مأساة أسطولنا الجوي العراقي فاضل يطيرُ - فاضل لا يطيرُ

 

كاظم فنجان الحمامي

kfinjan@yahoo.co.uk

بعد أن أسهمت قراراتنا الانفعالية وأعمالنا الارتجالية في تدمير أسطولنا البحري العراقي, وبعدما أسهمت قوانيننا في حرمان كوادرنا البحرية من العمل في بحار الله الواسعة, وبعدما أمعنت مؤسساتنا الوطنية المتخلفة جدا في تكسير مجاديفنا وتمزيق أشرعتنا, حتى صرنا من أفقر الدول العربية من حيث محدودية المسطحات المائية, وامتداداتها الساحلية المتقزمة, وممراتها الملاحية الضحلة, فضاقت علينا بحار الكون بما رحبت, وانكمشت سواحلنا في خور عبد الله, الذي صار بين ليلة وضحاها من ضمن المياه الإقليمية الكويتية, فتقوقعنا في الزاوية الشمالية الغربية من حوض الخليج العربي, وفقدنا حقوقنا البحرية الطبيعية, بعد أن كنا نفاخر الدنيا كلها بقولنا:

ملأنا البر حتى ضاق عنا

وماء البحر نملأه سفينا

ها نحن نذعن مرة أخرى للرغبات الكويتية, ونقرر تكسير أجنحة خطوطنا الجوية, التي ولدت قبل ولادة الكويت, وتأسست عام 1945,

ثم نقرر إشهار إفلاسها, في خطوة انهزامية تقهقرية تراجعية اتخذت على عجل لتفادي نتائج الدعاوى الكويتية المقامة علينا في المحاكم الدولية, فجاءت هذه الخطوة متناقضة تماما مع أحكام قانون التجارة العراقي, وبنود إشهار إفلاس الشركات الوطنية, ومتقاطعة تماما مع طموحاتنا المستقبلية الرامية إلى تحسين أداء خطوطنا الجوية, وتوسيع مدياتها, والتحليق بطائراتنا في الفضاءات المفتوحة,

ثم أن الخطوط الجوية الكويتية استوفت ملايين الدولارات من لجنة التعويضات في الأمم المتحدة, وان قرار إشهار إفلاس أي شركة يفترض أن يصدر من المحاكم المختصة بناء على طلب الدائنين, في حين إن الخطوط الكويتية لم تطلب ذلك صراحة, بيد أن جماعتنا هم الذين تبرعوا بنتف ريش طائراتنا, وحجزها خلف قضبان قفص العجز والإفلاس, ومن دون أن يكون لهذه الخطوة أي مردودات ايجابية لصالحنا, فهي لا تخدم تشكيلات وزارة النقل, وليس لها أي آثار سلبية على الخطوط الكويتية, التي ستواصل مضايقاتها ومطالباتها الحثيثة بمنع تحليق طيور البط والحذاف والخضيري, وحرمانها من الهجرة إلى اهوار العراق, وستواصل ملاحقة طيور الحبارى ومنعها من الطيران في سماء بوادي إبصية, والغانمي, واللعّاعة, وفيضة حمد, وشقره, وخضر الماي, وجهامة, ونقرة السلمان, وغيرها من البراري العراقية التي تعد من المطارات الطبيعية للطيور البرية الحرة, ومن المحتمل إنها ستطالبنا بمنع بيع الطيور الاستوائية في سوق الغزل, وتحرمنا من تربية الحمام الزاجل في غابات أبي الخصيب, وتمنع الفضائيات العربية من بث أغنية (يا طيور الطايره), وقد تطالبنا بحذف عبارة (فاضل يَطيرُ) من القراءة الخلدونية, ومنع أطفال العراق من اللعب بالطائرات الورقية جنوب خط عرض 36, والمطالبة بتعرية رواية ألف ليلة وليلة من حكاية البساط الطائر, وقد يصل البطر بالكويت إلى حد المطالبة بحذف بضعة أبيات من رائعة صفي الدين الحلي, وبخاصة الأبيات التي يقول فيها:

إن الزرازير لما طار طائرها توهمت أنها صارت شواهينا
بيادقٌ ظفرتْ أيدي الرِخاخ بها ولو تَرَكناهُمُ صادوا قرازينا

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 
في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com