غطرسة إسرائيل إلى متى؟

صادق البلادي

saal1@t-online.de

كثير من الكوارث والمآسي التي حلت بالشرق الآوسط، وخاصة بالعالم العربي منذ أواخر القرن التاسع عشر/ بداية القرن العشرين كان للصهيونية، ووليدها المسخ، دولة إسرائل،اليد الطولى في وقوعها. 

في الخامس من حزيران، بات العالم يحتفل منذ عام 1972 بيوم البيئة العالمي،باعتباره إحدى الوسائل الرئيسية التي تُنمي بها الأمم المتحدة الوعي البيئي لدى الهيئات والمنظمات الرسمية والحكومية، وتعزز الاهتمام والعمل السياسيين على نطاق عالمي. وكل عام تُختار مدينة في إحدى الدول لإستضافة يوم الامم المتحدة هذا،و لتجري فيها الاحتفالات الدولية الرئيسية . وبالصدفة في عام 2003، عام غزو العراق،كانت المدينة التي وقع الإختيار عليها لذاك العام مركزا لاحتفالات يوم البيئة، هي مدينة بيروت التي سبق وأن خبرت الغزو الاسرائيلي، الذي ما كان يمكن أن يتم لولا المؤازرة الآمريكية. وفي يوم البيئة العالمي لا بد أن نتذكر- نحن العراقيين – ما حل بالعراق من تدمير لبيئته على يد " الحليف الستراتيجي" المحتل لتجريبه اليورانيوم المنضب أول مرة  في حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت وتدمير العراق، وفي حرب الخليج الثالثة ايضا، والتي يقال أن القوات ألامركية قد ألقت قنبلة ذرية صغيرة شرق البصرة، بصرة الخراب، بصرة الصابرين، التي صاراهلها حقا مالح يشربون، بعد الحليب والشاي,.، كما غنت صديقة الملاية يوما.

وكما فعلت أمريكا بأرض العراق، فعلته إسرائيل في غزة إذ ألقت 75 طنا من اسلحة اليورانيم المنضب على غزة في حملتها الوحشية على غزة، حملة الرصاص المصهور، وما تبعها مذذاك من استخدام سلاح الابادة الجماعية، سلاح الحصار، الذي جربته أمريكا قبلها على العراق.

كل هذا حدث بعد إنهيار المعسكر الاشتراكي، وانتهاء الحرب الباردة وسيطرة الامبريالية، وسقوط الشيوعية، الذي كان القومانيون العرب يجأرون بهتاف: "فلسطين عربية فلتسقط الشيوعية"، نعم ها قد"سقطت" الشيوعية، ولكن لم تصبح فلسطين عربية، بل بقيت فلسطين كلها، وأهل التطبيع معها تحت إمرة الصهيونية.

 وقبل خمس سنوات من بدء الاحتفال بيوم البيئة الدولي، في الخامس من حزيران عام 1967 وكانت رايات العروبة ما زالت "خفاقة" في الأفق، وعبد الناصر وراديو صوت العرب نبرتهما التهديدية عالية ومسموعة من المحيط الى الخليج، والبعث يحكم سوريا، والاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي يقفان بوجه أمريكا ومساندين لحركة التحرر العربي، وليس ٌلإسرائيل موقع قدم في أية دولة عربية شنت إسرائيل حربها العدوانية واحتلت ما بقي من أرض قلسطين، مما لم تستطع الاستيلاء عليه ايام النكبة عام،1948 أخذته أيام النكسة عام 1967، وظلت محتفظة به لحد اليوم، بل أقامت فيه المستوطنات، خارقة ميثاق الامم، ومستهزئة بكل قراراتها سواء المتخذة بتخفيف في مجلس الأمن كي لا تستخدم أمريكا حق النقض (الفيتو)، أو قرارات الهيئة العامة، المتخذة رغم أمريكا، كقرار اعتبار الصهيونية حركة عنصرية، والذي ألغي بعد الانفراد الآمريكي إثر أختفاء المعسكر الاشتراكي.

غير أن السبت الماضي، الخامس من حزيران، حفلت أخباره لا بهاتين المناسبتين بل بأخبار وصورالمظاهرات الغاضبة، التي عمت مدن العالم، خاصة الأوربية والتركية إحتجاجا على الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل بهجومها على أسطول الحرية المتوجه الى غزة لكسر الحصار، وتقديم المعونات الانسانية، مما أدى الى إستشهاد عدد من المتضامنين. إن هذا الخرق الصارخ للقانون الدولي، وهذا التعامل الفض مع القافلة التي تضم متضامنين من عشرات الدول، قد كسر جدار التخوف من توجيه النقد الى إسرائيل خشية الآتهام بــ"معاداة السامية"، هذه العصا التي ظلت إسرائيل ترفعها بوجه مناهضي الصهيونية، حتى وإن كانوا من اليهود.

 وهكذا نجد أنه حتى في ألمانيا، حيث الشعور بالذنب تجاه إسرائيل عاليا بسبب ما فعله هتلر من إبادة لليهود، هذا الذنب الذي زرعته الصهيونية في عقول وقلوب الرأي العام الألماني، بحيث بات كل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم إجراءات مشروعة لحماية أمنها، وهي الدول الصغيرة، الضعيفة الطائفة في

المحيط العربي، "الشوفيني "، الهادر. ومن هذا المنطلق تجهزها بالسلاح لتدافع عن نفسها، وكان من بين هذه الأسلحة غواصتان، زودتهما إسرائيل بأسلحة نووية، وتريد أن ترسل بواحدة منها لتمخر في مياه الخليج.

 

وما هو موقف إدارة أوباما من كل هذا؟. لقد صرح نائبه بايدن، صاحب مشروع تقسيم العراق الى كانتونات شيعية وسنية وكردية، أن أمريكا تقف الى جانب دولة إسرائيل، وكان مجلس النواب الآمريكي

قد أقر قبل ذلك بأيام تمويل إسرائيل بأكثرمن  200 مليون دولار لإنشاء نظام "القبة الحديدية" لحماية المدن الإسرائيلية من الهجمات الصاروخية من لبنان وقطاع غزة. وفي قدرة هذا النظام اسقاط الصواريخ القصيرة المدى من طرازي "كاتيوشا" أو "قسام" على مسافات تراوح بين 5 كيلومترات و70 كيلومترا من مواقع اطلاقها.

وكانت وزارة الدفاع الاسرائيلية قد اعلنت في يناير الماضي عن نجاح اختبار نظام القبة الحديدية" الدفاعي، وانها تنوي ادخال هذا النظام الخدمة في وقت لاحق من العام الجاري.وتم إقرار مشروع القانون باغلبية ساحقة، حيث صوت 410 نواب لصالحه مقابل 4 اصوات.

وكانت وزارة الدفاع الاسرائيلية قد اعلنت في يناير الماضي عن نجاح اختبار نظام القبة الحديدية" الدفاعي، وانها تنوي ادخال هذا النظام الخدمة في وقت لاحق من العام الجاري.

وهل يثير مثل هذا القرار الدهشة، اللهم إلا لدى من نسي، أو أُنسي، أن إسرائيل هي قاعدة أمريكيةفي العالم العربي للهيمنة على حركة التحرر العربي، وأن اللوبي الصهيوني المتشابك مع المجمع السياسي العسكري الثقافي،بهيمنة المحافظين الجدد ما زال ذا تأثير قوي في توجيه مسارات السياسة الآمريكية، أكان الرئيس بوش أو أوباما. فرئيس إدارة البيت الأبيض هو الصهيوني راهم إسرائيل إيمانوئيل، وسلطاته تجعله اليد اليمنى للرئيس الأمريكي، لدرجة تجعل القول أن الرئيس ألامركي هو اليد اليسرى لرئيس إدارة البيت الآبيض قولا صحيحا. وأبوه كان من الارهابيين المنخرطين في صفوف عصابة إرغون الصهيونية  في فلسطين قبل قيام دولة إسرائيل، وعند تعيين إبنه راهم رئيبسا لإدارة البيت صرح قائلا : " إبني ليس عربيا، حتى يقوم بمسح البيت الآبيض "، مما اضطر الابن للاعتذار، ولو شكليا" عن تصريح أبيه.

إن إسرائيل، وليدة الصهيونية توأم الفاشية، حتى وإن بدت واحة للديمقراطية شكلا، لن تتوقف عن خرقها للقانون الدولي والشرعية الدولية إلا بتجديد التضامن العربي الشعبي على أساس مناهضة الصهيونية وراعيتها الامبريالية الآمريكية من أجل إحداث تغييرات في أنظمة الحكم العربية المتواطئة مع الامبريالية الأمريكية والمنبطحة على بساط التطبيع مع إسرائيل، لتعمل بالتعاون مع الرأي العام الدولي والمنظمات الدولية لتطبيق قرارت الأمم المتحدة، ومن أجل فرض حل الدولتين، مفتاحا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، ولكن هذا هو بالضبط ما لا تريده لا إسرائيل و لا أمريكا من أجل المصالح الامبريالية، لا بسبب نزعة سايكولوجية عدوانية تقرب من “السايكوباثية” في مجمل سلوك إسرائيل.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com