حفيدة فيصل الاول والطفل العراقي


محسن ظافرغريب
algharib@kabelfoon.nl

حسب بيانات منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونيسيف" أن نحو 50% فقط من طلاّب المدارس الإبتدائية يرتادون المدارس وهو عدد متدني مقارنة بالعام 2005 حيث كانت النسبة 80%، وأنّ حوالى 40% فقط يحصلون على مياه نظيفة للشرب ولا يزال الإحتمال قائم لتفشي مرض الكوليرا وغيرها من الامراض المعدية بين الاطفال، كما أنهم يفتقرون لمعظم الخدمات الاساسية وتظهر عليهم العديد من الاعراض النفسية جراء اعمال العنف التي يشهدونها.

وحسب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، ان هناك 4.5 مليون طفل في البلاد فقدوا والديهم أو أحدهما منهم نصف مليون تركوا ليعيشوا في الشوارع ولا يقيم في دور الايتام الحكومية منهم سوى 459 يتيما. أن آلاف الأطفال في العراق لاقوا حتفهم أو شوهوا أو يتموا أو أصيبوا بأمرض نفسية خلال الحروب والارهاب في مجتمعهم.

سدارة مؤسس الدولة العراقية الحديثة عام 1921م فيصل الأول بن الشريف حسين الهاشمي والأميرة نسرين بنت الأمير محمد بن الملك فيصل الأول ملك العراق بن الشريف حسين شريف مكة المكرمة، حفيدة الملك فيصل الأول بن الشريف حسين الذي دام حكمه بين عامي 1921 - 1933م.

وهي طبيبة وباحثة وعضو هيئة تدريس في كلية الطب جامعة هارفارد – بوسطن بالولايات المتحدة الأميركية للفترة بين عامي 2001 و 2006 . وتتولى منصب المدير التنفيذي للأكاديمية الملكية الدولية للعلوم منذ عام 1999 وحتى الآن. ومنصب رئيسة المؤسسة للاتحاد الدولي للمرأة في العلوم منذ عام 1999 وحتى الآن.

حفيدة فيصل الأول والطفل العراقي

الأميرة نسرين مسؤولة عن برامج تشخيص اطفال الانابيب من الأمراض الوراثية ذات الخلل الجيني الواحد في مستشفى حمرسميث لندن – المملكة المتحدة منذ عام 1997 وحتى 1999م. وعملت استاذ محاضر في الوراثة البشرية في جامعة لندن بين عامي 1996 و 1997م. وقد عادت إلى العراق بعد سقوط النظام السابق عام 2003م لتساهم في رعاية والاهتمام والمساهمة في النشاطات الاجتماعية العراقية.

وتقوم الأكاديمية الملكية الدولية للعلوم (rasit) التي تشرف عليها الأميرة نسرين بالتعاون مع طلاب أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد وباشراف التشكيلية زينب مبارك بوضع برنامج تربوي يهدف إلى تطوير فهم الأطفال للفن والمواضيع الأخلاقية التي يثيرها وذلك ضمن برنامج منحة الشريفة فاطمة لرعاية الأمومة والطفولة في العراق حيث تشكل هذه المبادرة أحد الجهود والانشطة التي تقوم بها الاكاديمية الملكية لرعاية الاطفال في العراق.

وعادة ما تسهم الاميرة نسرين في النشاطات الاجتماعية العراقية حيث افتتحت مؤخرا لمناسبة اليوم العالمي للطفل معرض الفنون التشكيلية للأطفال بعنـوان "لوحتي" بمشاركة 80 طفلا من بغداد تتراوح أعمارهم بين 5 و 10 سنوات. ويمثل هذا المعرض الذي أقيم على حدائق نادي الصيد العراقي في بغداد وبإشراف الفنانة التشكيلية العراقية زينب مبارك مشروعاً لتنمية مواهب الأطفال في العراق وتثبيت روح الامل في نفوسهم.

وقالت حفيدة ملك العراق "إن هذا المعرض هو لفتة صغيرة لمساندة وتشجيع ودعم أطفالي، أطفال العراق أجيال المستقبل وبالتأكيد إن هذا اليوم عندهم يوم تاريخي لا يمكن ان ينسوه، إن أكثر ما يفرح في هذا المعرض هو فرحة الأطفال واعتزازهم بأعمالهم وهي تعرض، وكذلك فرح واهتمام ومساندة الأهالي لأطفالهم وهم يرون أبنائهم يكرمون ليس فقط بعرض رسومهم بل وهم يتسلمون شهادات التقدير".

وقالت "بين الحيرة التي في قلوب وعقول أطفالنا لعدم قدرتهم على استيعاب ما يحدث في وطنهم فهم يعيشون تحت وطأة العنف والارهاب والفقر والتهجير ونقص الرعاية والتعليم وقلّة الخدمات وغيرها من المخاطر والإهمال التي تبقى تداعياتها النفسية والجسدية على ابنائنا لسنوات وسنوات لذلك وعملا بمبادئ الأكاديمية الملكية الدولية للعلوم الاجتماعية التي نعمل منذ 40 عاما لخدمة التعليم والانسانية ها نحن ومن خلال هذا النشاط الاجتماعي استطعنا رعاية وتشجيع هؤلاء الأطفال الموهوبين ورعايتهم ومن رسم الإبتسامة على وجوههم المليئة بالفخر والاعتزاز بالنفس، ولا بد من تشجيع وتنمية مواهب الاطفال الفنية والأدبية لأن الفنون ترقى بالفكر الانساني والرسم يساعد الأطفال على التخلص من المآسي المفروضة عليه".

وأشارت إلى ان الرسم يساعد الأطفال على التواصل مع الأشياء التي يرسمونها ويسهم في رفع ذائقتهم من خلال تعاملهم واختيارهم للألوان لأنه نوع من الرياضة الذهنية وهو نوع من التعلم عبر اللعب بالألوان والحوار الذهني والأطفال في العراق بحاجة لهذا النوع من النشاطات.

ووجهت الأميرة رسالة إلى الحضور الذي شمل إعلاميين وأكاديميين وأدباء وشخصيات سياسية وبرلمانية وفنانين وشيوخ عشائر ومفكرين قائلة "لقد استطاع اطفالنا ان يحولوا آلامهم إلى أمل فيه نظرة لمستقبل مليء بالأمان والفرحة والسلام، ومن خلال رسوماتهم استطاعوا أن يبنوا بيتا ويزرعوا شجرة ووردة ويصيدوا سمكة ويجملوا العراق بالحب والعمل والعطاء دون تفرقة أو عنصرية. التفتوا إلى الأطفال وتعلموا أن تعملوا من أجل العراق فهؤلاء الأطفال هم العراق فلا تقتلوهم باختلافاتكم ونزعاتكم على السلطة. إن العراق ومجتمعه لايرتقي إلا بأطفاله ولابد من الالتفاته الى اطفال العراق الذين ابكتهم الحروب واليتم والفقر والخوف".

وخلال حفل فني لفرقة "الجالغي" العراقي التي تستعيد التراث الغنائي العراقي قبل أيام حضرت الأميرة د. نسرين تعتمر السدارة الفيصلية (غطاء تقليدي للرأس كان الرجال العراقيون ومازالوا يرتدونها للوجاهة وتأكيد عراقيتهم). وقد تطلع الجميع باستغراب للاميرة نسرين فالسدارة الفيصلية هي للرجال وحدهم.. لكنها اجابت على هذا الاستغراب بالقول "لقد شرفني والدي الامير محمد اطال الله في عمره بلقب رابعة الرجال وحضرت هنا وانا ارتدي السدارة الفيصلية شعاراَ ورمزاَ لوحدة العراق وشعبه كما كانت منذ عام 1921".

تاريخ السدارة

"الأميرة نسرين تقول "عندما بايع الشعب العراقي جدي المغفور له الملك فيصل الأول في عام 1921، كان جدي يلبس الزي العربي الحجازي الثوب والعباءة والعقال المقصب. في ذلك الوقت كان الشعب ينقسم إلى من يرتدي الزي العربي ومن هم بالزي الغربي "الأفندي" يرتدون الطربوش العثماني ولأن جدي الملك فيصل الأول كان واضعا نصب عينيه بناء دولة عراقية مدنية حديثة تساير التطور وبعيدة عن الطائفية والعنصرية المنغلقة على شريحة بعينها من دون غيرها. وأراد جدي أن يكون هناك زي موحد يكون أشبه بميزة عراقية تدل على الهوية الوطنية، وهنا رسم الملك فيصل الأول تصميم السدارة" القبعة السوداء غير المدورة" وأعطاه لصديقه ومستشاره رستم حيدر ليتم تنفيذها وما أن نفذت كان هناك اجتماع للوزراء فحضر الملك فيصل الأول الاجتماع وهو يلبس زي الأفندي "أي البدلة الغربية" وعلى رأسه السدارة وكذلك كان يرتديها رستم حيدر والذي قام بدوره بتوزيع السدارات على أعضاء الحكومة فارتدوها ولأن هذه القبعة بتصميمها تختلف عن أي قبعة أخرى ولأن من صممها وأول من ارتداها هو الملك فيصل الأول لذلك أطلق عليها العراقيون اسم السدارة الفيصلية وأصبحت من ميزات العراقيين".

دلالات السدارة

وحول دلالات السدارة الفيصلية قالت نسرين فيصل الاول "السدارة الفيصلية صارت عنواناً للتحول في طبيعة المجتمع العراقي نحو التحضر والتمدن والوحدة والأهم أنها دلالة تشير إلى الهوية الوطنية فصار يرتديها الرجال سواء من موظفي الدولة أو من الطبقة المتعلمة والمثقفة في العراق الذين يطلق عليهم "الأفندية" وذلك لجماليتها ولرمزيتها فأصبح الرجل العراقي يتميز عن غيره من أخوانه العرب بلبس هذه السدارة الفيصلية.

إذا كانت السدارة الفيصلية ذات لون واحد كما هو الطربوش العثماني

الأميرة نسرين قالت "كانت السدارة الفيصلية تخاط بألوان مختلفة لتتناسب مع ألوان البدلة التي يسميها العراقيون باللهجة المحلية "القاط" فمنها السوداء وذات اللون البني والزرقاء والرمادية وحالياً آخر ما بقي من ألوان السدارات المستعملة هو الأسود فقط والذين يلبسون السدارة في عهدنا هذا قليلون فأصبحت فقط كرمز يرتديه الفنانون العراقيون خاصة قراء المقام العراقي أو حين يتغنون ببغداد وانتمائهم لدار السلام مثلما فعل الفنان الكبير كاظم الساهر عندما ارتداها ومن معه في كليب (تتبغدد علينا)".

تأكيد الوحدة الوطنية وبناء الدولة المتحضرة

وعن سبب اعتمارها السدارة هذه الأيام تقول الأميرة نسرين "لقد أراد جدي الملك فيصل الأول رحمه الله من لبس السدارة الفيصلية تأكيد الوحدة الوطنية وبناء الدولة المدنية المتحضرة، ولكن للأسف ان بزوغ المدنية ونهضة العراق لقرابة اربعين عاما والتي عمل عليها الملك فيصل الأول رحمه الله وأبناء الشعب العراقي بدأت تختفي بين دولة طائفة أو عشيرة محددة الولاءات والقرابات، حيث تخلوا عن سدارة المدنية والقوها بعيدا وقسمت المناطق طائفيا وعرقيا، نسوا العراق فلم يعد فوق رأسهم شيء يهديهم لرؤية الانسان. وارتدائي اليوم للسدارة الفيصلية في وقت يرجع العنف مرة أخرى للشارع العراقي والطائفية والدكتاتورية والتفرقة والممارسات المؤسفة ارتديها رمزا لوحدتنا وكنوع من المطالبة للسياسيين وغيرهم بأننا نريد دولة مدنية متحضرة، ارتديها اليوم بدلالاتها الوطنية لأنها هويتنا العراقية، وكلي رجاء ان يقف الرجال لحظة ويتفكروا بحال الوطن الذي هو الشعب. أتمنى أن يرتدي رجال السياسة السدارة الفيصلية ويعودون لصوابهم. أتمنى على الرجال العراقيين بكافة فئاتهم من أدباء ومفكرين واطباء واساتذة جامعات وطلاب وفنانين وعمال ومهنيين أن يرتدوا السدارة الفيصلية مطالبين بالوطن الواحد الموحد أرض وشعب. ففي هذا الوقت نحن بحاجة للسدارة الفيصلية لأنها لا تميز من يلبسها بطائفته أو مذهبه أو عرقيته إنما تميز الكل من الكل أنهم عراقيون".

وطنية ورمز

في تجربة جارتنا الشمالية العزيزة تركيا، بدأ أب الأتراك "مصطفى كمال أتاتورك"، بحوار التمدن؛ بالحرف اللاتيني واعتمار القبعة (البرنيطة)، وتبدأ حفيدة حليف أتاتورك الأميرة نسرين على ذات التمدن، بالطفل العراقي وسدارة جده، جدها أول ملوك العراق الحديث، الفيصلية، سدارة ابن الشعب العف البر، الأب القائد الحقيقي والعراقي الوطني بامتياز، المؤسس لجمهورية العراق الخالدة، الشهيد الخالد "عبدالكريم قاسم" - تقدست نفسه الشريفة -، وقد كانت سدارته تاج شرفه العسكري المدني و رمز وطنية بديل إيجابي لما ينتحل/ يعتمر (تجار - فجار) أمراء الحرب والميلشيا والطوائف والعرقية العراقية الأثرية.

مريض فصام وازدواجية الشخصية/ شيزفرونيا

رب مدع ينكر الزي الجامعي، العسكري الموحد، ويقر الفكر الموحد الذي يدعو إليه (الضحية) المسكون بجلاده المعجب به بعقله الباطن لا إراديا، بفعل قانون قوة الإستمرارية الفيزياوي، أعني صاحب (الملك) الموقع الإعتباري الإلكتروني (الديمقراطي)، بعينه تماما!!


العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com