الكويت في خطر

 

هادي جلومرعي

hadeejalu@yahoo.com

يسارع المنصفون والباحثون عن أواصر الاخوة والمحبة والعروبة الحقة والدين والانسانية لإدانة كل سلوك يلحق الاذى بافراد او مجموعات او دول.

هذا مافعله العراقيون في المعارضة وابناء الشعب العراقي بمذاهبهم وقومياتهم حين أمر صدام حسين قواته باجتياح دولة الكويت في العام 1990 وحتى الذين ساندوه ظاهرا كانوا في حقيقة الامر من اشد الرافضين خاصة وإن للكويت مواقف ايجابية سبقت في الثمانينيات من القرن الماضي وبرغم جراحها فقد سارعت للصلح بين العراقيين والايرانيين بعد نهاية حرب الخليج الاولى ونظمت مباراة كرة قدم بين فريقي البلدين في العاصمة الكويت في العام 1989 وكان موقفا محمودا.

وعندما غادرت تلك القوات الاراض الكويتية كان الارتياح باديا على معظم الشعب العراقي ..وكانت الكويت تحتفظ بذكرياتها المؤلمة عن ذلك الاجتياح الذي دفع الكويتيون ثمنه والعراقيون بضعف ذلك.

وفي تسعينيات القرن الماضي ركزت الكويت على دعم المعارضة العراقية ضد نظام الحكم وكنا نتصوره دعما من اجل تغيير السلوك والنهج حتى جاء العام 2003 حين دخلت القوات الامريكية العراق من ابواب عدة كانت الكويت واحدة منها وكنا نحسب ان تغييرا هائلا سيطرا على السلوك والشعور والرغبة الكويتية في التعامل مع العراق الذي كان شريكا للكويت في دفع ثمن خطيئة الاجتياح..

وللاسف كان الواقع مغايرا للتمنيات .إذ كنا نعتقد جازمين ان ابواب المحبة والتسامح ستشرع لنا وسنكون قريبين من بعض لنتبادل الحوار والزيارات والمنفعة..لكننا فوجئنا بان الاخوة الكويتيين مازالوا يحملون في ذواتهم رغبة ابقاء العراق ضعيفا في توجه مكشوف لحماية انفسهم من اي صعود قد ينتج لدولة جديدة وربما بررنا لهم شيئا من ذلك .لكن المؤكد ان الهدف والغاية من رغبتنا كان شعورنا بالمظلومية المشتركة غير ان الاخوة يظهرون الى الان مدى تأثرهم بما خلفه الغزو وكنا نريدهم اقوى من ذلك.

في الواقع فان قطاعات واسعة من الشعب العراقي وفئاته النخبوية تناقش وبقلق السلوك الكويتي الذي ابقى الباب موصدا بوجه التقارب من خلال الدعوة الى عدم اخراج العراق من طائلة البند السابع الذي كبل العراق وشعبه بقرارات لها اول وليس لها اخر..وضرورة دفع العراق كافة الاموال المفروضة دوليا كتعويضات برغم تنازل كل دول العالم المسلم منها والمسيحي وحتى البلدان التي تؤمن بديانات وضعية عن ديونها على العراق..عدا عن ملاحقة العراق في الصغيرة والكبيرة ومنها الطلب الى دول عدة مثل بريطانيا وكندا لممارسة اجراءات قانونية ضد شركة الخطوط الجوية العراقية وعدم تسهيل مهمات الوفود العراقية في المحافل الدولية..

وللاسف ايضا فان دولة الكويت الشقيقة تقدح في نار الضغينة في الداخل العراقي الذي يجد انها دولة جارة تزرع الكره والعقاب وترفض التسامح حتى من خلال ممارساتها الدبلوماسية وتمثيلها في العراق الذي لايكاد يرى او ان يشعر به احد.

وإذ نجد ان اغلب بلدان العالم استطاعت ان تمر الى العراق عبر الاعلام باشكاله المختلفة وتؤثر في الداخل العراقي وتنشر افكار ورسائل مهمة فان الكويت لاتفعل ذلك ..وكنت من مدة التقيت احد الدبلوماسيين الكويتيين وطرحت عليه تساؤلا عن جدوى الصد الكويتي مع العراق ولماذا لاتنفتح ابواب موصدة من سنين ولماذا لايجري دعوة الفرق الاعلامية العراقية والفعاليات الوطنية لزيارة الجارة الكويت كدولة لها حضور وهوية لاكمدينة تابعة كما اراد البعض تصويرها في السابق ولكي لايقال ان صدام كان على حق عندما اجتاحها مثلما يروج في بعض الدوائر الاعلامية والسياسية والشعبية نتيجة الاحباط.؟

ان المراهنة على اضعاف العراق في الوقت الذي ينمو سخط عراقي ويتراكم مع الوقت لايمكن ان يكون مفيدا للكويت ..كنا ننتقد سلوك الملك غازي في الثلاثينيات وسلوك عبد الكريم قاسم في الستينيات وسلوك صدام نهاية التسعينيات..

لكننا نفاجئ بافكار مؤلمة في الشارع العراقي المتذمر تجاه دولة الكويت الشقيقة..ومع ذلك فنحن على استعداد لنمارس الضغوط من اجل جمع الشعبين والدولتين وانهاء اسباب الاختلاف والخلاف من اجل مستقبل افضل للاجيال القادمة..

ولكي لاينمو جيل عراقي يتفهم حماقة اي حاكم قادم ضد الكويت..اما المراهنة على اضعاف العراق فهي مراهنة خاسرة لان هذا البلد من اعاجيب الدنيا حين ينتفض من تحت الركام ويصنع الحياة من جديد..محبتي للكويت وللعراق ولكل العرب..

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com