|
البصرة بين نارين: لهيب الصيف ورصاص الشرطة..!!(*)
باقر الفضلي حدث هذا في البصرة في التاسع عشر من حزيران الحالي، وطبقاً لوسائل الإعلام، فقد أطلقت قوات أمن الحكومة المحلية النار على جموع المتظاهرين المدنيين العزل، وكانت النتيجة مصرع مدني وجرح آخرين..!!؟ أما ردة فعل الحكومة المركزية، فكان بياناً صادراً من دولة رئيس الوزراء، بإرسال وفد الى مدينة البصرة وطلب محاسبة المقصرين في وزارة الكهرباء لعدم تنفيذ تعهداتهم بتوفير الكمية اللازمة من الكهرباء الى المدينة، والطلب من الناس [[الخلود الى الهدوء وضبط النفس]]، كما "[[ وقد أمرالسيد رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة , القوات الامنية بضرورة الحفاظ على الأمن وتوفيرالحماية للمواطنين وممتلكات الدولة وعدم السماح باستغلال هذه القضية لتحقيق أغراض سياسية.]]"(1) ولكن وكما بدا ظاهراً،على صعيد ردة فعل الحكومة، أن جرى التقليل من أهمية الحدث، والتحذير من أن يتم إستغلاله سياسياً لتحقيق أغراض سياسية، على حد قول دولة السيد رئيس الوزراء المنتهية ولاية حكومته، منذ ثلاثة أشهر بعد الإنتخابات الإخيرة..؟؟! فما الغريب إذن في الأمر، أن تطلق قوات الحكومة المحلية الرصاص على حشود المدنيين المتظاهرين من أبناء البصرة الفيحاء لمطالبتهم بتوفير الكهرباء، في وقت ظلت فيه الحكومة المركزية والمحلية، وكل من موقع الإقتدار، يتقاذفان كرة الإتهام بالإهمال والتقصير في ساحة بعضهم البعض الآخر، فهي ومنذ أربعة سنوات من وجودها في السلطة، ما إنفكت الحكومة الموقرة، تثبت عجزها وفشلها الخارق في مجال تقديم الخدمات ومعالجة أزمة البطالة، بل وبلغت من تخمتها في حجم الإنفاق وفي الفساد المالي والسياسي حداً لا يتصوره العقل أو يتقبله المنطق، فهل هذا كل ما كان لدى الحكومة وممثليها في السلطة المحلية، من رد لمواجهة المتظاهرين..؟ فماذا هي فاعلة أمام تزايد تفاقم الحالة المطلبية للمواطنين في شدة حر هذا الصيف اللاهب..؟ أم هذا هو كل ما لديها وما عبر عنه لسان حالها ذلك اليوم من جواب..؟! فليس غريباً إذن، أن تلجأ السلطات الحكومة المحلية في البصرة، الى إستخدام الرصاص ضد المتظاهرين وبحمية الراصد المتقصد، فهي ليست المرة الأولى في عهد الحكومة الحالية اللجوء الى إستخدام العنف المسلح ضد المتظاهرين، فسجلها ليس نظيفاً من ممارستها لإرهاب الدولة في أماكن وحالات أخرى، لا تختلف في جوهرها عن ما جرى في البصرة، مثلما حدث في الناصرية وكركوك عام/2006..!(2) لقد جاء بيان دولة رئيس الوزراء داعياً الى" الخلود الى الهدوء وضبط النفس" و"الحفاظ على الأمن وتوفير الحماية للمواطنين وحماية ممتلكات الدولة"، ولكنه لم يشر لا من قريب ولا من بعيد، الى الدماء البريئة التي سُفكت برصاص الشرطة المحلية، إذ وكما يبدو، إن هيبة الدولة المتمثلة بممتلكاتها لها الأولوية في الحماية والأمن، وأمن الحكومة كما تراه الحكومة نفسها، هو في المقدمة على أمن المواطن، وفي ظل هذا الإطار تحدد الحكومة أولوياتها الأمنية، ومسؤولياتها الدستورية، سواء كانت المفخخات من يحصد أرواح المواطنين، أم رصاص الشرطة، فالحال واحد طالما كان أمن الحكومة وهيبتها، بخير وسلام..!!؟ أما ما يقال عن "الإستغلال السياسي" للحدث ومن أي جهة كانت، والتذرع به للإبتعاد عن دائرة المسؤولية الجنائية، فهذا أمر لا يقف مبرراً أمام عدم إستنكار الإطلاق العشوائي للرصاص على جموع المتظاهرين العزل وسقوط ضحايا أبرياء، ولا يمنع من تحميل السلطات المحلية مسؤوليتها في تحديد جهة إصدار أمر إطلاق النار، بل ويفترض بتلك السلطات والحكومة المركزية إدانة ذلك، وتحمل مسؤوليتها الدستورية في حماية أمن المواطنين، وإحالة المسؤولين عن سقوط الضحايا الى القضاء، ليقول كلمة العدل في الأمر، بعيداً عن أي تأثير كان، وكي لا تختلط الأوراق بين حدث التظاهر نفسه، وهو حق مشروع كفله الدستور، وبين فعل إطلاق الرصاص العشوائي على جماهير المتظاهرين المدنيين العزل من أبناء البصرة الفيحاء، من قبل قوات الأمن، وهو أمر يحضره الدستور، ويشكل جريمة يعاقب عليها القانون، وخرقاً للقانون الدولي الإنساني والمعاهدات الدولية التي تحكم حقوق الإنسان، والمصادق عليها من قبل الحكومة العراقية..!؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |