|
الحراك السياسي الكردي في سوريا ومقدمات التغيير
عبد الرحمن آلوجي من حق أي مراقب متتبع للشأن الكردي في سوريا أن يقف على مواطن الخلل والضعف والترهل في مجمل الحراك السياسي الكردي , وما يعتوره من نقص وتراجع في الأداء وقصور في المعالجة , ولكن دون ممارسة التيئيس ومقدمات الإحباط , لما نجده من مرارة الواقع الكردي وبؤس التعاطي معه , وفقدان عوامل تلمس الموقع المطلوب لحل وطني مقبول , واعتبار الوضع الكردي في سوريا في الخانة الأمنية , وضرورة وضع الضوابط اللازمة للجم أي تطلع من شأنه معالجة واقعه الوطني المتميز , والارتقاء به إلى التصدي الفعلي لواقع وجود شعب كردي هو جزء من الواقع الحياتي والدستوري والتاريخي في سوريا , مما ينبغي معالجته والتصدي له بعيدا عن القبضة المنية وواقع الاتهام , ونسيان او تناسي كونه من أهم وأكثر المكونات السورية مساهمة في تاريخ سوريا , وصناعة الخارطة الإثنية والسياسية والحضارية في بلد متعدد التكوين ثري في غناه الإثني والمذهبي والفكري , دون أن يعني ذلك بالضرورة أي دعوة لفصم العرى , وتفتيت للمكونات المتلاحمة , والتي ثبت تعاضدها وتكاملها أيام المحن والأزمات , والتي تذكرنا بها أعياد الجلاء , وقد أطلت هذه الأيام , لتذكر ما كان لشعبنا الكردي من مآثر ومواقف بطولية في الغوطة وحرستا وجبال حارم والزاوية وعفرين والجزيرة , والبطل المقدام يوسف العظمة , وتصديه وسقوطه شهيدا دفاعا عن مجد وكرامة ووجود مكونات أصيلة ومتلاحمة , شكل الكرد واحدة منها ., متألقة وناصعة الإشراق , ليأتي التنكر , وتأتي الممارسات التمييزية الخاطئة , وغير العادلة , نغمة نشازا في القيثارة الأليمة والمعزوفة الوطنية النائحة , ويأتي الحراك السياسي الكردي , تبعا لذلك التصور , ووفقا للإجرءات الأمنية الضاغطة والتصعيدية , مع تنامي حالة الترهل والانقسام , وضعف الأداء في معالجة واقع الشرذمة , وظاهرة الفردية , والقرارات المتعجلة والانتقامية الهابطة , وبروز ظاهرة افقصاء , وانعدام الفاعلية في الأطر السريعة الرد , مع بقاء الأطر التقليدية , لتبقى في حدود إطار عام مترهل , دون معالجة واقع الطراف خارج هذا الإفطار او ذاك , بما يعوق السير باتجاه المعالجة الجادة , بعد الوقوع في مطب إفشال الوحدات الاندماجية , تحت ثقل مكاسب شخصية وحزبية وفئوية تكتلية غارقة في الإسفاف والهبوط , وانعدام الفاعلية والإنصاف , وبشهادة واقعية وميدانية ومشاركة من الوفود الوطنية المشرفة على عملية التوحيد " البارتي نموذجا " , شاهدين ناطقين على عمليات التوحيد ولملمة الجهود لشهور متوالية , ليروا امام ناظريهم ما أفرزته التعقيدات والتراكمات عبر عقود من حالة انعدام الوزن والمسؤولية الوطنية والرؤية المتوازنة, مما شكل استفحالا لإسقاطة يصعب الفكاك من براثنها , وعقدها المزمنة والمتراكبة مع حالة اختراق عصية على الفهم , ما لم يكن المراقب من أهلها , ومن الداخلين في صلب التحركات والأساليب الخفية , مما ينبئ عن حالة عصية غارقة في الرؤية الفردية والأنانية القاصرة , وهو ما ينبغي التركيز عليها , وبذل الجهود الكبيرة في إبراز القيم المشتركة العليا التي تلجم هذه الحالة , في محاولة الاقتراب من المصلحة العليا لشعبنا , وفضح أي ممارسة تتلاعب بمصير شعبنا في ظل الاقتراب من فك عقدة و معالجة واقع الحراك السياسي , وأزمته المستعصية , مع غياب النظرة المبدعة والجادة والمنصفة لكل غيور على الحركة والهدف والبرنامج السياسي المبدع والجاد, و الساعي للجم التصورات و المواقف المعيقة و المعرقلة لأية عملية انفراج لأزمة هذا الحراك السياسي الكردي , و آمال الانعتاق من ربقة الترهل و انعدام الفاعلية , مع تصاعد نبرة الانتقاد السياسي الجاد و غير الجاد , ممن لهم غيرة على الواقع السياسي أو من المتحاملين عليه , ممن تفرجوا على آلامه طويلا أو ممن أحبطتهم تجاربهم الفردية الفاشلة , أو ممن أغرى بهم ضعفهم أو توكؤهم على الآخرين في تسديد الضربة إلى الحركة , أو محاولة ذلك بالنيابة عن أعدائها , ليبرز النقد الجاد و المؤسس و المبدع من بين كل الانتقادات المصنوعة , و الأخرى الزائفة أو المضللة , أو العابثة , مما لا يمكن أن يدخل في خانة النقد الموضوعي الذي يتناول واقع الحراك السياسي و أزماته المفتعلة و الحقيقية . و يبقى الرصد و التحليل الموضوعي في هذا المجال العاصم من الوقوع في مطب التحامل و التشويه و المهاترة و التضليل , والمقدمة اللازمة .. بحثا عن تلمس الحقائق و التبصير بها ووضع الأسس و القواعد لبناء حالة من الوعي السياسي القادر على الرصد و التحليل ومحاولات التغيير , والمساس بجوهر الحراك , وأسباب تداعيه , تحت ضربات مهددة لوجوده وامتداده ونبضه وكيانه , وهو المرشح لعملية التغيير المطلوب منا جميعا إحداث نقلة نوعية فيه لا البكاء على أطلاله المدعاة كما يفعل اليائسون تارة والبائسون أخرى , مما لا يجدي معه الندب والنوح وذرف الدموع , وضرورة تلمس و بيان التأخر والبحث الحثيث عن حالة معالجة ظروف المرجعية الشاملة والمطلوبة بإلحاح رغم تكرار وتواصل الدعوة ووضوحها , وهي جزء من مسيرة التغيير والنقلة المرجوة , و حاجتنا الماسة إلى الالتفاف الجامع حول أسس و ضوابط متفق عليها في الأصل مختلف عليها في التوجه و النشاط بدوافع ذاتية و حزبية أتينا على ذكرها و هي في الصلب من مقدمات التغير المطلوب لإحداث عملية انتقال و تحويل إلى ما هو جاد و مثمر في الاقتراب من الأهداف الكبرى لشعبنا الكردي في سوريا , و ما يعنيه من حالة الاغتراب و التنكر و التمييز , على الرغم من تاريخه المشرق , و تضحياته الحافلة , و مواقفه الوطنية الرائدة , و دوره الإيجابي الفاعل في البناء و الازدهار و تقدم المسار الوطني , مما يحدو بالحركة أن تعالج بموضوعية و حسم كل مواقع التراجع و الانكفاء و الترهل , و حالات الحزبية الضيقة , و الآفاق المسدودة , و المصطدمة بأحلام واهية , و طموحات مصنوعة و مفبركة من بعض الشخصيات الحزبية المتهافتة على هذا الموقع أو ذاك , في عملية بائسة و بائرة , تصطدم بالقواسم المشتركة و الأهداف الكبرى التي تتطلع إليها الجماهير و النخبة الواعية , و المتخصصون و الكتاب و المثقفون و الفنانون و الأكادميون من يشكلون جزءاً غير يسير من القرار السياسي الكردي المسؤول , ممن يمكنهم أن يشكلوا الرديف الفاعل و المنتج للحركة , و الرقيب المعين و القادر على رصد العملية السياسية و أبعادها و توجهاتها و آفاق التحرك إلى مؤتمر و طني جامع لم تختلف على ضرورة انعقاده أطراف الحركة منفردة و مجتمعة , ليبقى التساؤل المشروع حول جدوى التراوح في المكان , و اجترار المكرور و المتداول من الأفكار و القيم و الأطر الهشة غير الفاعلة و البعيدة عن ميدان العمل الجاد ليظل هذا التساؤل المشروع قائماً وملحا حول جدوى الانتظار , و مدته , و حجم صبر الوطنين و المراقبين المنصفين عليه , بانتظار أن يخرج الحراك السياسي إلى مبادرته الجادة حول النهوض و التحرك الميداني , و ترجمة الاندفاعات و ضبطها باتجاه بناء معالم فكر سياسي و تنظيمي يعالج الأزمة و يلمس جوهر الفعل السياسي , وهو ما نرتقبه و نلح عليه
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |