إزالة نصب الحرية!

 

هادي جلومرعي
hadeejalu@yahoo.com

مررت من يومين قاحلين على نصب الحرية في ساحة التحرير ببغداد وهو مكان وسط العاصمة جرت فيه آخر معارك هولاكو مع الخليفة العباسي الذي أعلن الإستسلام وتسليم العاصمة المنكوبة الى جيوش المغول الزاحفين على بقايا حضارة منكوبة.

كان الى جانبي واحد من صعاليك المدينة ، وكانت عيناي شاخصتين الى رائعة جواد سليم المتواطئ مع عبد الكريم قاسم الضابط الذي إنقلب على الدستور وأسقط الشرعية في العاصمة بغداد.

نصب الحرية الذي إشتغل عليه سليم لحساب الزعيم مثل حركة الحضارة الرافضة للخنوع لكنه أفشى بسر ممقوت فالرجل الذي يدفع بيديه القضبان لم يكن سوى عسكري، في دلالة على تمجيد أنقلاب قاسم على الملكية الدستورية .
ولأن السذاجة طبع فينا نحن العراقيين فصرنا نخلد الممقوت ونميت مايستحق البقاء! أزلنا العديد من النصب التي أقيمت في عهد صدام مع أن دلالالتها لم تكن عسكرية على الاطلاق.وحتى نصب ساحة ثورة العشرين في النجف لم يكن إلا تعبيرا عن صخب العامة من الناس الذين إحتوشهم الاحتلال البريطاني البغيض وهمشهم وأوعدهم بالذل والهوان، ورغم ذلك ازيل .

كان الاولى بالذين ازالوا النصب من بغداد وبعض المدن ان يشكلوا لجنة خاصة من أكاديميين وصحفيين وكتاب ومثقفين تدرس دلالات كل واحد منها دون إلتفات الى الخسارة المادية الجسيمة التي صرفت لإقامتها والتركيز على حيويتها الفكرية ودلالتها الإنسانية والحضارية 

عند ذلك سيكتشفون ان بعضها لايستحق الإزالة وبعضها بالفعل مستحق للإقتلاع..فليس من المعقول ان يبقى نصب يخلد الإنقلابات العسكرية في وسط بغداد التي يتباهى زعماؤها الجدد أنها مدينة ومشروع للديمقراطية والحريات العامة وحرية الصحافة والتعبير.

وإذن فمن الحكمة ان ينظر الى نصب ساحة التحرير بتجرد وبحث في دلالاته السياسية والاجتماعية ومدى خطورة الصورة التي يبثها في عيون العامة من الناس.

وربما ليس بمبالغ فيه ان نطلب إعادة النظر في هذا النصب ورفع العمل الذي يتوسطه والمتمثل بالجندي الذي يفك القضبان ويباعد بينها ليصنع الحرية للمستعبدين من الفقراء والمحرومين وأبداله برجل يرتدي بذلة السجن ويتحرر بقوة الإرادة وعنفوان الرغبة في ولوج عالم آخر

نحن في العراق لانحسن الشجاعة ولاتوظيف القدرات من اجل التغيير ولفرط ضعفنا وهواننا نخلد حتى الذي ساهموا في تدمير مستقبلنا وساهموا في مؤامرة تسليمنا الى الجلاد وزبانيته.

للأسف تحول الخنوع الى لذة لاتنقطع وصرنا نتمناه ونبتغيه .فيالسوء حالنا الذي نحن عليه.




  العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 
في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com