|
كذبة الديمقراطية
مازن الياسري المبادئ الديمقراطية الجميلة، التي حلم العراقيون برؤيتها في عراقهم الجديد.. قد تكون واجهت صدمات عديدة في التطبيق، وخاصة مع تبجح العديد ممن أوصلتهم تجربة التغيير نحو الديمقراطية في العراق، الى مركزهم الحالية.. ورغم ذالك لم يخشوا من استخدام مصطلح (كذبة الديمقراطية)، فهل الولايات المتحدة (التي تحملت التغيير) هي الكاذبة، أم ساسة العراق اليوم (الذين استثمروا التغيير لصالحهم) هم من يكذب.. النتيجة إن التجربة العراقية الديمقراطية تواجه مشكلات في التطبيق والتنظير والأداء. هنالك التفاف على المصطلحات.. هنالك ممارسة حقيقية للخداع، فملف التغيير الديمقراطي الذي يعد الوبال الكبير على أنظمة وأحزاب المنطقة.. ورحمة ومستقبل لشعوبها.. جوبه بشتى الوسائل من تشويه وتشهير، ولكنه عندما أصبح أمر واقع بالعراق جرى الالتفاف من حوله بطريقة دراماتيكية خادعة من الساسة العراقيين.. وبمظلات إقليمية. فقد نقل عن احد الوزراء العراقيين عندما قال له احد محدثيه من خواصه شيئاً عن الديمقراطية.. ابتسم الوزير وقال لمحدثه (هل صدقت بكذبة الديمقراطية)، وما أعجب هذه الحادثة.. فالوزير النكرة الذي لولا الديمقراطية التي التف عليها حزبه واستغلها بالعواطف الدينية، لما أصبح وزيراً او معرفة على اقل تقدير. لقد جرى التفاف على إرادة الناخب العراق في مراحل عديدة عندما اجبر على خوض العملية الانتخابية بإسم (الطائفة) عام 2005 وضمن قوائم انتخابية مغلقة.. بالتالي أصبح البرلمان يضم رجالاً ونسائاً ليسوا نكرات فحسب بل ربما لا يعلمون شيئاً عن مناطقهم الانتخابية وعن من منحهم صوتهم.. فهم أصبحوا تابعين أذلاء للأحزاب التي أوصلتهم عبر قوائمها، وما أن حلوا ضيوفاً بالبرلمان وأغدقت عليهم الملاين والامتيازات.. سرعان ما هاجموا الديمقراطية واتهموها، أو وصفوها بالكذبة. ربما هم لا يفهمون الديمقراطية بكونهم عبيد أرقاء للأحزاب التي أوصلتهم أو ربما للدول التي خلف أحزابهم!.. وربما لا يرغبون بتفهم الديمقراطية لقناعتهم الراسخة بأن العراق الديمقراطي إن تحقق لن ينتخب أمثالهم. إن مفهوم الديمقراطية الذي يتيح للجميع طرح أفكارهم وقول كلمتهم.. واختيار ممثليهم، والحكم بالنيابة.. والعديد من المنح المهيبة التي تقدمها هذه الآلية.. ولها مصاديق في دول العالم الغربي التي نجحت في كل الميادين على عكس دولنا القابعة في غياهب الماضي.. وبالمناسبة فبعض من تنعم بالديمقراطية من نواب ووزراء اليوم كانوا قد لاذوا لسنوات طوال في دول الغرب الديمقراطية وتنعموا بها.. فعادوا ولازالوا يستلمون الاعاشات من دول الغرب، وهدفهم أن يكُونوا ثروات في العراق للعودة مع ما جمعوه للغرب ولتنعم بالديمقراطية من جديد.. إما في العراق فلابد ان تفشل الديمقراطية بوجهة نظرهم ليستمروا بالسرقة والإثراء على حساب العراقيين.. وما المشكلة في موت العراقيين ما دامت عوائل العديد من الساسة الجدد يعيشون في أوربا وينعمون بما تقدمه الديمقراطية من مساواة وعدالة اجتماعية مفقودة بالعراق. إذا كانت الديمقراطية كذبة يا ساسة العراق الجديد.. فهل الصدق ما فعلتموه من سرقة لمقدرات البلاد.. فسبع سنوات كاملة لم تساعدكم على توفير تيار كهربائي، او إنشاء مجمعات سكنية تحل ازمة السكن او القضاء على البطالة المتفشية.. وانتم تديرون بلد غني بالنفط. إن كان في الديمقراطية كذبة.. فهي (استغلالكم لها) او (تسلقكم على ظهرها) بالتالي فليست الديمقراطية كذبة وإنما انتم من يكذب على المواطن العراقي ويعمل على تضليله. فالديمقراطية أسمى من ان توصف بالكذبة انها مشاركة شعب كامل في إدارة دولته.. انها مفهوم عظيم يجب أن يطبق ويضمن مساواة جميع مواطني البلاد دون تمييز.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |