مَنْ أَسَسَ الحُكمْ الوراثي والتَرحِيل .؟


 صَادق الصَافي

sadikalsafy@yahoo.com

أنتهت الخلافة الراشدة بمأساة أنسانية وأخلاقية وسياسية نتج عنهامقتل الخليفة الرابع - الأمام علي بن أبي طالب - عليه السلام - وكرم الله وجهه -عام 40 هج أوائل 661 م- والذي أمتاز عهده بالعدل والعلم والتسامح والشجاعة.. لقد كانت فرصة سانحة أمام الأسرة الأموية الطامحة للحكم والسلطة والفاقدة للجاه , أنها الفرصة المناسبة لأزالة عقبة كبيرة لأستعادة الجاه والثراء الذي فقدته خلال دخولها بالأسلام - عند فتح مكة على يد الرسول الكريم - ص - لقد بايع أهل العراق والمدينة المنورة - الحسن بن علي - لأعتقاد غالبية المسلمين بأحقية آل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالخلافة , أما معاوية فقد أسرع لجمع أتباعه من أهل الشام لمبايعته وسمى نفسه - أمير المومنين

ونتيجة للتصعيد الحربي وتأليب القبائل الذي أستخدمه معاوية وأستمالة الأمراء بالمال والرشوة بالمناصب,أدرك الحسن بن علي أن موازين القوى السياسية والعسكرية بين القوتين العراقية والشامية لم تعد متكافئة وأشفق على أ رواح المسلمين من الفتن الدامية وأنتهج المفاوضات لحقن دماء المسلمين

على أثر المفاوضات خلع- الحسن بن علي - نفسه من الخلافة وسلم معاوية أمانة ثقيلة هو أمر المسلمين على أن يكون الأمر من بعده شورى -

وبذلك قامت خلافة الأسرة الأموية وقد دام حكمها 91عام هج - 89 عام ميلادي على أسس مختلفة عن النهج الأسلامي الراشدي.تولى خلالها 14 خليفة وفق مبدأ التوريث العائلي .أولهم معاوية .. وهو معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أُمية بن عبدشمس بن عبدمناف بن قصي - الأموي . وأمه - هند ؟ بنت عتبه ؟ بن ربيعه بن عبدشمس بن عبدمناف .....

كان معاوية من أدهى دهاة العرب , باذلاً للمال, يفضل على أشراف رعيته , فلايزال اشراف قريش يفدون عليه بدمشق فيكرمهم ,ولايزالون يحدثونه أغلظ الحديث ويجابهونه أغلظ مجابهه , وهو يداعبهم تارة ويتغافل عنهم تارة أخرى,ولايعيدهم اِلا بالجوائز السنية

تحالف في بلاد الشام مع السكان الأصليين لاسيما المسيحيين منهم , وتحالف مع القبائل اليمنية بني كلب وتزوج منهم - ميسون الكلبية - وزوج أبنه يزيد أمرأة منهم أيضاً..

كان المجتمع الجاهلي منقسماً الى عصبيتين - قيسية - من عرب الشمال و - يمنية - من عرب الجنوب .

وبعد أنتشار الفتوحات الأسلامية حملت العصبية الجاهلية بين عرب الشمال الذين أنتسبوا لجدهم - عدنان - أي العدنانية . وعرب الجنوب الذين أنتسبوا لجدهم قحطان وعرفوا - القحطانية -وتحولوا مع مرور الزمن الى حزبين سياسيين أشتد التنافس بينهما

نقل أسر عربية الى بلاد فارس

كان المسلمون قد وصلوا في فتوحاتهم الى كش أيام الخليفة الثالث عثمان - رض - لكن حكمهم كان مزعزعاً..كما أن عهد معاوية لم يشهد فتوحات على نطاق واسع كما هو في عهد الخلفاء الراشدين - رض - وأنشغل كثيراً في محاربة حركات التمرد . وكان معاوية يعمل جاهداً على نشر الدين الأسلامي في صفوف الشعب الفارسي

ومن أجل ذلك أسكن عشرات الآلآف من الأسر العربية في المناطق الفارسية وخاصة في خراسان .حيث أعتقد بأن أختلاط العرب بالفرس يجد سبيلا الى نشر الاسلام وتعلم اللغة العربية..

وفي عهد الوالي - زياد بن أبيه - واصل المسلمين الفتوحات حتى وصلوا - كابل - عاصمه أفغانستان الحالية - وفتحوها بعد حصار - في حين عبر أبنه- عبيدالله بن زياد - الى نهر سيحون ووصل بيكند ثم تولى- سعيد بن عثمان بن عفان - وأكمل فتح سمرقند وبخارى وترمذ .

نقل قوم من الفرس الى داخل البلدان العربيه ومن أجل محاربة الروم البيزنطيين نظم معاوية الحملات العسكرية لمحاولة الأستيلاء على القسطنطينية , وأقام مراكز دفاعية على الحدود ,وأهتم بمدينة - أنطاكية - الحدودية المعرضة للغارات الرومية ,فقام بأغراء الناس للأقامة فيها ومنحهم أقطاعات من الأرض كما نقل اليها عام -42هج-662م

- جماعة من الأقوام الفارسية ,وجماعات من أهل بعلبك , ومن حمص ,ومن البصرة والكوفة . كما نقل قوماً من الفرس من بعلبك وحمص الى صور, كما نقل قوماً من زط البصرة ..؟

حاصر الجيش الأسلامي القسطنطينية عام49هج-669م- وألتحم الجيشان بمعارك,الا أن المسلمين لم يحرزوا أي أنتصار يذكر وأضطروا للعودة بعد حصارين للقسطنطينية وتوفي فيها الصحابي الجليل - أبو أيوب الأنصاري- ودفن عند أسوار القسطنطينية

وأمر معاوية الجيش بالأنسحاب عام 54هج الى الشام نظراً بأنه قد أحس بدنو أجله وخشيته من وقوع مشاكل بعد وفاته , ونتيجة المفاوضات بين معاوية والروم البيزنطينيين...أتفقوا على الآتي

يدفع معاوية جزية سنوية للروم مقدارها - ثلاثة الآف قطعة ذهبية- يدفع خمسين حصاناً - خمسين أسير -تستمر الهدنة 30 ثلاثون عاماً .

وقد أستعان معاوية بأشخاص من المسيحيين,ممن عملوا في الأدارة البيزنطية أمثال سرجون بن منصور ,وأبنه لأدارة ديوان المال ,وعمل أنفتاح على حضارة الروم والحضارة الفارسية

توريث الحكم

تعتبر مسألة توريث الحكم في عهد معاوية لأبنه- يزيد- من بعده من أكثر المسائل التي دفعت الكثير من المسلمين للوقوف ضده وتوجيه النقد اليه ,لخروجه عن النهج الذي أتبعه المسلمون في أختيار خليفتهم منذ خلافة أبي بكرالصديق -رض-

حيث لم يكن العرب المسلمين يقرون من قبل بمبدأ الوراثة في الحكم ,لكن معاوية طمع في توريث الحكم لأبنه للمحافظة على الأرث الأموي .خاصة وأن الصراع مع بنو هاشم لايزال مستمراً, وأن غالبية المسلمين يميلون لترشيح هاشمي للخلافة من بعده وفق مبدأ الشورى وهذا ما لايقبله الأمويين ,وهم يسمون أنفسهم - أهل الملة وأهل الغلب .؟ - في ذلك الوقت

كانت هناك 3 فئات من المسلمين متصارعة ومتعارضة, أولها الفئة المتذمرة من الحكم الأموي وهم من يحملون النزعة الراشدية, وتنتظر وفاة معاوية لأعلان موقفها السلبي خاصة أن القرار الوراثي يعتبر دخيلاً على العرف العام للمسلمين , والفئة الثانية هي - المستفيدة -المؤيدة للحكم الأموي والمتحالفة معه المستفيدة من أستمرارية المشروع السياسي المطروح ,والفئة الثالثة تمثلت بالتيار الشيعي ذي العاطفة الوقادة التي تخول أهل البيت الحق السياسي والديني ,حيث مثل الحجاز الأتجاه الراشدي , في حين مثل العراق أتجاه أعرابي ذو صبغة قبلية , وأتجاه عاطفي سياسي يمثل التيار الشيعي ,, أما أهل الشام فمثلوا السياسة الأموية لقد شجع أهل الشام - المستفيدون - معاوية على توريث الحكم وتشير الرواية المشهورة الى أن- المغيرة بن شعبه - هو الذي شجع وأشار على معاوية- الا أن الراجح أن معاوية قد عزم على تولية أبنه - يزيد - ولاية العهد ليكون خليفة من بعده قبل عرض المغيرة - على أن يتحسس بأنه سوف يظهر بعد وفاته

الا أن زياد بن أبيه - كان مختلفاً حيث أشار على معاوية أن يتريث لعدم توافر شروط الخلافة في - يزيد - فأنه صاحب رسله وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد - الطبري-ج 5ص 302-303 أضافه لوجود التيارالمعارض الذي لايزال يمتلك جانب من القوة وأنه قد يلجا الى الثورة المسلحة والعصيان التزم معاوية بنصيحة - زياد بن أبيه - حتى لايثير عليه بنو هاشم وعلى رأسهم الحسن بن علي وكذلك أبناء صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأعلان ذلك في الظروف الملائمة..وقد توفرت بعد مقتل - الحسن بن علي بن أبي طالب - مسموماً عام 49هج -م669, المصدر - اليعقوبي ج2ص133

وأعتمد على حلفائه من قبائل الشام لثبيت الوراثة . وكان كبار شخصيات الحجاز لاسيما أبناء صحابة الرسول - ص- من أكثر المعارضين ..وكان أهم المعارضين للحكم الوراثي للأسرة الأموية - الحسين بن علي بن أبي طالب - وعبدالرحمن بن أبي بكر الصديق - و عبدالله بن الزبير العوام - وعبدالله بن عمر بن الخطاب .أضافة الى بعض الشخصيات الأموية الذين يتطلعون الى الخلافة بعد معاوية أمثال مروان بن الحكم وسعيد بن العاص وكانت المدينة المنورة والعراق من أكثر المدن معارضة لعمل معاوية كونه قد خرج عن سياسة الراشدين وجعل الخلافة وراثية

 

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 
في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com