|
حذار من الغيوم الايسلندية المفخخة!
جمال الخرسان
كاتب عراقي
جمهورية ايسلندا تعرضت لاحتلالات
مختلفة مثل الاحتلال الدنماركي او النرويجي وحصلت فيها تطورات سياسية بعد الاستقلال
وما اعقبه من تحول من الملكية الى الجمهورية في القرن الماضي ورغم انها احدى
البلدان المؤسسة لحلف شمال الاطلسي الا انها بقيت بعيدة عن الاضواء طيلة الفترات
الماضية وكلما يظهر عن ايسلندا في الاعلام ما هو الا انعكاس للازمات والكوارث.
فطيلة السنوات الماضية لم تطرح
ايسلندا في الاعلام الا عبر ازمتين، الاولى اقتصادية حينما اعلنت ايسلندا افلاسها
في عام 2009 نتيجة للازمة الاقتصادية التي ضربت البنية الاقتصادية العالمية اما
الازمة الثانية فهي بيئية تتعلق بثورة بركانية شلت حركة الطيران في العالم وجردت
اوربا من اجنحتها النشطة والمهمة جدا بالنسبة لحركة الطيران في العالم.
ومنذ يوم الاربعاء المصادف
14/نيسان الحالي تشكلت غيمة كبيرة في عنان السماء نتيجة تصاعد اعمدة الدخان التي
تسبب بها بركان في ايسلندا واخذت هذه الغيمة الكثيفة جدا في التمدد والانتشار في
معضم اجواء اوربا بل وتهدد بالسير الى مناطق جغرافية اخرى.
(ويحتوي الغبار البركاني على
جسيمات ضئيلة من الزجاج والصخور المفتتة التي يمكن أن تتلف محركات الطائرات
وهياكلها. وكانت محركات طائرة تابعة لشركة «بريتيش إيروايز» توقفت عن العمل عام
1982 عندما حلقت في سحابة غبار فوق إندونيسيا وانزلقت باتجاه الأرض قبل أن تتمكن من
تشغيل محركاتها مرة أخرى. ودفع هذا الحادث الشركات العاملة في صناعة الطائرات إلى
إعادة التفكير في الاستعدادات للتعامل مع سحب الغبار البركاني).
ونتيجة لذلك فقد اغلقت بعض البلدان
الاوربية مجالها الجوي بالكامل وبعضها قاب قوسين او ادنى من ذلك، واعتبرت الجمعية
الدولية للنقل الجوي (اياتا) امس ان الشلل الذي اصاب حركة الملاحة الجوية بسبب سحب
الرماد البركاني الصادرة من ايسلندا كلف القطاع اكثر من 200 مليون دولار وربما اكثر
يوميا.
وحينما تكسرت اجنحة الطيران في
اوربا وما يحيط بها تأثر النشاط الاقتصادي وحركة الطيران في مختلف بلدان العالم
واضافة الى جميع ذلك فقد تاثرت النشاطات الاخرى كما حصل مع اجتماع وزراء المالية في
الاتحاد الاوروبي في مدريد وكذلك تاجلت العديد من الزيارات التي كان من المقرر ان
تقوم بها الوفود السياسية النشطة هذه الايام، لا بل حوصر بعض السياسيين في بلدان
معينة واضطروا للبحث عن وسائل نقل اخرى قد تستغرق ايام.
ايسلندا ذلك البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه
320 الف ويشكل صيد السمك والملاحة البحرية العصب الاقتصادي فيه ظلت بعيدة تماما عن
الاضواء الاعلامية وربما يكون مشاهير هذا البلد هم ابعد ما يكونون عن السياسة خصوصا
الأديب هالدور لاكزنس الحائز على جائزة نوبل للآداب سنة 1955 كذلك لاعب الشطرنج
العالمي بوبي فيشر ولاعب كرة القدم جودينسون الذي كان لاعبا في فريق برشلونة
الاسباني. ان ايسلندا قد ينبيء بمزيد من الازمات الطبيعية لانها من البلدان النشطة
جدا جيولوجياً، حيث يوجد بالبلاد ما يقارب من ال 140 بركان.. ولهذا فان العالم ربما
سيتلقى مزيدا من الغيوم المفخخة التي قد لا تفعل شيئا سوى انها تفرض حظرا شاملا
للطيران!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |