صيف الغضب .!! ...

 صلاح حسن الموسوي 

media@wifaq.com

يروى ملكا أراد أن يجمع قط وعصفور في قفص واحد ، وقد أستغرب المستشارين من رغبة ملكهم وذكروه بمخالفة هذه الرغبة للطبيعة المتأصلة في الحيوانات ، إذ لابد للقط من التهام العصفور بعد لحظات من جمعه مع العصفور في ذات القفص. ومع إصرار الملك على تحقيق رغبته صادف أن دخل المدينة رجل غريب قاده الطمع بالمكافأة إلى الادعاء بإمكانية النجاح في تحقيق ما عجز عنه الآخرين حيث طلب منديلا كبيرا  وفسحة للاختلاء بالقط ألذي لفه الرجل بالمنديل الكبير وأخذ بتدويره مرارا ومن ثم وضعه في القفص إلى جانب العصفور حيث سادت حالة السلام بينهما ولم يصدر عن القط أي تصرف عدواني مما أفرح الملك ودعاه إلى  أن يجزل العطاء للرجل ، ولكن بعد دقائق معدودات جاء الخبر السيئ للملك بافتراس القط للعصفور مما أدى به إلى طلب القبض على الرجل ومحاسبته كمحتال وقد رد الرجل بثقة وهدوء على زمجرة الملك بقولة أن ما طلبته يا صاحب الجلالة يستحيل التحقق كونه مخالف تماما للطبيعة ، أما فترة السلام القصيرة التي سادت القفص فكانت بسبب ( دوخة ) القط التي حالما صحا منها عاد إلى طبيعته المعهودة . 

تظاهرات البصرة والناصرية العنيفة بسبب بلوغ أوضاع الكهرباء مرحلة تتفوق على طاقة تحمل أقوى العراقيين تؤشر نقطة بدء العد العكسي لحالة ( الدوخة ) التي شملت الملايين من العراقيين  بعد إسقاط نظام صدام على يد القوات الأمريكية ، ومثلت درجة حرارة جو العراق التي تجاوزت أل (49 مئوية )المفجر الرئيسي لانتفاضة الكهرباء التي جرّت معها مطاليب شعبية بالمكافحة الجادة للفساد وتحسين الحصة التموينية والكف عن احتكار فرص العمل لصالح المحسوبيات العائلية والحزبية ، وهذه المطالب تعبر عن تحرر الجماهير من أشباح ( الدوخة) والتيمم شطر بر الحقيقة ألذي كشفته الوضعية المزرية للخدمات الحياتية الأساسية في العراق ، فالمحتل (الجيد ) هو شبح هيمن على أحاسيس الملايين من العراقيين بسبب عقود العبودية التي مارسها صدام وعصابته بحقهم ، وقد أن ألأوان للتعامل مع أمريكا كوجه استعماري بشع تعمد حشر العراقيين في عشرات المتاهات الجهنمية 

ومنها الخدمات ألأساسية التي يتفرج أصحاب مشروع ( مارشال) في إنهاض أوربا على وضعها ألكارثي في العراق   ، ووطنية حكومة عراقية في ظل الاحتلال شبح أخر في طريقه للتلاشي بعيدا عن اعتقاد العراقيين لأن معظم السياسيين الذين عادوا ألى العراق بعد عام 2003 هم أبناء العوائل ألإقطاعية والثرية الذين فقدوا امتيازاتهم بعد سقوط النظام الملكي عام 1958 إضافة إلى بعض المدراء المختلسين في زمن نظام صدام حسين وقد تحولوا إلى معارضين في الوقت الضائع . وقد أظهر أداؤهم في التهالك على السلطة وسرقة المال العام حقيقتهم الحاقدة والمعادية للشعب  وهمهم الرئيس في استعادة أموال وأراضي يعتقدون بأن العهد الجمهوري قد سلبهم إياها ، وأشير هنا إلى تصريح رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي  يفضح فيه تستر الحكومة الحالية على المفسدين بقوله( أن قانون العفو الذي صدر عام 2008 تسبب في أهدار ما يقرب من أربعة مليارات دولار من المال العام ، وقال العكيلي أن هذه ألأموال ضاعت في العراق بعد أن تسبب قانون العفو في غلق ملفات المفسدين المتورطين في الكثير من القضايا ) .

للفيلسوف ألألماني هيغل مقولة شهيرة وهي (أن الحقائق مشخصة دائما ) ، وبرأي أن هذه الحكمة تصلح لأن تكون خارطة طريق مثالية لتعامل العراقيين مع حكامهم الجدد ، فعندما يكون المواطن محروم من الكهرباء ومن الماء النظيف وبالمقابل تنتشر أملاك وأطيان الوزراء والمسؤوليين داخل العراق وخارجه ، ينبغي ان يعامل هذا المسؤول كلص وخائن ولا ينبغي للمواطن أن يسمح لنفسه بالانخداع   بدعاوى مثل مشتركات التماثل المذهبي والكره للإرهاب وفوبيا البعث لأنها ببساطة  وكما قال أمير ألمؤمنين (ع) كلمة حق يراد بها باطل . 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 
في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com