|
الكهرباء في المزاد السياسي
ابراهيم زيدان صحفي وكاتب وشاعر عراقي عضو منظمة الدفاع الدولية يعلم الراسخون في العلم ان الكهرباء صناعة تكنولوجية معقدة تحتاج للكثير من الخبرة والاموال لبناء منظومة كهربائية تسد حاجة المواطن العراقي من الطاقة الكهربائية سواء كانت للاستهلاك المنزلي او الصناعي او التجاري ومع عدم كفاية التخصيصات المالية واضطراب الوضع الامني وعدم استقراره الا في النصف الثاني من العام 2008 وهو استقرار نسبي وليس مطلق الا ان وزارة الكهرباء حققت ما لم تحققه أية مؤسسة اخرى خلال السنوات الاربع الماضية بغض النظر عن انتماء تلك المؤسسات، ويعلم الجميع ايضا ان وزارة الكهرباء لا تنتمي الى اية جهة سياسية بمعنى ان وزيرها الحالي الدكتور كريم وحيد لاينتمي الى حزب في سلطة العراق الجديد، وعلى الرغم من الظروف القاسية التي كان فيها المهندس والفني لا يستطيع فيها التنقل في بعض المناطق الا بحماية قوات الجيش والشرطة الا انها حققت الكثير كإعادة المنظومة الكهربائية الى العمل بعد احداث التاسع من نيسان عام 2003 وربط المنظومة في عام 2008 لتكون منظومة واحدة تغطي العراق بأجمعه، وبعد تحسن الوضع الامني ووصول بعض الشركات لاكمال بعض الاعمال وقبلها انجزت معظم الاعمال بواسطة الكوادر الوطنية والتي كان السيد الوزير يقودها بنفسه، وفي مجال بناء وتأهيل المنظومة قدمت الوزارة العديد من الضحايا وعملت كوزارة امن وتعرضت الى ضغوط من جهات عديدة الا انها ظلت صامدة ووضعت اسس بناء رصينة في جميع المفاصل اذ حصلت زيادات في الانتاج بمقدار 28% في عام 2009 عن عام 2008 و43 % في عام 2009 عن عام 2006 .. فضلاً عن خطة استثمارية مالية وادارية وتطوير بناء القدرات الفنية بشكل واسع لعشر سنوات وليس لاربع سنوات، وهذا نابع من الاحساس الوطني، الا ان بعض المؤسسات لم تتعامل بشكل ايجابي مع الوزارة اذ لا تزال لديها قدرات معطلة بسبب عدم توفر الوقود الكافي وعدم التنسيق مع دول الجوار لتوفير المياه لتشغيل المحطات الكهرومائية وزيادة كفاءة المحطات الحرارية فضلاً عن عدم توفر التخصيصات المالية التي طلبتها الوزارة وهي من(4ـ5) مليار دولار سنوياً للوصول الى مرحلة افضل، وكان من المفروض ان يلتفت الجميع الى مناشدة الوزارة للحد من الاستهلاك والاستيراد العشوائي لاجهزة التبريد والتدفئة الكهربائية وغيرها من المواد التي معظمها غير مطابق للمواصفات الفنية العالمية، حتى الحكومة اشاحت بوجهها عن تلك النداءات بشأن وقف استيراد البضائع الكهربائية الرديئة وتسببها باضافة احمال غير مدروسة وعبء كبير على منظومة الطاقة الكهربائية، فالزيادة العالية في الانتاج لم يلمسها المواطن بسبب وتيرة الاستهلاك التي تصاعدت اضعاف مما كان عليه العراق حتى التاسع من نيسان عام 2003، فالمنزل الذي كانت لديه مبردتان استبدلها بثلاث او اربع مكيفات، فأية مؤسسة تستطيع اليوم ان تحقق انتاجا يغطي النمو المضطرد في الاستهلاك، ولقد اعدت الوزارة العديد من البرامج والخطط ونظمت المؤتمرات الكثيرة في عدد من دول العالم وبعضها تحت اشراف البرنامج الانمائي للامم المتحدة كما هو حال الخطة العشرية التي وضعتها الوزارة، اما في ما يخص الاستثمار، فحمى الاستثمار تبدو للعيان كبيرة جدا،الا ان الواقع يكشف لنا ان الذين تقدموا للوزارة بعروضهم ماكانوا مستثمرين بالمعنى المتعارف عليه انما كانوا تجارا ولادراية لهم في مجال الكهرباء. ودعونا نتساءل اين هو المستثمر الاجنبي او الوطني؟ ان وزارة الكهرباء وجدت ان الشروط التي وضعها هؤلاء المستثمرون كانت صعبة جدا وتحتاج الى جهد الحكومة قبل جهد الوزارة .. وحين ينحى بعض السياسيين باللائمة على وزارة الكهرباء في عدم الأخذ بنصيحتهم (والقول للسيد نائب رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي) فهم يجافون الواقع و يتجاوزون المنطق في رأي الوزارة التي تعمل بنصائح المنظمات العلمية العالمية وشجعت الكثير من الشركات والمستثمرين ذوي الاختصاص والمعروفين في مجال الطاقة الكهربائية، وتثير الوزارة بهذه المناسبة الكثير من الاسئلة التي ترى ضرورة طرحها.. ومنها هل وفر المسؤولون الوقود والمياه؟ وهل بادروا الى تأمين التخصيصات المالية ؟ وهل حرصوا على اقناع المستثمرين بشروط الاستثمار من خلال ندوات علمية وقانونية جمعتهم بهم؟ نحن نأمل من السياسيين وغير السياسيين ومن دخل المزاد السياسي الانتخابي عدم التعكز بموضوع الكهرباء وجعلها بضاعة في المزايدة السياسية ووسيلة في الدعاية الانتخابية كونه قطاعا متخصصا يحتاج الى مستلزمات كثيرة جدا، مع الاخذ بعين الاعتبار ان العالم وليس العراق لوحده يشكو من النقص في الطاقة على الرغم الاستقرار السياسي، فالسعودية على سبيل المثال لا الحصر تخصص (10 ) مليارات دولار سنوياً للصيانة والتشغيل ودعم اسعار الوقود وجمهورية مصر هي الاخرى تخصص مبلغا مماثلا وعلى مدى سنوات لتأمين الكهرباء.. والعديد من دول العالم المختلفة تنفق الملايين من الدولارات لتأمين الطاقة الكهربائية. ولذا نستغرب اشارة بعض السياسيين الى توفير الطاقة عن طريق الاستثمار وغيره دون ان يكلفوا انفسهم عناء البحث عن حقيقة المشكلة او تقديم المساعدة والدعم لوزارة الكهرباء لتذليل الصعوبات من اجل زيادة الانتاج وبناء منظومة كهربائية تستجيب لحاجة المواطن العراقي. اما اولئك الذين ينبرون بين حين وآخر ومنهم مشددين داعين الى استخدام الطاقة الشمسية والرياح كبدائل عن الوسائل المتعارف عليها في انتاج الطاقة الكهربائية اولا وكطاقة نظيفة ثانيا، فهم لايدركون الحقيقة بالكامل، اذ ان سرعة الرياح في العراق هي أقل من اربعة امتار في الثانية، بينما المطلوب ان تصل سرعتها في الاقل الى سبعة امتار، وفي دولة مجاورة كأيران يذكر احد المسؤولين في وزارة الكهرباء العراقية انه لاحظ خلال زيارة له هناك ان سرعة الريح تصل الى تسعة امتار في الثانية ولكنها لاتجهز سوى 50% من طاقتها التصميمية، فكيف الحال اذن في بلد لاتصل فيه سرعة الرياح الى المستوى المطلوب لتوليد الطاقة الكهربائية، اما الطاقة الشمسية فهي باهظة التكاليف اذا مااردنا تجهيز العراق بماتولده من طاقة كهربائية،ولكن بالامكان الافادة منها في مشاريع صغيرة، لان كلفة الميكا واط من الطاقة الشمسية لتجهيز العراق باكمله تساوي اضعاف اضعاف ماتنفقه الوزارة في توليد الطاقة عبر محطاتها الحرارية،ولو استطاعت وزارة النفط تأمين الغاز الطبيعي الذي لايزال يحترق في الجو يوميا لاستطاعت الوزارة تشغيل جميع وحداتها التوليدية المتوقفة بسبب ذلك، ومع ذلك لم تتوقف وزارة الكهرباء في سعيها لاستخدام الطاقتين الشمسية والرياح من خلال تكليف وزارة العلوم والتكنولوجيا لاجراء مسح واعداد اطلس رياح، ليتسنى لها اي وزارة الكهرباء الوقوف على حقيقة مايدعيه البعض في امكانية الافادة من الطاقتين المذكورتين .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |