الدكتور صاحب الحكيم نموذج للمناضل المظلوم في العراق العجيب؟

 

داوود البصري

yasirammar50@yahoo.co.uk

خلال فترة النضال الشعبي الجارفة في العراق لمقاومة النظام البعثي الصدامي البائد برزت بطولات وتميز رجال أشداء قاوموا الفاشية والطغيان في أصعب الظروف وأعقد الأوضاع، وتميزوا بشجاعتهم في المواجهة العلنية والصبر على المكاره وتحمل مختلف المخاطر من أجل أهدافهم الوطنية والإنسانية التحررية والراقية ولم يعمدوا أبدا لإخفاء أسمائهم وعناوينهم خلف أسماء مستعارة وحركية وعناوين وهمية خوفا على حياتهم كما فعل أهل الأحزاب الطائفية والقومية على حد سواء الذين تمرغوا في الوحل حتى رقابهم في خدمة مخابرات نظامي طهران ودمشق، ثم عادوا بفعل الأحذية الأمريكية الثقيلة وتحت حمايتها ليكونوا حكاما ويضفوا القدسية على شخوصهم التعبانة ويتذرعون ببطولات وهمية لم تحدث أبدا بدليل أسمائهم المستعارة التي كانوا بها يتحركون، وإذا كان تاريخ النضال الشعبي العراقي الطويل قد خلد جمهرة من المناضلين العراقيين فإن في طليعة هؤلاء يقف منتصبا بشموخ الأستاذ الدكتور عبد الصاحب الحكيم الذي دخل معترك النضال التحرري العراقي من بوابته الإنسانية عبر العمل والكفاح في منظمات حقوق الإنسان الدولية وحيث أعطى من دمه وماله وأعصابه عطاءا لا ينضب وقدم مساعدات إنسانية وقانونية هائلة لكل المهاجرين والمناضلين العراقيين في الخارج فكان يعمل في منظمته ( حقوق الإنسان في العراق ) من العاصمة البريطانية لندن بتجرد وحماس وطني رائع لا يعترف بالطائفية ولا التحاصصية ولا العصبية والعشائرية بل كان يقف مواقف إنسانية راقية ومشهودة ويزود قوافل اللاجئين والمحرومين من العراقيين بكتب التأييد والمساندة ويتفرغ لفضح ممارسات النظام العراقي السابق العدوانية وجرائمه البشعة ضد الإنسانية دون ناصر ولا معين من أي من الأحزاب العراقية التعبانة التي كانت تعتمد في نصرة عناصرها على رسائل التاييد والمساندة التي كان الدكتور صاحب الحكيم يقدمها كأدلة وقرائن لدعم طلبات اللجوء، ولا أحسب أن عراقيا في الخارج لم تنله بركات وأعطيات الدكتور الحكيم والذي له من إسمه نصيب حقيقي، لقد كان ولا زال كدأبه الأول حكيما وشجاعا في مقاومة الفاشية المنقرضة وهويواجه سفيرها في منظمة حقوق الإنسان الدولية في جنيف (المشنوق برزان التكريتي) مواجهة علنية شجاعة في وقت كان فيه أبطال الحكومة العراقية الحالية يخفون وجوههم وعناوينهم ويتعوذون شرا ويتطيرون خوفا من مقاربة حافات سلطة الموت السابقة وليس مواجهتها كما يفعل صاحب الحكيم دون خوف ولا وجل بل عرى الطغاة وفضحهم في أرفع المحافل الدولية والقانونية و( بهذلهم ) أمام العالمين، وبعد التغيير كنت أتوقع شخصيا أن يسند منصب وزير حقوق الإنسان في الحكومة العراقية وهومنصب مستحدث للسيد الدكتور عبد الصاحب الحكيم الذي نظم وقاد أكبر وأشهر إعتصام في ميدان الطرف الأعر في العاصمة البريطانية إمتد لسنوات حتى سقوط النظام فإذا بذلك المناضل الإنساني الشرس يبعد عن أي منصب ومسؤولية ويتسلق المرتزقة والوصولية والإنتهازية سلالم السلطة الجديدة ويتحول المنافق السابق لمناضل حالي ويكون الجلاد السابق رسولا للإنسانية الجديدة في العراق، فيما يتعملق جبناء الأيام الماضية ليكونوا أبطالا للمرحلة المريضة الراهنة، وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد فهوأمر معروف أن يكون نصيب المناضلين الإقصاء وهي حالات حدثت في جميع ثورات الشعوب ولكن الأمر إمتد ليمنع عن الدكتور الحكيم حتى حق إسترداد منزله في مدينة النجف العراقية الذي صادره النظام السابق وحوله لمركز أمني ولم تبادر سلطة (العمائم) والمستضعفين الجديدة لإعطاء كل ذي حق حقه وإعادة الأمور لنصابها بل أن المناضل الذي ساعد في توفير المأوى لألاف مؤلفة من اللاجئين العراقيين في المنفى تحول اليوم للاجيء في مدينته الأم وفي وطنه المبتلى بحكامه وهمومه، شخصيا لا يمكن أن أنسى فضل الدكتور عبد الصاحب الحكيم علي حينما كنت محتاجا لخدماته من أجل قبول لجوئي في النرويج قبل سنوات، فقد وقف بجانبي وأيدني رغم أنه لا يعرفني شخصيا وقدم كل ما يستطيع من أجل نصرة أبناء بلده بل قدم دمه وهويقف عاريا يواجه أعتى وأشرس الطغاة والفاشيين المدعومين من الغرب والشرق وقتذاك، إنه لشرف عظيم لأي حكومة عراقية أن يكون عبد الصاحب الحكيم في صفوفها فهوالعراقي الأصيل المتسامي على الصراعات الطائفية والشخصية، وهوالمناضل الصلب الذي تفرغ لمداواة الجراح الإنسانية وهوالذي لا يمكن أن يخضع للطغاة ويتنازل عن كرامته، فمن يدافع عن الحقوق المستلبة لمن وفر البسمة والأمان لآلاف العراقيين، في معاناة الدكتور عبد الصاحب الحكيم تختزل المأساة العراقية، فلا قيمة للسيف عند جبانه، ولا للرأي عند عديمه.. وقد كان الدكتور عبد الصاحب الحكيم رجلا شجاعا في زمن حفل بالجبناء الذين تحولوا للأسف لأرقام صعبة!! وذلك لا يحدث إلا في العراق.. حيث للشقاق والنفاق تاريخ وأي تاريخ..؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com