|
النبي محمد بن عبد الله يعفو عن الرسام الدانمركي!!
محمود غازي سعد الدين/ بلجيكا عادت بنا ألأحداث إلى سنين مضت عندما أفتى الخميني بفتواه الشهيرة قبيل سنين عدة بإهدار دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي بسبب نشره كتابه الآيات الشيطانية تلك الفتوى التي جعلت من الكتاب أشهر كتاب يتلقفه القراء أينما كانوا بعد أن كان موضوعا على رفوف المكتبات في بريطانيا وغير بريطانيا حاله كحال أي كتاب آخر اكتنفها الغبار, أحدثت الفتوى ضجة في العالم وأزمة سياسية وطرقت أذهاننا وعقولنا عن ماهية تلك الأسطر التي تجعل من الراحل الخميني ليهدر دم إنسان، في النهاية خلقه الله حرا ليكفر به أم ليؤمن !! أتحفنا الفقهاء المتزمتون في قم بفتاوى أخرى لإرباك الوضع داخل العراق بدلا من اسقاط الفتوى ضد الكاتب البريطاني، وأصدرت فتاوى للوقوف والقتال ضد التحالف في حرب تحرير الكويت إبان إخراج الجيش العراقي منها وإجباره على الانسحاب التي لولاها لأسقط نظام البعث حينها، ثم تلتها فتاوى فقهاء الإرهاب في السعودية وقم معا واليمن ضد ما سموها الهجوم على الإسلام أو الحرب الصليبية في إشارة إلى حرب تحرير العراق وإسقاط أبشع نظام دكتاتوري، وبدأ نزاع أجندات السلفية التكفيرية وأجندة ولي الفقيه تعمل فعلها الشنيع على الأرض العراقية بمشاركة فاعلة من حثالات البعث ألصدامي تساندها أجندات أحزاب كانت لها ارتباطات مع نظام البعث الصدامي، على العموم فتاوى هدر الدم عموما لم يتوقف إصدارها من قبل أمراء المسلمين وفقهائهم عبر التاريخ القديم والحديث، وبدأت تنهل علينا من كل حدب وصوب وخاصة بعيد تحرير العراق وانتشرت لتشمل الصومال وباكستان والهند وأوربا والولايات المتحدة . هنا أخذ نصا صريحا من القران الكريم طالما كنا في سياق الحديث عن حرية التعبير والحقوق وقول الحق واطرح سؤالا لماذا ترك الله عز وجل الباب مفتوحا ليؤمن به أو ليكفر ؟ وفي نفس الوقت كرم بني آدم كلهم دون استثناء ؟ أليس الله عز وجل غايتنا الأسمى للإيمان ومن ثم الوصول إلى تلك الغاية عبر التعامل السمح والعدالة والإحسان بين من خلقهم من بني البشر(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً )، وان اختلفت الديانات والرسالات كلها في الفروع والمضامين والطقوس التي جاءت بها، فجميعها تشترك في كونها تنشد نشر المحبة والسلام والأمل والعفو عند المقدرة والتآلف ونبذ التطرف كخطاب عام، ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)( وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) الله الذي بعث الملل والشروع والمناهج لنستبق الخيرات والعمل الصالح بيننا وخاطب انبيائه وحذرهم من أن تكونوا من الجاهلين فهذه مشيئتي ثم إلي مرجعكم جميعا ولتسألن عما كنتم تعملون وعملنا الخير الصالح هو المقياس الأول والأخير لما سيحاسبنا الله عليه (من عمل عملا صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد)، فأين هي الحكمة والموعظة الحسنة ونحن نسمع ونرى فتاوى القتل والكراهية وخلق الفتن، والفتنة اشد من القتل كونها تمهد للقتل وإثارة الضغائن والفساد . استنفر الفقهاء المتطرفون كلهم سنة قبل شيعة وحشدوا جهودهم وفتا ويهم للهجوم على الرسام الدانمركي ( كورت ويستر غارد) الذي رسم بعض الصور في إشارة إلى النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) تعكس حقيقة مظاهر التطرف والإرهاب الذي يمارس من الطوائف الإرهابية الإسلامية في مختلف أرجاء العالم برفع السور القرآنية وقراءتها والأناشيد الدينية أثناء عملياتهم الإرهابية كافة . لعلنا شاهدنا خروج المظاهرات الحماسية والهجوم على فروع السفارات الدانمركية ومطالبات بمقاطعة البضائع الدانمركية من قبل هؤلاء المتشددين ويا حبذا لو اقتصرت المعارضة على ردود إعلامية وندوات حوارية والسؤال عن السبب الذي دعا الفنان لنشر هذه الصور؟ أليس هو تطرف المسلمين نفسه الذي دعت الفنان لان يعبر عن ما يشاهده من ممارسات إرهابية وإجرامية ومظاهر تزلف وتملق للحكام الطغاة في بلداننا (وبلد الرسام التي آوت الآلاف من هؤلاء المسلمين)، تحمل جميعها الطابع الديني ومدعومة بنصوص وأحاديث تأول من قبل المؤولين لم تعد خافية على أحد، وتعدى حدود تطرف هذه الجماعات إلى إصدار فتاوى هدر دمه وإعلان الجهاد ضد ما سموهم الكافرين ومهاجمته في المؤتمر الصحفي في السويد الذي كان ينوي إلقاء محاضرة حول حرية التعبير والرأي قبل أيام، وقبلها الإرهابي الصومالي الذي حاول قتله في شقته . هنا أقول صراحة كلما زادت حدة ولهجة فقهاءنا المتزمتين كلما كان ردة الفعل اكبر ولعلي هنا سأقول تطرف الجماعات الإسلامية هو الذي جعل الرسام وكردة فعل يضع قنبلة على عمامة الشخص الذي رسمه في إشارة إلى النبي محمد وإلا فان هنالك المئات من الفلاسفة والأساتذة والمؤرخين الأوربيين قديما وحديثا شهدوا بالفضل للنبي ومنهم على سبيل الذكر المهاتما غاندي والدكتور زويمر (الشرق وعاداته) وبرنارد شو ومايكل هارت وتولستوي وتوماس كارليل وشخصيات كثيرة لا مجال لذكرها، سيرة الأنبياء والصالحين كافة لا تخدشها صورة أو تعليق أو اتهام سواء كان لمحمد بن عبد الله أو لموسى أو لعيسى لا نفرق بين احد منهم سلام الله عليهم، إنما من يشوه الصورة هم المسلمون أنفسهم عبر الكتب والأحاديث المفبركة الكثيرة في الصحاح وعبر أفعالهم اليومية التي قد تؤدي بغير المسلمين للتفكير لوهلة أنها عقيدة وسنة اتبعناها من نبينا محمد !! هنا اطرح تساؤلا يؤكد صحة ما ذهبت اليه في أن العلة بنا وليست في رسام أو صحفي دانمركي أو سويدي أو أمريكي . خرجت وستخرج مظاهرات المنافقين في شرق الأرض ومغاربها بدءا من اندونيسيا وباكستان وأفغانستان وكردستان والسعودية وايران تندد وتؤيد الهجوم على الرسام الدانمركي في لحظات هياج وتمرد نراها على شاشات التلفزيون وكلها تنادي الحكام الطغاة، آلهتهم الحقيقيين التي يعبدوها من دون الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً) بالتدخل ووقف الهجوم على امة المسلمين ؟ هنا اسأل هل سنرى هؤلاء المتظاهرين ومن دفعهم من السياسيين والفقهاء المنافقين يخرجون للتظاهر والخروج ضد الجرائم التي تحدث يوميا في العراق من قبل الإرهابيين وآخرها الأعمال الإرهابية في بغداد والبصرة وديالى والموصل (وعمليات الخطف والترويع والتهجير وآخرها خطف الصحفي سردشت عثمان في اربيل وقتله في الموصل بسبب ثلاث مقالات تم نشرها من قبله)، وهل ستخرج مظاهرات المسلمين ضد الجرائم في العراق أفغانستان والهند وأوربا ؟ وهل خرجت مظاهرات المنافقين ضد تفجيرات مبنيي التجارة في الولايات المتحدة أو خرجت تأييدا لإسقاط نظام الطاغية صدام أو إعدامه ؟ وهل خرج المتظاهرون فرحين عندما قبر الزرقاوي والمصري أم العكس صحيح ؟ وهو تحدي أواجه به هؤلاء المنافقين، وبدلا من ذلك لينشروا ثقافة السلام والمحبة والأمان والاستقرار في ربوع العالم كله، ولكن لا حياة لمن لن تنادي فهم صم بكم عمي وكالأنعام بل أضل سبيلا وفي قلوبهم أمراض فزادهم الله مرضا لأنهم لا يبتغون الشفاء والعلاج فختم الله على سمعهم وعلى قلوبهم وأبصارهم غشاوة . واذكرهم بما فعل الرسول نفسه مع جاره اليهودي الذي كان يؤذيه في حله وترحله بوضع النفايات والقاذورات في طريقه ومن ثم معاودته له عند أول سماع له بان جاره مرض ويشكو داءا لا يستطيع الخروج من فراشه فعاوده وأخذ معه سلة من الرطب الطازج ولو كان هناك حلويات أو أي نوع من العصائر أو حزم الورود الجميلة في ذلك الزمان من قبيل ما نأخذه في أيامنا هذه لمعاودة مريض أو أي مناسبة، لأخذها الرسول معه . جميع ألأولياء والصالحين والرسل شيمتهم وأخلاقهم السامية توصيهم بالعفو حتى لمن أساء إليهم، والعفو عند المقدرة ومن ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) الرسول الذي كان في المدينة حاكما ورسولا وقائدا وكان بمقدوره في وجود العديد من الصحابة الذين عرفوا بالفضاضة والغلظة الذين كانوا في بعض الأحيان ينتظرون اقل من إشارة أوبالا حرى لم ينتظروها في الكثير من الأحيان ( اشرنا إليهم في مقالات سابقة) كان بوسع الرسول أن يشير لهم بما فعله اليهودي لينحر من الوريد إلى الوريد . ألأجدر بنا كمسلمين عدم الانجرار وراء فتاوي هدر الدماء والعنف بحجة الدفاع عن رسول الله، فلو كان الرسول بين ظهرانينا الآن وشاهد أمة المسلمين وما تشهده من فتاوى وأعمال قتل وإرهاب بحق المسلمين وغير المسلمين لكان أصدر فيها فتوى يعفو فيه عن الرسام الدانمركي أو كان ليقلده وساما أو أنه من المحتمل كان قد تجاهل وما كتب ورسم في حقه (وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) !! النصوص القرآنية لم تأت البتة بنص يذكر فيه أن من رسم صورة أو سب سبابا فكأنما قتل الناس جميعا بل السور واضحة وتشير إلى قتل نفس أية نفس حتى لو كان حيوانا وأن لا عدوان ولا وقوف سوى بوجه الطغيان والظالمين وأن من يروج لهذه الفتاوى والمظاهرات الحماسية والجهاد وهدر الدماء هم من نفسهم جميعا من أباحوا سفك جميع الدماء في العراق وإشعال الحرب الطائفية وهم نفسهم من قاد الطائرات وفجر مباني التجارة العالميين في الولايات المتحدة وهم نفسهم من يقول مقاومة واحتلال في العراق وغير العراق، وهم نفسهم من يدعون للطغاة والمجرمين فوق المنابر، تذكرت حادثة الهجوم على مقرات أحد الأحزاب الإسلامية (المنافقة) من قبل حزب علماني يدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان (في العراق ) في حادثة أزهقت فيها أرواح بعض كوادر الحزب الإسلامي القومي ولخلاف تافه لم يرتقي لان تهدر دماء وتدمر مباني وتهدر الأموال وتحرق السيارات، في مسرحية مفبركة مكشوفة لعب أدوارها قادة كبار في الحزب الإسلامي بإخراج وسيناريو موضوع بدقة من الحزب الذي يدعي العلمانية والديمقراطية، وما هي هنيهة إلا وخرجت مظاهراتهم ضد الرسام المسكين ونسوا وتناسوا دماء كوادرهم التي أريقت على المصاحف . يتناسى المسلمون الجرائم اليومية التي نسمع بها يوميا في العالم، فهاهو العراق قد شهد سقوط المئات من القتلى والجرحى ولا زلنا نخرج المظاهرات والفتاوى ضد دول احتضنت الملايين من المسلمين وغيرهم ووفرت لهم جميع سبل العيش الكريم وحرية التعبير كالسويد والدا نمارك والولايات المتحدة وفرنسا وبلجيكا، المحرضون من أمثال ملا كريكار ( وأبناء عمومته القومجيين ) القابع في النرويج الذي يسير على نهج كبار أساتذته وفقهائه الإرهابيين في السعودية هم من يريدون إشعال النار وإيقاد حماس المتحمسين من أغبياء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها للنداء بنصرة الرسول، والرسل جميعا بريئون منهم ومن أفعالهم وأقوالهم . الحق يعلى ولا يعلى عليه فجميع إجراءات الدول الأوربية من قبيل منع الآذان وبناء المساجد ومنع البرقع إجراءات لها مبرراتها متزامنة مع تزايد حجم التطرف الإسلامي في هذه الدول ولها كل الحق في حماية هذه الواحات الهادئة الجميلة التي تنعم بالأمن والاستقرار والعدالة والسلام من خطر المد الإسلامي المتطرف، واختم قائلا بجملة احد الحكماء عندما قال أعظم الأسباب لدفع إساءة المسيء عنك ، أن تنسى إساءته إليك .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |