|
الانتماء الوطني مفهوما وسلوكا
الدكتورعباس العبودي الانتماء هو تفاعل وجداني داخلي لاشعوري ينموا في داخل وجدان الانسان من خلال التربية والرعاية كما تنموا النبتة في الارض .الرعاية والاهتمام الاسري والاجتماعي والحكومي ينمي هذه المعاني الطيبة ,فكما يغذى الوليد باللبن لتمنية جسمه كذلك تبدا الاسرة بتغذية الحب والولاء والانتماء للاسرة والمجتمع والوطن. فالانتماء هو اعلى مراتب المواطنة واوسع تأثيرا منها، لان المواطنة ممكن ان تكتسب أما الانتماء لايمكن اكتسابه بل هو تفاعل وسلوك ايجابي ينعكس على الاسرة والمجتمع والارض من خلال العطاء الايجابي والاخلاص والعمل . المواطنة تتمثل بارتباط الانسان بوطن، ومن حق كل انسان يعيش على بقعة ارض ما ان يملك حقوق المواطنة على هذه الارض في ضوء القوانين المرعية لادارة هذا الوطن، على ان لا تكون قد جاءت باطار فوقي اواغتصابي، والمواطنة لها وجهان لا ينفصلان حقوق وواجبات، فعلى كل مواطن ان يقدم ما يترتب عليه من حقوق لهذا الوطن، وعلى القائمين على صناعة القرار ان يفوا باحتياجات هذا المواطن، والتي قد تكون في صورة تعاقدية ما بين النظام السياسي والمواطنين في وثيقة الدستور،ولكنها ليست تلازمية،بمعنى ان اي تقصير في توفير الاحتياجات والمصالح من جانب النظام السياسي لابد ان يقابلها ممانعة او معارضة في تقديم الواجبات المنوطة المواطنة هي حالة تعاقدية بين المواطن والنظام السياسي أكانت بولاء ام بغير ولاء، في حين الانتماء هو حالة تعاقدية بين الانسان والارض، وما دامت الارض غير متحركة في هذا الاتجاه او ذاك مما يتطلب ان يتحرك المواطن في ضوء هذا التحرك بالولاء الى الارض والى الاسس الدستورية التي تحرك النظام السياسي .فألانتماء تعاقد الزامي وابدي ويستلزم حالة من المولاة الحقيقيقية بين الانتماء والوطنية,حتى لو عجزت السلطة عن الوفاء بعقدها مع الامة . ألموالي الحقيقي هو الذي يعيش حالة رقابية لعمل السلطة الحاكمة حتى وان لم يكن جزء من السلطة لان انتمائه الوطني يحتم عليه ذلك . ويمارس دوره في عملية النقد الايجابي المستند على اسسس قانونية ودستورية ويقدم افضل النصائح والمعونات والمشورات المكتسبة. لأان العملية الديمقراطية تتطلب النقد للافضل وليس النقد للتسقيط .. فلوعجزت السلطة السياسية من الوفاء بعهدها وانقلب النظام السياسي على الاصول الديمقراطية فمن حق المواطن ان يرفع صوت معارضته ومن حقه العمل على تصحيح النظام السياسي,بطرح البرامج البديلة التي تركز على حس الانتماء والمولاة والمواطنة أما المولاة المصلحية هي مولاة الانتماء والمواطنة الظاهرية والتقرب الى السلطة الحاكمة ليس ايمانا بمشروعها بل تسلقا لحفظ المصالح والمنافع ويكون سبيل هذه العناصر هو الفتن وخلق الحساسيات والخصومات بين الناس حتى يتمكنوا من الوصول والتقرب الاكثر الى راس السلطة لجني المنافع ومحاربة من يقف في طريقهم من الموالين المخلصين الذين يعيشون الانتماء والمواطنة باصولها الحقيقية. إن الانتماء والمواطنة والمولاة الحقيقية ليست بالضرورة ان تكون للنظام السياسي الحاكم ,لانه قد يكون جاء بالقهر والقوة وفرض سلطته على الناس ولم يولد من رحم العملية الديمقراطية الصحيحة وانما جاء بالتزوير والاغراءات والقهر وهذا لايكسب حق شرغعية المولاة الحقيقية . أننا بحاجة الى تكريس مفاهيم الانتماء والموالاة الوطنية في صفوف المجتمع من خلال الاسرة والشارع والمجتمع والمدرسة ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني ومن خلال التفاعل الايجابي بين سلطة الدولة ومسارها القانوني وبين الامة لتعميق مفاهيم الانتماءوالولاء والمواطنة. فالانتماء تفاعل كما يصنفها (وليم جلاسر 1986-) واضع تصورات نظرية الاختيار Choice Theoryوآليات العلاج الواقعي Reality Therapyوتطبيقاتها الإرشادية هي من الحاجات الأساسية التي تدفع بالإنسان للنشاط الايجابي . فهو يرى أن الفرد الإنساني يولد وهو مجهز بخمس حاجات أساسية واحدة منها تنتمي للمخ القديم كما يسميه وهي التي تختص بتداول الحاجات الفسيولوجية العضوية للإنسان من حاجة للمأكل والمشرب والتنفس وحاجات الوجود أو الامتداد،أما الحاجات الأربع الأخرى فهي تنتمي للمخ الجديد وهي الحاجة للانتماء والمحبة، والحاجة لتقدير القوة والبأس، والحاجة للحرية والمشاركة في القرار. إننا بحاجة ان نكرس مفهوم الانتماء والموالاة والمواطنة الحقيقية لنتمكن من تجاوز الصعوبات والتحديات التي تواجهنا . العملية السياسية التي لاتنطلق من هذه المنطلقلت الثلاث ستكون عملية هشة قلقلة سرعان ماتتصدع وتؤدي الى نتائج سلبية وخيمة قد تؤدي الى التفكك في البناء الاجتماعي وزيادة عناصر الحساسية والخصومة وسيكون الانتماء الى الذات والى الاسرة والى المدينة والى العشيرة والى القومية والى المذهب والى الحزب ليس من منطلق التفاعل الايجابي وانما من منطلق سد الفراغ الحاصل من غياب الانمتاء الوطني المستند الى اسس وطنية ومولاة حقيقية . وتكون سلطة الحزب او سلطة العشيرة هي النافذة والحاكمة على سلطة الدولة. أننا بحاجة ماسة ان نكون بقدر عالي من المسؤولية في تحكيم سلطة الدولة من خلال القانون وتكريس حالة الرقابة الشعبية وتعزيز مفهوم الانتماء الوطني والولاء الوطني واحترام القانون .فجميع هذه العوامل ستغييب الظواهر السلبية وتعز الحالة الايجابية في المجتمع.أم تعزيز اسس المحبة والاخوة الانسانية بين افراد الشعب العراقي وتعزيز لغة الحوار الوطني حتى وان اختلفنا في اساليب العمل سيعزز مفاهيم الوحدة الوطنية وسيقوي الاواصر الانتمائية وسيذيب الصعوبات ويمنع القوى الخارجية من النفوذ والتدخل في الشان السياسي العراقي وفرض برامجها ومصالحها على السلطة السياسية من خلال هذه القوى او تلك. فحينما يكون مفهوم العراق لكل العراقيين مفهوما عمليا سلوكيا بيد السلطة السياسية الحاكمة ويستشعر المواطن انه غير مهمش وله دورا ايجابيا في عملية البناء والتعمير والمشاركة السياسية و القانون يحمي الجميع حاكما ومحكوما سيعضد حالة الانتماء والولاء والمواطنة عند ابناء الشعب.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |