نريد حكومة غاضبة على الفاسدين

 

 غفار عفراوي

iafrawi@yahoo.com

عن سيد الحكمة الإمام علي بن أبي طالب انه قال" من امن العقوبة  أساء الأدب" , وهذه النظرية الرائعة والحكمة البالغة تتجسد دائما وأبدا ونراها تتكرر أمام أنظارنا كثيرا، سواء في البيت او مكان العمل، او حين نقرأ ونسمع ونشاهد في وسائل الإعلام المختلفة  مصاديق كثيرة عن تلك المقولة التي أتمنى ان تكون ضمن فقرات الدساتير للدول النامية التي تحاول الوصول الى الحرية والرفاه والأمن.

 ان الكثير من الدول غير الاسلامية والتي لا تربطها صلة بالإمام علي نجدها قد طبقت تلك الحكمة ووضعتها مبدأ وقانونا اجتماعيا ورسميا حكوميا في نفس الوقت, لكن وللاسف الشديد نجد ان الأمة الاسلامية عموما وأتباع صاحب تلك المقولة على وجه خاص قد أهملوا مبدأ العقاب فوجدوا أن لا وجود للآداب, واقصد بالاداب هنا ليست فقط الأخلاق الاجتماعية او الاسرية حسب، انما كل فعل قبيح يسيء الى الناس ويوقف عجلة التطور والنجاح للبلد عموما.

 فكل رئيس دولة وكل وزير وكل مدير دائرة مشمول بالكلام ولا استثناءات، وقد رأينا في العراق كيف امن الارهابيون العقوبة فكرروا أفعالهم اكثر من مرة والقصص تأتينا تباعا عن القاء القبض على مجرمين وقتلة وإيداعهم السجن، وبعد فترة يتم القبض عليهم مرة ثانية وثالثة مما يدل على وجود تواطأ وفساد من قبل جهات عليا ونافذة. لذا لم يقف مسلسل العنف ضد الأبرياء طيلة السبع سنوات الماضية بسبب ضعف الجانب الأمني وعدم وجود عقوبات رادعة بحق أولئك المجرمين. فلماذا وضعت الحكومات دورا للقضاء وصرفت المليارات من اجل تامين حياة كريمة وآمنة للقضاة، ولماذا وضع الجزاء الدنيوي،ولماذا سنت العقوبات شرعاً وقانوناً

 اما في الجانب المدني والوظيفي، فقد رأينا ان اغلب ان لم اقل جميع من تم اتهامهم بالفساد الإداري والمالي وبأدلة دامغة وواضحة، لم  يعاقبوا ولم تطبق عليهم فقرات القانون بسبب عدم وجود نية حقيقية، لان المحاصصة والفئوية والحزبية لعبت دورا اكبر من دور القانون الضعيف جدا إلا مع المواطن الفقير الذي لم ينتمي لحزب ولم ينادي بطائفة او قومية.

  لقد رأينا ان الكثير من الوزراء والمدراء الفاسدين الذين صنعوا كما صنع الإرهاب تماما بالعراق والعراقيين، قد تُركوا ولم تفعّل ضدهم القوانين الصارمة لعدم جديتها وجدية واضعيها الذين يحرفونها مع القوي وضد الضعيف. كما شاهدنا في عملية استجواب وزراء التجارة والدفاع  والداخلية والصحة والنقل وكذلك العديد من الهيئات والدوائر المهمة كمفوضية الانتخابات واتحاد كرة القدم وهيئة الاستثمار رغم ثبوت التقصير والفساد والهدر بالمال العام .

نحن نحتاج اليوم الى حكومة غاضبة على الفساد والمفسدين لا مداهنة ومدافعة لاعتبارات حزبية وفئوية ضيقة، نحتاج إلى قضاء شجاع لا يخاف في الله والحق لومة حزب او طائفة او كتلة او تيار، نحتاج الى أحكام رادعة ومعروفه سلفاً تتعلق بمن يعتدي على المال العام او أموال الناس وأعراضهم وأنفسهم.
نريد أحكاماً يعرفها الجميع ويعرفها القضاة أنفسهم، مثلاً (يعاقب كل من يعتدي على أموال الناس عبر المنصب الوظيفي بالطرد من وظيفته وتغريمه مائة مليون على اقل تقدير و بالسجن لمدة لا تقل عن عشرين عاماً)وكذلك(يعاقب كل من ثبت تورطه بأي شكل من الأشكال بأعمال إرهابية ضد المدنيين بالإعدام شنقا حتى الموت وبدون تاجيل وتسويف).

نعم، هكذا نريد، نريد أحكاماً يخافها ويرهبها كل من تسول له نفسه مثل فعل ذلك، وإلا سيستمر مسلسل العنف وتستمر معه الجرائم ويعم الفساد مناحي الحياة جميعاً.

أنا اسأل الحكومة والمسؤولين، هل انتم راضون بسكوتكم عن المفسدين، وهل تتخذون قراراتكم بعدم معاقبة المفسد والمقصر بالعاطفة ام بالقانون الذين أقسمتم ان تصونوه وتدافعوا عنه ؟

وأذكركم بقول نبيكم يا مسلمين

"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"

فهل تتعضّون؟؟!!

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com