|
إطلالة على الترانيم والنواعي .. وأغاني الرحى العراقية ..وتسمية (كعيم) ..القسم الثالث
النواعي من خلال تتبعي ولا أقول دراستي للنواعي وجدت أنها قد تتكون من بيت واحد فقط، ووجدت الأكثر من ذلك، ومثال لذلك ما قالته خنساء خزاعة (فدعة) في مراثيها لأخيها (حسين) وما أكثر تلك النواعي، ولا أريد أن أتحدث بموضوعتي هذه عن الشاعرة العملاقة وما تركته من أثر وأرث كبيرين، ويقال أن (الشيخ نصار) الذي سميّ وزن النصاري بالشعر الشعبي بأسمه أخذه عن الشاعرة (فدعة)، وأغلب النواعي التي جمعتها تتكون من ثلاثة أشطر، وقسم أخر بأربعة أشطر، ولا أدعي معرفة علة ذلك، وحين التمحيص جيداً بهذه النواعي وجدتها مستكملة لما تريد قولته المرأة الناعية، ومن نافل القول أن تزيد عليه بذلك وهذا أولاً، وثانياً لسهولة حفظه من قبل الأخريات، وبين هذا وذاك أوصلت معلومتها كاملة من خلال هذه الأشطر الأثنان أو الثلاثة أو الأكثر،وقولنا أن مثل هذه المراثي ليست بجديدة على التاريخ العربي وكذا بتاريخ الأنسانية، وكما قلت لاأريد أن أدخل طويلاً بذلك ولكن عودة للشاعرة الخنساء (تماضر) ومراثيها لأخيها صخر يذكرني طلوع الشمس صخرا وأذكره بكل غروب شمس ولولا كثرة الباكين حولي على أخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن أسلي النفس عنه بالتأسي أوردت الأبيات أعلاه بسبب البيت الثالث (وما يبكون) لأخلص أن البكاء على الأموات تسلية وعزاءً للباكي، ومن هنا أتت مقولة النبي الأعظم حينما ذرفت عيناه الكريمتان الدمع لذهاب ولد أبراهيم (ع)، فقالوا له يارسول الله ألم تنهنا عن البكاء على الأموات فأجابهم (أن القلب ليحزن والعين لتبكي وأنا على ذهابك يا أبراهيم لمحزونون)،ومن هنا لا ننكر لخنساء خزاعة الشاعره (فدعه الزريجية) بكاءها وحزنها ومراثيها لأخيها (حسين) لأنه رمز عشيرتها والجواد بقومه وسعة حلمه وعقله المتفتق وشرفه وناموسه عالي مضيفه وشحلاته وروس الحراثي موافجاته أخوي الثلاثة مرافجاته الكرم والمراجل والصماته أخوي جاراته خوانه أخوي العبد والضيف أغاته و(روس الحراثي) بمعنى الطرق الترابية التي داستها أقدام الضيوف فتركت أكثر من أثر ليدل لبيت (حسين) أخ الشاعرة (فدعة)، وأشارة لابد من قولها (أخوي الثلاثه مرافجاته)،حيث يزعم الباحثون أن الشاعرة (فدعة) أخذت هذا البيت من الشاعرة الخنساء التي تقول ولا يرى حارة يمشي بساحتها لريبة أذ خلت من أهلها الدار أو أخذته من قول الشاعر المقنع الكندي وأني لعبد الضيف ما دام ثاوياً ومابي سواها قط من شيم العبد فأين ما قالته الشاعرة فدعة من قول الخنساء أو المقنع أولاً، وثانياً أن من عاش حول فدعة من أخوة وعمومة آناس أميون وكذا هي الشاعرة أمية أيضاً فمن أين لها ولهم هذه النظرة النقدية،وما هي إلا توارد خواطر لأن البيئة المعاشة نفسها بفارق زمني كبير، وما قيل عن المراثي بشعرنا الفصيح نجده كذلك بموروثنا الشعبي الغزير أيضاً، وسنبدأ بهذه الزوجة التي تندب زوجها المتوفي معلنة له عدم رغبتها القاطعة بالزواج بعده وأسم الزوج المتوفي (فنوخ) فتقول، أحطلك دين يافنوخ بالراس كفيل الرضه ويشهد العباس يجلد اللي لمسته عيب ينجاس وبما أن هذه المراة لم تنجب من زوجها ولا يرغب أخوة المتوفى الزواج من زوجة أخيهم، أذن عليها العودة لدار والدها وهناك تجبر على الزواج من شخص آخر وأن كانت غير راغبة بالزواج فعلاً، وحينما تعلم أم (فنوخ) زواج أرملة أبنها فتندب ولدها منددة بفعلة الأرملة فتقول، جا وين حلفج يم الأيمان وراج الزلم والخيل ميدان لبستي حمر ومسرسح أردان وكلاده لبستي وخصر مرجان يمرت السبع يالماخذه أهدان ودلالة (وراج الزلم والخيل ميدان) على يوم زفاف تلك الأرملة لزوجها الجديد، والنواعي كثيرة جداً، فهناك من تنعى ولدها، وأخرى تنعى زوجها، وأخرى تنعى أخا أو أباً لها، وواحدة أخرى تنعى أما أو أختاً لها، وهكذا، وبما أن النصوص التي جمعتها خلال هذه الحقبة الزمنية الطويلة سأوردها وكأنها قصة تروى مشيراً لقوة السبك ووضوح المبتغى بأمثلة ليست بالكثيرة المملة، تمنيت بيتي كبل بيتج ولوضاك خلكي كمت جيتج وكبل الموذن صابحيتج وهذه أخرى متزوجة بدار غربة وبما أن الطرق غير معبدة سابقاً، ولا توجد الوسائط للنقل كما هي الأن، وتسمع الأم خبراً يفيد أن أبنتها بحاجة لها والسبل غير ميسرة بيدها، والوقت غروب والليل قادم ولا تجد من يعرف أخبار أبنتها فتقول سمعت أبطروانه أمن الغروب وظلت على الطارش تلوب وعله أعيونها عج الدروب وتنتظر الأم والبنت القادم لينقل لهن الأخبار ولا قادم بخبر يفرح القلب ويبرد غلواء البعد والفراق فتقولان كل بدارة غربتها الأم والبنت، علواه طارشهم يجيني وسايله وتنام عيني ويمكن قوله كترنيمة للأطفال وسايله ويبطل ونيني أوعلواه يجوني كبل الغروب وكت العشه والزاد مصبوب كذا وتمر الأيام تتلوها الأيام والليالي الثقال فتجلس البنت وكذا الأم ووجوههن مقابل لباب دارهم وتهب نسمة منعشة رقيقة فيقولا، كب الهوه والباب طرت ورويحتي للدرب فرت وترنيمة أيضاً تمنيت الحبيبه الساع طلت ومرة أخرى تقول حبايبي ياريح جنه وهوه الكيظ ما ينشبع منه وترنيمة أيضاً وتارة أخرى تقول راسي وجعني من جبيني دزوا على الشفجه تجيني كذا تعرف ولم راسي وعيني و(الشفجه) تعني الشفيقة، وتردف قائلة راسي وجعني وصخنيت ومكتوب لم الوصل وديت مثلج أحنينه ما لكيت وتموت تلك الأم والبنت في دار غربتها البعيدة، ويصل خبر الوفاة للبنت فتأتي لدار والدتها والعزاء قد فض من أمد بعيد فتجلس بدار أمها نادبة لها وتقول جيت لم البيت أجسها وملكيت بالمعمور حسها وتجدد العزاء بدار والدتها فأن تفضلن الصديقات والقريبات معها وإلا فتندب والدتها لوحدها متذكرة لها قائلة ألتفت بزركاها ونامت ومن شافت الخطار كامت سوت عشاها وما توانت وسأعطي نماذج للنواعي العراقية مشيراً لمن قيلت دون شرح لها إلا ما أبهم من مفرداتها، كل الهله جتي أمهمه وكامت على فراشي تلمه خافت عليه من المذمه ******* للأم بنفسي ييمه أكعد أبكترج وأفرغ البصدري أبصدرج للأم ******* راسي وجعني كومي شديه شد الغريبه ما نفع بيه للأم أو الأخت أو البنت ******** حبايب تجنه لو نجيجن لو منعوا الطارش عليجن للأم أو الأخت أو البنت حبايب أكليبي أشصار بيجن ***** طبيت لبويتج جبحني وبسمار بالعتبه جرحني للأم أو الأخت أو البنت **** دني وسادج لي أوسادي وبعدي وساد الغرب غادي للأم أو الأخت أو البنت **** كومي دمشينه للزياره أمتاعي ومتاعج فرد كاره للأم أو الأخت أو البنت ويحله السهر جوه المناره **** يالواكفه بالبيت ترهب الخطارها أتهلي وتمرحب ومطيبه ريح المعزب للأم أو الأخت أو البنت
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |