|
نهاية التأريخ المادي وبداية التأريخ الروحي في رؤية وتصورالإمام المعصوم .. 2
محمود الربيعي توطئة للحديث عن المرحلة التأريخية لعصر الظهور ومقدماته الموضوعية لابد لنا من أن نلقي نظرة على نِسَب أهل الأديان الرئيسية، فحسب ماأظهرته الإحصاءات فإن المسيحيين يتصدرون المرتبة الأولى في عددهم ويليهم المسلمون ثم البوذيون فاليهود وسنبيّن ذلك بشكل مختصر، علماً بأننا ذكرنا أرقاماً تفصيلية لكل دولة تطرقنا الى ذكرها في الحلقات التي تناولت أصحاب الإمام المهدي عليه السلام أو الحلقات التي تناولنا فيها ذكر مواقع الحركة جغرافياً للشخصيات المهمة التي تشكل الحركة الميدانية لحالة العصر. فمن الويكيبيديا: وحسب إحصائية عام 2008، تعدّ المسيحية من أكثر الديانات شيوعًا وأتباعها يربون على الملياري مسيحي، ويلي المسيحية في الترتيب إستنادًا على عدد أتباع الإسلام بما يزيد على 1.3 مليار مسلم، ويلي الإسلام الهندوسية بأتباع يقاربون المليار هندوسي، ويقدر عدد معتنقي الديانة اليهودية بين 13.2الى 15.4 مليون يهودي. ظاهرة النفاق ويتبين من خلال كلام الإمام المعصوم عليه السلام طغيان حالة النفاق في كافة المجتمعات الإنسانية للدول، وضعف المسلمين في مختلف المجالات على وجه العموم ومنها السياسية والإقتصادية والعلمية، علماً بأن النفاق هو غصن شجرة الأخلاق السيئة الذي يرتبط بالكذب والخيانة والتنصل من الوعود والعهود، ولاعجب من وجود التناقضات في مختلف دول العالم على تنوعها الديني والمذهبي. ففي الوقت الذي تتبنّى هذه الدول العمل بلائحة حقوق الإنسان وتدعي العمل من أجل الحرية والعدالة وإحترام العقائد والأديان لكنها في الواقع تسحق تلك الحقوق والحريات بأقدامها وبأجهزتها المختلفة، ولاريب في وضوح الأمر من خلال ماترتكب من الأعمال والجرائم المختلفة. تعطيل دَور العبادة في حياة الناس أن أخطر ماقامت به الدول هو تعطيل دور العبادة عن أداء دورها الفعال في حفظ سلوك الإنسان، حينما لجأت الى محاربة الأديان وأقصائها عن إداء دورها في التعريف بالعقيدة والمنهج الذي يقوم على بناء الضمير وإحترام الحقوق والذي لانجد له صورة صادقة إلاّ من خلال تعاليم الأديان وخصوصاً الإسلام لا لأنه الدين االذي يدين به المسلمون لكنه الدين الذي ختم الله به جميع الأديان. ظاهرة الربا وفي الرواية التي نحن بصدد مناقشتها يتضمن كلام الإمام عليه السلام الحديث عن ظاهرة الربا في معاملات الناس، وقد أخترنا جزءأً مهما من بحث المحاسب القانوني الأخ العزيز الأستاذ فلاح حسن شفيع لبيان مفهوم الربا والإكتناز إثراءاً لهذا الموضوع المهم الذي يشكل ركناً أساسياً في المذهب الإقتصادي الإسلامي. مفهوم الربا والاكتناز " وجهة نظر اقتصادية لعلة تحريمهما في الشريعة الاسلامية... ؟ " المحاسب القانوني – فلاح حسن شفيع \ لندن في 26 – 6 – 2008 ان تحريم المشرع الاسلامي للربا يعتبر من العناوين الاقتصادية الاساسية في الشريعة الاسلامية في كيفية ادارة العمليات الاقتصادية والمالية في المجتمع . يرجع سبب او علة تحريم الشريعة الاسلامية لتجارة النقد للعيوب والمخاطر الكبيرة الناتجة من الاستخدام المنحرف لوظائف النقود لغير الغرض الذي اريد له ( ص 66 ). ان التركيز الوارد في الايات القرانية في تحريم النشاط الربوي هو اشارة مهمة وتنبه شديد لمخاطر هذا النشاط على مجمل الانشطة الاقتصادية والدور السلبي بحصول الخلل بين العرض والطلب في السوق المحلية والعالمية ، وتوسيع تاثيره ليشمل منظومة الاعراف والقيم والمفاهيم الاجتماعية ونمط السلوكيات الاخلاقية السائدة في المجتمع . فعلة تحريم الفائدة الربوية كونها تمثل نتيجة لممارسة النشاط الربوي ، فالمعالجة يجب ان تنصب على النشاط الربوي بالذات وايجاد البديل له ، ان البديل الذي اقترحته الشريعة الاسلامية هو البيع حيث حرم الله الربا وحلل البيع ( ص 67 ) نفس المصدر. ان القيادة المثالية التي بشرت بها الشريعة الاسلامية سوف تحصل مهما طال الزمان لانها تعتبر من مصاديق الرسالة الاسلامية بموجبها يتحقق وجود المجتمع النموذجي الذي اراده الله لخليفته في الارض ، وهي تمثل احدى الغايات الاساسية لهذا الوجود . وقد اشار كثير من الفلاسفة والمفكريين في مختلف العصور التاريخية الى هذا المجتمع وحددوا له مواصفات واسس طبقا لمناهجهم الفكرية ( ص 82 ) نفس المصدر. مقدمة الحلقة وفيها تفصيل لما ورد في كلام الإمام المعصوم عن أحوال الناس آخر الزمان: إن أهم مظاهر آخر الزمان هو النفاق الإجتماعي ومظاهر الثناء بحيث تصبح مواقع الناس بحسب مايملكون من المال، في الوقت الذي يصرف المال على وجه غير شرعي، ويُتَعامَلُ به على شكل ربا، وتداعي العلاقات الإجتماعية بين الجيران، والعزلة المفروضة على المؤمنين بسبب كراهية الناس لهم، وإظهار الفرح بالفساد كشرب الخمر علانية وممارسة الجنس بكل أشكاله المحرمة كوظيفة من الوظائف يؤخذ عليها الأجور في الوقت الذي تعطل فيه بيوت الله. جزء المقدمة التأريخية ( 2 ) ورأيت الثناء قد كثر ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى عنه ولا يؤخذ على يديه ورأيت الناظر يتعوذ بالله ما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع ورأيت الكافر فرحا لما يرى من المؤمن مرحا لما يرى في الأرض من الفساد ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عز وجل ورأيت الأمر بالمعروف ذليلا ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محمودا ورأيت صاحبي الآثار* يحتقرون ويحتقر من يحبهم ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشر مسلوكا ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله ورأيت الرجال يتسمنون للرجال والنساء للنساء ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال ورأيت التأنيث في ولد العباس قد أظهروا الخضاب وامتشطوا كما تمشط المرأة لزوجها وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم وتنوفس في الرجل وتغير عليه الرجال وكان صاحب المال أعز من المؤمن وكان الربا ظاهرا لا يعير. وتفصيل ذلك يتضح من خلال تقسيم هذا الجزء الى 14 نقطة نسعى لبيانها بشكل موجز نتجنب في الإطالة قدر الإمكان ومنها: الأول: ورأيت الثناء قد كثر ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى ولا يؤخذ على يديه: وفي هذه العلامة بيان لما عليه من فساد عام حيث تتعطل الحدود الشرعية ويحل النفاق بين الناس ويتمكن النفاق من قلوبهم حيث ينفق المال في غير طاعة الله سبحانه وتعالى ويستجدى المدح بالمال لابالعمل الصالح، فلا معروف يؤمر به ولامنكر يتناهى عنه. الثاني: ورأيت الناظر يتعوذ بالله ما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد: وبالتأكيد فإن الفاسق في حالة تقاطع مع المؤمن فالمؤمن يعيش في واد والفاسق يعيش في واد آخر كالفرق بين الملاك والشيطان، والمؤمن ينصرف الى الطاعات يصرف وقته في العبادة والعمل الصالح بينما ينصرف الفاسق ليصرف وقته في المعاصي والعدوان لذلك يظهر الفاسق غضبه لما يرى من المؤمن من الإجتهاد في طاعة الله ويعيش في خندق غير الخنادق التي يعيش فيها الفاسقين. الثالث: ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع: وحقوق الجيرة لدى جميع الناس وعند كافة أهل الشرائع والأديان لها أهمية كبيرة حتى أن الجيران في كافة العهود الماضية يتآخون فيما بينهم ويتعايشون كعشيرة واحدة يدفع كل منهم الأذى عن جاره ويحاول أن يجلب إليه المنافع، وقد أشار الإمام المعصوم عليه السلام الى علامات آخر الزمان ومنها أذى الجار لجاره دون أن ينكر عليه أحد. الرابع: ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن، مرحا لما يرى في الأرض من الفساد: والكافر طبقاً لتفكيره المادي يسخر من المؤمن لأنه لايرى فيه نفعاً بل يرى فيه تخلفاً بسبب الحجب المغطية لقلبه وعقله، ويفرح لما يرى من الفساد بإعتباره وسيلة سهلة للحصول على المتع الدنيوية. الخامس: ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف الله عز وجل: وعلى الرغم من مضار الخمرة ومايترتب عليها من المفاسد المؤكدة التي بيّنها الطب وحاسب عليها القانون لكن العصيان في نفس الفاسق له لذة في قلبه الفاسد وعليها يجتمع الغافلون. السادس: ورأيت الآمر بالمعروف ذليلاً: وهي إشارة الى حالة المجتمعات التي تظهر كراهتها الشديدة للدين والمقدسات الدينية والمثل التي تعارف عليها الناس ولاغرابة أن ترى المُنْكِر للباطل ذليلاً وضعيفاً حيث لايجد من يسانده. السابع: ورأيت الفاسق فيما لا يحب الله قويا محموداً: ولأَغرب مايرى الإنسان المؤمن مجتمعاً يحب الفاسق وينصره على فسقه ومجونه وجرائمه يتقلد المناصب الرفيعة العالية في الوقت الذي يستبعد فيه المؤمن المستضعف. الثامن: ورأيت صاحبي الآثار أو (أصحاب الآيات) يحتقرون ويحتقر من يحبهم: (أصحاب الآثار) وهم المحدثون، وفى بعض النسخ (أصحاب الآيات) أي أصحاب العلامات والمعجزات أو الذين نزلت فيهم الآيات وهم الأئمة أو المفسرون. التاسع: ورأيت سبيل الخير منقطعا وسبيل الشر مسلوكاً: وفي مجتمع تسوده الماديات ويتنافس فيه الناس على تحصيل المتع الدنوية فإنهم سيسلكون طريق الشر ويقفون بوجه الصلحاء وأصحاب الضمائر الحية. العاشر: ورأيت بيت الله قد عطل ويؤمر بتركه: وفي آخر الزمان وعندما يكون الدين عبئاً على المجتمع تصبح بيوت الله معطلة ويمنع الناس الصلحاء من إرتيادها والوصول إليها. الحادي عشر: ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله: وكما هو مشهور فأن الرجال تعرف من كلماتها فعندما يقول الرجل نعم أو لا فأنه لابد له له أن يلتزم بقوله ولابد أن يتناسب فعله مع قوله، ولكن في آخر الزمان فإن علامة الرجال هي نفاقهم وكذبهم وتنصلهم مما يلزمون به أنفسهم مما لايليق بالرجال. الثاني عشر: ورأيت الرجال يتسمنون للرجال والنساء للنساء ورأيت الرجل معيشته من دبره ومعيشة المرأة من فرجها ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال ورأيت التأنيث في ولد العباس قد أظهروا الخضاب وامتشطوا كما تمشط المرأة لزوجها وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم وتنوفس في الرجل وتغير عليه الرجال: وهذا الحال هو حال آخر الزمان عندما يصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً بحيث يصبح هم الإنسان تجربة كل ماهو غير مألوف وتصبح العلاقات الجنسية الشاذة علامة لهم، وقد أستنت بعض الدول بالفعل قوانين تحمي هذه الممارسات بوضع قوانين تحميها حكومات تلك الدول، وقد شاع وسيشيع أكثر في آخر الزمان تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال في مجتمع لايعرف للدين ولا للعفاف معنى. الثالث عشر: وكان صاحب المال أعز من المؤمن: وفي الموازين الإنسانية مراتب للناس والمؤمن وفق الموازين العامة لابد أن يكون وزنه ثقيلاً لأنه يعتبر المعيار والمقياس في أغلب شؤون الحياة ومنها القانون والقضاء وحفظ المال وفي الالتزامات الإجتماعية المختلفة وفي آخر الزمان لايكون المؤمن عزيزاً بل ذليلاً بسبب ترتيب أوزان الناس وفق مايملكون من المال لابسبب إيمانهم وتقواهم. الرابع عشر: وكان الربا ظاهرا لا يعير: وقد شدد الإسلام على حرمة الربا وأعتبرها من أكبر الكبائر وإنها حرب مع الله ورسوله لأنها تسبب الفساد وتؤثر على الفقراء وتعمل على زيادة الفقر وإنهيار العلاقات الإنسانية والإجتماعية. خاتمة بيّن لنا الإمام عليه السلام من خلال ماوصف من التغير الذي يطرأ على أحوال الناس آخر الزمان بأنه يتميز بإنهيار في مختلف وجوه الحياة الإجتماعية والعلاقات بين الناس، كما يشهد إنحطاطاً في القيم الأخلاقية وفوضى في العلاقات الجنسية والمالية، كما يشير الى حدوث إنحدار حاد في القيم والمظاهر الدينية وفي مقومات تقييم الإنسان.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |