ملاحظات حول أداء المفوضية العليا (المستقلة) للانتخابات (هولندا نموذجا)

(حصيلة مشاهدات لثلاثة أيام للعرس الانتخابي المختوم بفاجعة الإقصاء)

 

سناء صالح /هولندا

sanaelgerawy@hotmail.com

لاأدري لماذا وصفت المفوضية بالمستقلة , فالشواهد والدلائل تؤكد عدم استقلاليتها ,  فمنذ اليوم الأول الذي أعلن فيه عن تشكيل المكتب في هولندا اختارت المفوضية إدارييها وبعض العاملين فيها (عدا قلة قليلة ) تحت جنح الظلام وبسرية وكتمان واعتمادا على القوى والأحزاب المتنفذة, يمكنك لمسها وليس على أساس تكافؤ الفرص ومنح أبناء الجالية من غير هذه القوى. الفرصة , ولعلنا اطلعنا على شكاوى بعض الأخوان ممن سبق  لهم العمل في الانتخابات السابقة   ولهم الأفضلية في التقديم حسب ماورد في إعلان المفوضية الذي استلمناه لاحقا .

جرت مقابلات في مدينة لاهاي قبل أن تعلن على الملأ, بل تمت عبر (الواسطة والمحسوبية ) فكيف تفسر المساهمة العائلية الواسعة بالعمل داخل المفوضية , أزواج , آباء وبنات ,أشقاء  كما أنهم لم يكونوا موفقين أحيانا في اختيار بعض الإداريين الذين ينبغي أن يكونوا فوق مستوى الشبهات في أداء مهام حساسة كهذه  ولا أريد أن أتجنى على من لاأعرفهم من الإداريين سوى أن أحد الوجوه المعروفة لي لايستحق أن يمارس مهمة كهذه لتاريخه الغير ناصع ولا أدري هل ثبت في سيرته الذاتية حينما تقدم للعمل في المكتب ممارسته لمهنة ( م...ه ) قبل أن يفتحها الله في وجهه ويصبح مناضلا في أحد الأحزاب (الكبرى). 

لما فاحت الرائحة وتسرب خبر( التوظيف ) اضطر مسؤولو المكتب الى تعميم طلبهم الى موظفين يعملون بعقد متطوع كمسجلين ومنظمي طوابير أو وقوف على الصندوق, حصول المتقدم على شهادة ترفق بالسيرة الذاتية  حينما قرأت الشروط وجدتها تصلح لأن يكون الراغب في العمل كنائب في البرلمان أو مديرا عاما وعمل بعقد طويل المدى  وليس موظفا يقف لينظم الطابور أو  يشرف على الصندوق أو حتى يدخل البيانات على الحاسوب  , وذرا للرماد في العيون دخلوا علينا ببدعة القرعة فجاءوا ببعض العاملين ممن ليس لهم علاقة بالأحزاب المتنفذة المؤثرة (يعدون على أصابع اليد) .  

حالي كحال الباقين من أبناء العراق الذين اضطروا الى الهجرة في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات ,تركت كل شيء ورائي عدا أشياء قليلة خبأتها في ثنايا ملابسي كأشياء ثمينة, هذا ماخرجت به من وطن كنت أعشقه

 وثائقي العراقية رافقتني وقاسمتني غربتي التي طالت وامتدت, شهادة الجنسية العراقية التي أكلت ورقتها السنوات فاصفرت, شهادة التخرج الجامعية , هوية نقابة المعلمين لعام 1978.

قبل أن أتوجه الى المركز الانتخابي في مدينة أوترخت الهولندية وضعت كنوزي هذه في مظروف  وفي صبيحة يوم الجمعة وقبل الساعة الثامنة بربع ساعة كنت أمام المبنى أو المركز الانتخابي,كنت إحدى المتطوعات كوكيلة لكيان لسياسي يدفعني الشعور بضرورة أداء الواجب ,  مابداخلي كان يؤشر الى قلق,الى شعور بأن ماسيتمخض ليس هو المطلوب وكان لي رأي وحدس فيما حدث فعلا بعد ذلك. 

حواجز وضعت وسرادق وبعض من رجال ونساء الشرطة الهولندية يبتسمون لك تشجيعا  ويردون على التحية بود والى جانب الشرطة كان يقف أحد موظفي المفوضية متجهما من ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه !! وقد قطب جبينه وعقد مابين حاجبيه(عبوسا قمطريرا ) ليعطي لنفسه أهمية ويضفي الى مظهره وقارا!! كيف لا وهو حارس البوابة المفضية الى قاعة (العرس الانتخابي ) ,ولم يكلف نفسه بأن يرد السلام بل أمرنا أن نقف في الطابور وحالنا حال الناخبين (فليس على رأس الوكيل أو المراقب ريشة) حسب وجهة نظره متجاهلا أن القانون يكفل لنا الحضور مبكرا للشهادة على أن الصناديق فارغة قبل تغلق في الساعة الثامنة صباحا بأقفال أربع أمام أعيننا .لتستقبل الناخبين . 

 حينما تدخل المكان (المركز الانتخابي ) الذي هو قاعدة عسكرية لوجستية وكانت قبل ذلك حظيرة أبقار , يدهمك البرد الشديد, أرض إسمنتية باردة..علما بأن المراكز الانتخابية في بقية البلدان كانت جميلة ومفروشة . 

هرج ومرج , توتر شديد, وجوه منقبضة كأنك مقبل على حرب ضروس  وليس عرسا كما يحلو لوسائل الأعلام أن تسميها, الإداريون يتراكضون يحملون ملفاتهم , المنادي من خلال الميكرفون يطلب من وكلاء الكيانات السياسية عدم التحرش بالناخبين, ضحكت من كل قلبي , وطلبت ممن أعرفهم من الناخبين ومن عائلتي  أن لايتحدثوا معي خوفا من أن أشرخ الصمت الإعلامي وأكلف كياني الذي أمثله مبلغا خياليا .

 تذبذب شديد في اتخاذ القرارات, خمس أو ست مرات  يتغير وضع المنصة التي يقف  أمامها الناخب ليدلي بصوته حسب أقوالهم (من مستلزمات الشفافية), ولاأدري أيهما أكثر شفافية أن يعطيك الناخب وجهه أم قفاه!! ولعل المخضرمات والمخضرمين والضالعين في هذا العلم في المفوضية العليا يستطيعون أن يبتوا هذا الأمر كالسيدة .....(المستقلة والمحايدة قلبا وقالبا ),

أوامر بغداد كل لحظة تتغير   فوضى شديدة في تحديد الهويات التي يمكن الاعتماد عليها في سجل الناخب فبين التشدد الى حد منع الناخب من أن يدلي بصوته لكون اسم المدينة  التي ينتسب إليها غير مذكور في هويته بل اسم قرية أو مدينة صغيرة  قد يجهلها المسجل أو إدارة المحطة, أوالتراخي التام الذي وصل الى حد الاعتراف ببطاقة الائتمان المصرفي أو التأمين الصحي  (وكل هذا يتم حسب توجيهات السادة أصحاب العلم والفهم في إدارة المفوضية في هولندا بناء على المكالمات مع بغداد حسب ماسمعناه) 

  عجائب وغرائب تراها ,وأحكام قرقوشية كمنع وكلاء الكيانات السياسية والمراقبين من دخول المرافق الصحية أو شراء الشاي أو القهوة (تم تجاوزها باحتجاجات ومطالبات). 

 نوعية المواد المستخدمة كالأقفال  السهلة الكسر,الأرقام , التي يمكن مسحها  بسهولة , نوع الحبر المستخدم (نوعين أحدهما يمكن إزالته بسرعة )مواد رديئة تجلب الشكوك الى محاولات للتلاعب. 

نظرة جفاء من العاملين بالإدارة الى المراقبين ووكلاء الكيانات السياسية .

ضرب للقوانين التي وضعوها بأنفسهم وعلقوها كملصقات كمنع استخدام

الكاميرات داخل المحطة عدا مصور المفوضية وقد حصل خروج على هذا بأن اشتعلت أضواء الكاميرات لالتقاط صور للسفير العراقي في هولندا وهو يؤدي واجبه الانتخابي كما اكتظت المحطة بالحماية الخاصة بسعادة السفير (المفروض أن يكون المكان آمنا للمواطنين وليس هناك ضرورة للحماية )  وتسلل بعض المتملقين ليحظوا بحديث معه.  

المراقبون ووكلاء الكيانات السياسية يتابعون بهمة عالية مهمتهم , يدونون أرقام الأقفال الخمسة   ويثبتون التالف والمستبعد وعدد الناخبين من الصباح وحتى إغلاق المركز وينبهون على كل صغيرة وكبيرة.ويقدمون الشكاوى  (وما أكثرها) حال حصول خروقات.  إنهم يؤدون واجبهم أمام وطنهم لضمان انتخابات نزيهة أيا كانت النتائج. 

طوابير الناخبين تنتظر لساعات رغم البرد الشديد ودون مراعاة للمرضى والمسنين ومن لديهم أطفال مما حدا بالكثير منهم ممن أصابه الإعياء أن يعود أدراجه محروما من ممارسة حقه الانتخابي . 

شباب يعرفون بالكاد بضع كلمات عربية جاءوا ليعلنوا عراقيتهم رغم أنهم مولودون في المنافي وليس لهم من العراق سوى سمرته وما في مخيلتهم غير أحاديث وحكا يا نسجتها أمهاتهم عن العائلة والبيت والنخلة ودجلة والفرات لترسخ في أذهانهم الانتماء لوطن اسمه العراق .

وهكذا وبعد كل ذلك الجهد وبجرة قلم تشطب أسماؤنا وتستبعد أصواتنا ليس لذنب جنيناه سوى أننا لم نملك وثائق عراقية جديدة (أم الفسفورة ) وثائق قد تكون منحت للأيراني أو لغيره بغير وجه حق لتحل أصواتهم  بديلا عن أصواتنا نحن -العراقيين -الذين تركنا الوطن مكرهين بالأمس , وتحول ظروفنا الراهنة أن نستخرج وثائقا لأسباب يعرفها ومر بها من في السلطة اليوم . 

دول اللجوء يوم قدمنا إليها طالبين اللجوء تأكدت من عراقية الكثير منا من لم  تكن له أدلة تثبت عراقيته,  من مفردات بسيطة لايعرفها غير العراقي العمبة والصمون , الباجة والجا الجنوبية , وأبو خليل. 

إن هذا التجاهل المتعمد لمشاعرنا الوطنية وطعن في عراقيتنا إنما يعيد الى الأذهان النظام المقبور بسلب عراقية الذين شملهم التهجير في السبعينات ومطلع الثمانينات من القرن الماضي . 

هامش : منذ أن استلمت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مهمة الأشراف على الانتخابات وإدارتها في عام 2006 والانتخابات الأخيرة ومنحة الموظف أو الراتب  الذي يعمل تعطى له باليد أي بعيدا عن أنظار الحكومات ومؤسسات الضرائب في البلدان التي تشكلت فيها مكاتب المفوضية ’ أي (بالأسود ) سؤالي الى المفوضية العليا لماذا الخروج على قوانين البلدان التي فتحت أبوابها لنا لتساعد على ترسيخ الديمقراطية أم أن الهدف هو نبيل لمساعدة أبناء الجالية ممن يتلقون المساعدة الاجتماعية من الدولة أم هناك سبب أخر لانعرفه. 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com