ألقضاء على الفقر في العراق مسؤولية وطنية وأخلاقية ودينية

ألرحمة بالفقراء يا أولي النخوة والألباب

 

طعمة السعدي / لندن

talsaadi815@yahoo.co.uk

حفزتني على كتابة هذه المقالة، مقالة الأخ ألسفير الدكتور حسن الجنابي ممثل العراق في منظمة الغذاء والزراعة الدولية في روما المعنونة : العراق، سنوات الجوع، التي نشرت في صحيفة الشرق الأوسط السعودية في عددها المرقم 11484 في الثامن من شهر مايس (آيار) الجاري . وهي مقالة ممتازة متميزة وضعت سهم اشارة منير لامع على احدى الآفات والعلل التي تصيب قطاع واسع من أبناء الشعب العراقي، وهي آفة الفقر التي تصيب ربع السكان، حسب الأحصاءات الرسمية،  في بلد غني جدا" في ثرواته الطبيعية، فقير جدا" في خطط التنمية وأعمار البلاد واسعاد العباد، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب بسبب المحاصصة الطائفية والحزبية المقيتتان.  وذكر الدكتور حسن أن معيار خط الفقر للفرد هو دخل يساوي 77000 دينار عراقي، أي  ما يقارب أل 69 دولارا" أمريكيا" شهريا" حسب سعر الدولار السائد، والمستقر منذ أربع سنوات أو أكثر. وهذا يعني أن عائلة مكونة من خمسة أشخاص يجب أن يكون دخلها الشهري 385000 دينار عراقي أو ما يساوي 345 دولار شهريا". من الواضح أن كثير من العوائل لا تحصل على المعدل المذكور أعلاه لتعيش عند خط الفقر، لا فوقه. واذا قل دخل العائلة عن ذلك المعدل تعتبر فقيرة.

 

ألآفة مستفحلة ومحزنة، ولكن ماهي الحلول؟ 

قلنا في مقالات سابقة أن تقدم البلاد وأزدهارها مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع، وأن الحكومة لا يمكنها منفردة" تحقيق قفزات نوعية متسارعة في اعمار البلاد والقضاء على البطالة والفقر مهما حاولت، لأن المشاريع الحكومية الصناعية والخدمية والزراعية محكومة بالفشل الذريع مسبقا" بسبب الفساد المستشري كالسرطان،  و سوء الأدارة، ولا أبالية الموظفين الذين لا يهمهم، على الأغلب الأعم، الا استلام رواتبهم آخر الشهر لحين أول فرصة تمكنهم من التقاعد ليصبحوا عبئا" على الحكومة والمجتمع طوال حياتهم، وبعد مماتهم حيث يتم دفع الراتب التقاعدي لأفراد عوائلهم المستحقين. أنا لست ضد ضمان حياة كريمة للموظف وأهله في حياته الوظيفية وبعد تقاعده من ناحية ألمبد، ولكني ضد السماح بتقاعد موظفين في الأربعينات أو بداية الخمسينات بمختلف الحجج بعد اكتسابهم الخبرة والنضوج والحكمة لينظموا الى جيوش البطالة المقنعة والتضخم الهائل في عدد الموظفين الحكوميين الذي يرهق ميزانية الدولة. 

أما في القطاع الخاص، فلا مكان للكسالى والمخادعين والمتسيبين، لأن رب العمل سيطردهم أولا"، وهم يخشون الطرد وألأنظمام الى  قائمة البطالة المليونية ثانيا". 

لا نجاح متسارع في بناء الدولة وتحسين المستوى المعاشي للمواطنين الا عن طريق قطاع خاص فعال ومخلص تكون أهدافه اعمار البلاد وتحسين أوضاع العباد بنفس القدر الذي يتوق فيه الى تحقيق الربح، وهو حق طبيعي مشروع لاجدال فيه. وأكرر أن الدول الصناعية الكبرى، ونمور آسيا ( ما عدا الصين التي يحكمها حزب شيوعي ينفذ برامجه بمنطق دكتاتورية البروليتاري، أي دكتاتورية الطبقة العاملة وشعب متحد غير مشاكس ) حققت تلك القفزات الهائلة عن طريق شركات القطاع الخاص، وليس مشاريع الحكومات الفاشلة. ولا قطاع خاص نشط وناجح دون نظام مصرفي كفوء يوفر كافة التسهيلات المصرفية من القروض الميسرة بأسعار فائدة معقولة جدا" الى تسهيل المعاملات التجارية من خطابات الضمان الى الأعتمادات المصرفية وكل ما يدعم النشاطات الصناعية والتجارية والزراعية والخدمية وتمويل المشاريع الناجحة ذات الجدوى الأقتصادية من الناحيتين التجارية والمالية. ويجب توفير السلف المناسبة للقطاع الخاص ذو الخبرة الجيدة والسمعة الحسنة (وليس لكل من هب ودب)  لأستيراد المصانع والمكائن قبل وصولها الى البلاد على أن يتم دفع ثمن تلك المشاريع الى المجهز مباشرة عن طريق اعتماد مصرفي يتم فتحه الى مجهز ومصرف معروفين لتلافي الغش والأحتيال والفساد السائد في البلاد بفوائد مدعومة من قبل الحكومة. ويجب اعفاء مثل هذه المشاريع من التعريفة الكمركية والضرائب لسنوات عديدة لتشجيع المستثمرين العراقيين والأجانب على تنفيذها.  وفيما يخص أسعار الفوائد المصرفية العالية نتساءل: من سيقوم بانشاء مشروع صناعي أو زراعي أو خدمي أو عمراني أو طبي اذا كانت فوائد المصارف أضعاف الأرباح التي يحققها المشروع أو فائض القيمة؟ والجواب واضح : لا أحد على الأطلاق. 

ان فشل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 لحد الآن في حل مشاكل البنية التحتية التي ورثتها خرابا" من نظام صدام وعصابته التي لم تكن تهتم الا برفاه ألرئيس وحماياته والمقربين منه والحفاظ على السلطة الى أطول فترة ممكنة، وعلى رأس تلك المشاكل أزمة توفير الطاقة الكهربائية المستفحلة، وفشل وزارة الكهرباء فشلا" ذريعا" في حلها مما يجعلنا نتساءل مرة أخرى عن سر ابقاء الوزير على رأس الوزارة طوال هذه المدة دون طرد أو عقاب، كما نتساءل في نفس الوقت عن سبب عدم تخصيص ميزانيات سنوية مضاعفة للوزارة ( خصوصا" في السنوات الثلاث التي مضت، بعد تحسن الأوضاع الأمنية) للتعجيل في حل هذه الأزمة الخانقة التي ترهق الناس وتكلفهم نسبة كبيرة من وارداتهم تذهب الى أصحاب المولدات الذين يبتزونهم دون رحمة أو ضمير، أو  شراء مولدات كهربائية تساهم في أستنزاف دخل المواطنين و تأزيم وتوسيع مشكلة أخرى وهي أزمة الوقود التي نجحت وزارة النفط  بحلها بشكل مقبول اذا أخذنا في الأعتبار ملايين السيارات التي تم استيرادها في زمن الفلتان بين اعوام 2003 و2006 اضافة الى مئات الآلاف من المولدات الكهربائية التي تتراوح طاقاتها بين 2 الى 30 كي في أي KVA للمنازل والمحلات وأضعاف ذلك للأغراض الصناعية والتجارية وغيرها وما تستهلكه هذه السيارات والمولدات  من عشرات الملايين من الليترات من وقود الديزل والبنزين تحرقها المولدات يوميا" مما يسبب خسائر هائلة للبلاد وللأفراد، ويضع أعباء" مضاعفة على وزارة النفط التي نجحت نجاحا" مميزا" في عدة مجالات رغم الصعوبات، اضافة الى توفير الوقود كما أسلفنا. ان استمرار أزمة الكهرباء يصيب عصب البلاد وعمودها الفقري بالشلل، وهذه الأزمة احدى مسببات الفقر في العراق بشكل أو بآخر بسبب ما ينتج عنها من توقف أعمال مصانع كثيرة وحرف ومشاغل صغيرة متعددة تعتمد على الطاقة الكهربائية، وبالتالي زيادة جيوش العاطلين عن العمل والأسهام في انتشار الفقر بأحسن الأحوال، وبعكسه انتشار الجريمة وتوفير مجال واسع للأرهابيين للتغرير بالمعدمين ومن لايجد قوت يومه وتحويلهم الى وحوش بشرية ضارية. فلا صناعة ولا مشاريع ناجحة بدون طاقة كهربائية. وكيف يمكن تربية الدواجن مثلا"، لا حصرا"، دون طاقة كهربائية من الدولة؟ وكيف يعمل مصنع انتاج الأعلاف دون كهرباء؟ ان استخدام المولدات الكهربائية وشراء الوقود في السوق السوداء يضاعف كلفة الأنتاج وليس لدى كافة أصحاب الحقول المال الكافي لشراء المولدات والوقود اللازم لتشغيلها.

بامكان المواطن الأنتظار سنة أو سنتين على تبليط شارع أو انشاء جسر اذا كان سيحصل بالمقابل على كهرباء لا تنقطع، كما كان الوضع في خمسينات وستينات القرن الماضي في بغداد (يوم لم يوجد كهرباء في دبي)، أو كما هو حاصل في العالم المتحضر والأردن المحروم من الموارد الطبيعية، المرزوق بشعب مطيع متكاتف وحكومة حولت البلاد من حالة البداوة والتخلف الى التقدم والتحضر. أسيق هذا المثل لأضع أمام المسؤولين في الحكومة المركزية والمحافظات نموذجا" لتغليب أولوية تنفيذ الأهم على المهم في اعادة بناء البنية التحتية. 

ولا شك أن توفير المياه الصالحة للشرب والصناعة على حد سواء، ومد المجاري، وانشاء شبكات الطرق وبناء المجمعات الصناعية وتأجير المباني الصناعية للصناعيين من العوامل التي تساهم بشكل فعال في تشغيل الأيدي العاملة والتقليل من عدد الفقراء في البلاد. ويذكرني هذا الموضوع برفض مجلس النواب ألمنتهية ولايته (لا أرانا الله مثيلا" له)  القروض اليابانية والكورية والبرازيلية الميسرة البالغة 70 مليار دولار لبناء البنية التحتية، ويبدأ تسديدها بعد خمسة سنوات بفوائد رمزية،  لئلا يسجل هذا الأنجاز لصالح المالكي،  وكأن الرجل سيستثمر الأموال له ولعائلته وليس للشعب العراقي الذي من المفروض أنهم يمثلونه!!!!!!!!!!! ( يرجى قراءة مقالتي المعنونة : هل تمثلون الشعب ومصالحه، أم ألعدو ومآربه يا بعض نواب القوائم المغلقة؟ المؤرخة 30 أيلول 2009 .)  

ومن الواضح أن تشكيلة الحكومة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كما كان الحال في العهد الملكي الذهبي،  وعهد المرحوم عبدالكريم قاسم من أهم أسباب نجاح الحكومة. ان حسن اختيار ذوي الخبرة الطويلة من التكنوقراط والأداريين عامل أساسي في ذلك، علما" بأن الكفاءة لا تعني الشهادة العليا أبدا". فأعلى الشهادات دون خبرة وشخصية قيادية وادارية مرموقة، ما هي الا حبر على ورق لا يجدي في ميدان بناء البنية التحتية وتقدم الأوطان وادارة شؤون الدولة . ان الوزير أو المسؤول الكبير الضعيف الشخصية لن ينجح في عمله حتى لو كان حائزا" على عدة شهادات عليا وليس واحدة فقط . ويجب أن تطلق يد رئيس الوزراء لطرد أي وزير يفشل في قيادة وزارته، وعليه أن يتابع يوميا" أعمال وزرائه، فاذا تم ترك الحبل على الغارب، ضاعت السفينة وتاهت في أعالي البحار. وضاع الخيط والعصفور كما يقول المثل الشعبي . 

ومن ناحية أخرى تحتاج البلاد الى ثورة زراعية حقيقية كما ذكر الدكتور حسن الجنابي في مقالته المذكورة أعلاه، من أجل التخفيف من نسبة الفقر في البلاد،  وكما ورد في مقالتي المؤرخة 24 تشرين أول 2008 المعنونة (تخبط وزارة الزراعة في دعم المزارعين والثروة الحيوانية) ومقالتي المؤرخة في 28 شباط 2009 المعنونة ( اهمال وزارة الزراعة لتربية الدواجن وأضرارها على العراق والعراقيين) والمقالتين موجودتين في موقعي الخاص لمن يرغب الأطلاع عليهما. وعلى وزارتي الزراعة ووزارة الموارد المائية التنسيق فيما بينهما من أجل حل مشكلة مياه السقي وذلك بتعميم القنوات المبطتة والمغطات لتقليل الضائع المائي المتسرب الى التربة والمساهمة في تلفها عن طريق زيادة ملوحتها بسبب تبخر الماء وتراكم مافيه من أملاح في الأرض فتقضي هذه الأملاح على خصوبة التربة، كما يتم توفير نسبة كبيرة من المياه المفقودة نتيجة التبخر بفعل الحرارة والرياح. ويجب اقران ذلك بمبازل حقلية مغطاة ومكشوفة ومبازل رئيسية في كافة أنحاء العراق. ان تعميم وسائل الري بالتنقيط للمحاصيل الحقلية والبساتين أصبح ضرورة ماسة بسبب قطع حصص العراق المائية من قبل النظام البعثي السوري وتركيا وايران بلدي منابع دجلة والفرات وروافدهما. كما أن الري بالتنقيط يعني زيادة الرقعة الزراعية وأنتاجية الأرض بقدر أقل من كميات المياه. أليس من المؤلم أن يستورد العراق كافة أنواع المنتجات الزراعية من الأردن الذي يعاني من شحة كبيرة في المياه ويعتمد أساسا" على مياه الآبار في زراعته؟ انهم (ألأردنيون) يستخدمون أفضل الوسائل للأقتصاد بمياه السقي عن طريق الري بالتنقيط والبيوت البلاستيكية. ولا بد من توفير الدعم للأنتاج المحلي عند توفره في فصول معينه بمنع الأستيراد من الدول المجاورة، ثم السماح بالأستيراد وقت شحة الأنتاج المحلي فقط . ويتطلب ذلك متابعة مستمرة لحالة العرض والطلب في الأسواق العراقية، ومراكز التسويق الرئيسية في البلاد. ان الأتحاد الأوروبي يدعم المزارعين دعما" جيدا"، وبعكسه لأنتهت الزراعة وتربية الحيوات في هذه الدول بسبب أرتفاع كلفة الأنتاج. 

من ناحية أخرى تنتشر في البلاد جمعيات خيرية كثيرة لمساعدة المحتاجين والأرامل والأيتام والمعوقين وذوي الأحتياجات الخاصة وأغلبه، حسب علمي، لا تهتم بالجانب التدريبي وتوفير مصادر الرزق  والعمل والمهارات التي تؤهل المحتاج أو المحتاجة للعمل وكسب عيشه دون الأعتماد على المساعدات والتبرعات. ان قيام جمعيات بتشجيع الفلاحين على تربية الأغنام  والأبقار وغيرها من المواشي وتوفير سلف مالية لهم لتحقيق ذلك يحقق تأمين غذاء صحي للفقراء منهم ومورد رزق ثابت متعاظم لهم.  ويجب أن يتم ذلك بمراقبة صارمة لئلا يقوم ضعاف النفوس ببيع ما يتوفر لهم  وينفقونه على شهوات عاجلة. كما أن تشجيع الأرامل والعوانس وتدريبهن على أعمال الخياطة والحياكة والصناعات الشعبية كصناعة السجاد مثلا"، أفضل ألف مرة من تخصيص رواتب شهرية لهن. 

ان القضاء على الفقر يستوجب مشاركة الجميع في توفير فرص عمل أفضل لمحدودي الدخل، وليس التبرع لهم بالمال والرواتب الشهرية لأرهاق اقتصاد البلاد والأفراد والمؤسسات الراغبة في المشاركة في هذا الواجب الوطني والأنساني والديني والأخلاقي النبيل. فنحن لسنا في حاجة الى جيوش جرارة من المتكاسلين الأتكاليين الذين يستسهلون العيش عالة على الدولة والمجتمع. فما لدينا من بطالة مقنعة وتضخم هائل في عدد الموظفين والمتقاعدين يكفين، بل من الواجب ايجاد السبل الكفيلة لترشيق الدوائر والمؤسسات الحكومية بأيجاد وظائف انتاجية بديلة تجعل الموظف يساهم في الدورة الأقتصادية ايجابيا" لا سلبيا". 

وأخيرا" في هذه المقالة لا أعلم أين تذهب مئات الملايين من الدولارات مما يتبرع به المسلمون سنويا" في داخل العراق وخارجه من الهند حتى البحرين وقطر وجزيرة العرب وغير ذلك من شتى أنحاء العالم، أو ما يدفعونه كزكاة وخمس (لدى الشيعة فقط) ونذور وغيرها  وما يوضع في أضرحة الأئمة عليهم السلام  من تبرعات، وما يتراكم من تلك الأموال عام بعد عام منذ مئات السنين ولا أحد يعرف كيف تنفق هذه الأموال لأنعدام الشفافية والأحصاءات في هذا المجال. ولكن الواقع يقول أننا لم نشهد مستشفى يشار اليه بالبنان ( يتناسب مع تلك المداخيل الكبيرة) يبنى أو منطقة سكنية تشيد أو مدرسة متميزة أو غير متميزة تبنى، أو مشروع صناعي او زراعي أو خدمي أو سياحي يقام بهذه الأموال التي يجب أن تستثمر لخير البلاد والعباد، وتساهم بشكل فعال في القضاء على حالة الفقر بتوفير فرص العمل، والتعليم المهني وتحسين الحالة الصحية للمواطن. وأكاد أجزم أن بأمكان رجال الدين الأفاضل  المساهمة بشكل فعال في القضاء على حالة الفقر لو تم التنسيق فيما بينهم وتم التخطيط لمشاريع صناعية أو تجارية أو سياحية مشتركة توفر فرص عمل للمواطنين رجالا" ونساء"، ويؤدون بذلك خدمة للمواطنين في سبيل الله الذي سيجزيهم خير الجزاء. وعلى المواطن التمييز بين رجل الدين الصالح المحترم، والمرتزق المنافق ألدجال المختبىء تحت عمامة الدين قبل دفع ألمال لهم . ان استثمار المال المتراكم لدى علماء الدين الأكارم في مشاريع منتجة دائمة، وجعله يولد ربحا" دائما" متراكما" خير ألف ألف مرة من توزيعه ليؤكل ويستنزف دون جدوى. وان زهد آية الله السيد علي السيستاني وتواضعه وبساطة عيشه في محلة البراك (البراق) في النجف في بيت صغير جدا" لا تصل مساحته المائة متر مربع، وهو مستأجر من وقف المدرسة الشبرية التي أسسها المرحوم السيد علي شبر الذي كان  وكيلا"  للمرجع الأعلى السيد محسن الطباطبائي الحكيم في الكويت في ستينات القرن الماضي وحتى مماته رحمه الله . ولا يتجاوز بيته الرسمي (البراني أو المكتب والمضيف)، الذي يستقبل فيه الضيوف ويشمل مكتبته، المائة والخمسين مترا" مربعا"  تقريبا"، وهو مستأجر أيضا"، في حين بامكان السيد حفظه الله شراء أفخم القصور مما يرده من تبرعات وأموال . ان هذا ألزهد وألتواضع وأقتداء السيد علي السيستاني بجديه رسول الله (ص) والأمام علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحاب الرسول (ص) الذين اقتدوا به، يجب أن يكون قدوة لكل رجال الدين الآخرين (وأولادهم) جميعا" دون استثناء . كما يجب أن يكون السيد أدامه الله مثالا" لقادة الأحزاب الدينية الذين انتفخت خزائنهم، فأصبحوا من أغنى الناس، واصحاب قصور وعمارات وفضائيات، وحولوا مواقعهم الحزبية الى وسيلة لجمع الأموال بكل الوسائل، بعد فقر مدقع والعيش على صناديق الضمان الأجتماعي في أوروب، ونالهم نتيجة ذلك غنى فاحش من مصادر لا يعلمها الا الله، وهي بالتأكيد ليست من الرواتب أو المكرمات. واذا كان هؤلاء في مثل هذا الحال، فكيف سنقنع المواطن العادي البسيط (والغير متدﯾﱢن) أن الفساد جريمة يعاقب عليها القانون الوضعي، وهو مصدر رزق حرام يحاسب عليه الله عز وجل يوم لا ينفع مال” ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم؟. 

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com