|
ألاعتراف بإبادة ألأرمن تأشيرة دخول تركيا للإتحاد الأوربي ..
طفا على السطح خبر تصويت الكونغرس الأمريكي ضد عمليات إبادة الأرمن التي حصلت من قبل الدولة العثمانية في حينه وقتل فيها الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، حدث مضى عليه قرن من الزمان ليطفو على السطح فجأة وتتحدث الولايات المتحدة بشأنه ويصوت عليه !! في ظل وجود العديد من الملفات الهامة الأخرى التي تشغل العالم كظاهر ألإرهاب العالمي المتفشي وخاصة من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة، وألازمه الاقتصادية العالمية والكوارث الطبيعية التي تضرب مناطق مختلفة من أصقاع الأرض محدثة أزمات حقيقية بين الفينة والأخرى . لعل بعد تصويت الكونغرس الأمريكي ضد مجزرة الأرمن وإدانتها أعقبها تصويت الدولة السويدية وبرلمانها ضد المجزرة أيضا، الدولة التركية التي تتمتع بعلاقات قوية تجارية وسياحية مع جميع الدول الأوربية من ضمنها السويد والتي هي جزء من عملية رسم سياسة الاتحاد الأوربي ووضع الخطط والحلول واتخاذ القرارات بشأن المشاكل التي تشهدها الساحة الأوربية والعالمية، وقد نشهد التحاق دول أوربية أخرى تلحق السويد في الشأن نفسه كالنرويج وألمانيا وبلجيكا والدا نمارك . السؤال هنا لماذا هذا التوقيت في طرح مشكلة (إبادة الأرمن ) وما تأثير ذلك على المشهد السياسي في المنطقة؟ في وقت نددت تركيا بذلك من خلال تصريحات السيدين أوردوغان، وعبد الله غول بتصويت الكونغرس الأمريكي والبرلمان السويدي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة واستدعاء سفراء تلك الدول لتلوح أزمة سياسية أخرى في ألأفق القريب وهل المنطقة بحاجة إلى أزمة جديدة ؟ أم نحن بصدد تغيير حقيقي جذري نحو آفاق الحضارة والتقدم وبناء الإنسان ؟ يتناقض توقيت مسالة بحث مسألة إبادة الأرمن مع توقيت إعلان مدينة استانبول عاصمة للثقافة الأوربية، وهي سابقة لم تعهدها دول الاتحاد الأوربي طوال تاريخها، في أن تتخذ مدينة عاصمة للثقافة تقع خارج حدود وخارطة الاتحاد الأوربي، فما السر في هاذين التوقيتين وما هو الهدف في كل هذا السجال ؟ من المهم القول هنا أن تركيا دولة أصبح لها دور فعال في رسم سياسات المنطقة واتخاذ القرارات، في وقت كانت كل من إيران والسعودية قاب قوسين أو أدنى من لعب وتبني هذا الدور، ولكن تشنج وتعنت الحكومة الإيرانية بقيادة ولي الفقيه، في مسائل عدة بدأ من الملف النووي الذي بدأت الدول تفكر جديا في عزل إيران بسبب عدم رضوخها لإرادة المجتمع الدولي وقوانين مجلس الأمن، كذلك حال دون لعب إيران لذلك الدور هي أزمة الانتخابات الإيرانية وتداعياتها جعل دور إيران يبدأ بالانحسار، وتأخذ الدولة السعودية هذا الدور( ولو مؤقتا ) في ظل عدم تغافل المجتمع الدولي عن سياسات أمراء السعودية وملفات حقوق الإنسان التي تشهد تدهورا خطيرا تساهم تركيا في تكريس جزء من ذلك الدور، وبذلك فهي تقترف خطأ فادحا . لعل من المهم القول أن الدولة التركية شهدت تطورا ملحوظا من حيث تحسين مستوى دخل الفرد التركي، والإشادة بتجربتها العلمانية التي برأيي بدأت بالتراجع، لتولي حكومة شبه إسلامية بدأت تتخبط في التعامل مع الأزمات في الشرق الأوسط واتخاذ القرارات الصائبة بشأنها، بدأ من قضية فلسطين التي كما يبدو باتت تركيا توليها أهمية اكبر، ودخلت في شراكة سياسية وتناغم خطابها السياسي مع دول عربية في الضغط على دولة إسرائيل بغية الرضوخ والتنازل في بعض القضايا من قبيل إيقاف بناء بعض المستوطنات وموضوعة القدس وانتهاكات حقوق الإنسان ( حسب ما يراه الساسة الأتراك من حزب العدالة والتنمية)، يتراءى لي أن العامل ألتأريخي والموروث القديم والدافع الديني، يدفع الساسة ألأتراك بهذا الاتجاه وليس شيئا آخر غيره، وهذا ما تؤكده المظاهرات التي خرج بها الآلاف في مدن تركية حرقوا فيها العلم الإسرائيلي ورفع الشعارات الحماسية (نسبة لحماس) وهتفوا بإسقاط إسرائيل، وهذا يؤكد مدى تأثير الخطاب السياسي الديني في نفوس هؤلاء المتظاهرين لتصبح قضية القدس وفلسطين عامة، تجارة مربحة لقادة حماس والذين ملئت جيوبهم (على حساب غالبية الشعب الفلسطيني الذي يتحمل جزءا كبيرا من تلك المعاناة طالما هتف لهذه الحركات الإسلامية المتطرفة) من قبل قادة الدول الإسلامية الدكتاتورية، وقد دخلت تركيا ذلك المستنقع. لعل المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة تشاركها دول الاتحاد الأوربي، تحاول تطبيق سياسة الشد والجذب واختبار تركيا في ذلك، من خلال ممارسة الضغط على صانعي القرار, في ما يعتبره الساسة الأتراك خطا احمرا لا يمكن المساس به وهو طرح مسألة إبادة الأرمن والاعتراف بذلك، في الوقت نفسه هناك خطوات تم اتخاذها من قبل دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة تصب في مصلحة الدولة التركية تتمثل في الضغط على بعض الجماعات التي تنتمي إلى حزب العمال الكردي، الذي يصنف كمنظمة إرهابية وتجلى ذلك في غلق إحدى القنوات الفضائية التي تؤيد نشاطات الحزب الإرهابية، وقد اتضح ذلك من خلال أعمال العنف الهمجية التي مورست في العاصمة بروكسل من قبل المتظاهرين الكوورد، بعيد مبادرة الحكومة البلجيكية ( مقر البرلمان الأوربي وعاصمته) . القرار الذي اتخذته دولة بلجيكا لم يأتي من فراغ في ظل وجود وتنامي نشاط المنظمات الإرهابية الكووردية داخل الدول الأوربية وتنامي دورها في دعم عمليات عدم الاستقرار في كل من العراق وتركيا عبر تمويل وتجنيد مسلحين لرفد المقاتلين في كلتا الدولتين، وتم اعتقال عدد منهم في كل من ايطاليا وبعض الدول الأخرى، في وقت رحبت تركيا بقرار غلق القناة والضغوط الأوربية التي تمارس بغية كبح جماح هذه المنظمات الإرهابية . إذا الموضوع كله هو اختبار حقيقي لتركيا في وقت شهدت الساحة التركية أزمة بين بعض قيادات العسكر والحكومة تمثلت في اعتقال عدد من الضباط الكبار على خلفية مخططات تستهدف الإطاحة بالحكومة الحالية وإرباك الوضع الداخلي التركي . على ساسة الدولة التركية التنازل عن غرورهم في مسألة عدم الاعتراف بجرائم إبادة الأرمن، ولعل القاصي والداني بات يدرك ما وقع من أحداث في حقبة حكم الدولة العثمانية، وعلى تركيا الابتعاد عن أعطاء دور أكبر لدول عربية وغير عربية لها باع واليد الطويلة في دعم وتغذية ظاهرة التطرف والإرهاب العالميين، ومجال انتهاكات حقوق الإنسان، كالسعودية وسوريا وإيران، ولعل الأيام القليلة القادمة ستشهد مزيدا من الضغوطات من قبل دول أخرى على تركيا وسنشهد آجلا أم عاجلا فتح ملفات ضد الدولة السعودية ( ملف حقوق الإنسان والحريات الدينية وحرية الإعلام والصحافة وحقوق المرأة ) راعية التطرف ومصدرة الإرهاب العالمي في العراق خاصة والعالم أجمع . إذا من الضروري أن يستغل الساسة الأتراك هذه الفرصة لو أدركوا أهميتها، وبانتظار الرد التركي الأخير بعيدا التشنج والتعصب لحقبة تاريخية ولت شهدت فظائع وجرائم، وانجازات جبارة نقرها في الوقت نفسه، ومن ثم الظفر ونيل تأشيرة الدخول الرسمية إلى دول الاتحاد الأوربي .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |