ذاكرة جمهورية الإرهاب

محسن ظافرغريب
algharib@kabelfoon.nl

جمهورية الإرهاب، إرهاب بقوّة دولة الأوغاد في لا نظام بغداد، الإختلال المُفضي بداهة لعبث البعث العدمي، مطية الناصرية وحصان طروادة الإحتلال، بدء باستحداث منصب رئاسة (جمهورية الخوف) المشوب بالتخاذل وخيانة مناقبية المجتمع العراقي الأصيل، الممسوخ بمثالب التفكير الوافد من دولة المسخ الوحدوي الناصرية التي ولدت كأي مسخ ليتعذب ويُعذب، وصولا لتنصيب المتسبب بمجزرة العائلة الملكية، أول مدشن لمنصب رئاسة نكبة العراق في 8 شباط الأسود 1963م "عبدالسلام عارف"، الذي راح ضحية شر أعماله على أيدي رفقة السوء الناصريين و البعثيين، حثالات وفلول وأذناب الأجنبي الطامع، ليرث شقيقه الأكبر (عبدالرحمن)، منصب رئاسة جمهورية الخوف المحفوف بالإرهاب والخيانة والإرتباط بالأجنبي، في قصر (الأخوين عارف)، المخترق بفعل من جنس بنيانه المتداعي مثل كيان كارتوني بأيدي وكيل الإحتلال القائم.

بين ربيع بغداد 1963م وربيع بغداد 2010م، حيث وعيد رفاق "علاوي" القادم من خلفية بعثية، بإرهاب يرتد إلى أيام "ذي قار" التي تجاذبتها قوى جوار السوء الجاهلية وأحزاب الخراب الفاشلة لتكون معقلا لتيار (التوابين) المأجورين الأجراء وميليشيا تنتحل مسمى (الأحرار) بكل ما تعنيه من حمولة تاريخية يمكمن العودة إليها في مظانه، لا تخطأ عين الدربة والدراية ملامح مرجعيتها.جيل شب مع حرائق منصب رئاسة دولة الإرهاب المتدلية تحت الإحتلال، منصب سيء السيرة والسمعة والصيت.

مظاهر إرهاب دولة في المجتمع؛ الشارع ومقعد الدرس والعمل والبيت الأوهن من بيوت العنكبوت، فاقد الصلاحية ليكون لبنة مجتمع سوي!.الكاتب السياسي طلال شاكر الذي كتب مقالا عن معسكرات الموت في "بسماية" جنوبي بغداد، ذهب إلى أنّ إشكالية المجتمع العراقي، تاريخية نشأت في ظرف ملتبس واستمرت، المسؤول عن شيوع مفاهيم العنف هو الظلم والاستبداد وتضارب الثقافات والموروثات في العراق، إذ لم تتح لهذا الوطن فرصة هدوء واستقرار ، ويفتقد إلى مفهوم دولة المؤسسات ، بل تحكم البلد سلطة تصادر مفهوم الدولة

كتاب "جُمان كبة" (يحوي مقدمة و 6 فصول وخاتمة ويقع في 279 صفحة): "شاهد عيان (ذكريات الحياة في عراق صدام)"/ لغة الأصل: إنجليزيةترجمة "معينة نايف الغنام" للعربية، صادر في الولايات المتحدة عام 2003م عن دار الوراق للنشر - لندن والفرات للتوزيع – بيروت:
جُمان طفلة عمرها 8 سنوات ثم صبية عمرها 14 ربيعا تعيش مأساة عائلتها في ذاكرة ثلاثة عقود من الزمن الرديء لعائلة مثقفة من فئة متوسطة، الأب مهندس والأم معلمة من بغداد والموصل، لهما 3 بنات و 3 ذكور. تعبث عودة البعث إثر إنقلاب عارف الأول في 18 تشرين الثاني 1963م على مطاياه البعثيين في مؤامرة قصر الأخوين عارف صيف 1968م بعد نصف عقد من زمن الفرار الأول، تعبث تلك الردة العودة الخيانية المشبوهة؛ فالمكشوفة عند فرار نيسان 2003م الثاني لدولة الإرهاب ومنصب رئاسة النكبة غير المحترم، تعبث بلبنة المجتمع المدني: الأسرة، لعسكرة ولأسلمة سياسية منافقة قائمة، تهدد نسيج أثري لمجنمع موبوء بانفلونزا معدية غير حميدة، ولو كانت ظاهرة صحية؛ لسميناها ديمقراطية يخافها جوار السوء الإقليمي!.

الصحافي الناشط في "مؤسسة الذاكرة العراقية" (خالد سليمان) من السليمانية يشير الى أن هناك إرثا ثقافيا وسياسيا وسلطويا واجتماعيا لممارسة العنف في العراق، وهذا الإرث ليس موروثا جيني، فالعراقي لو عاش في أوروبا مثلا سينسى العنف ويتحول إلى إنسان مسالم. وكشف سليمان عن حقيقة أن وثائق مؤسسة الذاكرة العراقية أشارت في أكثر من مكان إلى أن أجهزة النظام السابق كانت تجبر المعتقلين والضحايا على تبني ثقافة العنف. وذهب خالد سليمان إلى أن العنف لا يمكن أن يكون موروثا بعثي، بل هو موروث عراقي، لكنه أشار إلى أن حزب البعث سلك سلوك الحزب النازي في ألمانيا ، وغياب الدولة عن العراق في زمن صدام وفي المرحلة التي أعقبته هو السبب في استمرار ثقافة القسوة عكس ما جرى في ألمانيا عقب سقوط النازية حيث قومت الدولة النمط الاجتماعي السائد، وثقافتنا بقيت منغلقة لا تريد الخروج إلى العالم الخارجي.

الصحافي "سيف الخياط" من محل باريس أشار إلى أن الإنسان وليد بيئته ولا يمكن وصف مظاهر العنف بأنها حالة جينية، فالظروف والثقافة هي التي تصنع سلوك الناس في التجمعات الإنسانية، ومبينا أن كتّابا عراقيين منهم طه باقر وكنعان مكية وسلام عبود تناولوا موضوع ثقافة العنف، وكشفوا عن حقيقة قيام النخبة من المثقفين في عهد لانظام سبق بتسويق العنف وترويج لثقافته وإضفاء الشرعية عليه وهذا برأيه طامة كبرى. ويؤكد (سيف الخياط) أن العنف في العراق هو حالة من الانتقام، وان العنف موجود في المجتمعات المستقرة والمرفهة، لكنها تمثل حالات شاذة لا يصح القياس عليها ، وهناك من يتابع ويلاحق هذه الحالات للحد منها. أما في العراق فلا يوجد من يتابع هذه الحالات، واعتقد أن محاولات جلد الذات لها علاقة في مجتمعنا بالدين، والدين الإسلامي في مجتمعنا يسوق على انه حالة جهاد أكثر مما هو حالة سلام وتسامي روحي ، ويتم ذلك لخدمة الحاكم. دان (سيف الخياط) التعامل من مبدأ "خاطبوا الناس على قدر عقولهم، والصحافي الذي نبذ قلمه واعتد بالحذاء لا يفهم غير هذه اللغة، وقد استخدمت جملة من لغته لأتحاور معه"!.

الكاتب "طلال شاكر" لفت الأنظار إلى دور العائلة مبينا ان الصورة ليست بهذه القتامة، فهناك عراقيون يحبون السلام والقيم النبيلة والأخلاق السامية ، وأبناء الأسر المسالمة التي تتعامل بالتسامح والمحبة ينشأون محبين للتسامح، والابن الذي تهدر كرامته ، ينشأ غير مباليا بالكرامة ولا يحترم حقوق الآخرين. وأكد (طلال شاكر) أن القلم هو سلاح النخبة واللجوء إلى غيره لا مبرر له، وأشار إلى أن التطرف والتعصب وسم المجتمع العراقي ، والشيوعيون مارسوها وهم قريبون من السلطة في خمسينات وستينات القرن الماضي، فيما مارسها البعثيون بشكل شمولي وواسع ،و الفرد العراقي هو نتاج إسقاط تأريخي ، فهو لا يتدرج في حل مشاكله بل يلجأ إلى أقوى الأسلحة منذ البداية.

الصحافي "خالد سعيد" تحدث عن خصوصيات المجتمع العراقي الكردي في الإقليم مبينا تأثره بمحيطه العربي والإيراني والتركي، وهو يتسم بالعنف الاجتماعي والأسري أسوة بجواره، والطفل الكردي الذي نشأ في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، دأب على متابعة التلفزيون الرسمي وإذاعات المعارضة الكردية آنذاك وهذا ساهم في تكوين وعيه وطبعه بالعنف، لكن يمكن القول أن ظاهرة العنف قلت في الإقليم، لكنها لم تنته.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com