|
اللعنة العراقية
الكاتب والصحفي ناجي لطيف العسكري مر العراق في أزمات سياسية واقتصادية على طول عمر هذا البلد فكلما خرج من حربِ يقع في احتلال فقد كان هذا البلد مطمعاً لكل بلد غازي منذ الأزل وكلما حاول التقدم خطوة إلى الإمام أصيب بنكبة أرجعته ألاف الخطوات إلى الوراء فحتى في العصور القديمة التي يفتخر برجالها ومنجزاتهم والآثار التي تركوها فقد بنيت هذا الآثار والقصور القديمة بمشقة الشعب الذي بقى سنوات طوال يبنى هذا القصور والقبور لملوكهم التي هي لان تحمل أسماءهم ويعتبر مؤسسها شخص عظيم يكرمه التاريخ ويسطر إليه عشرات الكتب والمؤلفات التي تحاكي هذا الملك وترسم له أمجادا لم يكن يستحقها لأنها تأسست بجهود ومعاناة شعباً أن دلت هذه الآثار عن شي فإنها تدل عن الظلم الواقع على الشعب في تلك الحقبة وفي العصر العباسي الذي لقبة المؤرخين بالمرحلة الذهبية كانت ذهبية لفئة معينة حيث كانت مجالس السهر والغناء التي تطرب أصحاب القصور الذين يسمعون فيها قصائد الشعراء التي تمدحهم وتمدح أصولهم وقبائلهم ويصرف ألاف الدنانير لهم كل يوم من بيت المال بينما كثرت معانات المواطن خارج هذه القصور في العصر الذهبي , وبعد احتلال المغول لبغداد تم قتل علماؤها واحرقت مؤلفاتهم ليرجعوا بالعراق ألف خطوة إلى الوراء وأصبح العراق يجاهد من اجل الخروج من هذه الفترة المظلمة للنهوض من جديد ولكن الاحتلال العثماني ومن بعدة الانتداب البريطاني أجهض هذا الحلم , ولكن من اخطر المراحل التي مر بها العراق عندما وصل حزب البعث إلى سلم الحكم بسفك دماء الساسة الذين قبلهم حيث نظم حزب البعث مؤامرة شارك فيها العديد من الضباط والشخصيات المؤثرة في حكومة عبد الكريم قاسم للإطاحة بهذه الشخصية من اجل تولي الحكم فبعد نجاح العملية تم إعدام عبد الكريم قاسم وعدد من أعوانه في مبنى الإذاعة ليبدأ حكم جديد صفق له كل الشعب لما يحمل هذا الحزب من شعارات وطنية رنانة بقيادة عبد السلام عارف وبمرور الزمن اثبت الحزب أن هذه الشعارات مجرد هتافات ليس لها حقيقة على ارض الواقع وكبدايات هذا الحزب الذي بني على أساس مؤامرات وسفك للدماء اظهر بعض من قيادات هذا الحزب رفضهم لحكم عبد السلام عارف فقد كشف مؤامرة من اجل الإطاحة بة من قبل عدد من قيادات حزب البعث على رئسهم صدام حسين مجيد وعدد كبير من أعضاء الحزب ليبدأ عبد السلام باعتقالات موسعة من اجل الحفاظ على عرشه من السقوط كما سقط عرش عبد الكريم قاسم من قبلة فتم على أثرها اعتقال صدام حسين ليفر بعد سنتين من السجن على اثر مساعدة من مسئولين كبار من أعضاء حزب البعث الذين كانوا رافضين قرارات عبد السلام عارف باعتقال الأعضاء المؤسسين لحزب وفي عام 1968 شارك صدام حسين بانقلاب على الحكم يصل احمد حسن البكر إلى سدت الحكم ليصبح صدام حسين اليد الضاربة في حكم البكر وبظروف غريبة جدا أعلن احمد حسن البكر استقالته نتيجة لظروفه الصحية ليعطي الحكم إلى مساعدة صدام حسين في 16/تموز عام 1979 ليبدأ حكمه بقرابين من دماء البعثين الذين قتلهم بتهمة الخيانة ليسكت بذلك كل صوت ويرسل رسالة لكل شخص يفكر في أي انقلاب أو تغير لهذا النظام ونتيجة المؤامرات التي حاكها هذا الشخص ولد في نفسه عقد من عدم الثقة في الآخرين وهذا ما جعله يولي المناصب القيادية إلى اشقائة وأولاد عمومته وبهذا التصرف فقد تعشق صدام حسين في الحكم ، ليتولى مهمات رئيس الدولة ورئيس الوزراء والأمين العام القطري لحزب البعث ورئيس مجلس قيادة الثورة والقائد الأعلى للقوات المسلحة بدون أي معارض لان الكل يعرف أن معارضة هذا الشخص تعني الموت حتى وان كان هذا الشخص من المقربين منه فقد تم اغتيال عدنان خير الله اثر ذلك, وبسبب القضاء على منافسيه أصبح صدام حسين الوحيد على الساحة فأصبح يمرر قرارات على جميع مؤسسات الدولة حتى المستقلة منها مثل القضاء لتبدأ بذلك دكتاتورية هذا الشخص وطاغوته حيث لم يكن في قلب هذا الشخص أي شي من الرحمة أو الفكر السياسي حيث اعتبر القوة والقتل سلاحاً للنجاة نجح في استخدامه , حيث تم إبادة مدينة كاملة عارضت هذا النظام بقصفها بأسلحة كيميائية خلفت خمسة آلاف شهيد من نساء وأطفال وشيوخ من أهالي حلبجة ويدخل في حرب دمرت البنية التحتية مع إيران دامت قرابة ألثمان سنوات خلفت الملايين من القتل من الطرفين ولم يكتفي بذلك بل حشد الجيوش من اجل احتلال الكويت حيث اعتبرها المحافظة التاسعة عشر للعراق في ظل هذا التعثرات من قبل هذا النظام في المنطقة فرضت الأمم المتحدة حصاراً اقتصادياً فأصبحت مستشفيات مليئة بآلاف الأطفال نتيجة هذا الحصار وفصل العراق عن العالم الخارجي بقطع كل وسائل الاتصال , وقد تدهورت جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في هذا المرحلة المظلمة من تاريخ العراق الحديث . وبعد سقوط هذا النظام على يد القوات الأمريكية في السابع من نيسان لعام 2003 بدأت مرحلة جديدة في تاريخ هذا البلد حيث أصبحت هنالك حرية وديمقراطية بدون قيود بعد دكتاتورية دامت قرابة الأربعون عام وتأسست حكومات انتقالية سريعة ولأول مره تحدث انتخابات يقوم بها المواطن في اختيار المرشح أو الكتلة التي تمثله في البرلمان وهذا التجربة حدثت في رحم الاحتلال فحدثت أخطاء كبيرة في هذا الحكومة نتيجة عدة عوامل أهمها تفشي العمليات الإرهابية التي جعلت العراق يدور في الدوامة نفسها والفساد والمحاصصة الطائفية فبعد أن أرد المواطن العراقي من الحكومة تحسين وضعة المعيشي أصبحت الحكومة منهمكة بمحاربة شي هلامي اسمه ( الإرهاب ) لا يعرف من يمثله والى أي جهة ينتمي وهذا جعل الحكومة غير قادرة على محاربته فأصبحت المليشيات الإرهابية تعبث في حياة المواطنين وممتلكاتهم فقد قتل وهجر الملايين من العراقي منذ احتلال بغداد وهذا حسب إحصائيات قامت بها منظمات دولية , وفي كل هذه الظروف نجد أن المواطن العراقي هو المتضرر الوحيد في هذه العملية فهل سوف يأتي يوم يرجع به العراق إلى ما كان علية ؟ فالعراق الذي علم البشرية الكتابة أصبح ألان بلد كثر فيه الجهل والهبوط الثقافي والعراق الذي كتب أول قانون للبشرية أصبح بلداً للجرائم والإرهاب فهل هذا الذي يحدث للعراق هو دلالة على نهاية العالم أم هنالك لعنة أصابت هذا البلد لماذا عندما نختار ملاكاً ليحكمنا يصبح شيطان رجيم فهل خلق العراقي لكي يشقى ؟؟!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |