|
تصدع الجدار العراقي الاخير
عماد خليل بِله حين تنتفي او يصعب تحقيق العدالة في مجتمع يحتاج المواطن وهو عرضة دائما لاغتصاب السلطة الى جدار يستند اليه عندما يقف بوجه من أحالوا أيامه الى معاناة ثقيلة، محاولا استعادة حقوقه المسروقة. دخلت السلطات الثلاثة في بودقة واحدة مع السلطة الرابعة لتكون ادوات بيد الطاغية تساهم بفرض سيطرته وتصوراته واهوائه وتفرعنه وتشرعن تحكمه بمخاليق الله في العراق، فلعب وغامر وتنازل وباع وخرب كما شاء امير من عصور الاستبداد في دولة مهزومة. وصار القضاء المفترض به ضمير المجتمع ومقنن وسائله لتحقيق العدالة مختصرا بجرة قلم لشخص الطاغية، وتربع على عرشه امثال عواد البندر كنموذج للاستهانة بالقضاء روحا وممارسة. وفتح التغيير بعد التاسع من نيسان 2003 بابا من حرية مكنت القضاء العراقي من استعادة عافيته الشرعية ليعيد ربط جذوره بمعناه الحرفي للوظيفة ويستند على اسسه المستمدة من الشرع والتاريخ والمفاهيم المتقدمة للانسانية، واصبح بذلك الجدار الذي يستند اليه العراقيون عند احساسهم بالظلم، وعند مبادرتهم بفعل لاستعادة حقوقهم، وهذه للان نشاطات محدودة جدا، ولكن الحال لاينفي امكانية تفعيلها لاحقا عندما يتأكد العراقي ان شكواه لاتحل بعبوة ناسفة او كاتم للصوت ينهيه. وقد تصاعدت اهمية السلطة القضائية في العراق خلال السنوات الماضية في اهميتها حين تعثرت السلطتين التنفيذية ولتشريعية في طبخة المحاصصة والتقاسم الحزبي والعشائري والعائلي للنفوذ ومواقع الوظائف وثروات البلد وحصرتها بمساحة ضيقة من شعب العراق الذي تركت غالبيته مصابة بصداع البحث عن امان واستقرار ومصدر عيش مضمون. نعم كانت تجربة سنوات بعد التغيير مرة ويمكن ايجاد مبررات لابتلاع بعضا من مرارتها تحت يافطة الاحتلال والمحاصصة وهوج الشارع وصراع الاضداد المتحكمين بالوضع السياسي، فكان فساد السلطتين التنفيذية والتشريعية وبمشاركة جزئية من السلطة الرابعة، في حين بقيت السلطة القضائية تكافح لتقف بصمود عند اعمدة العدالة وشهد لها مواقف قضائية عمقت الثقة بالجهاز القضائي العراقي، وفرح الناس بمعرفة ان جدارهم الاخير شامخا في عدالته بايدي امينة . اذن مالذي حدث كي تعود حليمة لعادتها القديمة؟! اثارت الدعوى ضد وزير التجارة الحاج عبد الفلاح السوداني واستقالته الاجبارية واعادته بقوة القانون لمنع هروبه فرحا غامرا بين ضحايا الفساد المالي والاداري، لان قضائنا بعون الله وشكيمة منتسبيه يمكنه ان يحاسب من يتعدى على ثروات الوطن مهما كان موقعه، وظن البعض ان محاسبة هذه الوزير ستكون بداية تكر بعدها السبحة ليتحقق الشعار المرفوع بمكافحة الفساد! وياللمفاجأة...... عبد الفلاح السوداني بريء... بريء ... بريء.. بالتلاتة ليس لعدم كفاية الادلة ضده وانما لعدم وجود دليل واحد على ادانته حسب ما نقلته مواقع الاخبار وصرح به زملاءه. لم يكن لي الامر مفاجأة لاني قرأت قبل ايام من صدور قرار البراءة في احد المواقع على النت تصريح للدكتور السوداني بحضور معرف له في النجف الاشرف اكد فيه انه خلال ايام ستثبت براءته . يعني الرجل المؤمن كما يوصف مطلع على غيب القضاء. يعتقد من وقت الاعلان بانه اختيارا ذكيا لتوقيت التلاعب بالقضاء حيث الاطراف السياسية مشغولة بصراعاتها والناس دايخة بما يجري وقد اهتز املها ببداية جديدة مؤملة. لم نعرف كعراقيين غير ما اخبرونا به من احتفالات التبرئة. اما كيف جرت المحاكمة، وكيف طبخت النتائج في واحدة من اشهر عمليات السرقة في البلد في دهاليز الخفاء فقد ضاع كما ضاع القضاء العراقي عند تفجير عبوة براءة السوداني التي الصقت به. كيف البراءة وكل من يتعامل في السوق يعرف ان المناقصات والعقود مع وزارة التجارة مشكوك بها. ان امكانية حماية الشهود لو توفرت وصحوة ضمير وضمان للمتعاقدين تبين ما يطيح بعروش لو تحقق. ورد في الخبر ان المسكين السيد عبد الفلاح السوداني لم يكن يعلم بما يجري في وزارته وان الفساد والسرقات كانت بفعل مدراءه العامين . عفية عليكم اشلون دبرتوهه. اذن يا اصحاب السعادة خبرونا ما كان يفعل معاليه. لن تقنعونا بانه كان يقضي ساعات الدوام بالصلاة والتسبيح والدعاء، لعله قضى شطرا منها مستغفرا. واذا كان فعلا لايعلم والله اعلم فيجب ادانته بما هو افضع من السرقة وهو الاهمال وغض النظر واغتصاب موقع يتعلق بحياة العراقيين دون ان يكون اهلا له، اما ان تطلعوه بريئا كذئب ابن يعقوب عليهما السلام فهي الكارثة التي احدثت شرخا بجدارنا العراقي الاخير لتضعه في نفس بوتقة الفساد التي تظم بقية سلطات الدولة. فمن لك ياعراقي وقد اصبحت كل الاجهزة تبيع بيك وتشتري. يقول صاحبي شكو حامل على الدكتور وهي فقط ثلاثة او اربعة مليارات من الاخضر، و كلام قيادات الائتلاف الوطني يقول فقط لديهم وثائق باختفاء ثلاثة مليارات . هل من الصحيح ملاحقة الحاج عبد الفلاح السوداني والاخرون يتنازعون على الجمل بما حمل. ملاحظة: كان العنوان الاول للمقالة سقوط الجدار العراقي الاخير، وقد تأخرت بنشره للتاكد من الخبر وكان خيرا حين قرأت تصريحات عراقية معترضة على قرار البراءة وخاصة تصريح الاستاذ القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة حول استئناف القرار فاعاد شيئا من الامل خاصة اذا جابت نتيجة وجعلني اغير العنوان الى تصدع الجدار العراقي الاخير، وانشاء الله يتم اصلاح هذا التصدع. راجيا ان لاتصدمنا الايام بنتائج الاستئناف.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |