متى ينتهي زمن الغزوات يا اصحاب القرار ؟!

 

 

جمال الخرسان

gamalksn@hotmail.com

قد تمضي جميع الخروقات الامنية ومحاولات استهداف المدنيين العراقيين فيما سبق قد تمضي دون الامساك من خلالها بخيط يوصل الى مصادر الفعل الارهابي الذي يحاول تسويق نفسه بين فترة واخرى بشكل او باخر، لكن حجم ما حصل طيلة الفترة الماضية من عمليات نوعية ابتداءا مما حصل في يوم الاربعاء 19/8/2009 مرورا بالخرق الذي حصل في شهر تشرين الاول وكذلك ما حصل في كانون الاول الماضيين من نفس العام وليس انتهاءا بالخروقات الامنية الاخيرة التي حصلت بحجم ملفت جدا للنظر ان ما حصل رغم كونه عملا منظما ومعدا له بشكل جيد لكنه بكل تاكيد سوف يخلف وراءه شيئا من الخيوط يمكن من خلالها التوصل للجهات الفاعلة التي بكل تاكيد هذه المرة هي ليست مجرد جماعات مطاردة بل القضية جاءت نتيجة لتخطيط  وامكانيات دول وليس جماعات مسلحة فقط.

ان ما حصل ليس استهداف لسوق او زرع عبوة ناسفة هنا او هناك بل تخطيط وتنفيذ عمليات ارهابية في مناطق حساسة وغير حساسة وبحجم كبير وباوقات متقاربة من اجل احداث موجة غير طبيعية من ردود الافعال واستقطاب الحضور الاعلامي القوي عبر وسائل الاعلام.. كذلك من اجل التاثير في الوضع السياسي الحالي الذي يشهد حراكا استثنائيا استعدادا لتشكيل الحكومة القادمة.

هذه التفجيرات اكدت مرة اخرى ان هناك مناطق رخوة في الجسد الامني العراقي يمكن من خلالها احداث ارباك امني مقلق كما ان العناصر الدخيلة في الاجهزة الامنية لازالت تمارس لعبتها القذرة بعيدا عن المتابعة المطلوبة رغم ان وجود هذه العناصر كان متوقعا بحكم انضمام اعداد ليست قليلة من الجماعات التي ترفع السلاح او بعض المليشيات الى المؤسسة الامنية العراقية.  

كما ان هناك قضية طالما تم التاكيد عليها سابقا ولكنها لم تجد اصداءا عند اصحاب القرار وهي ان كفاءة المنظومة الامنية العراقية لازالت بمستوى ملاحقة ومحاربة ارهاب الجماعات المسلحة وليست قادرة على رصد او منع تحركات على مستوى دول وبلدان وهذا تحد كبير على المسؤولين العراقيين معالجته بشكل فوري.. وان اغلب ما حصل اخيرا من خروقات امنية في بغداد بالتحديد هو من هذا النوع الذي ربما سوف نشاهد على شاكلته مرة بل مرات اخرى.

وهذا ما يؤكده الاستقرار الامني الجيد جدا الذي حصل في عام 2008 والذي جاء كاستحقاق طبيعي للخطة الامنية التي انطلقت بتاريخ 14. 2 .2007 والتي كانت فاعلة ومجدية جدا لكنها ومنذ بداية عام 2009 فقدت فاعليتها وانتهت صلاحيتها في هذه المرحلة ولم تعد مثمرة لانها اساسا كانت موضوعة لمرحلة وظروف معينة، اما الان فالواقع تغيّر والهجمات تختلف، اذ انها لم تعد من صنع جماعات سائبة هنا وهناك او ميليشيات لهذا الحزب او ذاك بل ما تتعرض له العاصمة العراقية بغداد هذه الايام على مستوى عالٍ جدا من التخطيط والاعداد والدعم الفني الذي يتغلب على اجهزة كشف المفتجرات، وهذه الاخيرة ثبتت في مرات كثيرة انها عديمة الفائدة لانه يمكن التغلب عليها بسهولة خصوصا بعدما اصبحت مكشوفة في طبيعة تركيبتها الفنية بالنسبة لجماعات تنفذ عمليات نوعية على ذلك المستوى، لذلك على رجل القرار العراقي ان يعيد النظر في خططه الامنية وامكانياته الفنية على الارض فنحن بحاجة الى ترتيبات امنية بمواصفات خاصة هذه المرة.

طرق المعالجة لابد ان تأخذ في الحسبان كيفية التعامل مع اسلوب الغزوات الذي اخذت تنتهجه الجهات التي دبرت تلك الهجمات منذ سنة وحتى الان وهي بكل تاكيد جهة واحدة حتى لو كانت لها اذرع مختلفة .. ان الغزوات لم تكن بحسبان من وضع خطة فرض القانون وهذه الظاهرة بالضبط هي منطقة الفراغ في الاستراتيجيات الامنية العراقية للاسف الشديد. 

بقي في هذا الاطار الاشارة الى ان ردود الافعال في كثير من الاحيان تتأتى في اطار توظيف المشكلة الامنية لصالح هذا او ضد ذاك في وسائل الاعلام وهذا ما لا يحدد المسؤول ولا يؤدي الى محاسبة الجاني.

ان الانتخابات التشريعية الاخيرة انعكست وسوف تنعكس بقوة على الوضع العراقي طالما كانت لعبة جر الحبل بين الاخوة الكبار تجري على قدم وساق وكل طرف يمنّي نفسه بزيادة رقعة النفوذ وهذا ما يعمّق المشكلة الامنية والسياسية العراقية. 

البعض دعى بشكل او باخر الى محاسبة المعنيين واستجوابهم وهذا لوحده لا يحل المشكلة، لانه كيف يتسنى للبرلمان السابق او اللاحق ان يستجوب او يقيل مسؤولا حكوميا اذا كانت مطالبات البرلمان مختلفة حد التباين! فيمين البرلمان يحمل الحكومة المسؤولية لانها لم تسرّح الاف النماذج البعثية المشبوهة في الاجهزة الامنية وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية بسبب عدم طردها تلك النماذج، اما يسار البرلمان يريد اسقاط الحكومة لانها لم تستوعب الاف العناصر الامنية التي كانت عاملة في اجهزة الدولة قبل سقوط  نظام صدام حسين!  وفي ظل ذلك الجدل العقيم كيف يتسنى للسلك التنفيذي تلبية رغبات البرلمان العراقي اذا كانت من هذا النوع؟! وكيف لنا ايضا ان نحاسب المقصرين ؟!

 الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com