عرب أوروبا وصراع الأجيال

 

منار العابدي

manaralabedi@gmail.com

بعد تعودّ الإنسان على طريقة عيش معينة، وطبيعة تصرفات خاصة وقيم ومعتقدات من وجهة نظره تكون هي الأمثل والأنسب للإلتزام بها، وكذلك إلتزام كل من يخصونه بهذه المعتقدات أمر مهم جدا بالنسبة له. فبالتالي يكون من الصعب على مثل هكذا إنسان قد تعود على نمط حياة مختلفة أن يغير بعضا من طباعه، لكي يندمج مع المجتمع الجديد والبيئة التي سيعيش فيها.

هذا هو حال آباء وأمهات عاشوا وتربوا في أجواء شرقية بحتة تتضمنها قواعد وضوابط من المفترض أن يلتزم بها الجميع، رغم بعض السلبيات التي تتخللها هذه المعتقدات!! لكن الصعب هنا ونقطة التحول المخيفة التي تغير مجرى ضوابط هذه الحياة الشرقية، هي عندما تجد العائلة الشرقية فرصة للإنتقال الى دولة أوروبية والعيش هناك. فمن هنا تبدأ المعاناة والصعوبة خاصة اذا كان للعائلة أبناء أعمارهم في مراحل المراهقة وهي كما يعرف الجميع من أخطر المراحل العمرية لللإنسان!

هناك من الأسر الشرقية التي لا تعاني كثيرا بعد إنتقالها للعيش بعيدا عن المحيط الذي تربت فيه، لأنها زرعت شيئا من الحصانة والوعي عند الأبناء، بحيث لا تجد صعوبة في مصير الجيل الذي ينشأ هناك. حيث أن في هذه الحالة لا يضيّق الأهل الخناق تماما على أبناءهم، بل يتركون لهم جزءا من الحرية والتصرف كي يكسبوا ثقة أبناءهم، وبهذا تكون السيطرة عليهم اكثر سلاسة اذ انه عندما نمنحهم الثقة وبعض الحرية فإننا وفرنا الطريقة المثلى كي نكسبهم الى صفوفنا.

لكن في مقابل ذلك فهناك أسر تتعامل مع أبنائها بطريقة سلبية.. وتقسوا عليهم بطريقة خاطئة.. فتحرمهم من أبسط حقوقهم التي منحتها لهم قوانين الدولة التي يقيمون بها، فتكون آثار لهذا الحرمان والتربية الخاطئة الوقع الكبيرعلى المراهق، اذ ان هذ الحرمان كفيل أن يجعل المراهق ينقم من الأبوين!! وبالتالي تكون تصرفاته خطيرة وعكسية تماما وفي بعض الأحيان تحصل لدى الجيل الجديد ردة فعل سلبية تجاه المنظومة الدينية والثقافية التي ينتمي اليها.

إن من يغير أسلوب حياته بهذه الطريقة، يجب عليه أولا أن يغير كذلك بعضا من تصرفاته ومعتقداته لأنه ليس كل ما نتربى عليه علينا أن نجبر أولادنا أن يلتزموا به أيضا، لأن الحياة تتغير وكل ما فيها يتغير كذلك، فما بالك لو كنا في بلد أوروبي يتغير فيه إسلوب الحياة جذريا عما كنا عليه سابقا.

هنا لا أريد أن الغي دور الأبوين أو أن أتخلى عن بعض قيمنا ومعتقداتنا، بل كل ما أنوي قوله أن علينا الإهتمام أكثر بتربيتنا لأبناءنا وبناتنا والا قد نخسرهم الى الأبد، وتكون في هذه الحالة المصيبة أعظم وأكبر.

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 
في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com