|
الجواهري وبعض ذلك الصمت المريب رواء الجصاني مرت قبل بضعة ايام أيام، وفي السابع والعشرين من تموز تحديداً، السنوية الثالثة عشرة لرحيل الجواهري الخالد... وقد رصد المتابعون جمعاً من المواضيع والاستذكارات التي كُتبت بهذه المناسبة، وتحدثت عن بعض ارث وتراث ذلكم الرمز الوطني والثقافي العراقي الأبرز في القرن العشرين على الأقل... كما نوّه معنيون في ذات الوقت إلى ان هذه السنوية قد حلّت مرة أخرى ، ومازال واقع الحال مشوباً بالتواضع على الصعيدين الرسمي والثقافي الحكومي في آن... مما قد يُعيد التساؤل مجدداً عن مثل ذلك الصمت، ودوافعه، ومراميه… يا نديمي امس اقتنصت طريداً، شاعراً كان يستضيف البيدا كان هماً ، وكان صُلباً حديدا ، يملاً القفر موحشاً ، تغريدا قلت من ؟ قال شرط أن لا تزيدا ، أنا أدعى : مسافراً ويزيدا من بلاد ٍ أعدت على القرودا ، ونفتني ، وكنت فيها النشيدا وتولى عني، فظلت مليا ، في يزيد ، مفكراً ، وقرود وعلى انه أجاد الرويا ، لم أجد في رويه ِ من جديدِ كان قلباً غضاً ، وفكراً طريا ،شاءه الحظُ في مزاحف دود كل طير "مسافرُ بنُ يزيدِ" ، حين يغدو فريسة لقرود ... ونزعم أن استذكار الجواهري وتراثه الفكري وعطائه الوطني والانساني، يعني من جملة ما يعني احتفاء بالقيم والمواقف التي حمل لواءها الشاعر العظيم وروّج لها طوال حياته المديدة التي قاربت القرن كما هو معروف... كما نزعم أيضاً أن بعض الصمت حيال ذلك الاستذكار إنما يعبّر عن خلاف وتضاد بين اتجاهات ورؤى في النظرة للحياة والتطور... ولن نفصل في تقييم تلكم التقاطعات، تاركين لأصحاب الفطنة والألباب هذه المهمة غير العسيرة بالتأكيد، للتوصل إلى النتائج التي يرون. ... والصمت الذي نتحدث عنه هنا، في هذه العجالة، وشبيهاتها، ليس جديداً على متبنيه، من حاسدين ومتخلفين وشوفينيين وطائفيين وعنصريين وأضرابهم. فقد حاولوا وما برحوا، عبر صمتهم المريب – فضلاً عن الرياء والجحود والزيف – أن يعتّموا على مفاهيم وقيم التنوير التي تبناها الجواهري وأصحابه ونظراؤه، شعراً وفلسفة ومواقف رائدة، منحازة إلى المنطق والعقل والتحضر... كما ندعي أن أولئك وأشباههم، قد يكونوا هم المعنيون في بائية الجواهري الشهيرة عام 1949: "لقد ابتلوا بي صاعقاً متلهباً، وقد ابتليت بهم جهاماً كاذبا" ... كما عنى بعض جمعهم الذي: "يخشى اللصوص فيذبح العسسا عوت "الذئابُ" عليَّ ناهزة فرصاً تثير الذئب مفترسا ينهشن من لحمي وكل دم فيه لخير الناس قد حُبسا من كل داجٍ لا يحب سنى للصبح يطمس ليله التعسا ودفعت جمع يد ، وملء فم ، ومداهن أصغى فما نبسا "أصلاحُ" إنّا رهنُ مجتمع يخشى اللصوص فيذبح العسسا يُزهى بفارسه إذا افتُرسا وبضوء نجم ساطع طُمسا ونتاج زرع لا يُداس به إلا على الزهر الذي غرسا ... نقول ذلك وأمامنا العديد من التجارب والوقئع تجارب ووقائع عديدة لشعوب ومجتمعات وبلدان ما برحت تعدّ الاحتفاء برموزها الثقافية والتاريخية ومشاهيرها وشخصياتها، مناسبات متميزة تبرز الاعتزاز، بعطاءات التراث والتاريخ الوطني والثقافي والافتخار بها دون حدود... ودعونا نزعم من جديد إن مستويات تلك الاحتفاءات تعكس مقاييس رقيٍّ وارتقاء... ومعها، ولربما قبلها امتحان لقدرات ومواقف المؤسسات والمناصب والمراكز الثقافية، ومن يتحمل العناية بها، تكليفاً أو اختياراً وما بينهما... لقد تعرض العشرات ، وقل المئات ولا تخف ، من المثقفين، والمبدعين العراقيين، للجحود، والتغييب على مدى سنوات عجاف مرّت على البلد العجيب في تناقضاته وصراعاته – بحسب الجواهري –وكل ذنب أولئك انهم تسابقوا، وفي الزمان والمكان الخطأ، للاجتهاد خارج السرب، وتجاوزوا السائد من تقاليد وأعراف، فراحوا يسعون للارتقاء، واختراق مفاهيم الظلامية والجهل ورعاتها، وأربابهم... وقد كان جزاءهم الأدنى: مساهي الاطباق المميت على ابداعهم وتطلعاتهم ورؤاهم التنويرية... وما تلك على ما نرى سوى الضريبة المجحفة الأبشع، على ما ارتكبوه من " آثام " الإبداع وتجاوز الحدود... وعلى أية حال، وأخرى، فان الفيصل الأصدق كان، ولم يزل، الوعيّ والوجدان والضمير، وذلك ما سيثبته قادم الزمان، حين تنطفيء وتنكفيء صراعات الأيدي والسلاح والأحقاد والدجل، ويطمسها التاريخ، ليحل مكانها "صراع" العقول والأفكار وتلاقحها الهادف للنهوض، كما تعلمنا مسارات الشعوب والأمم الصاعدة... وذلك ما بقي يشغل الجواهري عقوداً، وجاهد مكافحاً بالفكر والقلم من أجل سيادته، وواضعاً كل عبقريته، وموهبته، من أجل شيوع تلك المفاهيم... وكم خشي أيضاً من سيادة الليل البهيم على البلاد ومجتمعها، محذراً ومنذ أربعينات القرن الماضي حين قال:
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |