إستقراءات في أحاديث النبي والإمام المعصوم بشأن حال الناس آخر الزمان

 

محمود الربيعي

mahmoudahmead802@hotmail.com

توطئة

إن فهم كل من حديثي النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الوارد في غيبة الطوسي، والإمام الصادق عليه السلام في روضة الكليني المتعلق كل منهما بأحوال الناس آخر الزمان يسلتزم إستقراءاً للنصوص وقراءة في السلوك الإجتماعي للناس آخر الزمان وفق رؤية إسلامية متمثلة بكلام النبي والإمام المعصوم ويشتمل على تصورهما وإخبارهما  بأوصاف الشرائح الإجتماعية التي تحكم أو تعيش في صفوف المجتمع آخر الزمان.

وسنعتمد في تحليلنا للخبر إعتماداً على تصورات أهل بيت العصمة الأئمة الأثني عشر عليهم السلام والرؤية الصادقة التي يتميزون بها في النظر لطبيعة المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها الناس آخر الزمان، وتحديد موعد واضح لنهاية عصور الظلم والطغيان والتي تنتهي بظهور المصلح الأكبر الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ولنبدأ بذكر أهم المقاصد والإستقراءات المتعلقة بحديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وكلام الإمام المعصوم عليه السلام.

 

 مجموعة المقاصد

أولاً:سلوك الناس آخر الزمان وفق رؤية إسلامية: ونقصد بذلك وصف الأوضاع الإجتماعية وسلوكيات الناس في العصور المتأخرة إعتماداً على ماروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام والتي أنبأت بالتغير الذي سيحصل للناس في سلوكهم وعقائدهم وماسيؤول إليه حال المسلمين آخر الزمان.

ثانياً: المجتمع الإنساني عصر الظهور في تصور الرسول والإمام: ونقصد بذلك إخبار كل من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإمام المعصوم عليه السلام بإعتباره الوربث الشرعي لعلوم النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن التغير الذي سيصيب الحالة الإجتماعية والسلوكية والعقائدية.

وبالنظر الى الرواية الصادرة عن النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي رواها الطوسي في غيبته، والرواية الصادرة عن الإمام الصادق عليه السلام التي رواها الكليني في روضته نجد أن هاتين الروايتين أشتملتا على ذكر جميع السلبيات التي من المتوقع أن تحدث في آخر الزمان، بينما لم تأتي هاتين الروايتين على ذكر أية أوجه إيجابية بالرغم من أنهما لوَّحَتا الى أمل قرب ظهور الإمام المهدي عليه السلام بعد تلك الفترة من الظلم والجور الذي يحكم العالم.

ثالثاً: وصف المجتمعات والأفراد في تصور الرسول والإمام:  عندما نتحدث عن وصف المجتمعات والأفراد وفقاً لمنظور الرؤية الإسلامية التي وصلت إلينا بحديث النبي والإمام المعصوم فإننا سنتكلم عن رؤيتهما للمستقبل وهما خاضعتان لإمتحان التحقق على أرض الواقع لنتبين مدى مصداقية تلك الروايات، ولو ألقينا نظرة للواقع الإجتماعي في العالم لوجدنا صدق تلك النبوءات التي تحقق القسم الأكبر منها.

رابعاً: أحوال الناس آخر الزمان في تصور أهل البيت المعصومين عليهم السلام: وسنتحدث عن التصور الذي طرحه الإمام المعصوم بإعتباره خليفة الله في الأرض، وسيتبين لنا أن علوم الإمام عليه السلام هي من جنس علوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على إعتبار أن الإمام الصادق عليه السلام هو جزء الثقل الأكبر من العترة الطاهرة التي تركها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد رحيله.

خامساً: الرؤية الدينية للمشاكل الاجتماعية المعاصرة وكيفية معالجتها: إن الرؤية الدينية للإسلام التي تحقق مجتمع أفضل هي تحريك المجتمع وفق الرؤية التشريعية التي تعتمد على تعاليم القرآن الكريم وعلى السنة النبوية المطهرة الشريفة، والتي تحتاج بالضرورة الى قيادة شرعية قادرة على تنفيذ تلك التشريعات داخل حدود الدولة الإسلامية التي ترعى شؤون الناس وحقوقهم على مختلف أديانهم ومشاربهم.

 

إستقراءات في أحاديث النبي والإمام المعصوم بشأن حال الناس آخر الزمان

وهي مجموعة الإستقراءات العامة لحديث كل من النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الإمام الصادق عليه السلام والمشتملان على الخطوط العامة التي تحدد هوية المجتمعات آخر الزمان وهي كالآتي:

أولاً: بالنظر الى جملة الأحاديث التي صدرت عن النبي الأكرم وأهل بيته الأكرمين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بخصوص وصف حالة الناس آخر الزمان وإعتماداً على روايتي كل من الشيخين الطوسي، والكليني والمرويتان عن كل من النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والإمام الصادق عليه السلام على الترتيب، فإننا نرى أن رؤيتهما عليهما السلام تنصب على ذكر الجوانب السلبية في حياة الناس دون أن يشار الى وجود إيجابيات تشير الى وجود فضائل إجتماعية في مضمون حديثيهما الشريفين، وهذا يتلاقى مع مفهوم أن الأرض ستمتلئ ظلماً وجوراً قبل ظهور الإمام المهدي المنتظر عليه السلام.

كما تنبئ هذه الأحاديث عن حدوث حالات كثيرة من الإنقلابات الجذرية في حياة الناس والتي تأخذ منحى سيئاً في قواعد السلوك والأخلاق بحيث ينقلب المعروف منكراً والمنكر معروفاً.

ثانياً: وفق المنظور العلمي للتأريخ فإن البشرية شهدت إنحداراً في القيم والأخلاق والعادات والسلوك، وإنقلاباً واضحاً في مفاهيم التربية والتعليم.

وإذا أخذنا حديث النبي والإمام الصادق عليهما السلام موقف النظر والتحليل لوجدنا أن كل تلك الإنقلابات والتحولات قد حدثت فعلاً، وأن القسم الآخر قد بدأ فعلاً بالحدوث على أرض الواقع.

ثالثاً:  تنبأ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله كما ورد في رواية الطوسي، وتأكد عن الإمام المعصوم عليه السلام برواية الكافي أن آخر الزمان سيلغي فيه الناس الإسلام عملياً وستعود الجاهلية بأوسع صورها ولن يبقى من الإسلام إلا إسمه، ولو تفحصنا المنحدر البياني لوجدنا صدق حديثهما الشريفين عليهما السلام من خلال مانراه من المخالفات الصريحة للإسلام.

رابعاً: لقد أكدت الأخبار حدوث كوارث طبيعية كثيرة في العصور المتأخرة للزمان كوقوع الزلازل والفيضانات وإنتشار الأوبئة والأمراض، وبينت تلك الأخبار مدى التأثير الذي تتركه تلك الكوارث في حياة الناس.

خامساً: كما أشير في الروايتين أيضاً الى بقاء فئة مؤمنة رغم المخاطر المحيطة بها من قبل السلطات، وكثرة ماتلاقيه من المتاعب في حياتها الإجتماعية.

سادساً: إن من أهم مايشير إليه حديث الإمام الصادق عليه السلام في الجزء الذي نتناوله هو إختفاء معالم الإسلام في آخر الزمان في مختلف بقاع العالم، وحتى في صفوف المسلمين، كما يشير الى إنتشار مظاهر الكفر والفسوق والعصيان والطغيان، ويكون من مظاهر ذلك تعطيل القرآن الكريم وتحريفه، وحدوث إنقلابات عقائدية في تفكير الناس، وظهورحالة إستعلاء، وإختلال في الموازين الأخلاقية بين الصغار والكبار، وإنتشار الفوضى الجنسية التي تظهر على أشكال من الممارسات الشاذة المتقاطعة مع الفطرة السليمة التي تعارفت على الشعوب وأقرتها الأديان، إضافة الى ظهور حالات من التفكك في العلاقات الإجتماعية مما يهدد بخطر إجتماعي لايمكن علاجه بسهولة. 

سابعاً: أشار الإمام الى أن بداية نهاية عصور الظلم والطغيان ستنتهي بعد تلك الإنحرافات، ويكون مؤشر ذلك الفرج حادثة الحرم المكي عند قتل نفس زكية طاهرة في محرم الحرام يخرج بعدها الإمام المهدي عليه السلام بعد 15 ليلة ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

 خاتمة

نتمنى أن نكون قد أوضحنا المراد من البحث الخاص بأحوال الناس آخر الزمان في الأخبار التي وردت في حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وكلام الإمام المعصوم عليه السلام ليتسنى للمؤمنين العمل في جو طاهر ينقذهم من ضلالة الكفر والفسوق والعصيان وأن يكونوا جنوداً أوفياء لإمامهم المهدي عليه السلام. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com