العراق قبل انتخابات 2010 .. مشاهدات مؤلمة (2)

 

قرطبة الظاهر

 iraq4iraqis@googlegroups.com

إستغلال الامية والتصفيات والمرأة العراقية :

الاميّة في العراق في تنام حيث وصل مستواها في بغداد إلى اكثر من مليونيّ أُميّ حسب إحصائيات وزارة التخطيط الاخيرة التي اعلنت عنها بكل فخر واعتزاز! بلا شك ، كان هذا أحد اهم الانجازات التي حققتها حكومة الوحدة الوطنية في العراق من اجل التحكم في عقول الناس والضحك عليهم في هذه الانتخابات.

 فكيف للاميّ أنْ ينتخب؟ في أحد مراكز الاقتراع يسأل رجلٌ أميٌّ أحدَ المواطنين: عمّي منو انتخب وشلون؟ ما كاد هذا المواطن أن يفتح فمه وإلا بموظف مركز الاقتراع يجرّهُ من يده قائلا: تعال عمو اني اعلمك منو تنتخب! ما يقارب الستة ملايين من المواطنين العراقيين هو تعداد نفوس بغداد وثلث هذا العدد لا يجيدُ القراءة والكتابة..يا للكارثة! المسبب الاول في الامية هي السياسات الخاطئة للانظمة التي حكمت العراق قبل وبعد 2003 واهتمام الاحزاب بعد عملية تحرير واحتلال العراق في التاسع من نيسان عام 2003 بنهب مقدرات الدولة وإهمالها تماما وتنفيذ الاجندات الخارجية اكثر من تنفيذ مشاريع وطنية بأخلاص وتفان تعيد للدولة هيبتها وسيادتها وتبني مجتمع جديد ذي ثقافة عالية وقيم اخلاقية رصينة. لقد كان للاحزاب التي أتت مع قوات التحالف في 2003 دورٌ كبيرٌ في تدمير المجتمع العراقي فكريا وحضاريا وحصره في بوتقة دينية طائفية عقائدية خالصة. إذ اعتمدت الاحزاب الدينية على تعميق الطابع الطائفي في المجتمع العراقي من خلال الترويج للتقاليد والشعائر والمناسبات الدينية كدعاية انتخابية تارة وكوسيلة للوصول إلى السلطة تارة اخرى ومن خلال عمل مليشياتهم ومنظماتهم المسلحة واجهزتهم الاستخباراتية القمعية إستطاعوا ان يتغلبوا على الفكر الحر وان يقمعوا العلم والمعرفة ويقضوا على الكفاءات والعقول العلمية ليجعلوا من العراق دولة طفيلية متخلفة معتمدة كليا على ما تمليه عليها دول الجوار ذات الانظمة الشمولية..

خلال فترة الاربعينية الحسينية إغتنمتْ بعضُ الاحزاب الدينية الفرصة الثمينة لتوزيع كارتات مرشحيهم الانتخابية ورفع صور ولافتات لقياديهم. ناهيك عن إقامة المواكب الفاخرة وتوزيع شتى انواع المأكولات والملابس وكان ذلك خارج نطاق الحملة الانتخابية وخارج قواعد السلوك الانتخابي!

أما الاحزاب الصغيرة فكانوا لها بالمرصاد: تسلمنا رسائل تهديد بالقتل عبر الهاتف النقال من مأجوري الاحزاب الكبيرة وقد تم تصفية بعض الزملاء من القائمة العراقية ومن قوائم اخرى في عدة محافظات بكاتمات الصوت. إضطررتُ لتغيير مكان إقامتي لاكثر من مرة والتي كانت خارج المنطقة الخضراء وأقفلتُ جهازي النقال واتلفتُ شريحة التلفون. أعتبرت إقامتي في بغداد جزءاً من جهاد دام خارجه لأكثر من 31 عاما ضد إجتثاثي وأخي ووالديَّ وضدَّ الدكتاتورية ومصادرة الحريات والكلمة والحق. نعمْ، أنا في معركة وقد تنتهي هذه المعركة بتصفيتي الجسدية لكني سأموت بفخر فوق أرضي لأني قدمت إليها من اجل الخير والاصلاح ومن اجل مساعدة الضعفاء والفقراء ومسلوبي الحقوق والارادة..لم تهمني نتيجة الانتخابات اكثر من كسبي لقلوب الجماهير وقربي منهم وقد كان هذا هدفي الاول. لم أملكْ من المال شيئاً أستطيعُ أنْ أقدّمه للمحتاجين لكنَّ خطتي كانت ( كمُرشّحة عن أحرار) أن أوصلَ أصواتهم وشكاواهم وهمومم إلى المسؤولين وإلى الاعلام المحلي والدولي وأنْ أبلغ الجهات المسؤولة عن معاناتهم كي نصل إلى نتيجة ترضيهم. لم أشتر صوتا واحدا لاني اعتبر أن كرامة الانسان وقيمته لا تقدر بثمن بطانية او بضعة نقود أو ثلاجة او تلفزيون ملون او مسدس يقدم لشيخ عشيرة او حتى ملابس داخلية!

أكبرهمومي كانت المرأة العراقية. فهي من عانت وضحّتْ بالغالي والنفيس وقاومت البؤس والفقر ولازالت تقاوم الحياة العصيبة واللعينة في مجتمع يسوده الطابع العشائري الرجولي التعسّفي. أحسُّ بغبنها كما أحسُّ بظلمي وأشعرُ بمأساتها كما أشعرُ بمأساتي أنا. ادركت باني عندما اساعدها فإنما أساعدُ نفسي وكلما حملتُ شيئاً من أعبائها إنتصرتُ في رسم إبتسامة فرح على وجنتيها التي عصفت بها كوارث هذه السنين..

 أكثر من خمسين إمرأة لم يستلمن رواتبهن من دائرة الشؤون الاجتماعية واكثرهن فقدن ازواجهن في الحرب الطائفية المقيتة في احدى القرى التابعة لقضاء التاجي..بعض من ابنائهن اصيب بالعوق وبحاجة ماسة إلى كرسي للمعاقين. توجّهتُ إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للتحري عن مصير رواتب هؤلاء النسوة وإذا بي أستنتج من حديثي مع أحد كبار مسؤولي هذه الوزارة بان رواتبهن ذهبت إلى جيوب الموظفين الفاسدين في هذه المؤسسة! سالته بغضب: ماذا تفعلون ضد هؤلاء المجرمين؟ فأجابني: أني خائف على حياتي ولا استطيع ان افعل شيئا لان مديري تمت تصفيته في باب الوزارة! لكنه أشرَّ على قائمة النساء التي ناولته اياها ووعدني بمساعدتهن وتوفير المال لهن..بقيت مع هذا الموظف النبيل الجليل على إتصال من اجل متابعة مصير النساء حتى هذا اليوم .. شكري وتقديري للسيد المفتش العام..

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com