|
موسكو وديالى، ايدولوجيا ألإرهاب واحدة
محمود غازي سعد الدين/ بلجيـكا حدث تفجير إرهابي دامي في مدينة ديالى العراقية عشية إعلان نتائج الانتخابات العراقية، أوقع عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، وأحدثت تخريبا واسعا . تشابه هذا الحدث الإرهابي مع ما وقع من أحداث إرهابية في العاصمة موسكو والتفجيران اللذان استهدفا محطات قطارات الأنفاق (المترو) التي يستخدمها أللملايين كواسطة للتنقل، وأوقعت عددا مقاربا من لضحايا المحافظة العراقية، الدلائل الأولية تشير إلى قيام انتحاريتين إرهابيتين بتنفيذ عمليات مترو الأنفاق، وتتجه أصابع الاتهام إلى الجماعات الإسلامية في القوقاز والمقاتلين الشيشانين تحديدا بتدبير العمليات . هنا لابد من الخوض قليلا في الأحداث الجارية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وتحديدا في الشيشان، والتي يعاني الأهالي فيها الأمرين ووقوعهم تحت مطرقة الجماعات الإسلامية الجهادية المتطرفة وسندان الجيش الروسي الذي يتبع سياسة الأرض المحروقة في عملياته العسكرية، لعل الكثير منا يتذكر القائد ألشيشاني (جوهر دوداييف) الذي قتل على يد الجيش الروسي في عملية مخابراتية دقيقة بصاروخ موجه استهدف محل تواجده، ولابد من التعليق على الحركة التي قادها بداية الأمر لنيل الاستقلال في جمهورية الشيشان، ومن ثم سيطرته على الجمهورية بكاملها وتعاطف معه معظم الشعب ألشيشاني واستطيع القول أن الثورة الشيشانية كسبت في حينه نوعا من التعاطف الدولي وتحركت المنظمات الدولية والإنسانية تدين ما يقوم به الجيش الروسي من انتهاكات وقصف عشوائي للمدن، ونستطيع القول أن الولايات المتحدة بدأت بالتحرك حينها لدعم الفصائل الشيشانية عن طريق وسائل الإعلام وبعض المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، وطالبت روسيا بإيقاف الجرائم التي تقع في الجمهورية الروسية، والبدء بمفاوضات والتوصل إلى حلول سلمية بين الطرفين . لعله في حينه لم نسمع كثيرا عندما قاد جوهر دوداييف الحركة الانفصالية الشيشانية عن عمليات إرهابية قامت بها فصائله المسلحة، مثل ما تشهده الجمهورية ذاتها حاليا من عمليات دنيئة إرهابية، كالتي حدثت مؤخرا في موسكو وجمهوريات القوقاز ومجزرة بيس لان الإرهابية التي احتجز فيها العشرات من النساء والأطفال عراة كما ولدتهم أمهاتهم، في صالة المسرح لعدة أيام دون مأكل ومشرب، وتفخيخ المسرح بغية تفجيره في حال اقتحامه، حتى وصل الأمر إلى قيام البعض من المحتجزين لشرب بولهم، وما آل أليه اقتحام القوات الخاصة الروسية الغير مبرمج والهمجي بتسريب الغاز المخدر إلى داخل الصالة والذي أدى بدوره إلى هلاك المئات من المحتجزين وتسمم العديد الآخر . هذه ليست نشرة إخبارية نسلط فيه الضوء على الأحداث في حينه وما يجري حديثا، بقدر ما نحن سنسلط الضوء على انقلاب ايدولوجيا هذه الجماعات الانفصالية 180 درجة وباتت تنتهج أساليب خبيثة وإرهابية في صراعها المسلح، وباتت تنحى منحى الجماعات المتطرفة الإسلامية في العراق وباكستان والهند والولايات المتحدة ( متمثلة بأحداث 11 سبتمبر الإرهابية ) . كانت بداية الحركة الانفصالية الشيشانية مشجعة وقاب قوسين أو أدنى من كسب دعم دولي وشعبي في حركتهم المسلحة، الحالة نفسها بداية كانت مع حركة المجاهدين الأفغان في قتالهم مع القوات الروسية إبان سيطرتها على المدن الأفغانية كافة في الثمانينات، كنا صغارا أو يافعين تحديدا عندما كنا نسمع من يتحدثون في حينه عن عمليات الفصائل الأفغانية ضد الجيش الروسي كسبت نوعا من التعاطف الشعبي والسياسي المحدود، حتى وصل الأمر أن الولايات المتحدة ساندت حركات المسلحين الأفغان في حينه على أقل تقدير من الناحية الإعلامية، في ظل وجود الصراع الأزلي بين القطبين الديمقراطي والدكتاتوري وليس كما يصوره الكثيرون انه صراع توازن ومصالح ونفوذ فقط . لعل هذا ألإعلام الأمريكي عمل دورا كبيرا في تكريس التعاطف مع حركة المجاهدين وما يؤكد كلامي هذا هو ظهور فيلم الممثل الأميركي والذي أعجبنا به جميعا من المشرق إلى المغرب ( سيل فستر ستا لون) الذي تظهر أحداثه معاناة الشعب الأفغاني، ومشاركته المجاهدين في عملياتهم ضد القوات الروسية، هذا الفيلم بحد ذاته لعب دورا معنويا هاما في كسب المجاهدين لذلك التعاطف كله . القطب الموجب المتمثل بالولايات المتحدة التي تسعى لتكريس الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان في العالم تشاركها قوى ديمقراطية أخرى عديدة، والقطب السالب متمثلا بروسيا أو جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق تطابقت توجهاتها ورؤاها السياسية الآن مع دول دكتاتورية كالصين وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا ودول عربية مثل سوريا والسعودية والعراق في عهد المقبور صدام حسين، وبحسب وجهة نظري المتواضعة، ستنضم روسيا شئت أم أبت إلى المعسكر الديمقراطي في ظل وجود تغييرات وحركة ديمقراطية دءوبة تشهدها خارطة بعض الجمهوريات الروسية نحو التغييرالديمقراطي الحقيقي . سؤال يطرح نفسه هنا، وهو ما الذي حدا بأن تنقلب أجندة الحركات الأفغانية والشيشانية 180 درجة بالضد من الولايات المتحدة وتنقلب أعمالهم المسلحة إلى عمليات إرهابية وتأخذ هذا المنحى، واستفحال هذا العداء ضد المعسكر الديمقراطي عموما في حين كانت هذه الدول كلها تقف بشكل أو بآخر ضد سياسة الحكومات الروسية في مسألة التعاطي مع الملف الشيشاني خصوصا، واحتضنت دول أوربية عدة عددا كبيرا منهم كلاجئين، أفغانا وشيشان ؟ الجواب يأتي أن مساعي الولايات المتحدة والقوى الديمقراطية المشاركة معها ليست أكذوبة أو محض خيال، بل بالعكس فالأحداث على الأرض تثبت التزام المجتمع الدولي في التزاماته في دعم البرنامج الديمقراطي عموما، مثالها التجربتان الحديثتان في العراق وأفغانستان . هذا التحول في ايدولوجيا الفصائل الأفغانية بالضد من الولايات المتحدة بعد سيطرتها وانسحاب القوات الروسية عام 1989 لم يأت من فراغ دفعت به أطراف ودول عديدة, وبدأ مسلسل التناحر الطويل بين تلك الفصائل، لسنا بصدد التطرق لها، وما آل من سيطرة حركة طالبان المتطرفة على زمام الأمور . هذه الايدولوجيا حركتها بالطبع ألآلة والتمويل السعودي الوهابي الضخم الخفي في دعم بعض الفصائل ألأفغانية، وبمشاركة باكستانية قوية ( حركة طالبان بدأت أول ما بدأت بمسلسلها الإجرامي الطائفي بذبح آلاف الشيعة من ضمنهم سبعة أعضاء السفارة الإيرانية في مدينة مزار الشريف، ومن ثم بدأ التدخل الإيراني بدعم حزب الوحدة الشيعي، وقيامه بمجازر أيضا في بعض المدن الأفغانية ) . الحقيقة التي يجب ان تقال أن أمراء آل سعود يخشون قيام نظام ديمقراطي حقيقي في أفغانستان أو العراق، ويجب الإشارة هنا أن حينها لم تعترف أي قوى دولية بنظام طالبان سوى دولة السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنصلت مؤخرا ولو قليلا عن ظاهرة دعم الحركات المتطرفة الإسلامية في ظل وجود حركة اقتصادية وشركات عالمية عديدة ومعاهدات واتفاقيات تجارية (أمريكية وبريطانية ويابانية ودول غربية أخرى تقوم بتسيير دفة الاقتصاد الإماراتي ) . لعل ما يثبت ذلك الآن على ألأرض هو تحالف الدول الديمقراطية ( قوى حلف الناتو) كافة لدعم الحكومة الأفغانية الجديدة وإيقاف المد الطالباني (السعودي) الذي بدأ الآن بالتحرك على الساحة الباكستانية وبقوة . الحال ينطبق على الفصائل الشيشانية فقد انقلبت أجندة وايدولوجيا هذه الحركة الانفصالية بالضد من سياسة الدول الديمقراطية على رأسها الولايات المتحدة، وأصبح شكل التمرد يأخذ منحا جنونيا وإرهابيا خطيرا بتغلغل جماعات إسلامية مدعومة سعوديا من أمثال المقبور ابن الخطاب السعودي الجنسية ومن مواليد مدينة عرعر القريبة من العراق، وأبو بكر عقيدة، المصري الجنسية، بكالوريوس هندسة ( مهندس العمليات الإرهابية من مواليد صعيد مصر, الذي فضل عمله الإرهابي بدلا من التفرغ وتوفير السكن لملايين الصعايدة وإخوته المصريين الذين يلتحفون السماء ويفترشون ألأرض ويسكنون المقابر )، وآخرون يقودون الفصائل الإرهابية الشيشانية، قادوا