|
العلامة السيد محمد حسين فضل الله في ذمة الخلود إنتقال النور الى جوار النور محمود الربيعي كثير من يرحل منّا من هذه الدار الفانية الى الدار الآخرة لكن أغلب هذا الكثير ليس له دور مهم في هذه الحياة فهو يمر من دار الى دار دون أن يتزود منها الى الدار الآخرة، والقليل منهم ينتقل وهو يحمل زاده ليلقى الله بقلب آمن ونفس مطمئنة.. والسيد محمد حسين فضل الله هو أحد هؤلاء العظماء الذين مروا بالحياة وتركوا آثاراً عظيمة كما ترك السيد الراحل نجدها في الخطب والكتب والمؤلفات والبحوث وفي دور الأيتام والأرامل والمعوقين التي سعوا الى إنشائها، والمؤسسات الدينية التي أقامها خصوصاً تلك التي زاولت نشاطها في لبنان بعد وصوله إليها بعد الرحلة الطويلة التي بدئها في النجف التي ولد وترعرع فيها وهو يتتلمذ على أيدي أكابر العلماء كالسيد محسن الحكيم والسيد ابو القاسم الموسوي الخوئي والسيد محمود الشاهرودي وفي سن مبكرة لاتتجاوز الستة عشر عاماً، ثم أصبح بعدها أستاذاً للعلوم الدينية. والسيد فضل الله عالم غزير العلم ويتحلى بكثير من الكمالات الخلقية ومنها التواضع والحلم والتسامح والنقاء الفكري والإنفتاح ويدعو الى السلم والحوار والتعايش مع الذين يختلف معهم ويدعو الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولقد كنا وفي الستينيات نقرأ له بعض كتيبات التوعية الدينية العقائدية والسياسية كمفاهيم إسلامية كانت تصدر حينها لتوعية الشباب المسلم، وتواصلنا مع هذا الرجل السيد في كتبه الأخرى التي كانت محطة للتأمل في فكره وسعة إطلاعه وكان من كتبه " الزهراء المعصومة أنموذج المرأة العالمي" وكتاب " الزهراء القدوة " وكان له دور مهم في إنشاء مستشفى السيدة الزهراء عليها السلام، وبودي أن اشير الى أن كثير من الناس إتخذوه مرجعاً وليس في ذلك غرابة لما كان يحمله من عقلية متحركة متفاعلة مستقرئة للواقع والماضي والمستقبل، وله إحاطة واضحة بشؤون العقيدة والفقه والناس، ولقد إتخذته بعض الحركات الدينية السياسية مرجعاً روحياً وموجهاً مرشداً لما له من رؤية في عالم السياسة والدين، ويذكرني ذلك بالمرحوم العلامة الشيخ أحمد الوائلي الذي تعلم في النجف مالم تزده شهادات الدكتوراه في اللغة التي منحها الأشرف الشريف شيئاً له سوى تشريف مدني إجتماعي لم يكن له محتاجاً ليكون عالماً، والسيد فضل الله لم يكن يحتاج الى من يمنحه الإجتهاد بعد حصوله على العلم الغزيز وماكان يمتلكه من عقلية منحته المنزلة عند أهل العلم والدين وفي أوساط المثقفين وكثير من الأدباء والمفكرين والكتاب في العالم. ولقد أطلعت على بعض آثاره وعلومه وفقهه الذي أختلف فيه مع البعض، ومع الإختلاف أو الموافقه معه فإن ذلك لايخرجه من المذهب، فهو حافظ له ومحتفظاً بمعتقده فقدكان فيلسوفاً عاقلاً مهذباً إستطاع أن يجلب الأنظار بذكائه وشجاعته وهو يواجه الإنتقادات بكل أدب وهو ماقل نظيره مع الذين كانت يتزعجزهم آرائه وهكذا كان السيد فضل الله فضل من الله بما منحه له من الفضل والدرجة. ولقد تعرض السيد فضل الله لمحاولات إغتيال بسبب مواقفه الصريحة في السياسة وقد سببت له عداءاً سافراً لم يوقفه عن الإستمرار بمواقفه الحديدية الصلبة فهو رجل عقائدي بكل معنى الكلمة ومن أسرة دينية إتخذت من النجف موضعاً لها للدراسة فقد ولد في العراق بعد أن حضر أبوه السيد عبد الرؤوف رحمه الله للدراسة في الحوزة العلمية. لقد كانت فتاواه الشجاعة مصدر إزعاج للحركة التقليدية عند غيره الأمر الذي سبب ظهور قلق من فتاواه التي كان يتحرك فيها من خلال إستقراءه لكتب من سبقه من العلماء ونحن لانريد أن نقول أن السيد كان على الحق وغيره على باطل ولكننا نقول أن مذهبنا الجعفري الأثني عشري قد علّمنا ذلك فيما نختلف ونتفق عليه مادام ذلك لايخرج من الإيمان الى الكفر أومن الإستقامة الى الفسق إذ أننا نحترم كل العلماء الأجلاء رغم إختلافهم ولاندخل فيما يرون بينهم من الإختلاف في فهم التشريع فنحن مستئنسون بآرائهم.. وكل منا له مرجعه الذي يقلده ويرجع إليه مانريد مادمنا نحافظ على الأصول والفروع. رحم الله الفقيد وأسكنه الله فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه رجعون والعاقبة للمتقين، وبهذه المناسبة الفاجعة الأليمة نرفع أزكى آيات التعازي الى إمامنا صاحب الزمان الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف، والى جميع مراجعنا العظام، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد المصطفى الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه الغر الميامين وسلم تسليماً كثيراً سائلا المولى أن يمد في أعمار مراجعنا العظام لاسيما آية الله العظمى السيد علي السيستاني وبقية المراجع العظام تقدست أسرارهم والحمد لله رب العالمين.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |