|
المفاوضات السياسية لتشكيل الحكومة العراقية
محمد حبيب غالي لا شك في ان العراق يمر هذه الايام بمرحلة مهمة في تاريخ حياته اذا لم تكن الاهم، حيث يحاول تشكيل حكومة تقوده في الاربع سنوات القادمة، والعراقيون الان بانتظارهم تشكيل هذه الحكومة التي خرجوا لانتخابها قبل ثلاثة اشهر تقريب، وهي الحكومة التي ربما تخرجهم من اوضاعهم المتدنية بكل اشكالها عبر تنفيذ الوعود الانتخابية التي عرضها الفائزون عبر قوائمهم قبل الانتخابات . هذا الانتظار من جهة المواطن العراقي يرافقه مفاوضات من قبل الجهات السياسية والكتل حول الاتفاق على شكل الحكومة وعناصره، وهي تخضع للكثير من العوامل اهمها نتائج الانتخابات وعدد المقاعد التي حصلت عليها كل كتلة، بالاضافة الى عوامل اخرى منها الضغوطات خارجية من الدول المحيطة والغير محيطة، فضلا عن ضغوطات داخلية من كافة الجهات . لو تطرقنا الى اهم وسائل تشكيل الحكومة العراقية، حيث موضوعنا اليوم، نجـد ان عمليـة التفاوض ابرز هذه الوسائل، فقد تختلف انواع التفاوض وعملياتها عـــن بعضها البعـض، فالباحثـون يعرفونهـا على انـها ( العلم الذي نحاول من خلاله تجنب تفجير الصراعات والجدل العقيم الذي يستنفد الوقت والجهد البشري في غير الصالح العام ولا يتناسب حاليا وسرعة إيقاع العصر ومتطلباته على جميع الأصعدة )، اي بمعنى اخر انه العلم الذي نحاول من خلاله ان نرضي كل الاطراف وبالطرق السلمية لان استخدام العنف فيه يخرج من اطار المفاوضات، اما انواعها فهي بالشكل الاتي وكما يحددها الدكتور حسن محمد وجيه في كتابه مقدمة في علم التفاوض الاجتماعي والسياسي :. · النوع الاول هو لصالح كل الاطراف : وهذا النوع من المفاوضات ما تتصف به العملية السياسية في العراق، فالكل يريد ان يربح ولا يخسر شيء حتى الخاسرين بالانتخابات يشاركون فيها ويطلبون مناصب، ويعرف هذا النوع بـ " اكسب واكسب "، ولكن لابد ان تقتنع كل الاطراف بأنه لا نتيجة ايجابية غير الوصول إلى حلول وسط في قضايا التفاوض المتعثرة، وهو باعتقادي من اصعب الانواع واعسرها . · النوع الثاني وهو من أجل مكسب لأحد الأطراف وخسارة للطرف الآخر : هذا النوع من المفاوضات ما يصبوا اليه البعض، والتي هي تعرف نفسها بانها خاسرة فتحاول ان تتفاوض من الفائزين مقابل اعطاءهم جزء صغير من الكعكة الكبيرة، فــهو افضل مــن التنحي جانبا والاكتفاء بالنظر اليها فقط . · اما النوع الثالث فهو الاستكشافي : حيث يتمثل بقيام بعض الدول او الجهات الخارجية وتكون على شكل الوسيط، حيث تحاول ان تقرب وجهات النظر بين الجهات المعنية في التفاوض، لكن غالبا ما يكون الوسيط يميل الى جهة م، فمثلا تدخل تركيا الان والكل يعرف تركيا الى اي الجهات تميل، وايران وتدخلاتها ايضا معروفة الى اين تميل واين تصب توجهاتها ومن يمثلها . · اما النوع الرابع فهو التسكيني أو الاسترخاء التفاوضي : والذي يتواجد عندما تكون هناك صعوبة بعملية التفاوض وكثرة التجاذبات السياسية، التي لو تركت فانها سوف لن تجلب اي نتيجة حتى على الامد البعيد، فتجد هناك جهة معينة تحاول جمع الاطراف كلها ليس للتفاوض كما في النوع الثالث وانما لاذابة الجليد الموجود بين الكتل السياسية، واكبر مثال على هذا النوع وهو ما يقوم به رئيس الجمهوري مام جلال بين فترة واخرى لجمع الكتل السياسية على مائدة غداء محاول اذابة المشاكل بينهم او تقليصها . برأيي انه ليس من المهم تشخيص نوع المفاوضات ودراسته، رغم اني كتبت عليه، ولكن المهم هو الانتهاء منها بنتيجة ايجابية وتخليص الشعب العراقي وانقاذه من هذه الازمة وتشكيل حكومة باسرع وقت ممكن، فالكثير من الاشياء معلقة الى تشكيل الحكومة وفي مقدمتها ان هناك اكثر من مئة الف درجة وظيفية تنتظر من يشغلها من الشعب العراقي
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |