العنصري العصري

 

محسن ظافرغريب
algharib@kabelfoon.nl

العنصري العصري، ربيب حبيب لأقطار محور "واشنطن"، تلميذ نجيب مهذب ولولب للوبي المحور في ولاية الأسود السيد الحر (العم توم) "أوباما"، الذي بدوره أيضا، لم يعد الأميركي العم سام القبيح، قياسا إلى ضحية الشتات الذي يقلد جلاده معجبا مسكونا به؛ لإقامة دولته الكبرى، الحلم الذي يقضي ويفضي إلى اسحالة الأوطان إلى شظايا؛ إذ أضحينا بعد محرقة هولوكوست الأخوة الفلسطينيين الأعداء، نسمع عن خارطة طريق توأم الإننداب البريطاني:

العراق، فلسطين، والتطبيق لشعار أوباما "التغيير" صراع في شمال العراق، ودعوة لحوار حضاري حيال مناطق متنازع عليها في محافظات العراق: نينوى، كركوك، ديالى، وفي وسط العراق، كربلاء تنازع الأنبار على الأرض، والنجف تنازع كربلاء على الشرف الذي أهدره طاقم المحافظتين؛ أن لا يتزاورا. وفي الجنوب العراقي، تجاوز أبناء البصرة المعروف من طيبتهم والإكتفاء فقط بقضاء العزير العزيز الذي سلبته محافظة ميسان لا غير إلى إنفصال قضاء القرنة وقضاء المدنية عن البصرة، التي كانت تطالب بفرعها الكويت ليعود إلى الأصل كل العراق. قلنا للأهل في شمال ووسط وجنوب العراق، حذار حذار من خلايا الإنشطار الذاتي السرطاني، بالأمس حزب ملا برزاني، انشق عنه التقدمي مام جلال، وبروح عشائرية أثرية، آثر نو شيروان مصطفى الجنوح إلى شعار "التغيير"، بشعور من شب على الطوق ليتشظى!

رواية "العنصر العصري" لشاعر روائي يمني أنموذجاً. يحمل البطل "سالم" جينات بشرية جديدة، لم نعد شخصية عدوانية بخيلة جشعة غادرة لئيمة واشية ناقضة للعهد والمواثيق كما تظهر الصور النمطية عن العصري في الأدب العربي الحديث وفي المخيال العربي - الإسلامي على حدٍّ سواء. بطل "العنصري العصري": جميل منفتح غير متمسّك بديانته وبريء إلى حدٍّ كبير.

الرواية تتناول مرحلة تاريخية من تاريخ جنوبي شبه جزيرة العرب التي ضمت منذ الجاهلية: ديانتي (التوحيد الإبراهيمي) "اليهودية" و"النصرانية" ثم خاتمهما (موديرن!) العهد القديم (الإسلام الحنيف)، تحديداً بين عامي 1054 هـ (الموافق سنة 1644م) - 1077 هـ، القرن 17م، رواية صراع أتباع الديانتين، قمع سيَّما بعد ظهور "شبتاي زيفي" الذي ادعى أنه (المخلص!) لينتفض قومه انتفاضة مضرية شعبية شعبانية مغدورة بالبعثنازية!، الأمر الذي جرَّ عليهم تنكيلاً منظماً من قبل الحاكمين أمثال الإمام المتوكل إسماعيل بن القاسم بن محمد والإمام المهدي أحمد بن الحسن والإمام علي بن المؤيد. . والنفي الذي أورثنا المقولة الشهيرة: "لابد من بغداد، وإن طال السفر!"، وعلى رواية رديفة متواترة: "وإن طال بنا السفر يا ذكر!!".

وحرق المنازل وقتل الأرواح وزيادة الجزية وسواها. وفي مقابل عدو متبادل!. كان تاريخ آخر غير رسمي يجري من غير أن يوثقه أحد: تاريخ العلاقات الفردية بين أبناء الديانتين.

لرواية "العنصر العصري" صورة جانبية إذاً: تأريخ العلاقات الخاصة. سالم بن يوسف النقاش يعمل في تأطير النوافذ والأبواب بعد أخذه المهنة عن والده، يُستدرج لغرام "فاطم" ابنة مفتي البلدة التي يسكنها مسلمون ويهود تدعى "ريذة".

الغرام الذي استمر سرياً قيض له أن ينتهي زواجاً سرياً، هرب على أثره الزوجان من البلدة، وعاشا في بلدة (موسوية) لتخفي "فاطم" ديانتها.

بيد أن موتها أثناء وضعها جعل "سالم" يكشف سرها، الأمر الذي دفع أبناء ديانته إلى طرده مع وليده طفله في يومه الأول. يعهد سالم برضيعه إلى "صبا" (الموسوية) وزوجها علي اللذين هربا بعد زواجهما السري إثر انتحار "نشوة" شقيقة صبا و"قاسم" شقيق علي اللذين رفض الأهل زواجهما!.

كان أسعد والد نشوة وصبا موسوياً متعصباً مثلما كان المؤذن الحاج صالح والد قاسم وعلي متعصباً. لكن هذين المتعصبين اشتركا في قتل الساحر "شمعون" لظنهما أنه هو من سحر ولديهما المنتحرين. ولم يحاسب أحد القاتلين اللذين راحا يتباهيان بفعلتهما. إسقاط تاريخي على الواقع؟ ربتما!. أن طفل سليم يدعى سعيد تزوج حين كبر ابنة صبا وعلي وتدعى "فاطم" أيضاً. ثلاثة أجيال مختلطة، تبادل أبناء وبنات ديانات بعضهم بعضاً لتختلط أنسابهم وليشهر بدءً بالجدة "فاطم" التي ماتت باكراً والجد "سالم" الذي أسلم ليسلم، ليحمي طفله، ممتهناً صفة كاتب الإمام المتوكل رافق حملاته العسكرية التأديبية، مدوناً الحملات، مخلفاً كتاب " حوليات الموسوية اليمانية".

"العنصر العصري تعنى حصراً بالتاريخ الشخصي الهامشي المغفل والمسكوت عنه. في رصد هذا التاريخ الحي تطرح إشكالية تدوين التاريخ. . في جانبه المتخيل. بهذا المعنى تؤرخ الموسوي العصري صفح عنه المؤرخون.

رواية بنية عمودية. السرد لا ينمو بشكل أفقي إنما في مقطع طولي تصاعدي. لا يلتفت علي المقري في عمله هذا إلى رصد أساليب العيش وطرقه، لا يرينا أمكنة ومهناً ووسائل لهو واهتمامات ثقافية وأنواعَ مأكل وملبس إلا في حالات قليلة. إنه أي الراوي معني بكتابة حدث عشق سالم الموسوي وفاطم المسلمة. . لم يشكل الحدث الرئيس ذريعة القص حسب إنما سيطر على السرد. جعل السرد ديالوج ينمو داخلياً. في ذات المشاعر وليس الموضوعات، ليس في الآخر!. بنية شعرية تسللت إلى النص، منطق اختزال شعري تسرّب بين الربيب والحبيب خلسة خلف حجاب ملل ونحل . . "إن عذابها كان غراماً" (قرآن).

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com