البعد الفكري للديمقراطية في ظل القانون

 

سعد حيدر حسين/ العمارة

iraq4iraqis@googlegroups.com

ان مقارنه تاريخية بين الديكتاتورية والديمقراطية  ستظهر لنا ان الأولى أقدم عهدا من الثانية فالديكتاتورية او الاستبداد كانت قد ظهرت مع بدايات نشوء أنظمة الحكم والتسلط في مجتمعات الصيد والرعي أي إنها نشأت بشكل غريزي مع نشوء المجتمعات البشرية البدائية وذلك لان حب التسلط والسيطرة موجودة بشكل غريزي عند الإنسان مثلما هي موجودة عند جميع المخلوقات الأخرى وقد كان المؤهل الأول للحصول على السلطة مقترن بالقوة العضلية فكان الأكثر قوة هو  الأكثر تسلطا ثم مع تطور الإنسان وتطور إمكاناته وازدياد حاجاته فقد أضيف مؤهل جديد للحصول على السلطة وهو القوة الاقتصادية للشخص وهي امتلاكه للمال ومدى قدرته على التحكم في معيشة التابعين له او فرض سيطرته عليهم فصار المال سببا رئيسيا للحصول على الأتباع والعبيد والزوجات  والجواري وبالتالي فرض السيطرة عليهم والتي قد تمتد من تجمع صغير الى تجمع قبلي وهكذا تطورت المجتمعات البشرية عددا وتكوينا لتصبح دولا وحكومات ومع تطور المجتمعات البشرية وعبر تاريخها الطويل وما جاء به من ثقافات فان مواصفات الحاكم قد تطورت وتعددت ليضاف إليها المؤهلات الفكرية التي لم تجد وصفا لها لتقنع به الناس المحكومين الا من خلال ادعاء الحكام بأنهم قد اختيروا من قبل السماء وإنهم يمثلون إرادة الله على  الأرض وان الخروج عليهم هو الخروج على طاعة الرب وهكذا فرضت الطبقة الحاكمة سيطرتها على المحكومين بخديعة تاريخية استغرقت التاريخ كله حتى ظهور الديانات السماوية والأنبياء والرسل الذين أوضحوا لبني البشر خديعة الطغاة في سيطرتهم على الناس ثم جاء الإسلام دينا حنيفا موضحا للإنسانية قوانين وأنظمة الحكم وكيف ان أمرهم شورى بينهم كما بين لهم (ان خير الناس من نفع الناس) وان الناس سواسية وأما السلطة فهي مسؤولية أمام الله ان لما نشره الإسلام والأديان السماوية التي سبقته أثرا في تحرير الناس من العبودية والظلم والاستبداد ومن هنا كانت الانعطافة الكبيرة في تاريخ البشرية والتي أدت إلى نشوء حركات سياسية وفكرية تطالب بما تسميه في المصطلح السياسي الحديث بالديمقراطية وفي عوده هنا للمقارنة بين الدكتاتورية والديمقراطية فان الأولى لا تحتاج لأي برامج او خطط منهجية في العمل والتطبيق فهي أمر بسيط يتشابه فيه جميع الطغاة لأنها قائمة على القمع والإرهاب وإسكات أي صوت يطالب بالحرية والحقوق ولان الطغاة متشابهون فهم يتكلمون بلغة واحده وهي لغة العنف والإقصاء والتهميش ولكن الدكتاتورية ومهما طالت فترة حكمها وبقاؤها فان نهايتها الحتمية هي الزوال وكلما حاول الدكتاتور إحكام قبضته فانه سيعجل في نهايته أي أن الاقتراب من الديمقراطية سيعني التمديد في البقاء وسيكون البقاء الحتمي للديمقراطية المثالية ولكن يبقى السؤال ماهي الديمقراطية؟؟؟و ماهي الكيفية في الوصول لها وبعد ان عرفنا ان الديكتاتوريات ومهما تعددت فهي نوع واحد فما هي أنواع الديمقراطية وللجواب على هذا فان الديمقراطية أشكال ونماذج متعددة تختلف باختلاف المجتمعات التي ستطبق فيها ومدى مستواها الثقافي والفكري والاقتصادي والاجتماعي وهي تحتاج في الكثير من المجتمعات ومنها مجتمعنا العراقي الى التسلسل زمني لكي يمكن تطبيقها واستيعابها من قبل الجمهور والقول بهذا لا يعني لزوم الديكتاتورية بل يعني بالضرورة وجود قانون عادل وحاسم يضع حدا للمسيئين والمتجاوزين الذين لم يعوا الديمقراطية بشكلها الصحيح فشعبنا جديد في ممارسته للديمقراطية ولم يتقن آليتها الانتخابية فقد عودته الأنظمة السابقة ان يرى جميع السلطات من التشريعية والتنفيذية والقضائية عسكرية ومدنية بيد شخص واحد ومنذ نشوء الدولة العراقية وحتى سنه 2003ان العراقي وقد يعذرنا في القول انه بدا عليه واضحا عدم الإدراك الواعي الصحيح للديمقراطية فراح يتخبط بفرحه بها وهو غير مصدق لما هو فيه. ان الذي نريد قوله ان الديمقراطية لابد لها من ضوابط وقوانين تنظم عملها فعدم وجود قانون ينظم عمل الصحف جعل الصحف الصادرة في بغداد وحدها يزيد على أعداد الصحف الصادرة في أوربا وقد يكون العراق هو البلد الأول في إعداد الصحف حتى صارت عمليه القراءة ليست ذات جدوى وبات القارئ حائرا فيما يختار ويقرأ وصارت الأحزاب لدينا بأعداد تفوق ما موجود في أية دولة في العالم كبيرة او صغيرة حتى ان الكثير من الأحزاب صارت متشابهة في كل شئ من أهداف وأفكار ومبادئ ولا تختلف الا في شخص الأمين العام  لا بل ظهرت لدينا أحزاب ضاقت في فئويتها فصار بعضها خاصا للموظفين والمتقاعدين او المدنيين والضباط إننا نريد القول ان الديكتاتورية اذا كانت تعني المنع المطلق لكل شئ فلا ضرورة لاعتبار الديمقراطية السماح المطلق لكل شئ فلا بد من معيار يحدد الممنوع والمسموح ويبقى سيد المعايير الديمقراطية ان جاز لنا التعبير هو القانون فهو الذي يحدد الضار من النافع وان القانون نفسه له ضوابط ومعاير يستند عليها منها الدينية والاجتماعية والعرفية فلا يمكن للديمقراطية ان تنهض دون احترام للقوانين وعدم الخروج عليها فالقانون هو الذي يجيز عمل الأحزاب والصحف وهو الذي يسمح ويمنع كل شئ بناء على المصلحة العامة التي يراها ان الديمقراطية ليست بالشئ الكثير والكبير على شعبنا ولكن لابد لبنائنا الديمقراطي من أسس قوية ورصينة فلو افترضنا مثلا إننا وضعنا نظاما ديمقراطيا في القبول بالجامعات وان هذا النظام يعتمد رغبة الطالب دون النظر لمعدله ودرجاته فان الذي سيحدث لدينا هو ان جميع الطلبة سيطلبون الطب ويتركون المجالات الأخرى ولكن هذا لن يحدث عندما نبلغ مستوى علميا وثقافيا واجتماعيا كبيرا عندها سيذهب كل طالب حسب رغبته وان كان معدله أعلى منها بكثير وسنحصل على الطبيب البارع والمهندس الناجح والفنان المبدع وأخيرا لابد من القول إذا كانت الدكتاتورية واحدة ويمكن تطبيقها على الجميع ولا تحتاج الى جهد سابق في الاستعداد لها فان الديمقراطية يجب ان تسبقها أرضية ثابتة وقانون مهاب وشعب متمرس لكي تبقى وتستمر وتزدهر.  

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com