|
الديمقراطية العراقية؛؛لعبة صنع صيني؛؛
د.علي عبد داود الزكي جائب بلادنا فاقت عجائب الدنيا السبع الأسطورية المشهورة.. سمعنا بالعجائب والغرائب التي تفتخر بها الدول والشعوب كأرث حضاري تميزت به عن باقي الأمم .... وهذه العجائب هي عجائب فرح ومرح وسرور وعظمة... وعصرنا الحديث يشير الى أن العراق هو بلد المليون عجيبة وعجيبة...بلد الغرائب المرة والفظائع المهلكة .. بلد اللامعقول...فأذا سمعت بان واحد زائد واحد لا يساوي اثنان فاعلم انك في العراق. أذا أردت أن تعرف في أي بلد السيارات تترك الشارع لتتسابق في الساحات التي كانت خضراء والأرصفة اعلم أن ذلك في العراق أذا أردت أن تعرف معنى الألم المتبسم ستجده بالعراق... أذا أردت أن تعرف عظائم ظلم المتسلطين لشعب مسكين ستجد ذلك في العراق.... ان الشعب العراقي يلهث وراء الديمقراطية كانها العلاج السحري لكل همومه.. وما ديمقراطيتنا سوى لعبة طفل من صنع صيني تكسر قبل أن ينتهي يومها الأول..شعبنا يلهث وراء ديمقراطية العجب ليس كمكسب يستمتع به ويعيشه وإنما كلون جديد يراه .. ولعل اللون جديد يحمل معه الخلاص ..لان العراقي حتى اللون الجديد يعتبره متعة لشدة وطول فترة حرمانه...... شعبا تواق لمعرفة الديمقراطية التي سرقت منه قبل أن يدرك معناها... شعبا ينزف لكنه لا يستسلم ولا يقف عند حد الرغبة وإنما يتجاوز ذلك وفي ذلك أيضا عجب.. شعب المستحيلات .... شعبا يتكيف مع ظلم التدكتر مع الجفاف والقحط وحرارة الشمس ولا يستسلم أبدا كحقيقة وقراره وقبوله للحياة لما هو أمر وأصعب من الاستسلام... هل هذه هي الكبرياء وأخلاق رجال الصحراء ... خسائر متوالية ولازالت اللعبة قائمة .. شعبا يلعب لعبة غير متكافئة لعبة استهلاك الإنسان وكلما خسر أكثر ولد منه أكثر لا استسلام واللعبة قائمة وستبقى قائمة الى أن يشق ثوب الجزع ويولد فكر الخلاص الوطني... يبدو أن الأجيال لا تتوقف ولا تنتهي والطموح حقا مشروع للجميع... . والإنفاق المظلمة التي قدر أن يمر بها العراق إحدى اغرب وأصعب عجائب العصر الحديث.. يبدو أن الإنفاق المظلمة في العراق ما هي ألا مترو الم بطيء .. ولا ينتهي نفق مظلم ليرى العراقي النور ألا بكارثة وطنية وبيئية وإنسانية واجتماعية لتمهد الى نفق أكثر ألما وظلمة مما سبق...مسلسل مترو الإنفاق المظلمة العراقي لا ينتهي... فهل هو قدر أم استسلام أم ضعف وتخاذل وطني؟!!!! مر العراق بعصور دكتاتورية دموية مرة ومؤلمة.... لا يكاد يخرج العراق من الم ونفق مظلم ألا بوقوعه بنفق أكثر ظلما وظلمة.. ومن عهود الظلم هذه كانت دخول الطاغية المقبور بحرب دامية مع الجارة إيران...ولم تنتهي الحرب ألا بوقوع سوءا عظيما لحرب مهينة أخرى وحصار مهلك مدمر انهك الانسان وأسس لتغير فكري هائل لتقبل الأفكار التشرذمية المتطرفة التي سادت سنين التسعينيات وأسست لاغتراب فكري هائل أدى الى إفشال أي فكر مؤسساتي صالح بعد سقوط هبل الغباء البعثي بسبب وراثة فوضى وفساد وجهل هذه الحقبة (حقبة التسعينيات).... تحرر العراق من بعض الألم والجوع والصمت المر بعد سقوط الصنم وخرج من نفق الحصار ... الى نفق أخر أسوء مما مضى وهو نفق الإرهاب وضعف وهشاشة السلطة... نفق الدم والغدر العربي للعراق الحر الجديد.. وبدا مسلسل الرعونة والهمجية الديمقراطية ... هل هذه هي أرادة أمريكا أم هي غباءات المتسلطون أم تدخلات السوء العربية والإقليمية... أدراك هذا لم يعد مهما لان العراق قد أصبح في قلب الهاوية ودوامتها متخبطا مغتربا.. وان الحدث السيئ قد وقع وتحليله لا يمنع منه شيء.... وإدراكه كحقيقة اكبر من أن تعالج...كل هذا افقد الإنسان العراقي الثقة بالسلطة الجديدة العاجزة المتناحرة المتنافرة بكل رؤاها....فمن يرحمنا في غربتنا في وطننا من يرحمنا في غربتنا في وطننا.. نعيش ونفرح لكن هل يوجد فينا من تأمل المستقبل... هل يوجد فينا من ينظر بتفاؤل للمستقبل أمام كل هذه المعطيات التراجعية على الصعيد الاقتصادي والاداراي والسوء والفشل؟!!! ... أن هذه المعطيات تحتاج الى عزم وحزم وطني حكومي لمعالجتها ولتقليل الخسائر ..لان تقليل الخسائر بحد ذاته يمكن أن يعد ربحا وطنيا.. هل من الممكن أن يكون هناك أيثار من قبل سياسيو الغفلة ليعملوا على تقليل خسائر العراق؟!!.. هل العراقيون فعلا قادرون اليوم على قيادة ثورة للتغيير... فالسياسيون اليوم غير قادرون على التغيير... والنفاق تسلق عليهم من كل جانب وبهرجة مكاسب السلطة أعمت عيونهم... لكن هل التغيير الثوري اليوم ممكن ؟!! أن التغيير الثوري ألان غير ممكن لأسباب عديد منها التشظي والصرع العرقي والطائفي الذي لازال يغذي الصراع العراقي الداخلي ... واي ثورة وطنية قد تنحرف بشكل دموي ومهلك ومدمر للعراق ككل... كما أن مافيات السلطة من السياسيين الفاسدين وإتباعهم المتنعمين بخيرات البلد على حساب الشعب سوف تعمل أن تكون القامع الأكبر للشعب اتجاه أي فكر وثورة تغيير لكي لا يزول نعيمهم..... لذا أمامنا توقعان للمستقبل الأول هو كلما تعاظمت المشاكل الاقتصادية مع الزمن زاد الظلم وزاد عدد المحرومين وضعفت السلطة امام حاجات المجتمع... مما قد يؤسس لانقلاب يقودوه ثوار الشعب المحروم وهذا يحتاج الى ما لا يقل عن عقد من الزمن... والتوقع الثاني هو أن تتفرد أو تتآمر الفئات السلطوية لتكون أكثر دموية وظلم على العراقيين.. وتسرق كل منجزات الديمقراطية وتؤسس لدكتاتورية قاهرة لا يستطيع الإنسان إمامها أن يفعل شيء ألا الاستسلام والرضوخ ليعيش عقود ظلم جديدة.... أم التوقع بان يقود الجيش ثورة تغيير يبدو أمر مستبعد ما لم تدعمه أمريكا ... ويبدو أن أمريكا اليوم لديها إستراتيجية تعمل فعلا على أن تجعل العراق بلا قانون ولا نظام ولا سلطة حقيقية ليكون لعبة تضحك منه جميع الدول ويقال هذا جزاء من يعصون أمر أمريكا...أمريكا مصرة على أن يبقى العراق في دروس الألم ولا يتخرج منه؟!!... كما أن أدراك إستراتيجية أمريكا لا يعني القدرة على تغييرها... وعدم إدراكها لا يعني أنها غير موجودة.. نقول هنا كفى سباتا كفى اخفاءا للرؤؤس بالرمال الخطر يداهمنا نحن بحاجة الى مشروع للإنقاذ الوطني .. بحاجة الى قيادة فكرية حازمة للبلد توقف الانهيار العظيم وتمنع تدمير البلد..هنا الإشارة لدور المثقف الغائب أو المغيب عن الواقع العراقي... يجب أن يكون هناك دورا مميزا للمثقف العراقي دورا محوريا ليس بالتحليل البعيد عن الواقع السياسي وإنما يجب أن يكون في قلب الحدث ليربط أولياته ولا يفسر الحدث وفق رؤية قاصرة مبنية على أسس التحليل عن بعد فقط ....وذلك لكي يحلل ويعطي الحلول المنطقية الإستراتيجية المعقولة.. كل الكلام النظري لا يصف الحقائق لان حقائقنا متغيرة وإمساكها وفقا لرؤية مبدأ مستحيل لان الإحداث المحلية غالبا ما تفوق التصور الذي على أساسه وضع النظام والقانون... لذا غالبا ما يلجا الى جلسة حوار الشيوخ لقول قولهم في حل الاشكليات الطارئة بعيدا عن المثقف ورأيه الذي غالبا ما يكون استراتيجيا ويحمل في داخله حلول لتنبؤات المستقبل أيضا.. أي أن الحلول التي تنتج عن جلسات الشاي للمشايخ تكون بلا نظام أو قانون أو مبدأ وإنما تكون اتفاق جديد وقانون جديد وعرف جديد ... وما أكثر جلساتنا اللاقانونية وما أكثر قوانيننا الجديدة التي لا تصمد ألا أيام أو أشهر معدودة.. نحن بحاجة الى معلمين صالحين لتعليم المجتمع بحاجة الى من يطبق النزاهة ويحاسب المفسد...نقول تبا للحاكم الذي يرسخ الفساد خوفا على كرسيه من الزوال...ولنسال هنا الظالمين الجدد ونقول من ناضل ضد النظام البعثي السابق ناضل ضد الظلم والفساد... نسال ونقول كيف لكم أن تتقبلوا اليوم فساد أسوء مما مضى !! أم أن إنكم فسرتم فسادكم بالوطنية!! أن المستقبل ينبئ بالاسوء!! فهل تعون معنى ذلك وهل مفردة النضال لازال لها معنى في داخلكم...سوف ترون مناضلين جدد تهيئوا لذلك... سيبقى العراق صامدا ولن يموت ولن ينكسر والتغيير قادم مهما طال الزمن....
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |