الحـراك... وسـياسة التحريك !؟

وهـيب الصانع

dream200926@gmail.com

اعتقد إن أفضل مدخـل للحـوار المسئول، عن تدهور الأوضاع السياسية في بلـدان العالم النامي، هو معرفة الأسـباب الحقيـقية للمشكلة وتعامل مع تلك المعـطيات والتشخيصات ، بالموضوعية والبعـد عن لهجة التدليـس والتهويـل في خـطاباتـنا المـتكررة.

إن الحـراك الذي شهدته بعض المحافظات الجنوبية جاء بشكل عـفوي في بـدء الأمر لـقد كانت المطالب مشروعة من وجهة نـظر السـلطة، إن تلك النظرة الثـاقـبة لمجريات الإحـداث جعـلت القائمين بان يستشعروا المسئولية تجاه الظروف والأزمات الاقتصادية الدولـية والمحلية التي زادت من معـاناة المواطنين ورفعت من مؤشـرات الفـقر والبطالة فـوق المستوى اللامعقـول.

ومصطلح الحـراك قد تم إقحـامه من قـبل بعض المنظرين والسياسيين ليجعلوا من تلك الآهات والمعانات الحقيقية للمواطن الذي فـقد وظيفته طـوعاً أوكـرهاً تارة بالترغيب تارة أخرى بالترهيب.

لقد فضل البعض صرف الراتب والجلوس في البيت آملاً في إصلاح الأمـور، وقبل البعض الآخـر راتب التــقاعـد ليظل بجـوار أسـرته التي تبعد عن مـقر عمله الجـديد آلاف الكيلومترات، لأنه لم تعد هناك أي جدوى من الاستمرار بالوظيفة فقلوبهم وعقولهم معـلق بفلـذات أكبادهم، فـلا مرتب يكفي لـزيارة ولا وظيفة أصبحت ترفع من مقداره.

وان كان هـذا هو حال الكثيرين في كل المحافظات بعد إن صارت الوظيفة مغنماً وموقعنا إستراتيجيا لا يحٌسن استغلالها هؤلاء المواطنين "الخـبل" كما يقولا. وما إن تؤول تلك الوظائف الصغيرة إلى أولئك "المقطقطين" حتى يصبح الـثـراء واضحاً وفاضحاً لــما تـدره من أمـوال.

و(تأتي الرياح بما لا تشتهي السـفن) تتسارع الإحـداث وتصبح المطالب العفـوية حـراكاً سـياسـياً موجهاً من الخـارج لتـغـدو المسالة أشــبة "بنـفخ الحـاوي ورقـص الأفعى"!!

إن رضخ الحكومة للمطالب الشرعية قد فتح الشهية لمقتنصي الفرص والابتزاز السياسي والاستقواء بالخارج وتصوروا إن تلك الأفعال سـوف تعيد العجـلة للوراء وان عقارب الساعة ستتوقف.

ما من احد يفكر أن الأوضاع بحاجة إلى إصلاح وان الفساد قد ظهرت في البر والبحر وان الطوفان قادم جـزاءً بما ارتكـــبنا واقترفت أيدينا؟!

ان سياسة التحريك امرأ مطلوب عندما يسود الركود والملل في الأوضاع وتطول فترة الانتظار لكن التمادي والاستمرار في المكايدات والمناكفات السياسية امرأ لا يعد من الحنكة السياسية وإنما هو نوعاً من الإفلاس السياسي والشــعبي ومناورة هــزلية للحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه.

إن الـتراجع عن الوحـدة أمر محال... ومستحيل بعـد كل تلك الاندماجات والانصهار بين أبناء الشعب الواحد وما العلاقات الاجتماعية إلا واحدة من تلك المعـوقات الإنسانية!!

فإذا قررنا التفريق بين أســرة من خمسة إفراد فما هو مصير الأبناء ولأي شــطر سيكون الانتماء... !؟

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 
في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com