سيناريوهات المناصب السيادية وشبكة العنكبوت

 

محمود المفرجي

almifarji55@yahoo.com

يبقى منصب رئيس الوزراء هو النقطة المضيئة التي تصبو اليها انضار كل اللاعبين السياسيين، بخلاف منصب رئيس الجمهورية الذي فيما يبدو يتجه للتحالف الكردستاني وبالتحديد لجلال طالباني الرئيس الحالي.

فالتحالف الكردستاني يعرف حجمه جيدا، ويعي انه طرف مكمل للائتلافات الكبيرة لتشكيل الحكومة، لهذا فان طموحه يقف الى هذا الحد . وباعتقادي ان منصب رئيس الجمهورية بالنسبة للتحالف الكردستاني ليس غاية المنتهى، بخلاف كل الكتل الكبيرة (العربية) التي فازت في الانتخابات، فالتحالف الكردستاني لديه مطالب يعتبرها استراتيجية ومصيرية، اهمها ما تسمى المناطق المتنازع عليها، وتثبيت امتيازات لقوات البيشمركة، وحسم المسائل العالقة فيما يخص الثروات الوطنية وحصة الاقليم منها. اما منصب رئيس الجمهورية بالنسبة لهم هو لاثبات الذات والوجود كقوة مشاركة بالعملية السياسية.

لكن هذا المنصب يمكن ان يذهب الى جهة اخرى مثلا للقائمة العراقية وبالتحديد لنائب الرئيس طارق الهاشمي الذي لم يخفي رغبته بتسنم هذا المنصب، لاسباب منطقية على اساس ان العراق بلد عربي ومن الضروري ان يتسنم المنصب شخص عربي. وان يكن الدستور العراقي اشترط على المتصدي لهذا المنصب من ابوين عراقيين ولم يشر الى القومية.

لكن الاسباب التي طرحها الهاشمي كشفت عن الخلل الدستوري في هذا الامر، فليس من المعقول ان يشترط الدستور ان يكون الرئيس من ابوين عراقيين وبنفس الوقت يؤكد انه بلد عربي . ومن ينكر انه خلل دستوري فلماذا طرحت هذه المشكلة وان تكن قد انتهت كما اشار علاوي. فكان على المتصدين لكتابة الدستور ان يخلقوا جوا منسجما مع المادة الخاصة بهذا الامر ومع الطبيعة العربية، التي فيما يبدوا تنظر للقومية على انها مسألة اساسية مقدسة وتتعامل معها بكل حساسية.

لكن لو ذهبت رئاسة الجمهورية الى القائمة العراقية وبالتحديد الى الهاشمي، فان منصب رئيس الوزراء سيكون صعب المنال بالنسبة لهم، وفق العرف السياسي الذي ثبت في طريقة تسنم المناصب الرئاسية، وخاصة ان الكتلتين الكبيرتين الاخرتين المتمثلتين بائتلاف دولة القانون وبالائتلاف الوطني العراقي صبتا جل اهتماماتهما نحو رئاسة الوزراء.

اما دولة القانون فهي الكتلة السباقة باعلان مرشحها رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، بنفس الوقت فان الائتلاف الوطني يطمح لهذا المنصب، ولكن لمرشحين كثر اهمهم احمد الجلبي وعادل عبد المهدي وابراهيم الجعفري وباقر الزبيدي، وفصي السهيل، وبهذه الحالة من الصعوبة ان ينال الائتلاف الوطني هذا المنصب لاسيما ان التسريبات الاعلامية تشير الى ان الائتلاف الوطني غير متفق اساسا على الشخصية المرشحة.

اذن على الائتلاف الوطني ان يخطوا خطوتين لا ثالث لهما للوصول الى منصب رئاسة الوزراء، اولهما هو التحالف مع دولة القانون او العراقية، وثانيهما خلق اجماع على شخصية واحدة مرشحة.

اما الخطوة الثانية فيمكن ان تحصل، اما الاولى من الصعب تحقيقها على اساس ان النقطة الخلافية بين الائتلافين هو الفيتو الذي يلوح به الائتلاف الوطني بوجه تجديد ولاية المالكي، فضلا هم كونه هو السبب الرئيس الذي وقف حائلا لتشكيل (التحالف الشيعي الكبير)، بالمقابل هناك اصرار قوي جدا من ائتلاف دولة القانون على تجديد ولاية المالكي.

واما القائمة العراقية فان فوزها في الانتخابات يدعم مطالبتها بقوة بهذا المنصب، ولا اعتقد انها ستتنازل عن هذا المنصب حالها حال ائتلاف دولة القانون. وبهذا اصبحت مسألة الاتفاق على منصب رئيس الوزراء بين الائتلافين كشبكة العنكبوت التي يصعب حلها.

لكن هذا الامر يمكن ان يكون سهلا لو تخلى ائتلاف دولة القانون عن هذا المنصب، على ان يحصل على رئاسة الجمهورية، هذا لو سلمنا ان رئاسة الجمهورية هو من طموح دولة القانون . واذا وافق ائتلاف دولة القانون فعليه ان يتخلى عن تحالفه الذي فيما يبدو قريب مع التحالف الكردستاني.

اما سيناريو تحالف القائمة العراقية مع ائتلاف دولة القانون مستبعد بالمرة، لاختلاف الرؤى والمنهجية في طريقة تعامل الائتلافين مع الملفاة السياسية المهمة ومنها الملف الامني وملف العلاقات الخارجية.

وهناك سيناريو اخر كأن تطرح اسماء جديدة لتسنم رئاسة الوزراء، مثلا ان يطرح دولة القانون حيدر العبادي او علي الاديب، والعراقية اسامة النجيفي الذي كان الشخص الثالث على مستوى العراق بعدد التأييد له واصبح في مصاف الشخصيات الكبيرة التي تحضى بالتأييد حاله حال المالكي وعلاوي والهاشمي، وان يتفق الائتلاف الوطني على مرشح واحد والاقرب هو عادل عبد المهدي. فهذا يمكن ان يمكن ان يرجح عادل عبد المهدي لهذا المنصب لامرين.

اولهما - من خلال التلميحات التي ابداها الائتلاف الوطني فانه رافض ان يكون منصب رئاسة الوزراء لشخصية من حزب الدعوة .

ثانيهما - التحالف الكردستاني من الاكيد سيضع /فيتو/ على اسامة النجيفي المدافع الشرس عن (عربية) المناطق المتنازع عليها .

وبهذا لن يبقى الا عادل عبد المهدي الذي حسب ما اظن انه مقبول لجميع الاطراف ويحضى بعلاقات طيبة مع الجميع.

ولكن هذا الخيار يمكن ان ينهار تماما لو قامتا العراقية ودولة القانون بخطوة مفاجئة بالتحالف على تسمية النجيفي رئيسا للوزراء والمالكي رئيسا للجمهورية، وان يكن نستبعد هذا، وان يحصل الائتلاف الوطني على رئاسة مجلس النواب.

وبهذا فان القائمتين لن يحتاجا طرفا اخر للتحالف معهما وسيكونان كافيين لتشكيل الحكومة المقبلة التي نتمنى ان تشكيل بسرعة.

هذه مجموعة افكار قد تكون في غاية التواضع، وهي توقعات قد لا تلقى اي صحة لها على ارض الواقع، وقد يتحقق قسم منها.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com