سلسلة من العمليات الإرهابية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي وخارجها . ألزرقاوي الإرهابي الذي كان يقاتل بجانب زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن ضد القوات الروسية انقلب فجأة وجاء مغادرا أفغانستان ليحط رحاله في جبال كردستان ويقوم بتشكيل فصائل إرهابية في جبالها لوقف ما سماه المقبور ( لعنة الله عليه ) بالمد الصليبي في أشارة إلى حرب تحرير العراق من براثن الحكم ألبعثي الشمولي، نعم ترك ساحة (جهاده المنافق) الرئيسية وتحرك بالري موت كونترول الوهابي السعودي نحو الإقليم الكردي، وكلنا يتذكر صواريخ الحسين والعباس (كروز) المباركة التي انطلقت من البوارج الأمريكية، التي شقت طريقها من البحر الأحمر ودكت وزلزلت الأرض تحت أقدام هؤلاء الهمج الرعاع في حواضنهم في جبال كردستان ( شمال العراق) . لا زالت هناك العديد من الحركات المتطرفة الإسلامية العلنية في شمال العراق كالحركة الإسلامية الكردية وتنظيمات أنصار السنة وأنصار الاسلام، وزعيمها ملا كري كار( القابع تحت الإقامة الجبرية في دولة النرويج) وكتائب كردستان تقوم بأنشطتها الخبيثة في العراق وخارجه . لقد بدأت الدول الديمقراطية تعي خطورة الدكتاتورية والمد المتطرف الوهابي ( هنا لابد من المهم القول أن دولة إيران بقيادة فقيها، لا تلعب دور الدولة الراعية لحقوق الشيعة كما يضن البعض، بل بالعكس فقد تطابقت توجهاتها كلها بالضد كليا من عملية تحرير العراق وتطابقت مع توجهات وأجندات الحركات الإرهابية والدول المتطرفة الدكتاتورية كسوريا والسعودية وفنزويلا .... ) . لقد صدق حدسي بأنه لابد من أن تنقلب الأمور على أمراء الإرهاب وإذنابهم في مقالي الاعتراف بإبادة الأرمن تأشيرة دخول تركيا للاتحاد الأوربي، ( فالأنظمة الدكتاتورية هي في ألأصل مفرخة للإرهاب الإسلامي سواء كان في إقليم أو دولة )، فقد شن ( آلان شوييه ) المدير العام السابق لجهاز المخابرات الفرنسي هجوما عنيفا على النظام السعودي ( آل سعود تحديدا ) في ندوة كان يحاضر فيها، شارك فيها أمين عام حلف شمال الأطلسي السيد خافير سولانا وعدة خبراء أمنيين وسياسيين من دول أوربية والولايات المتحدة . من المهم القول أن شكل مكافحة هذه الجماعات الإرهابية يفرق بين دولة وأخرى، فها هي السعودية ما برحت بين الفينة والأخرى تدعي أنها قضت على مجموعة تنتمي لتنظيم القاعدة الإرهابي في الرياض وجدة، في مسرحيات باتت مكشوفة ومفضوحة فجميع أعضاء المجموعة يقعون قتلى أثناء الاشتباكات بينهم وقوى الأمن السعودية والذين تمردوا على أمراء آل سعود لا سبب آخر، وفي حال وقوع البعض منهم في أيدي هذه السلطات هناك تعتيم إعلامي كبير على مجريات التحقيق وقد تجري صفقة سرية (أو زواجا عرفيا ) بين المعتقل الإرهابي وسلطات آل سعود وفقهائهم بان يتحول نشاطهم المسلح ( أو بالأحرى ما يسموه جهادا ) إلى خارج نطاق الدولة وسلطات الأمير، ودعم حركات الجهاد المتطرفة في العراق والشيشان وأفغانستان (وحتى أوربا وهذا ما يلاحظ لدى نشر أي خطاب متلفز أو إذاعي من قبل زعماء الإرهاب فالتهديد يشمل الدول الأوربية) . امتدت نشاطاتهم حتى وصل إفريقيا، الذي بات المرعى السهل والخصب لتغذية الإرهاب و دعم حركات أصولية هناك من قبل آل سعود بالنظر لتوفر الظروف لذلك . شكل المكافحة هذا يأخذ المنحى نفسه في روسيا مع الجماعات الإرهابية تلك ولا شفافية حقيقية في التحقيقات وهذا ما أكده الرئيس الروسي ( ميدفيديف) انه سلطاته وحدها كافية للقضاء على الجماعات الإرهابية ودون تدخل وأية مشاركة خارجية فعالة من دول ديمقراطية !! أذا فصراع معسكر الديمقراطية والحداثة والإنسانية مستمر ضد معسكر القوى الدكتاتورية ومن يروج لنظرية المؤامرة بأوسع أشكالها ونشر ثقافة الإرهاب، ولكن المهم القول ختاما أن ايدولوجيا ألإرهاب واحدة لا فرق بين ما حدث في موسكو أمس وما حدث أول أمس على سبيل المثال في محافظة ديالى مدينة البرتقال العراقية، فالايدولوجيا واحدة .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |