|
اسلاموفوبيا (الاساءات) ورؤى صراع الحضارات .. (2) هلال فخر الدين ثمة خيط رفيع يصل بين مايسمى بحرية التعبيروخلطها بقضية الاساءة الى الرموز الدينية فمنذ ان أصدر سليمان رشدى كتابه (ايات شيطانية) عام 1988 واكتسب طريق الشهرة الواسعة من جراء ما صدربحقه فتوى (القتل) للامام الخمينى ..والباب مفتوح على مصراعية او مرشح أمام جدل مستمر بين حرية التعبير والتأليف من جهة ورفض الاساءة الى الرموز الدينية من جهة اخرى.لكن الزوبعة الدينية التى اثارتها(ردة رشدى عن الاسلام) وما تبعها من تداعيات هدر دمه لم تكن بثقل الازمة التى خلفتها المشكلة عندما انتقلت الى طبقة المثقفين الى العامة عبر وسائل لاتخلوا من السخرية الرخيصة والهزل فى اكثر من مناسبة وضعت علامات استفهام عديدة إزاء حملة منظمةومنهجية تشويه رموز الدين الاسلامى إذ لم تواجه انتقادات رشدى بحد ذاتها باعتبارها مواقف مستشرقين تم تناولها فى السابق وإنما وضعت كمسلم ارتد بقذفه للنبى محمد(ص)عن الدين انفجرت الازمت الاعلامية الابرز عندما نشرت صحيفة (بلاندس بوستن)الدنماركية 12رسما كاريكاتوريا مسيئا للنبى(ص)عام 2006 وأعادت مجلة (ماجزينت) النرويجية نشرها مما ادى الى اندلاع مظاهرات غاضبة عمت العالم الاسلامى بالاضافة الى حملة مقاطعة للمنتوجات التجارية الدنماركية . وإن تمسكت جهات غربيةب(حقها فى التعبير بحرية) اوبمبدأ حرية التعبير من خلال الرسم الكاريكاتورى او الفيلم السينمائى فإن تطورالازمة وتصاعدها الى ماهو حملة منظمة تطال كل شيء لتصل الى حرب جعل من تشدقها بالحرية واحترام الاخروالتسامح وحتى عقلانية وموضوعية الغرب ضربا من ذر الرماد او العبث وقد اصبحت السخرية (لعبة فيديو)او هاتافا جماهيريا معاديا كالذى صدح به جمهور فريق (نيوكاسل يونايتد) الانجليزى المعلروف بشراسته ضد اللاعب المصرى(ميدو) واتهامه بانه يحمل قنبلة اى انه بكلمة اخرى (إرهابى) او قضية مأساة المحجبة (مروة الشربينى) فى المانيا بطعنها بسكين وفى عقرالعدالة ودارالقضاء لاشد ماوصل اليه التحريض وما وصل اليه التطرف من الاستهانة بكل الحقوق المدنية .هذه الكراهية التى انتقلت من صفحات الجرائد وصور الكاريكاتورالى حناجر الغوغاء تجعل على سبيل المثال المجتمعات المسلمة فى الغرب عرضة للهجوم والاعتداء ووفقالمرصد(إسلاموفوبيا)فى منظمة المؤتمرالاسلامى والذي يتابع الانتهاكات التى تجرى ضد الاسلام والمسلمين فإن مايقارب من العشرين اعتداء تعرضت له مساجد فى دول غربية مختلفة ويؤشرلتنامى ظاهرة خطيرة او نارتحت الرماد والرقم كان مجرد وغيض من فيض .لكن المرصد نجح فى كبح جماح شركة مولى-إندستريا الايطالية من استمرار المسألة الى حدودها القصوى فى تخصيص لعبة (بلاى ستيشن) لمعركة حتى الموت بين النبى محمد(ص) وعيس بن مريم (ع) وشكلت استجابة الشركة(مولى –إندستريا) لاحتجاج منظمة المؤتمر الاسلامى على لعبة فيديومسيئة للانبياء انعكاسا عمليا للقدرة على التغيير بعد أن سحبت الشركة الايطالية اللعبة من شبكة الانترنيت وكان مرصد (إلاسلاموفوبيا) قد اصدر بيانا قال فيه ان (اللعبة لاتخدم اى هدف سوى التحريض على التعصب وعدم التسامح) فان وتائر التصعيد لازالت قائمة لغياب الحوار الواضح والصريح والشفاف بعيدا القاءات الاستعراضية او الندوات البرتكولية او حوار الطرشان وان القضية تاخذا بعدا تسويقا تجاريا ربحيا ففى بداية الالفية الثالثة طرح المفكرالامريكى الراحل(صمؤيل هنتنجتون)مقولته الشهيرة (صراع الحضارات) حيث كان يبدو الموضوع فكريا فى الاطار الذى طرحه لكن توقيت اطلاق الفكرة بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين الكبيرين امريكا والاتحاد السوفيتى اضفى على تلك الفكرة أبعادا سياسية .وما رافقها من اراء فرنسيس فوكوياما من تحذيرات للغرب من وجود الاقليلت الاسلامية على اراضيهم . نقلت الاهرام العربي العدد 573 السنة الحادية عشرة ص12 مقابلة مع فرنسيس فوكوياما المفكر الامريكي صاحب كتاب (نهاية التاريخ) فقد سئل ماحقيقة تحذيرك الغرب من وجود المسلمين في الدول الاوربية ودعوتك الى طردهم ؟ فاجاب قائلا:الامر لم يكن على هذا النحو فالعديد من الدول الغربية عانت من مشكلات دمج المسلمين في مجتمعاتهم لعدة اسباب معقدة العديد من الاوربيين لديهم فكرة ان الاندماج في مجتمعاتهم وهويتهم وقوميتهم ليس سهلا للاجانب او الوافدين الى بلدانهم وفي هذا المعنى هناك مشكلة عند الطرفين وانا لم ادع الى طرد المسلمين ابدا ولكنى اعتقد انه اذا اراد احد ان ينضم طوعا الى مجتمع معين فانه يجب عليه ان يندمج في هذا المجتمع وفي اوربا الذي يجمع الشعب ليس الدين بل هو الوطن والقيم ولذلك قلت ان عليهم ان يتاقلموا ويندمجوا في المجتمع والسؤال الثاني كان :فيما يتعلق بالارهاب لقد اضحت هذه المفردة مرادفة للاسلام في الغرب فما رأيك انت في هذا الربط بينهما مع ملاحظة ان مادلين اولبرايت اكدت ان الاسلام ليس الارهاب ؟ فاجاب قائلا:أنا اؤكد ماقالته أولبرايت ولا اجد ان ثمة مقومات حقيقية بمقدورها ان تربط الاسلام ووقائع الحادي عشر من سبتمبر كما روجت دوائرالمحافظين الجدد الذين استغلوا اسم الاسلام ليبرروا مشروعاتهم وبرامجهم تجاه المنطقة.. وهنا نؤكد ان الحقيقة الثابتة ان المجتمعات الانسانية كافة صاغت (حضارة إنسانية واحدة صبت فيها شعوب وامم واقاليم الدنيا على طول التاريخ افضل ما توصلت له من رقى وتقدم من غيراحتكاراى احد منها لها اوانغلاقهوا عليها ونعنى به ان المجتمعات الانسانية كل منها حيث هى أنتجت ثقافةحوت مجمل خبراتها ومعارفها وفنونها ثم ان ما كان صالحا مقبولا ونافعا من هذه الثقافة انتقل منها الى غيرها اى منالبلدان الى الاقاليم ومن اقاليم الى الدنيا المفتوحة وان واقع الاعتداء على المقدسات الاسلامية التى تجاهلها العرب وراحوا يبحثون عن أهداف سهلة رخيصة مثل الثورة على مؤلف ايات شيطانية التى زادت صاحبها شهرة كذلك جرالامرمع(الرسوم الدنماركية) وفى المحصلة فاننا نساعد على تحويل تناغم الاختلاف الى تشنجات خطيرة يعزف عليها المتطرفون وايصالها لاجواء العداء و تحويل الصراعات السياسية الى حروب هويات حضارية تخرج غاضبة منسحبة من شراكة التقدم الانسانى الجامع الشامل مع اى استفزاز يتحول بالاثارة الى فتنة ويتحول بالفتنة الى حرب بالحرب الى قطيعة ويتحول بالقطيعة الى حصار للذات .. وهذا يستدعى منا وقفة واعية لتبديد الشبهات القديمة والاهام المتطرفة الطاغية على الساحة حاليا وكذلك التحرك السريع الفعال وفق منطق التعقل والاعتدال والاليات الحضارية للدفاع عن حقوقننا المشروعة او رفع الظلامات واجواء الاضطهاد عنى عبر مؤسسات المجتمع الدنى ووسائل الحوار البناء والقاءات مع المفكرين واصحاب القرار ومع المؤسسات المعنية المؤثرة والاهتمام بمراكز الاعلام العالمية عبر ايضاح كثيرا من الاشكالت وتبديد الاوهام وبالخصوص اذا قام بهذا الدور رجال الفكر واصحاب الاقلام فى الغرب علما بان اخر الدواء الكى وذلك من خلال الوسائل القانونية وحمل الحقوق إلى أروقة المؤسسات الدولية والرسمية والقانونية وإثباتها بأدلة ووثائق، وانتزاعها عبر القانون ومن خلال ضغوط تلك المؤسسات وليس عبر ضجات ردود الفعل او هتافات التظاهرات الجوفاء وصيحات الغوغاء التى تضاعف من انطباعت الغرب عنا بالسذاجة والتخلف.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |