من الجفاف الى الفيضان هذا حال العراق!

 

جمال الخرسان/ كاتب عراقي

gamalksn@hotmail.com

طيلة السنوات الماضية لسبب او لاخر كان الكل في العراق يصب اللعنة على البلدان التي يمر عبرها نهر الفرات او تلك التي ينبع منها.. وكذلك بالنسبة لبعض الروافد الملاصقة للحدود الشرقية التي غيرت مساراتها الى داخل ايران .. الكل كان يصب لعنته على جيران العراق لانهم بنوا سدودا ادت بشكل او باخر الى التقليل من حصة العراق المائية! وهذا ما انعكس سلبا على قطاع الزراعة المتهالك اصلا في العراق وكذلك انعكس سلبا ايضا على التربة العراقية مما اثر كثيرا حتى على المناخ.

الكل من موقعه كان يحاول ويتمنى في نفس الوقت فك تلك العقدة المستعصية جدا. الاعلام يحاول الضغط بشدة لحل هذا الموضوع.. الفلاح يستنجد ويرفع يديه تضرعا من اجل ولو زخة عابرة من المطر، اما الجهات الرسمية فلها محاولات من اجل حل المشكلة لكنها بقيت في اطار المحاولات الخجولة لانها حتى الان لم توقع معاهدات ملزمة تحفظ للعراق حصته من المياه خصوصا وان الكثير من المتغيرات قد طرأت على القوانين الدولية المتعلقة بحقوق المياه في فترة كان العراق فيها غائبا عن الساحة الدولية وحاضرا فقط في اروقة مجلس الامن الدولي. ولهذا فان كل ما يسفر عن تلك الجهود ليست الا زيادة بسيطة من المياه لاتسد رمق الجفاف الحاد.

لكن ما اعلن في الفترة الاخيرة من مخاطر حصول فيضان في بعض المدن العراقية وكذلك شكوى بعض القصبات الملاصقة لنهر الفرات ان ذلك يكشف مرة اخرى ما لنا من عورات ليست قليلة في التعاون مع شأن المياه قد تكون السبب الاكبر في حدوث ازمة الجفاف والتصحر الذي اصاب العراق.

 ففضلا عن عدم وجود شبكة توزيع لمياه الري تحفظ تسريب الفائض عن الحاجة من المياه، فان الكمية الكبيرة جدا من مياه شط العرب التي تذهب سدى الى البحر دون استثمارها هي الاخرى ربما تكون كافية لسد جزء كبير من العجز الحاصل في كمية المياه التي لم ولن تصلنا كما هو الحال في السابق!

يوما بعد آخر تترسخ تلك الحقيقة التي تؤكد بان المشكلة الحقيقة تكمن بالدرجة الاولى في آلية توزيع المياه والتعامل مع تلك الثروة داخل الاراضي العراقي وهذا التقصير تتحمله الجهات الرسمية المعنية بذلك وكذلك الفلاح في بعض الاحيان لانه يتعامل مع المياه بطريقة غير مسؤولة، ثم تأتي بعد ذلك مشكلة دول الجوار التي اجحفت كثيرا بحق العراق من ناحية التاثير على حصة العراق من المياه،

انها ثنائية بائسة اخرى ربما نكون اضافة الى القدر نحن هذه المرة سببا اضافة فيها.. فاما الجفاف والعطش او الفيضان! ايها العراقيون لا ترفعوا ايديكم بالدعاء من اجل مزيد من المياه ولا مزيد من الامطار فانتم في جفاف وفي نفس الوقت مهددون في الغرق! ان العراق عليه ان يختار احدى السيئتين اما الغرق او الجفاف والعطش! وربما احيانا عليه ان يتوقع الاثنين معا! حقا انها معادلة صعبة وغريبة في نفس الوقت.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com