|
الهاشمي وجدلية العلاقة بين الساسة السنة والشيعة والاكراد
احمد حسن الصائغ مازال اغفال النظر عن الخطوة القادمة،مشكلة ازلية عند العراقيين. وذلك منذ نشوء الدولة العراقية في العشرينات من القرن الماضي. فهم لا ينظرون ابعد من المنطقة التي يقفون عليها ولا يحسبون للمستقبل حسابا ،وكأن لا مسؤولية تاريخية عليهم تجاه اجيالهم المستقبلية . وفي هذا الاطار اود ان الفت النظر الى مشكلة مستقبلية قد يكون العراقيون قريبون منها وهم لا يشعرون ...المشكلة ببساطة هي فرضية غياب طارق الهاشمي عن المشهد السياسي العراقي الاني . ان كان بالاغتيال او الانعزال او بقدر الله الذي كتبه على كل من تحت عرشه . قد يكون هذا الامر امنية لبعض السياسيين وقد يدفع بعضهم المال في سبيل تحقيقه،لما يملكه الرجل من وزن في الساحة السياسية العراقية .فساسة الشيعة (من المؤمنين بالمشروع الايراني في العراق..حصرا) يتمنون غياب الهاشمي عن الساحة السياسية كونه كان عظما في حلوقهم،ايام الطائفية التي اثخنت الجراح بالجسد السني. كونه الصوت الابرز المدافع عن حقوق اهل السنة التي استبيحت في هذا البلد..والاكراد ايضا يتمنون غيابه،لانه حمل وزر الفقرة 142(حسب رأيهم) وهي الفقرة التي تعيق تنفيذ المادة 140 من الدستور . وقد بلغ غضبهم من الرجل مداه،عندما طالب ان يكون رئيس الجمهورية عربيا(سنيا او شيعيا). فأتهموه بالشوفينية ،وهي المفردة الاثيرة عند ساستهم مع ان الدهر قد عفا عليها منذ ايام موسوليني. ناهيك عن مفردات اخرى تدل على قصر نظر الساسة الاكراد الذين تبين انهم لا يختلفون عن حلفائهم التقليدين،اذ السب والقذف مصير كل من يخالفهم الراي حتى وان كان ممن صعد معهم السفينة ... حيث تهمة البعثية والصدامية والعروبية جاهزة للتنفيذ وبشكل يعيد الى الذاكرة التهم التيكانت تسوقها محكمة المهداوي ضد خصومها السياسيين . اما السنة وبعد تفكك جبهة التوافق فجميع نافذيهم يتمنون غيابه ،كونه راس السنة الوحيد الذي تنطمس بحضوره بقية الروؤس . وطبعا فان قادة الجهاد او التمرد او المقاومة او البعث او الارهاب تتمنى غياب طارق الهاشمي لاختلاف مشروعهم عن طبيعة مشروعه السياسي المعروف ،وتاتي القاعدة وفرق الموت المرتبطة في ايران في مقدمة من يتمنون غياب الهاشمي حيث رسائل قتل الاشقاء الثلاث لم يجف حبرها الاحمر بعد .( قد يثير كلامي حنق تلك الاطراف بقدر ما سيلقيه من استحسان من طارق الهاشمي...فالهاشمي سيرضى لان كلامي جاء موافقا لهواه،اما الاخرون فسيسخطون لانهم لا يستطيعون الوصول اليَ لتصفيتي لاني اتكلم بالكلام المحرم) وبغض النظر عن رضى هذا وسخط ذاك لابد ان انبه الى فرصة تاريخية نعيشها اليوم قد لا تتكرر ان ضاعت من ايدي العراقيين،على الاقل في المستقبل المنظور. الا وهي فرصة وجود طارق الهاشمي كابرز رجل سني الان ..ذلك ان عراق اليوم مقسم الى مكونات ثلاث بغض النظر عن كل الاراء التي لا تتفق معي،بما فيها حركة تجديد التي يقودها طارق الهاشمي التي تدعوا الى عراق المواطنة بدلا من عراق المكونات .فللاكراد دولتهم المستقلة وقرارهم المستقل ،ومرجعيتهم البرلمانية المستقلة .. بل وعلمهم المستقل الذي لايرضون بغيره رمزا ،حتى في المراسم البروتوكولية بين الدول ،واذكَر هنا بحادثة رفض البارزاني وضع العلم العراقي مع العلم التركي في زيارته لانقرة واصراره على ان يكون العلم الكردي بديلا عنه !!! وعلى كل حال ...فالعائلة البارزانية والطالبانية قد احكمت قبضتها على مصير الكرد وبشكل يضمن وحدة كلمتهم . والشيعة لهم مرجعيتهم الدينية التي لن يخرجوا عنها حتى وان ارتكب ممثلوها اشنع الفضائح التي ملاءت مواقع اليوتيوب عبر العالم .اما السنة ،وبعد سقوط العراق 2003 ومن بعده سقوط المشروع الاسلامي السني في تجربة السنوات الاربع ،اصبحوا بلا مرجعية سياسية . حال السنة اليوم معقد،فمعظمهم لا يؤمن بالسلطة الدينية (المعصومة) لذلك تجدهم لا يجتمعون على راي واحد على اعتبار (ان لا احد خير من احد ) ولان معظمهم يعتمد على الواقعية المنطقية في التحليل السياسي،باستثناء اصحاب الولاءات القبلية (وقليل ما هم) تراهم لا يتنازلون فيما بينهم عن حظوظ انفسهم لغيرهم حتى وان كانوا من ابناء جلدتهم ...فالتعامل قائم بينهم على اسس ميكافلية بحتة لم يتخل عنها حتى اصحاب الرؤية السياسية الدينية. لذلك فان مسألة توحيد السنة تحت مظلة واحدة تصبح ضربا من المستحيل مالم يوجد رجل له الموهلات العامة للاقناع وفق المنظور السني . وهذا ما لا يتوفر الان عند شخصية سنية باستثناء الهاشمي . غير ان المشكل في الامر ،ان الهاشمي وبعد خروجه من الحزب الاسلامي قد طرح مشروعا لكل العراقيين متجاوزا طائفته وبشكل يقفز به على الوقائع التي ضربت جذورها في الشارع العراقي..ومع كل الرقي والمثالية التي طرحها الهاشمي في مشروعه الوطني الجديد الا انه لن يعدو ان يكون مشروعا طوباويا سرعان ما ستفشله وقائع النزاع الطائفي والعرقي التي تدور رحى حربها الباردة في العراق ..وهل يتوقع احد خيرا من سياسيين تصدروا قوائم الشيعة وهم يصرون على ان لا تخرج رئاسة الوزراء من الشيعة؟ بل ذهبوا الى ابعد من ذلك اذ رفضوا ان يتولى رئاسة الوزراء شيعي علماني رشحه السنة لزعامتهم (حسب ما يدعون ). وهل يتوقع خير من انفصالي يرفض ان يكون جزاء من الوطن،ويرفض ان يكون علم العراق رمزا للوطن الواحد ؟ ولا حقيقة لانتمائه للعراق الا عند اقتطاع نسبة تفوق استحقاقه من ميزانية الوطن العامة ..وهل يرتجى خير من طائفة تشتت وتاهت في الارض؟ ولكل جماعة منهم راي وموقف ،وجل ما يملكون كلمات يطلقها قادتهم من خلف الحدود ،بعد ان امنوا على ابنائهم واموالهم ،وتركوا ابناء جلدتهم يصطلون بنار الوطن الموقدة منذ سبع سنوات .مع كل هذه الخلطة ماذا سيكون حال العراق ان فقد المكون السني راسه؟ ومع من سيجلس الاخوة الاعداء للتفاوض ان رجعت العقول الى روؤس السياسيين؟ هل سيجلسون مع ابي ريشة ام مع الهايس؟ ام يجلسون مع الضاري ؟ ام تراهم سيجلسون مع السنة من اعضاء البرلمان السابق!!!!!اولعل الدائرة تدور فيتفاوضون مع عزت الدوري او الاحمد؟ ام تراهم يتفقون مع الرؤية الاسرائيلية لابقاء العراق في فوهة البركان لضمان امن دول الجوار؟ وعودا على بدا فان فرصة وجود الهاشمي اليوم كابرز رجل سني تعد فرصة عظيمة للعراقيين،قد لا يدركها حتى طارق الهاشمي نفسه . فمن خلال هذا الرجل يمكن العودة بالعراق الى جادة الصواب ..فهل سيستثمر الساسة فرصة وجوده بينهم ام انهم سيذرفون دموعهم دما عليه،ولات ساعة مندم . ملاحظة: قبل الاتهام والظن.... اعط حلا لخروج العراق من ازمته .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |