|
يا ليت الشباب يوما يعود
د. ناظم ألعبادي ... فوات الشباب: في السبعينات والثمانينات، وبوجود الفراغ الثقافي (الحقيقي) في العراق، يقرا الشباب وبنهم الجياع.. كل ما يقع في أيديهم، بحثا عن خيط يوصلهم الى معرفة ما.. وكانت رواية كازانتزاكي عن ذلك المتمرد اليوناني (زوربا) هي احدى الروايات التي وقعت بيدي.. وقرأتها.. ولا زالت فكرة من تلك الرواية مودعة في ذاكرتي وهي: ان الانسان يفهم الحياة بعد فوات الاوان.. وفوات الشباب..!! ويبدوا ان الراوي يقصد: ان الانسان يصبح له مشروعا واضحا.. ولكن بعد ان يصبح عجوزا لا يمكن له ان يحقق شئ ذا قيمة من ذلك المشروع، بسبب الشيخوخة.. وهذه الحالة معروفة لدى الكثير منا، وليس فيها ما هو جديد، الا انني اقصد التعرض الى حالة شباب البشرية وشيخوختها، أي اجيال الشباب ضمن الجسد الجمع البشري.. ولا اقصد شباب الفرد وشيخوخته.. ... حكومة تعطيلية: وبعبارة اخرى: ان البشرية لا تستخدم محتواها الشبابي في خدمة مصالحها الحقيقة، بل واظبت (للاسف) على تجميد محتواها الشباب وصرفه بعيدا عن ساحة الصيرورة.. او تحشيد الشباب في الاتجاه الفوضوي والافسادي.. والكلام يخص البشرية عموما.. شرقا وغربا.. قديما وحديثا.. وهذه مأساة البشرية الحقيقية، لان الشباب هم طاقة البشرية وادواتها في مشروعها الكلي نحو التكامل والسعادة.. وبصراحة اكثر: ان المجتمعات البشرية عموما جمدت عنصر الثورة والاصلاح .. وسلمت مصيرها الى شيخوختها التي تلحفت بقبور واقعها واصنامها.. وفضلت الخنوع للطغاة والمستبدين خوفا من اصلاح والتجديد الذي لا تضمن نتائجه.. ولاجل تجنب سوء الفهم نضيف: ان المشروع الالهي ورسالاته يستند الى الشباب في حركيته .. بينما عاش الفراعنة والطغاة في بحبوبة الجبن والتقية العجائزية.. ... احزاب التخلف: بل ان الواقع السياسي الظالم يستند في بقاؤه الى خنوع الشيخوخة.. وتحجرها على الواقع.. ويحاول الطغاة (دوما) ابعاد الشباب عن السياسة وعن موقعهم الصحيح، بل وصرفهم الى (الرياضة) و (التسلية) و (المحيبس) و (..) .. ويكفي ان نشير الى ان الكيان الصهيوني يشدد على منع الشباب من دخول الاراضي الفلسطينية ..!! ومن الجرائم الكبرى ضد الشباب: اعتبار 18 سنه عمر البلوغ وعدم اعتماد العمر الحقيقي للبلوغ .. وهو 15 سنة او اقل.. والمنصف يرى ان عمر البلوغ (الحلم) يقل تدريجيا مع الاجيال ومع مرور الزمن وذلك بسبب النضج النوعي للحلم البشري.. بل الادهى والأمر هو افتعال ما يسمى بمرحلة (المراهقة).. وغير ذلك كثير.. ويقصد منه سلب شباب البشرية وتجميد حيوتها وتحكيم عنصر الشيخوخة والتخلف .. احيانا بلباس (الدين) واخرى بلباس (القبلية).. هذا موجود في العالم عموما.. ونراه في العراق بصورة اوضح.. ولا زالت الحكومات الحزبية المتتالية تبعد الشباب وتعطل طاقاتهم.. وتفعل دور الشريحة المنتهية لخدمة اهدافها الحزبية والانتخابية.. واللبيب تكفيه الاشارة..!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |