|
صناعة الأزمات .. الحرفة الرائجة في العراق
لايخفى على أحد مقدار تأثير الأزمات السياسية ،التي يصطنعها بعض الساسة بشتى الوسائل وعلى مختلف المستويات، على الحالة الأقتصادية والوضع الاجتماعي العام . والعراق ابتلي بأنواع من السياسيين من صنّاع الأزمات السياسية وكأنهم أصبحوا ذوي حرفة ، وهم قادرين بفعل تصريحاتهم التي تستهدف كتلة معينة أو شخص أخر على خلق تلك الأزمات متناسين الانعكاسات السلبية التي تنشئ عنها. أن الأتهامات المتبادلة التي يبدأها المتحدثون الأعلاميون للكتل السياسية (الفائزة) في أنتخابات السابع من آذار، والتي تبتعد في مجملها عن أرفع الخلق السياسي الحديث في التعامل مع الغير، ماهي إلا النواة الخبيثة لأبتداع شكل وفحوى الأزمة الأولى والتي إذا ما لم يتم تداركها ستدخل شكلاً متطوراً يضع البلد على حافة الأنهيار السياسي على الرغم من إمتلاك تلك الكتل للعديد من الخيارات السياسية التي من الممكن اتخاذها بدلاً من خلق الأزمات المتلاحقة التي ما برحت تلقي بظلالها على الوضع الأمني والسياسي للبلد ، ومن أهم تلك الأزمات هي تدويل أزمة تشكيل الحكومة العراقية . إن موضوع تدويل أزمة تشكيل الحكومة العراقية يفتح المجال أمام التدخلات الخارجية السلبية في مسألة تشكيلها ، وكيف سيتم تشكيل الحكومة إذا كنا غير قادرين منذ البداية على طرح التفاهمات اللازمة فيما بيننا لإقامة تلك الحكومة؟ ولو فرضنا أنه قد جرى تدويل الأزمة وشكلت الحكومة فمن الذي سيعمل على ديمومة العمل في تلك الحكومة لأربعة سنوات؟ لأنكم حينها ستكونون غير قادرين على استصدار قرار واحد دون الرجوع الى الجهات التي ساهمت في تشكيل حكومتكم عند ذلك ستكونون قد ضحيتم بوطنيتكم التي من المفترض أنها من ستجعلكم تعتلون سدة السلطة في البلد . علينا أن نبحث عن التركيبة الوطنية المناسبة لتشكيل الحكومة، وانتم جمعيكم وطنيون ،بعد ما تم أجتثاث من لايمتلك مثل (وطنيتكم) ، تلك التركيبة السياسية التي تضمن حقوق جميع أبناء الشعب العراقي وتخدم تطلعاتهم ، علينا أن نبدأ وبسرعة بتحديد أساليب الحوار المناسبة فأنتم جميعكم على حق وآراءكم جميعاَ فعلياً هي صحيحة بالمنظور السياسي العام ولكن الخلل يكمن في أساليب تطبيق برامجكم السياسية لكونكم قد أحكمتموها في قبضة الاحتكار السياسي المتعصب للسلطة والذي أبطل قدرتكم على استيعاب مختلف الآراء والرؤى، والاعتراف بأن الاختلاف فيما بينكم حق أن عليكم إدارته على النحو الذي يحوله إلى قوة فعالة في الأزمات السياسية الوطنية التي جابهتكم وستجابهكم مستقبلاً . أن الهروب الى الخارج على أمل أن يتم استدراج الأزمة للحل النهائي من أكبر الأخطاء التي يرتكبها السياسيون كونهم يفتعلون أزمة جديدة قد تكون أكثر تأثيرا وفتكاً، فالعراقيون لم يستشرهم أحد في تشكيل حكوماتهم بل أن لكل غيرنا بيته السياسي الخاص إلا بيتنا الذي أنتهك الأخرون حرمته بأبشع الطرق ، ناهيك عن كوننا سنذهب بذلك هيبة الدولة ورصانة الحكومة التي سنبنيها ، فما من دولة بنيت بأياد خارجية وإلا وأبقتها تلك الأياد رهينتها تعصف بها الأزمات من جهاتها الأربعة ! إن الأزمات السياسية المصطنعة والمتلاحقة في الوسط السياسي قد تقودنا وبشكل دراماتيكي الى أزمة طائفية جديدة تعصف بما تحقق من إنجازات ، على الرغم من كونها خجولة جداً، على الصعيد الأقتصادي والسياسي والنفسي الاجتماعي للبلد بل وقد تنحرف المسيرة الديمقراطية في البلد الى هاوية عميقة أقل ما نستشفه من عمقها هو الأنتقال الغير عادل والغير سلمي للسلطة في البلد ، وبتعبير آخر علينا تدارك مانحن فيه من خيارات عقيمة إزاء المناصب الحكومية ونستدرج خياراتنا لوضعها في خانة التنازل الأبيّ المشرّف خدمة لشعبنا .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |