعوبها كل ماتملكه من وسائل لهدم الصلة بين المواطنين ومراجع الدين، ونحن نقول لهؤلاء أنكم مهما حاولتهم خنق إرادات الشعوب فلن تنفعكم تلك السياسات، وأنكم مهما حاولتم إزاحة مرجع فأن الله كفيل بأن يعوض الأمة بغيره، وأنكم لن تتمكنوا من نيل ماتطلبون ولتكن لكم عبرة بمن سبقكم من الجبابرة والطغاة والظلمة، فالشعوب تبقى لكن الظالمين لايمكنهم الإستمار في غيهم، وكفى الله المؤمنين شر القتال. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com