|
نتائج الانتخابات ومايليها .. قراءة
عماد خليل بِله عندما اعترض الاستاذ علاء اللامي على قيام الولايات المتحدة الامريكية وقوات التحالف بالهجوم على العراق لتخليصنا من صدام حسين ونظامه، خشية منه على استعمالها لاسلحة متطورة تدمر البلاد، ارسلت اليه بان هذا غير صحيح، ولابد من ان يقوم احد بالاطاحة بالدكتاتورية لان المعارضة عاجزة عن ذلك، وان مساعدة امريكا للعراقيين لاقامة نظام ديمقراطي سيحول الصراع بين القوى السياسية من استخدام المسدس الى استخدام القنادر داخل البرلمان كما يحدث في بقاع ديمقراطية عدة من بلدان المعمورة. وللاسف اظهرت وقائع الايام بان الثقافة السياسية العراقية بعيدة عن الشتائم والقنادر، ولم يقتصر استخدم بعض فرسانها المسدسات والبازوكا بل اضافوا لها قطع الرؤوس بالسيف و استخدام السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، ليس بساحة البرلمان باستثناء جريمة النائب محمد الدايني، وانما في الشارع والاسواق بين الابرياء والبسطاء. ولم يفكر احدنا بان القاعدة ستجد ملاذا امنا وساحة للحرب في وطن يفتح بابه للحرية، يبدو انه من الغباء كان الظن بان امريكا كانت جادة في اعادة تجربتي المانية واليابان، وان ما كتب عن ذلك التصور كان اما تمنيات صادقة لبعض السياسيين والصحفيين الامريكان او وسيلة للتمويه عن مخطط مأساوي، اذ لم يجد كثير من العراقيين تبريرا لتحطيم الدولة العراقية ومسحها من على وجه الخارطة لاعادة تشكيلها بالصورة والهيكلية التي في بال اصحاب القرار. مما قاد الى الفوضى وضعف الحكومات المشكلة بعد الاطاحة بالدكتاتورية، وتكبيل يديها في محاربة الارهاب، فجرى ما هو معروف للجميع، وقد وجدت الفوضى دعما كبيرا من سير احزاب الساحة الجديدة على طريقة الحكم البائد جوهريا. لا يمكن لاحد ان ينكر اهمية النظام السياسي الديمقراطي الذي فرضته امريكا على واقع تداول السلطة في العراق الجديد والذي يجعلنا نمتلك املا بان مرحلة الاختبار والتربية على احترام نتائج صناديق الاقتراع والقبول بالنتائج يجري تبنيها تدريجيا ليكون باجر احسن من امس. لكني اتسائل هل سيحدث هذا حقا ام ينجح من سرق نضال الشعب بحرف الممارسة الديمقراطية عن مسارها الصحيح لتفرز نظاما ديكتاتوريا اخر كما هو الحال في بعض انظمة الجيران والاشقاء. وهذا غير مستبعد اذ وصل الناس الى نقطة انهيار تطلب الامن والامان وليس الحرية، و تطلب توفر الخدمات دون اهمية لمن يقود مكونات الدولة. وقد فسح التخبط وتردد القوى الحاكمة في حسم الكثير من الامور ولجوئها الى التراجع الى استعادة البعث الكثير من المواقع المهمة ويواصل سعيه لاحداث انقلاب مرتد. ويلاحظ: 1. 1- جائت نتائج الانتخابات صدمة للبعض وليتها كانت خضة تجعلهم يعيدون حساباتهم ويغيرون اساليب عملهم الحزبية الضيقة. فبدلا من ال44 بعثي التي اطاحت بترشيح الدكتور صالح المطلك قد يصل عدد البعثيين في البرلمان الجديد الى رقم ثلاثة ام اربعة واربعين، والفضل كله يعود لاصحاب القراءات الخاطئة لمتطلبات التغيير وشروط نجاح وتطور العملية السياسية، ليس في فترة الانتخابات وانما منذ بداية مسيرة عراق بعد صدام حسين. هل يواجه العراق انقلاب تدريجي؟ وكيف يمكن مواجهة احتمال الانقلاب بعد ان لم تتمكن جهود هيئة المسائلة والعدالة الهائلة الا من احدث تخلخل موقت في تواصل عملية الانقلاب. ا ين تكمن المشكلة؟ هل تكمن بكيفية التمييز بين البعثي المجرم وبالعثي الظرفي؟! وتجربة العراق البعثية في السلطة لم تبين وجود مثل هذا التقسيم. ربما كانت هناك قناعات مخالفة للسلطة مخبئة وجدت بعد سقوط النظام طريقا للتعبير ان امكن، لكن على ارض الواقع يصعب التمييز لانه بحاجة لمواقف وممارسات للبرهنة عليه. نعم برهن الصداميون عداءهم الاجرامي للعراق الجديد، و بعضهم نجح في تلبس ازياء احزاب السلطة الجديدة وبات انتماءه للعراق او انتماءه للبعث يشكل خطرا حقيقيا او وهميا كل بمدى جدية اصراره على التزامه بمنظومة البعث. اما القسم الثاني المفترض محصورا بين فكي كماشة الصداميين وضرورة تقديم كشف حساب لحصوله على عفو الشعب، وهو مطلب بسيط وملزم مقابل الحصول على البراءة من جرائم النظام السابق وجرائم ازلامه، للاسف لم يقدم المطلوب الا قليلا ممن حسم امره لصالح العراق. يتطلب الامر المخاطرة واعطاء الفرصة والصبر، ليست المشكلة في كونهم بعثيون في الماضي ان المشكلة تكمن في ان كانوا مصرين على البقاء بعثيين في المستقبل وسيمارسون السلوك البعثي في علاقاتهم مع المجتمع. والا كيف نصف منتسبي القوات المسلحة ممن ساهم في الحد من الارهاب بغير الوطنية العراقية. وان قيام بعثيو الظروف بنشاط يصب بتعرية ممارسات النظام البائد ويسهم ببناء عراق ديمقراطي مستقر هو المطلوب لفتح صفحة جديدة معهم، وعندها لاتصبح عودتهم الى وظائفهم تشكل خطرا ولاينظر اليها كحلقة في مشروع الانقلاب البعثي. ويمكن لهذا الراي ان يوجع ضحايا النظام السابق ويواجه اعتراض المعارضين له وثوار الانتفاضة وليس لدينا الا ان نقول لهم انتم اخترتم الوقوف ضد الظلم فابقوا كما انتم مادام الظلم مستمرا .، ولربما يتاح لبعضكم طول حياة تسمح بانصافه حين ينتخب العراقيون عن وعي من هم اهلا لقيادة البلد، والا فالامر له من قبل ومن بعد. اذن اين نضع جرائم اعداء العراق في نيسان الجاري ؟ في خانة ردة فعل على اجراء معين ام رسالة سياسية؟ في كلا الحالتين هي جرائم يتحمل مرتكبيها مسؤوليتها كاملة. من المسؤول عما حدث ؟ ضعف الاجراءات الامنية؟ خلل المتابعة ام الفراغ السياسي؟ اصرار البعض على اتباع ممارسة القاتل المحترف المستهين بضحاياه؟ ام انانية احزاب السلطة التي تعاركت كديوك المزابل على كراسي تملك القرار وليس كراسي خدمة الشعب ولا تنظر ابعد من ارنبة انفها؟ تكالبت على بعضها وعلى مكاسب انية كانت تدين صدام على ممارستها وتتهمه بانتهاك حقوق الشعب. وقد واصلت مسيرته ونسيت الشعب وحقوقه. من الخطل الاعتقاد ان محاولة جهة معينة ادعاء الوطنية سيحصر دعم الشعب لها، لان الخداع مهما طال لن يدفن حقائق التاريخ " وكل نفس بما ملكت رهينة" وان صدمة الشعب بعجز المتصدين عن تنفيذ الوعود تتجاوز مبررات فشلهم لان اكثر العراقيون على قناعة بانه كان بالامكان تقديم انجاز افضل لو تم محاسبة الحرامية وابعاد الفاشلين عن مواقع القرار. لقد فتحت الحزبية الضيقة الباب لتسلل البعثيين في ظل قيادة الفاشلين ليدعموا وليزينوا و ليزرعوا في عقولهم الجرداء وممارساتهم المسيئة الفساد الاداري. تذكرون يامن تقرؤون لان الغالبية لاتقرأ فهي مشغولة بالدوران وراء من يعدهم باخراجهم من حفر المعاناة اليومية الى سطح الراحة لعله يفي بوعوده ولا يعامله باسلوب قبل 2003، تتذكرون التحذيرات الحقة والصادقة من عودة البعث للسلطة ومعناه اعادة العجلة الى الوراء فالمارسة والمفاهيم التي انجبت صدام حسين ورهطه قادرة على انتاج من على شاكلته وافضع منه،والا بما تفسر اصرار البعض على الانتقاص من العراقيين الاخرين و مخالفة الدستور الذي شاركوا بكتابته. فهنيئا لكم ايها الخاسرون انانيتكم. 2- الرابحون في الانتخابات والعالمون بخفايا الامور مطلعون على الفعل الحقيقي لمايجري واتجاه سير الاحداث على اقله حسب الخطط المرسومة وهذه ليست بالضرورة موافقة مع مايراه الخاسرون والمراقبون للظواهر السطحية والذين يعلنون نجاح التجربة السياسية والانتخابات لما يسميه الناس العراق الديمقراطي لان هؤلاء وانا منهم نعتقد ان اسس العملية الديمقراطية قد وضعت وان انطلاق البناء الديمقراطي قد انطلق واهمين بان صيرورة النظام الديمقراطي بالمفهوم السائد في الدول المتمدنة اصبحت محسوما، وهنا يلعب الفأر بالعب، فتغير حركة الاحداث لا يستبعد تغير الاتجاه نحو صورة قريبة من النظام السابق اسوء او افضل نسبيا، اذ لانمتلك ضمانة بان لا تتحول ديمقراطيتنا السياسية الى نسخة محلية من ديمقراطيات دول مجاورة او شقيقة. نعم نجح الشعب العراقي بمشاركته بالانتخابات الاخيرة بان يثبت رغبة اكيدة واستعدادا صامدا لاتباع طريقة متحضرة لاختيار ممثليه السياسيين وان النتائج الغير حاسمة لمصلحة طرف سياسي معين بينت تعدد الولاءات ورغبة في التغيير، ووضعت الحالة في شكل صراع حرج وهذه النتائج ستبين مدى التزام اطراف الحركة السياسية ببرامجها وحرصها على الناخبين ومدى تمسكها بامتيازات السلطة، بعد ان ينحسر غبار مناطحاتها حول من يشكل الحكومة القادمة. ولقد كان من اهم مؤشرات النتائج وماتبعها تبيان اهمية الزعيم. واذ يوضح التاريخ الدور المهم للزعيم في قيادة وصيانة مسيرة وطن ما وتقدمه نحو البناء او الخراب فان الطبيعة النرجسية الملازمة للقيادات في المنطقة و الاسس الفكرية لبعض الاحزاب تدفعنا للتخوف على مستقبل العراق حين تصبح الامال معلقة بشخص واحد او مجموعة بعينها الا اذا تم تعديل دستورنا الكريم ليحدد فرصة دورتين متتاليتين فقط لتسلم نفس الشخص ذات الموقع، وهذا لايكفي لوحده كضمان عدم الوقوع مرة عاشرة في فخ الديكتاتورية . وارجو ان لايتفق معي الكثير من خوف ان تعطي النشاطات السياسية التي تجرى منذ اعلان النتائج انطباعا باننا نسير نحو نموذج المنطقة او ان نظامنا الوليد سيدفن قريبا، حيث يعتقد البعض انه ليس الا نغل لم تنجبه المنطقة شرعيا. وعندها يكون العراق هوالخاسر الاكبر و ادارة الولايات المتحدة الامريكية ستكون شريكته في الخسارة حيث تكون عندها قد فشلت وتراجعت عن تعديل سياستها لصالح الشعوب المضطهدة كما اعلنته مرارا بعد خضة ارهاب 11 سبتمبر وتكون قد خدعت شعبها قبل غيره. والا مالذي يوشره لنا تشريع مثل ماجاء به مجلس محافظة واسط في بلد عدد النساء فيه اكثر من عدد الرجال حين اقر تعيين محرم لكل امرأة قيادية في مجلس المحافظة. هل ياتي يوم على المرأة العراقية ان تجلس في البيت او يعين محرم لها في كل الوظائف لنرى المدرسة تدخل الصف ومعها المحرم يسند ظهره الى جدار الصف يتطلع بوجوه بناتنا، الا اذا قررت وزارة التربية الزام الطالبات بارتداء البوشية داخل الصف، ولماذا نناقش الموضوع اساسا فلربما وجد فلاسفة المجلس بهذا طريقة لتخفيف البطالة بدل بناء مشاريع انتاجية تستهلك ميزانية الاستثمار.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |