|
الكل يلعب بورقته الرابحة ..! باقر الفضلي ها هي الإنتخابات قد شارفت على الإنتهاء، ، أما الإستقطاب بين الكتل السياسية المتناحرة فهو الآن سيد الموقف، ولم يعد هناك حاجة ماسة للجدل والتحليل والنقاش، بعد أن تحددت معالم اللوحة السياسية بكل وضوح وجلاء، وأصبحت مظاهر الصراع جلية للعيان، إذ تعالت فيه أصوات الأطراف التي في المواجهة، وخفتت أخرى بعيداً عن ملامح الصورة الأولية، ليستقطب الحال وفقاً لما سبق وأشرنا اليه في مقالة سابقة، في حدود أطره المتوقعة، وضمن أفلاكه المرسومة، وطبقاً لعوامل الصراع نفسه، وطبيعة التناقضات المحركة للأطراف المتصارعة في الساحة السياسية خلال السنوات السبع الماضية..!(1) لقد دللت المؤشرات شبه النهائية لنتائج الإنتخابات وبحدود 95% منها، أن الصراع على السلطة هو العامل الفاصل والحاسم بين القوى السياسية، وخاصة الكتل الكبيرة منها، ولعل أهم ما يميز هذا النوع من الصراع، هو التمسك الشديد بالسلطة، والذي تجلت مظاهره على صعيد أكبر المتصارعين من الكتل السياسية، وسط حالة من الإسقاط السياسي التي تمارسها تلك الكتل بعضها ضد الآخر، حتى قبل إعلان النتائج النهائية للإنتخابات، مقرونة بالتشكيك والإدعاء بالتزوير والتلاعب بعمليات العد والفرز من خلال التواطيء مع البعض من العاملين في عداد المفوضية العليا للإنتخابات، بل وصلت الحال حد التهديد والوعيد، والإعلان عن التخطيط لإنقلابات بيضاء أو إنقلابات عسكرية، مما إستدعى قلقاً أمريكياً وإستنفاراً أمنياً هنا وهناك..!؟ وعلى ضوء هذا الحسم، ستتحدد ملامح إتجاهات العملية السياسية القادمة، ولكن الجديد في الأمر هو هذا التناحر الشديد بين طرفي الصراع الرئيسين، والمتمثلين بكل من كتلتي "دولة القانون" من جهة وكتلة "العراقية" من الجهة الأخرى؛ حيث أصبح منصب "رئيس الوزراء" هو الهدف المعلن من قبل الطرفين، ولم تعد كفتا الميزان السياسي العراقي، تأخذ بالحسبان النتائج المأساوية لحالة الصراع المستقطبة بين الجهتين، ويبدو أن الجميع قد تناسوا ما إتفقوا عليه دستورياً، وثبتوه بالتوافق السياسي، في نص المادة/ السادسة من الدستور لعام/2005 ؛ المادة(6): [[يتم تداول السلطة سلمياً، عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذا الدستور.]] وكان لنا في هذا مقالة خاصة، شرحنا فيها مغزى نص المادة الدستورية المذكورة، من خلال روح الدستور وأهدافه. وليس المستهدف من هذا الحديث، تكرار ذلك المغزى وتلك الأهداف التي تواخاها النص حسب، بقدر ما ينبغي التنويه وبعجالة، الى ما هو أكثر أهمية، وهو ما يتعلق بالجذور التأريخية لهذا النص الدستوري، وبكونها تشكل الأسس والخلفية التي تقف وراء النص المذكور. (2) فلا أظن أن السادة السياسيين ومنهم من شارك بكتابة النص المذكور، لا يستذكر الدوافع والأسباب التي تقف وراء تشريع المادة السادسة المذكورة من الدستور، وهم أنفسهم من قاد منظمات وحركات وأحزاب سياسية، كانت جميعها تقف في صف المعارضة للنظام السابق، وجميعهم يدرك أن تسلط الأنظمة الديكتاتورية والإستبدادية والبوليسية، هي من يقف وراء البحث والتحري عن صيغة دستورية أكثر قبولاً من قبل كتلهم وأحزابهم السياسية، لتجنيب البلاد من تسلط مثل تلك الأنظمة من جديد، بعد ما تم لهم إزاحة النظام السابق عام/2003، فجاء التأكيد بموجب المادة السادسة من الدستور، لتضع القاعدة الدستورية الأساسية لتداول السلطة في البلاد، وطبقاً للآليات التي حددها الدستور نفسه، ومن هنا جرى التأكيد على التداول السلمي للسلطة بإعتباره الطريق الوحيد الذي أقره الدستور وصوت عليه الشعب، وما عداه لا يمثل إلا طريقاً لا شرعياً مهما كانت أشكاله وطرق تنفيذه. وحيث يمر الوطن الآن، بفترة حرجة، وبعد أن أثبت الشعب تصميمه على الأداء السليم في الإنتخابات، يصبح لزاماً على الكتل السياسية، وبالذات منها الكتلتين الكبيرتين، بالتمسك بأحكام الدستور وبتفهم روح النصوص القانونية، والأغراض التي وجدت بسببها المادة السادسة آنفة الذكر، والإبتعاد عن التفسيرات والإجتهادات التي تصب في خدمة المصالح الخاصة لأي مكون منهم؛ وليكن لنا جميعاً إسوة حسنة بما أقدمت عليه الديمقراطية البريطانية قبل أيام، وإن كانت تسبقنا بما يقرب من ثلثمائة عام من التجربة العملية، لنجد في ما أقدم عليه السيد براون رئيس الوزراء السابق مبادرة إيجابية قل نظيرها، حين أدار ظهره لكرسي المنصب والحزب بعد الإعلان الأول لنتائج الإنتخابات، ومن أجل المصلحة العامة..! فهل سيثبت سياسيونا بأنهم أجدر بمبادرة أكبر وأعمق في طريق الديمقراطية، ليؤسسوا بذلك وليثبتوا للعالم المتحضر ولشعبهم، بأنهم ليسوا طلاب سلطة حسب، بل بناة لنهج الديمقراطية في الحياة السياسية على حساب مصالحهم الذاتية والحزبية، ومن أجل وحدة الشعب والوطن..؟! (1) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=214876
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |