ترشيد أستهلاك الطاقة .. ليست واجب وطني

 

زاهر الزبيدي

zzubaidi@gmail.com

نعم انها ليست واجب وطني فقط ، بل هي واجب شرعي، أخلاقي، حضاري واقتصادي ، أما لماذا فذلك لأن الأمم بنيت على تجّذر الأخلاق في شعوبها ،على الرغم من أنها ليست بدول وحضارات أسلامية ، وتلك الدول تصبح شعوبها على قلب رجل واحد في مواجهة الأزمات التي تعصف بها ويكون تكاتفها على أشده في ذلك الزمن الذي يكون مصيرها قريباً من الانهيار .. ومشكلة الكهرباء هي ليست بمشكلة الحكومة وحدها بل مشكلة الشعب وجزء منها يقع على عاتق أبناءه والغريب أنك تلاحظ :

1 . عندما تتجول في مدن ومحلات بغداد في عزّ النهار تلاحظ مئآت الآلاف من المصابيح الخارجية للمنازل والمحال والمعارض وهي متقدة وبلا فائدة ولا أعلم سبباً محدداً ومقنعاَ في عدم إطفاءها إلا عدم الشعور بالمسؤولية من قبل أرباب هذه البيوت وأصحاب تلك المحال .

2. وجود أزمة الثقة بين المواطنين ووزارة الكهرباء ولّد شعوراً لدى المواطنين بأن عليهم أستغلال الكهرباء بأبشع الصورعندما تصل إليهم عن طريق القطع المبرمج لأن عدم ثقة المواطن بأنها ستأتي في الساعات التالية جعله يبدأ بهذا الاستغلال العشوائي والذي يسبب الضغط الهائل على المنظومة الكهربائية في المنطقة.

3. في بعض الأحيان يحدث عطل في أحد الأسلاك الكهربائية (الفيزات) فيقوم المواطنون بربط توصيلاتهم  الكهربائية على (الفيزات) الأخرى والتي لها طاقة حمل محددة مما يؤدي الى عطل جميع (الفيزات) وأحتراقها وكذلك أحتراق المحول الخاص بتلك المنطقة ولعدم وجود البدائل يبدأ مواطنوا المنطقة بالتجاوز على المنطقة القريبة مما يؤدي الى أنهيار متسلسل لكافة المحولات القريبة .

4. لكي يعوض المواطن عن الساعات التي لا تصل الكهرباء الى منزله يقوم بربط أسلاك كهربائية ومن مناطق أخرى فترى أن الكهرباء لا تنقطع عن منزله طوال النهار وبذلك تكون المحلات تتجاوز أحداها على الأخرى وبدون رادع.

 5. بعض أصحاب المولدات وممن تشترك منطقتين بمولدته يقوم بتحويل الكهرباء الوطنية من خلال مولدته ليوزعها على مشتركيه في المنطقة الأخرى ومن هنا نلاحظ مدى الجشع وسوء الاستخدام .

6. أغلب منازل العراقيين يحتوي منزله على أكثر من وحدة تبريد (مكيف أو سبلت) يتم تجهيزها من خارج العداد (المقياس ) وهذا ما يستنزف الكثير من القدرة الكهربائية الواصلة الى تلك المنطقة و يتسبب في توليد حمل عالي على المحول الموجود فيها وعدم إمكانيته من توفير الحصة المقرة والذي يسبب في إحتراق المحول  .

7. أنشطار العوائل وبناء الدورالجديدة داخل الحدائق والمساحات الفارغة ففي زقاق واحد وخلال شهر واحد تم رصد بناء أثنا عشر وحدة سكنية جديدة من خلال إستغلال الأراضي الفارغة أو تقسيم دوراً سكنية الى ثلاث وأربعة مساكن صغيرة للأستفادة من مبالغ إيجارها .

   علينا أن نكون أكثر جدية في معالجة أزماتنا وأن نشترك جميعاً في حلها بعيداً عن التدخلات السياسية فالسياسة أن دخلت في أي شيء ستحيله خراباً فالموضوع ليس سهلاً ويحتاج الى وقت طويل ولكن علينا أن نوضح لأبناء شعبنا خططنا بشفافية مطلقة ونطلعه على رؤيتنا في هذا المجال فنحن لسنا بحاجة الى ثورة الكهرباء فقط بل بحاجة الى ثورة على الفساد وثورة على التعليم وثورة على الخدمات  .. بحاجة الى ثورات كثيرة جداً ولكننا علينا أولاً أن نبدأها بأنفسنا أولاً ونرى طرف المشكلة التي بأيدينا قبل أن نلاحظ الطرف الثاني والذي هو بيد الحكومة والكهرباء مشكلة ثقيلة علينا ولا يمكن حملها بيد واحدة !

أما من ناحية وزارة الكهرباء فعليها أن :

  1. تبدأ بوضع الأنظمة والضوابط التي تلاحق المتسببين في التجاوز على المنظومة الكهربائية وهناك أقتراح قد يكون مجدي في المساعدة على ترشيد أستهلاك الكهرباء وهو أن تقوم الوزارة عن طريق مديرياتها بقياس الحمل الأقصى لمناطق بغداد وتبدأ بأعداد مسابقة بين المحلات لتلك الأكثر ترشيداً في الاستهلاك والمكافئة ستكون على سبيل المثال أن تجهز بالكهرباء بدون قطع مبرمج لمدة خمسة عشر يوماً وتوجيه المحلات الأكثر أستهلاكاً عن طريق المجالس المحلية بالمتابعة والتوعية بالخصوص ..

  2. إعادة أحتساب الحمل الأقصى لكل منطقة لأن خارطة تلك الأحمال قد تغيرت كثيراً بفعل إضافة وحدات سكنية جديدة وكثيرة وبدون تخطيط عمراني محدد ومدروس على المحلات مع مراقبة أرتفاع مستويات هذا الحمل بصورة مستمرة لكونه سيكون القاعدة الرئيسية في بناء
     محطات التوليد  .

  3. التفكير بجدية كبيرة في إستخدام الطاقة النووية في توليد الطاقة الكهربائية من خلال بناء تلك المحطات أو التخطيط الجاد لبناءها مستقبلاً سيما وأن علاقة العراق بأمريكا ستعطي دفعاً في هذا المجال .

 كما أن على المرجعيات الدينية أن تضع أمر التجاوز ضمن طائلة المحرمات وأصدار الفتاوى الملزمة لذلك .. علينا أن نبدأ فعلياً بتطبيق الشعور بالمسؤولية وعلى أعلى مستوى وفي كل المجالات لأن ذلك وحده الكفيل بأطفاء فتيل الأزمات في وطننا .  

 

  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 
في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com